قائمة الخروقات الانتخابية التى ضبطتها الأجهزة الأمنية فى المرحلة الثانية
الحزم فى انتخابات البرلمان
أسامة رمضان
مع ختام الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية لمجلس النواب 2025، تتجه الأنظار نحو إعلان النتائج الرسمية من الهيئة الوطنية للانتخابات، الجهة المشرفة على العملية الانتخابية، والتى من المقرر أن تعلن النتائج فى 2 ديسمبر، بعد استيفاء فترة الطعون القانونية، سواء فى الداخل أو الخارج. كما ستبدأ انتخابات الإعادة للمرحلة الأولى بالخارج فى 1 و2 ديسمبر المقبل، وفى الداخل يومى 3 و4 ديسمبر، والتى ينتظر أن تكون مواجهات ساخنة بين مرشحى الأحزاب والمستقلين.
ووفقًا لما نصَّ عليه القانون، فإن خوض القائمة الوطنية من أجل مصر الانتخابات منفردة فى القطاعات الأربعة، يعنى أنها ستحسم النتيجة من الجولة الأولى إذا حققت نسبة 5 % من إجمالى الناخبين المقيدين بكل قطاع.
وخلال يومى التصويت فى المرحلة الثانية للانتخابات، والتى جرت فى 13 محافظة بين 1316 مرشحًا على مقاعد الفردى يتنافسون فى 73 دائرة، وضعت الهيئة الوطنية للانتخابات الجهة المشرفة على العملية الانتخابية بالكامل، ضوابط صارمة لتسهيل عمليات المشاركة للناخبين، ومواجهة أى محاولات التجاوز أو عمل خروقات انتخابية مقارنة بالمرحلة الأولى، التى تخللتها مخالفات فى عدد من الدوائر، وأدت إلى إلغاء نتائج 19 دائرة، وإجراء انتخابات الإعادة فى 31 دائرة أخرى من بين مجمل 70 دائرة انتخابية.
قراءة المشهد الانتخابى للمرحلة الثانية، والصورة الكاملة للعملية الانتخابية شهدت العديد من النقاط الإيجابية التى يمكن التوقف عندها بالتحليل، فقد أسهمت تجربة الهيئة الوطنية للانتخابات منذ تأسيسها وفق دستور 2014 فى إدارة الاستحقاقات الانتخابية بفعالية، إذ تشكلت من مجلس إدارة ممثل من قضاة يمثلون 5 هيئات قضائية تمثل عصب القضاء المصرى، حيث أشرفت على 7 استحقاقات انتخابية منذ 2017، بدأتها بالانتخابات الرئاسية فى 2018.
وهناك العديد من المشاهد التى لا بد أن نتوقف عندها فى هذه الانتخابات، والتى تعكس تحولًا واضحًا فى مجرى العملية الانتخابية داخل مصر مقارنة بالسنوات السابقة. أولًا، الاستقرار السياسى الذى ترسخه الدولة المصرية بانتظام، ودورية انعقاد استحقاقاتها الانتخابية، حيث تم إجراء 10 استحقاقات سابقة، وهو ما يعكس استقرار الوضع السياسى، وقدرة الدولة المصرية على إدارة الأمور بشكل جيد، رغم التحديات التى تمر بها المنطقة.
انضباط التصويت فى المرحلة الثانية
هذه الاستمرارية والانتظام فى عمل كل الاستحقاقات الانتخابية المطلوبة أسهم فى تعزيز ودعم قدرة الجهة المشرفة على الانتخابات، والتى تعد من مكاسب النضال السياسى الكبير للإشراف على الانتخابات، هذه الهيئة تراكمت لديها الخبرات والقدرات بموجب ما أنجزته من تجارب سابقة، أهلتها لإنجاح الانتخابات والسيطرة على كل مفاصل العملية الانتخابية.
