الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أشادوا بحياد الدولة فى الانتخابات

مراقبون: تجاوزات فى الإنفاق الانتخابى

يواصل المصريون فى الخارج لليوم الثانى والأخير التصويت بانتخابات مجلس النواب ضمن المرحلة الثانية، حيث بدأ الناخبون أمس الجمعة الإدلاء بأصواتهم داخل مقار البعثات الدبلوماسية خارج البلاد.. وتأتى هذه الجولة فى توقيت سياسى حساس، بعد التطورات التى رافقت إعلان نتائج المرحلة الأولى داخل مصر، وما تبعها من توجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للهيئة الوطنية للانتخابات بضرورة مراجعة الطعون والتدقيق فى جميع الشكاوى حفاظًا على إرادة الناخبين.



وقد استجابت الهيئة الوطنية للانتخابات الجهة المشرفة والمسئولة عن العملية الانتخابية برمتها سريعًا، فأعلنت إلغاء نتائج الاقتراع على المقاعد الفردية فى عدد من الدوائر بلغ 19 دائرة بسبع محافظات، بجانب إعلان تلقى 88 طعنًا من المرحلة الأولى، فى خطوة غير مسبوقة تعكس حرص الدولة على تصحيح أى أخطاء وتثبيت قواعد الشفافية.. وفى ظل بدء تصويت المصريين بالخارج للمرحلة الثانية، تترقب الأوساط السياسية مدى تأثير هذه القرارات على مناخ العملية الانتخابية، وعلى ثقة الناخبين داخل وخارج مصر، وتفتح هذه اللحظة الباب أمام سؤال جوهري: هل تمثل تحركات الدولة خلال الأيام الماضية بداية لتطبيق أكثر صرامة لمعايير النزاهة، أم أنها مجرد استجابة ظرفية لجدل أحاط بالمرحلة الأولى؟

 رسالة واضحة

تفسير التحرك الرئاسي، ومن ورائه تحرك الجهة المشرفة على العملية الانتخابية، يؤكد أن إلغاء نتائج دوائر كاملة، هو رسالة واضحة بأن السلطة التنفيذية لا تتجاهل المسائل التى تمس جوهر التمثيل الشعبي، وأنها مستعدة لإعادة العمليات الانتخابية من جديد إذا تطلّب الأمر ذلك.

لكن فى الوقت ذاته، يثير هذا التدخل تساؤلات حول طبيعة الخطوة: هل هو إصلاح مؤقت عبر مراجعة ما تم، أم بداية لتغيير أوسع فى النظام الانتخابي؟ بعض المحللين يرون أن مثل هذه القرارات لو استمرت، فقد تسهم فى تعزيز ثقة الناخبين وتعزيز الرقابة الداخلية، خاصة إذا رافقها حسن تنفيذ فى المرحلة القادمة،  والتى ستنطلق خلال يومين فى الداخل . 

من الناحية النفسية، قد يشعر المواطن الذى تابع الرسالة الرئاسية بأن صوته “ليس ضائعًا” – حتى لو شابت الانتخابات بعض الخروقات — وهذا وحده يخلق نوعًا من الطمأنينة، ويرسل إشارة أن الدولة ليست بعيدة عن مطالب الشفافية والرقابة.

كل هذه الأحداث  تمنح المشهد الانتخابى زخمًا مضاعفًا، بين متابعة تدفق الناخبين على السفارات والقنصليات، وبين تقييم القرارات المفصلية التى أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات خلال الأيام الماضية.

 حماية النزاهة

ومع اقتراب جولة إعادة المرحلة الأولى فى ديسمبر، وظهور نتائج المرحلة الثانية خلال الأسابيع المقبلة، سيكون الحكم النهائى على هذه الدورة الانتخابية مرتبطًا بمدى استمرار الدولة فى نفس النهج الرقابى الذى بدأ بتوجيهات الرئيس وقرارات الهيئة، فالدلالة الأكبر لما جرى ليست فى عدد الدوائر التى ألغيت نتائجها، بل فى رسالة مفادها أن العملية الانتخابية قابلة للتصحيح، وأن الدولة مستعدة للتدخل لحماية النزاهة، وهو ما قد يمهد لتحسن تدريجى فى ثقة الناخبين خلال الاستحقاقات المقبلة.

وعلى مدار يومى الانتخابات راقبت العديد من المنظمات العملية الانتخابية ورصدت عددًا من المخالفات.

