باستثمارات قطرية وإماراتية: الساحل الشمالى الغربى «ريفيرا مصر»

الأحد 9 نوفمبر 2025

كتب

طارق القاضى

فى خطوة تعكس عمق الثقة فى الاقتصاد المصري، تنفذ شركة الديار القطرية- الذراع العقارية لصندوق الثروة السيادى لدولة قطر، مشروعها العملاق فى منطقة علم الروم بالساحل الشمالي، بإجمالى استثمارات تبلغ نحو 29.7 مليار دولار، ليكون المشروع من أكبر المشروعات العقارية والسياحية فى منطقة البحر المتوسط.

تبلغ مدة تنفيذ المشروع 5 سنوات، تبدأ فور الانتهاء من مراحل التراخيص والتجهيزات التنفيذية، ويقام على مساحة تقترب من 5000 فدان تمتد بطول ساحلى يتجاوز 7 كيلو مترات، فى واحدة من أجمل بقاع المتوسط.

المشروع يشمل إقامة مدينة عمرانية سياحية متكاملة، تضم منتجعات فندقية عالمية المستوى، ومناطق سكنية فاخرة، وموانئ لليخوت، ومراكز تجارية وترفيهية، ومناطق خدمات متطورة، بما يعكس طموحاً لتحويل الساحل الشمالى لوجهة سياحية دولية، تضاهى كبريات المدن الساحلية فى العالم.

ويأتى المشروع امتداداً لنجاح مصر فى وضع الساحل الشمالى على خريطة الاستثمار العالمي، بعدما تحقق من إنجازات ملموسة تمثلت فى إنشاء مدينة العلمين الجديدة، وتطوير شبكات الطرق والمرافق والبنية الأساسية، على امتداد الساحل الشمالى الغربي.

كما يأتى بعد النجاح الكبير الذى حققته الشراكة المصرية الإماراتية فى مشروع رأس الحكمة، الذى فتح الباب أمام الاستثمارات الخليجية والعالمية للدخول بقوة إلى السوق المصرية، وأعاد الثقة فى جدوى الاستثمار بالساحل الشمالى كمركز جذب اقتصادى وسياحى ضخم، فقد تحولت المنطقة من مجرد مصيف موسمى إلى محور عمرانى وسياحى نابض بالحياة يستقبل الاستثمارات العالمية الكبرى، وهو ما وفر أرضية صلبة لمشروعات ضخمة، مثل مشروع شركة الديار القطرية الذى يعبر عن ثقة المستثمرين فى رؤية مصر التنموية واستقرارها الاقتصادي.

ومن المقرر أن تحصل هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، على نحو 15 ٪ من صافى أرباح المشروع، بعد استرداد رأس المال المستثمر، بينما تمتلك شركة الديار القطرية نسبة 85 ٪، وهو ما يعكس طبيعة الشراكة القائمة على استثمار مباشر طويل الأجل، يعزز الثقة فى سوق العقارات والسياحة المصرية.

ويمثل المشروع إضافة نوعية لجهود الدولة فى دعم الاحتياطى النقدي، وتعزيز العوائد الدولارية، إذ يضخ استثمارات مباشرة بالعملة الصعبة تقدر بمليارات الدولارات، كما يدعم خطط الحكومة الرامية إلى تنويع مصادر النقد الأجنبي.

ومع تزايد الاهتمام بالسياحة كقطاع قائد للنمو، فإن المشروع يتكامل مع استراتيجية مصر لزيادة أعداد السائحين إلى 30 مليون سائح سنوياً، من خلال تقديم منتج سياحى راق ومتعدد الأنماط، يجمع بين الفخامة والحداثة والبيئة المتوسطية المميزة للساحل الشمالي.

من جانبه أكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، أن المشروع من المنتظر أن يحدث تأثيرًا مباشرًاعلى سوق العمل، خاصة فى محافظة مطروح والعلمين، إذ يتوقع أن يوفر آلافًا من فرص العمل خلال مراحل التنفيذ والتشغيل، إلى جانب تنشيط الصناعات المساندة، مثل مواد البناء والخدمات اللوجستية والنقل والتوريد والمقاولات، كما يسهم فى رفع كفاءة البنية التحتية السياحية وزيادة الطاقة الفندقية، واستيعاب مزيد من الزوار، بما ينعكس على تنمية المجتمعات المحلية، وتعزيز الحراك الاقتصادى والاجتماعى فى المنطقة.

ويرى أن المشروع يعبر عن مرحلة جديدة من التعاون المصرى القطري، قائمة على المصالح المشتركة والتنمية المستدامة، ويشكل رسالة ثقة قوية إلى المستثمرين العرب والأجانب بأن السوق المصرية لا تزال واعدة، وأن الساحل الشمالى أصبح بوابة مفتوحة للاستثمار السياحى والعقارى طويل الأجل.

كما أكد أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن حجم الاستثمارات القطرية فى مصر يزيد على 5 مليارات دولار، وتتوزع فى قطاعات الطاقة والعقارات والسياحة والخدمات المالية والصناعة، إضافة إلى مشروعات فى مجالات الزراعة والأغذية والطاقة المتجددة.

وتعد شركة الديار القطرية من أبرز الشركات القطرية فى مصر، حيث تمتلك مشروعات فى القاهرة الجديدة والبحر الأحمر، إلى جانب استثمارات فى قطاع الضيافة، فيما تسعى قطر إلى توسيع نطاق حضورها فى السوق المصرية من خلال شراكات استراتيجية جديدة.

بهذا المشروع العملاق تخطو مصر بثبات نحو استعادة موقعها الريادى على خريطة التنمية والاستثمار فى البحر المتوسط، لتتحول سواحلها الشمالية إلى رمز للتكامل بين الجمال الطبيعى والرؤية الاقتصادية الحديثة.