الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

وزير الخارجية خلال زيارته لبورسودان

تقسيم السودان خط أحمر

تجسد مصر في تعاملها مع أزمة السودان نموذجًا متكاملًا من النضج السياسى الذى يجمع بين البعد الإنسانى والدبلوماسى والدور الإقليمى، حيث تتحرك بدافع من مسئولية تاريخية، ورغبة حقيقية فى إنهاء صراع دام خَلف أسوأ أزمة إنسانية عرفها التاريخ الحديث.



تسعى مصر إلى وقف الحرب وحماية المدنيين ودعم مسار سياسى شامل، ومنع مخططات خارجية تهدف لتقسيم السودان والنيل من وحدة وسلامة أراضيه. 

وعبرت الخارجية المصرية بكل وضوح عن موقف مصر الذى ينبع من حرص القاهرة على وحدة السودان، ومواطنيه وعلى ضرورة الحفاظ على الشرعية الوطنية كمخرج وحيد من الأزمة، ورفض أى مخططات خبيثة تسعى لتقسيم السودان.

 موقف مصر الثابت

يعد الموقف المصرى من الأزمة السودانية من أكثر المواقف الدولية والإقليمية وضوحًا وثباتًا، ويعكس إدراكًا عميقًا لحساسية اللحظة وخطورة المسار، ويتلخص الموقف المصرى فى رفض تقسيم السودان بشكل حاسم وقاطع.

 

 

 

وأكد وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى فى زيارته الرسمية إلى مدينة لبورسودان، على دعم العلاقات المصرية السودانية من خلال بحث تطورات الأزمة، وعقد سلسلة من اللقاءات الثنائية والثلاثية التى عكست التزام مصر الثابت تجاه وحدة السودان واستقراره.

وبتكليف من السيد رئيس الجمهورية التقى وزير الخارجية بالفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السودانى الانتقالى، وأكد وزير الخارجية على دعم مصر الكامل قيادةً وشعبًا للسودان الشقيق وتضامنها مع مؤسساته الوطنية، وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية، كما أكد دعم مصر لحكومة الأمل برئاسة الدكتور كامل إدريس، منددًًا بالانتهاكات التى شهدتها مدينة الفاشر.

 وأشار وزير الخارجية إلى استمرار الجهود المصرية فى الدفع نحو وقف إطلاق النار، وتخفيف معاناة الشعب السودانى عبر التنسيق الثنائى والدولى، خاصة ضمن إطار الرباعية الدولية.

كما أعلن اهتمام مصر بتطوير التعاون المشترك، وفى لقاء ثنائى مع وزير الخارجية السودانى تناول الجانبان سبل تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، لاسيما الاقتصادية والتجارية، وإعادة تأهيل البنية التحتية فى السودان، كما تم الاتفاق على عقد ملتقى الأعمال المصرى السودانى الثانى خلال عام 2025، إلى جانب اجتماع اللجنة التجارية المشتركة فى القاهرة.

وشدد وزير الخارجية على ضرورة إطلاق مسار إنسانى يضمن وصول المساعدات دون عوائق، وزيادة الدعم الإغاثى بالتنسيق مع المنظمات الدولية.

كما عقد د.بدر عبد العاطى، اجتماع وزير الخارجية السودانى والسيد توم فليتشر، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، ومنسق الإغاثة فى حالات الطوارئ، حيث تم بحث سبل تعزيز الاستجابة الدولية للأزمة الإنسانية فى السودان.

وأشار وزير الخارجية على أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، ورفض أى محاولات لتقسيمه رفضًا قاطعًا.

وأكد التزام مصر بتقديم كل أشكال الدعم الإغاثى عبر منافذها البحرية والبرية والجوية، كما أشاد بانفتاح مفوضية العون الإنسانى السودانية على جهود المنظمات الدولية، وتسهيل إجراءات دخول موظفي الهيئات الإنسانية، وهو ما لقى ترحيبًا واسعًا من المجتمع الدولى.