هذا الأمر ظهر بقوة فيما اتخذته الهيئة من قرارات إلغاء لنتائج بعض الدوائر فى المرحلة الأولى، غير أن الاختلاف فى هذه المرحلة جاء من أن قرارات الهيئة فى بداية الانتخابات أعلنتها مع نهاية المرحلة الأولى، أما المرحلة الثانية فشهدت تدخلًا مباشرًا منها فى عدة مواقف لضبط المشهد، وتصحيح المسار الانتخابى خلال يومى التصويت سواء برصد أى تجاوزات تم الإشارة إليها، أو بتلقى بلاغات وشكاوى من المرشحين، حيث تلقت فى اليوم الأول فقط للانتخابات فى المرحلة الثانية 86 شكوى، وصلت إلى 221 شكوى على مدار يومى التصويت.
ونتيجة للصرامة والحسم من قبل الجهة المنظمة للانتخابات، فقد كان هناك مردود كبير ظهر بقوة فى الالتزام نسبيًا بشكل أفضل مما كان عليه فى المرحلة الأولى من قبل المرشحين والأحزاب بضوابط العملية الانتخابية، وأنماط الدعاية، حيث اختفت كثير من مظاهر المخالفات والدعاية غير القانونية التى سجلت فى المرحلة الأولى.

أحد الملامح المهمة فى انتخابات المرحلة الثانية، هو حرص الهيئة الوطنية للانتخابات على إبراز التزامها بالتواجد على مسافة واحدة من جميع المرشحين، فضلًا عن عدم تدخل أى جهة تنفيذية حكومية فى المشهد، كما كان يحدث تاريخيًا فى مثل هذه الاستحقاقات، بما يعكس تطورًا فى حوكمة العملية الانتخابية واستقلالية إدارة التصويت.. حتى إن كثيرًا من الوزارات والإدارات والهيئات المختلفة، ووزارة التنمية المحلية دشنت غرف متابعة لتسهيل الجوانب اللوجستية، ومتابعة سير وانتظام الانتخابات.
أيضا أحسنت الهيئة فى تقديم التسهيلات اللوجستية، والتى شملت توزيع اللجان وفق الكثافة السكانية، وإنشاء لجان فى الدور الأرضى لتسهيل وصول كبار السن وذوى الهمم، بجانب تنسيق الضوابط الصحية بتواجد سيارات إسعاف طوال وقت التصويت، لتأمين الناخبين.
قائمة الخروقات المضبوطة
فى نفس السياق، نجحت وزارة الداخلية خلال يوميّ التصويت فى المرحلة الثانية، فى ضبط العديد من المخالفات، تنوعت ما بين محاولة التأثير على إرادة الناخبين، وشراء الأصوات، وكذلك محاولة افتعال المشكلات لإفساد المشهد الانتخابي، إلاّ أنه تم التعامُل مع تلك الوقائع بأسلوب احترافى حاسم، ساهم فى خروج المَشهد الانتخابى بشكل لائق. كما شهدت الانتخابات مشاركة جيدة من كافة الفئات العمرية، بما فيها الشباب والنساء، وهو مؤشر على تمثيل أوسع للمجتمع المصرى فى البرلمان المقبل، مع مراعاة البعد الاجتماعى والثقافى والسكانى.
ووفقا لمعطيات المرحلة الأولى والثانية، تشير التقديرات إلى أن البرلمان المقبل سيشهد حضورًا مكثفًا للشباب والنساء تحت القبة، مع مشاركة حزبية كبيرة، حيث شارك حوالى 30 حزبًا فى الانتخابات الحالية ما بين قوائم وفردى، ومن المتوقع أن تكون نسبة المقاعد التى تحصل عليها الأحزاب تفوق ما حصلت عليه خلال برلمان 2020.