 تعبئة لصالح بعض المرشحين

قال «علاء شلبى» رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن البعثة الدولية للمنظمة العربية لمراقبة الانتخابات حصلت على تصريح المتابعة الصادر لها من الهيئة الوطنية للانتخابات ضمن المنظمات الدولية وتابعت مجريات التصويت  فى المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب من خلال مساهمة 29متابعًا من 9 جنسيات انقسموا إلى 5 فرق ميدانية وغرفة مركزية وتابعوا عينة عشوائية شملت 199 لجنة فرعية ضمن 115مقرًا انتخابيًا فى7 محافظات.

وأضاف شلبى فى تصريحات لروزاليوسف  أنه فى حدود العينة التى جرى متابعتها فقد جاءت قرارات الوطنية للانتخابات بشأن نتائج المرحلة الأولى معبرةً بشكل قريب من الدقة عن الملاحظات التى رصدتها الفرق الميدانية للمنظمة، من بينها مخالفات الدعايا والحشد والتوجيه فى حرم المقار الانتخابية كما رجح تورط جمعيات أهلية فى تقديم مواد عينية لتوجيه الناخبين، مشيرًا إلى أن هذا النمط كان متكررًا فى عدد من الدوائر.

وبشأن الدوائر التى تردد بشأنها ظاهرة توريث المقاعد أكد شلبى أن الأمر كان جليًا وخاصة فى العينة الريفية عندما زارت الفرق الميدانية أحياء وقرى المرشحين فكان الأمر أشبه بتعبئة أهل المكان لصالح المرشح الذى ينتمى إليه.

 مراقبة جادة

أكد سعيد عبدالحافظ، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنسق الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية.. أن ما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسى من تعبير عن انزعاجه من بعض الشكاوى الخاصة بالانتخابات كانت أمرًا إيجابيًا وتأكيدًا على أن رأس السلطة لديه إصرار على إجراء انتخابات نزيهة تعبر عن رأى الناخب بصدق، كما أن ردود الأفعال التى اتخذتها الهيئة الوطنية للانتخابات الجهة المشرفة على العملية الانتخابية تمثل مؤشرًا إيجابيًا على الجدية فى ضبط العملية الانتخابية، خصوصًا ما يتعلق بقرارات إلغاء بعض الدوائر وإعادة الانتخابات فى دوائر أخرى. 

وأوضح عبدالحافظ فى تصريحات خاصة لروزاليوسف، أنهم يراقبون الانتخابات بحوالى 1100 مراقب بما يوازى 20 % من نسبة اللجان الخاصة بالمرحلة الأولى، كما أن فريقه اعتمد فى عمله على منهجية تحليلية تستند إلى البيانات الميدانية، حيث رصدوا مظاهر الحشود القبلية أمام اللجان، وهو ما يعكس محاولة بعض المرشحين إظهار امتلاكهم قاعدة دعم واسعة رغم أنه من مرشحى القائمة، وهو ما يعكس رغبة كبيرة لدى هؤلاء فى التأكيد على أن لديهم أنصارا ومرشحين وأنهم لم يأتوا مقابل أموال دفعوها فقط، كما لاحظوا أيضا ظاهرة تفوق المرشحين المستقلين على مرشحى الأحزاب، معتبرًا أن ذلك يعبر عن اتجاه شعبى واضح فى اختيار ممثلين بعيدًا عن الإطارات الحزبية التقليدية، موضحا أن هذه الظاهرة تمثل نقلة نوعية فى توجهات التصويت، وتعكس رغبة فى اختيار ممثلين قريبين من هموم المواطنين بعيدًا عن البيروقراطية الحزبية.

وأشار عبدالحافظ إلى وجود تراجع ملحوظ فى فرص المرشحات خلال المرحلة الأولى، مع وجود نحو 89 دائرة لا تظهر فيها مؤشرات جدية لوصول أى مرشحة إلى جولة الإعادة، وهو أمر غير معهود مسبقا، واصفا هذا التراجع بأنه دليل على استمرار التحديات البنيوية والاجتماعية التى تواجه المرأة فى المنافسة الفردية، وأن الحملات النسائية لم تنجح غالبًا فى تجاوز الترتيبات الحزبية أو البنية القبلية التى ما زالت تهيمن على كثير من الدوائر الانتخابية.

