الأربعاء 17 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أرض الأحلام تحولت إلى حقل ألغام

الزمالك أمام لحظة فارقة فى تاريخه

فى أحد الأيام التى تذكرك بأن المجد لا يبنى على أرض مضمونة، دخل نادى الزمالك فى دوامة امتدت جذورها إلى فرع لا يزال فى طور التشييد، فى مدينة 6 أكتوبر هناك على أرض تمتد مساحتها إلى ما يقرب مائة وتسعة وعشرين فدانًا يفترض أن تكون امتدادًا لحلم الفارس الأبيض ولكن الواقع قلب المعادلة رأسًا على عقب وتحول المشروع الذى كان يمكن أن يكتب صفحة ذهبية إلى قصة تتقاذفها التصريحات والقرارات الرسمية.



بدأ المشهد عندما أعلن جهاز حدائق أكتوبر أحد أجهزة الهيئة العامة لمدن المجتمعات العمرانية الجديدة عن قراره بسحب الأرض بسبب انتهاء فترة تنفيذ المشروع وعدم جدية النشاط الإنشائى من طرف النادى ورغم أنه كان قد مرر تحذيرات رسمية متكررة من قبل فإن الانشغال بالأرقام والفترات لم يكن كافيًا كى ينقلب ما كان يبدو أشبه بوعد إلى تهديد فجائى ومع هذا التصعيد شعر جمهور الزمالك بأن الأرض تهتز تحت أقدامه وأن الحلم الذى طال انتظاره بات أقرب إلى الضياع.

وتبع هذا القرار بيانات رسمية من النادى رفعها رئيس مجلس الإدارة حسين لبيب، حيث أكد فيها أن المجلس فى حالة انعقاد مستمر وأن الزمالك نال كل التراخيص والتصاريح اللازمة للبناء وأنه يجرى التواصل مع كل الجهات المعنية للحفاظ على حق النادى وأعضائه وجمهوره، كما شدد البيان على أن المجلس غير مسئول عن أى تصريحات خارج المنصات الرسمية وهى بيانات اعتبرها الجمهور غير كافية لأنها لم تجب عن أسئلة ملحة تتعلق بما أنجز فعليًا على الأرض وما هى الخطوات التى اتخذت فى السنوات الماضية.

وهنا يبدأ السؤال المؤلم.. فمن هو الجانى فى هذه القصة هل هو الزمن الذى مضى سريعًا أم التراخى فى التنفيذ أم غياب الرؤية الإدارية؟! فالأكيد أن أزمة أرض أكتوبر تحولت إلى قضية كبرى تروى فيها تفاصيل تتأرجح بين الملموس والمجهول وبين حق لم ينفذ وقرار يثار حوله الجدل حتى أصبحت هذه القطعة عنوانًا لفشل الإدارات المتعاقبة فى تحويل الوعود إلى واقع ملموس.

إدارة الزمالك الحالية أمام اختبار تاريخى فإما أن تتحرك بقوة لإعادة الأرض وإنقاذ المشروع وإما أن تسقط فى نظر جماهيرها التى لم تعد تقبل بالأعذار، فالجمهور لم يعد يكتفى بالبيانات الرسمية ولا بعبارات مطاطة بل يريد أفعالًا واضحة، فالمطلوب الآن خطة عاجلة تتضمن فتح الملف بشكل كامل أمام الجمعية العمومية وعرض المستندات والتفاصيل وتحديد ما إذا كان من الممكن استرداد الأرض عبر مفاوضات مباشرة مع الدولة كما يجب البدء الفورى بأى أعمال إنشائية ولو رمزية لإثبات جدية النادى وإرسال رسالة تطمين للجمهور والجهات المعنية.