أيضًا، بعد انتهاء التصويت فى انتخابات البرلمان، قامت الهيئة الوطنية للانتخابات بدور حاسم فى ضمان سير عملية الفرز بسلاسة، وعدم وقوع عوائق كما حدث فى المرحلة الأولى.. حيث وفرت للمرشحين ووكلائهم ومندوبيهم حق الدخول إلى اللجان الفرعية لمتابعة الفرز والحصول على نسخ من محاضر الفرز، كما سمحت للصحافة والإعلام المصرح لهم بحضور الفرز فى اللجان الفرعية واللجان العامة، ومتابعة استلام المحاضر وإعلان النتائج النهائية مع الأرقام الخاصة بعدد الأصوات التى حصل عليها كل مرشح، لتعلن النتائج دون مشاكل، ومن المتوقع أن تشهد بعض الدوائر إعادة الانتخابات كما حدث فى المرحلة الأولى، ما يمثل اختبارًا إضافيًا للهيئة فى ضمان الشفافية والعدالة الانتخابية.
تطورات المشهد أوضحت أن النتائج المبدئية تسير نحو خسارة عدد من مرشحى الأحزاب فى دوائر مختلفة، مقابل صعود وجوه جديدة تخوض السباق لأول مرة، من بينهم مرشحون محسوبون على تيارات معارضة.
ووفقا للمؤشرات الأولية هناك إعادات كثيرة متوقعة فى دوائر المرحلة الثانية بعدة محافظات، حيث تشهد إعادات ثلاثية ورباعية فى عدة دوائر ملتهبة فى الشرقية،والغربية والدقهلية وكفر الشيخ ودمياط.
متابعو الانتخابات من مختلف المنظمات الحقوقية داخل مصر وخارجها، وعلى سبيل المثال ائتلاف نزاهة الدولى والائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية، أشاروا إلى أن العملية الانتخابية سارت بشكل عام ضمن الإطار القانونى، مع التزام معظم القائمين على اللجان بتطبيق اللوائح المنظمة للانتخابات، وتوثيق أى ملاحظات أو مخالفات تم رصدها، لتكون جزءًا من تقرير شامل لاحقًا.
ورصدت تقارير المتابعة الانتخابية للمنظمات، أن الانتخابات شهدت انسيابية فى التصويت والمشاركة، وأن الأجواء الانتخابية خلال المرحلة الثانية لم تشهد اضطرابات تعطل سير الانتخابات، كما أن المشاركة التى ظهرت أمام اللجان حملت طابعًا متنوعًا من حيث الفئات، وكان هناك حضور ملحوظ للنساء وكبار السن، إلى جانب مشاركة شبابية متفاوتة تعتمد على طبيعة كل دائرة.
ورغم انتظام المشهد العام، سجلت منظمات المراقبة مجموعة من الملاحظات المهمة التى تُعد جزءًا طبيعيًا من متابعة أى عملية انتخابية واسعة، أبرز ما تم رصده هو وقوع تجاوزات فردية محدودة، مثل محاولات توجيه أو التأثير على الناخبين فى محيط بعض المقار، أو حالات تصوير بطاقات اقتراع.
التقارير الرسمية أشارت إلى أن هذه الوقائع تم التعامل معها سريعًا ولم تؤثر على انتظام مسار التصويت.. كذلك ظهر اختلاف واضح بين الدوائر فى طبيعة الحشد، فبعض المناطق شهدت حضورًا ذا طابع اجتماعى قائم على الروابط العائلية، بينما اعتمدت دوائر أخرى على حملات منظمة يتحرك فيها الناخبون بصورة فردية، هذه المشاهد المختلفة أعطت صورة واقعية لطبيعة الانتخابات فى مصر حيث يتداخل فيها الطابع المجتمعى مع التنظيم الرسمى دون أن يخرج ذلك عن الإطار العام للنزاهة والانضباط.
المشهد الانتخابى فى نهايته، كشف عن حجم كبير من التغيرات اللافتة التى عكست قدرًا كبيرًا من الشفافية والانضباط فى انتخابات مجلس النواب 2025، خاصة فى مرحلتها الثانية، سواء فى مراحل التصويت أو فى إعلان المؤشرات الأولية داخل اللجان العامة.