وتابع عبدالحافظ: أنه تم رصد نشاط بعض الجمعيات الخيرية لتوزيع الكراتين داخل مناطق كثيرة من بينها دائرة إمبابة خلال فترة التصويت. وأضاف أن عددًا من المرشحين استخدموا الكاميرات أمام اللجان بما شكل ضغطا نفسيا على الناخبين، بالإضافة إلى انتشار الدعاية المباشرة وارتداء القمصان التى تحمل رموز الحملات الانتخابية، وأكد أن الهيئة الوطنية التزمت بالقانون تجاه ما يتعلق بالمخالفات المرصودة.

 انحياز تاريخى للمواطن

أما عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فقال إن حديث الرئيس عن الانتخابات كان انحيازًا تاريخيًا للمواطن، وأثار ارتياحًا واسعًا فى الشارع لأنه أكد حياد الدولة واحترامها لإرادة المصريين..  وأشار إلى أن رسالة الرئيس لم تكن مجرد إدانة لبعض التجاوزات، بل تأكيدًا على أن ممثلى البرلمان يجب أن يكونوا من حصلوا على ثقة الناس بحق، وأن كل من يتجاوز القانون أو يتغول على حقوق المواطنين سيحاسب. 

ويرى شيحة أن الإحجام عن المشاركة فى البداية كان نتيجة لحسم نصف المقاعد بشكل مبكر، وأن ضمان نزاهة الانتخابات لا يتحقق إلا بكثافة المشاركة لأن انخفاضها يؤثر على الشرعية والمصداقية.. وأوضح أن دور الرقابة هو تعزيز ثقة المواطن فى العملية الانتخابية وفى البرلمان المقبل. 

وأشاد باستقلال الهيئة الوطنية وقدرتها على رصد الخروقات، لكنه انتقد غياب نشر السير الذاتية للمرشحين لما يسببه من تضليل وغياب للمساواة، مؤكدًا ضرورة السماح بدخول المراقبين للجان العامة وضمان حصول المرشحين على نتائج الفرز، متوقعًا أن يتم تدارك كل هذه الأمور فى مرحلة الإعادة والمرحلة الثانية للانتخابات، كما لفت إلى أن وجود عائلات سياسية وعصبيات ممتدة يجعل المنافسة الفردية أكثر حساسية، وأن تجاوزات الإنفاق الانتخابى بلغت مستويات غير مسبوقة عبر التحايل بعبارات “إهداء من…” تحت كل لافتة رغم وجود حد أقصى للإنفاق. 

 توثيق للمخالفات

قال محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ورئيس المجلس المصرى للشباب أن المرحلة الأولى من الانتخابات كشفت عن مجموعة من المخالفات التى جرى رصدها ميدانيًا عبر فرق المتابعة التابعة للمجلس المصرى للشباب، هذه المخالفات تمثلت فى نقل جماعى منظم للناخبين لصالح مرشحين محددين، وهو سلوك يؤثر مباشرة على حرية الاختيار، كما لوحظ وجود محاولات ضغط على الناخبين من خلال تجمعات مرتبطة بمرشحين أمام اللجان، بما يخلق نوعًا من التأثير غير المباشر على القرار الانتخابى داخل الدائرة.

وبين ممدوح أن فرق الرصد وثقت كذلك استخدامًا ملحوظًا لـ «المال السياسى» فى بعض الدوائر، إلى جانب قيام مرشحين بممارسات مخالفة مثل التصوير بالكاميرات أمام اللجان للضغط نفسيًا على الناخبين، وهو ما يعد مساسًا بمبدأ تكافؤ الفرص.. موضحا أن كثيرا من المخالفات أو أغلبها تمت خارج محيط اللجان الانتخابية من بينها عدم إزالة وزارة التنمية المحلية من خلال أجهزتها بالمحافظات لافتات الدعاية الخاصة بالمرشحين رغم أنها تجمع رسوما تصل إلى 30 ألف جنيه من كل مرشح على هذا الأمر ولا تقوم به.. لافتا إلى أن الحديث عن تجاوز سقف الدعاية الانتخابية للمرشحين كان يستوجب تدخل غرفة الدعاية والإعلان لتوضيح تكلفة الإعلانات الحقيقية التى يقوم بها المرشحون، وأشار إلى أن كل هذه المخالفات وُثقت ورفعت بشكل رسمى للجهات المختصة، مؤكدًا أن التعامل الجاد معها كان سببًا مباشرًا فى قرارات إعادة الانتخابات فى بعض الدوائر. 