 نزاهة الوساطة المصرية

 لعبت مصر دورًا محوريًا فى الوساطة لإنهاء الحرب فى السودان ليس فقط لأن مصر لديها تاريخ حافل من النجاحات الإقليمية فى عمليات الوساطة ولكن هناك الكثير من الحقائق التى تؤكد على نزاهة الدور المصرى فى التعامل مع الأزمة السودانية، فمصر تتعامل مع الأزمة السودانية من منطلق أمن قومى، فالسودان يعد دولة محورية فى منظومة حوض النيل وأى تفكك فيه قد يعقد التوازنات المائية بالإضافة إلى أن هناك تداخلًا عميقًا بين الشعبين ما يجعل استقرار السودان جزءًا من استقرار مصر الاجتماعى والاقتصادى لذا مصر من أكثر الدول سعيًا لإنهاء الحرب والانتقال إلى الاستقرار إلى جانب مشاركة مصر بفاعلية فى اجتماعات الرباعية الدولية وتقدمها مقترحات عملية لوقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية شاملة وتصر على أن الحل يجب أن يكون سياسيًا لا عسكريًا وتحذرها المستمر من أن استمرار الحرب سيؤدى إلى تفكك الدولة السودانية والمزيد من الضحايا من أبناء الشعب السودانى بالإضافة إلى أن أزمة السودان تعد جزءًا أصيلًا فى رؤية استراتيجية شاملة تسعى إليها مصر لتهدئة المنطقة ككل، فالموقف المصرى لا يقتصر على السودان حيث تدفع القاهرة نحو حلول سياسية ودبلوماسية جادة تحفظ وحدة الدول العربية وتمنع التدخلات الخارجية وتحقن الدماء وبدا ذلك واضحًا فى تحركتها الإقليمية فى الأشهر الماضية التى تؤكد أن النهوض من الأزمات شرطه الأساسى استعادة التوازن لدول المنطقة التى انهكتها الصراعات والحروب بالإضافة إلى أن مصر الدولة الوحيدة التى قدمت مقترحًا واقعيًا يتماشى مع الداخل السودانى ورؤية الرباعية فى نفس الوقت يتضمن أربعة مسارات أساسية إنسانية وسياسية وعسكرية وتنموية وتدار بجهود سودانية خالصة وهذا المقترح يعد الأكثر واقعية لأنه يأخذ فى الاعتبار تعقيدات الداخل السودانى ويراعى التوازنات بين الأطراف مع رفض الإملاءات الخارجية، فمصر تُصر على أن الحل يجب أن ينبع من إرادة سودانية وطنية لا من ضغوط أو مصالح دولية متضاربة.

 استقبال النازحين والمساعدات الإنسانية

تعاملت مصر مع أزمة النزوح من منطلق واجب إنسانى وأخلاقى رافضة تسييس الأعمال الإغاثية أو توظيفها فى الصراع وتؤكد القاهرة فى كل المحافل الدولية أن استقبال النازحين هو دعم مباشر للشعب السودانى فى محنته وليس انحيازًا لأى طرف ويعكس رؤية مصرية ثابتة ترى أن حماية الإنسان هى مسؤولية أخلاقية تتجاوز الحسابات السياسية خاصة عندما يتعلق الأمر بشعب تربطه بمصر روابط تاريخية وجغرافية عميقة وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين استقبلت مصر أكثر من مليون سودانى ما يجعلها من أكبر الدول المضيفة للسودانيين فى العالم، كما أبقت مصر حدودها الجنوبية مفتوحة أمام الفارين من الحرب رغم التحديات الاقتصادية والضغوط الداخلية وقدمت تسهيلات للدخول دون تمييز أو تعقيد بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية أنشأت بالتعاون مع المفوضية مراكز استقبال مخصصة لتقديم الرعاية الصحية والدعم النفسى والتعليم والغذاء فى مناطق مختلفة إلى جانب أطلاق وزارة الخارجية المصرية بالتعاون مع الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية سريعة بقيمة 339 مليون دولار تستهدف دعم 1.8 مليون شخص من اللاجئين وتشمل توفير خدمات طبية عاجلة ومستدامة ودعم الأطفال للعودة إلى الدراسة والحماية وتقديم الدعم القانونى والنفسى للفئات الأكثر هشاشة والمساعدات النقدية والغذائية وتوزيع مساعدات مباشرة بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدنى والجهات الحكومية فى رسالة مصرية واضحة تؤكد أن الاستجابة الإنسانية لا يجب أن تقابل بالتجاهل أو التسييس بل بالدعم والتضامن.