وإلى جانب هذا فلا بد من التفكير فى حلول تمويلية مبتكرة على سبيل المثال فتح باب الشراكات الاستثمارية مع شركات مصرية كبرى تضع أموالها فى المشروع مقابل نسب محددة من العائد أو إطلاق سندات عضوية جديدة مخصصة لفرع أكتوبر بحيث يساهم الأعضاء والجماهير فى تمويل حلمهم بأنفسهم والمهم أن يكون كل شيء واضحًا وعلنيًا وأن تتم إدارة الأموال بشفافية تامة حتى لا تتكرر الأزمة من جديد.

ولكن يظل الأهم من كل ذلك أن يدرك مجلس الإدارة أن هذه الأزمة فرصة لإعادة بناء الثقة بينه وبين جماهيره، فالشفافية هى الحل الوحيد وإعلان الحقائق بلا مواربة هو الطريق الوحيد لإقناع الجماهير  أن الإدارة تعمل من أجل مصلحة النادى لا من أجل مصالح شخصية والجمهور يريد أن يرى إدارة قوية تتحدث بوضوح وتواجه التحديات بجرأة ولا يريد إدارة تكتفى ببيانات مقتضبة لا تشفى غليلا.

أن جماهير الزمالك تستحق أن تعرف الحقيقة كاملة وتستحق أن ترى خطوات عملية على الأرض وتستحق أن تكون شريكة فى اتخاذ القرار لأن النادى ليس ملكًا لمجلس عابر بل هو ملك لتاريخه وأعضائه وجماهيره وهذه الأرض ليست مجرد قطعة صحراء بل هى حلم أجيال وحلم يرى فيه الصغير نفسه يجرى فى ملاعب بيضاء ويرى فيه الكبير صورة للنادى الذى أحبه وضحى من أجله ولذلك يصبح من غير المقبول أن تضيع الأرض فى صمت أو أن يختفى المشروع بين أوراق اللجان.

أيها المسئولون فى الزمالك فهذه ليست قضية عادية بل هى لحظة فاصلة فى تاريخ النادى ويا  من جلستم على مقاعد الإدارة تذكروا أنكم تديرون كيانًا له أكثر من مائة عام من المجد والبطولات وأنكم مطالبون بأن تعيدوا الأمل إلى الملايين الذين ينتظرون قرارًا واضحًا وموقفًا شجاعًا فإذا كنتم بالفعل تعملون من أجل الزمالك فلتثبتوا ذلك اليوم قبل الغد وافتحوا الملفات وأعلنوا الحقائق وشاركوا الجماهير فى الخطة واعترفوا بالأخطاء وابدأوا خطوات التصحيح فهذا وحده ما سيعيد الثقة المفقودة ويمنح النادى فرصة جديدة لاستعادة مكانته.

قصة أرض أكتوبر يمكن أن تنتهى بخسارة موجعة ووصمة عار  وقد تنتهى بنجاح باهر ودرس جديد فى الإدارة فالمسألة رهن قراركم وقدرتكم على تحويل الأزمة إلى فرصة ولن يغفر لكم التاريخ ولا الجماهير إذا تركتم الحلم يضيع فى رمال الصحراء ولكنكم ستكتبون اسمًا خالدًا إذا حميتم الحق وأعليتم مصلحة الزمالك فوق كل اعتبار  فالجماهير الآن ترفع صوتها وتقول لا نريد بيانات ولا تصريحات بل نريد أفعالًا ونريد بداية بناء حقيقية ونريد رؤية حجر واحد يوضع على حجر ونريد أن نشعر أن الحلم لم يمت وأن الزمالك سيبقى دائمًا ناديًا عظيمًا قادرًا على حماية نفسه وصناعة مستقبله.

فهذه ليست مطالب تعجيزية بل هى أبسط حقوق جماهيركم وحقها فى نادٍ يليق بها وباسمها وتاريخها فلتكن هذه الأزمة بداية لمرحلة جديدة من الصراحة والتخطيط والعمل لأن الزمالك لا يحتمل مزيدًا من الخيبات ولا مزيدًا من الوعود الفارغة، فالزمالك يحتاج اليوم قبل الغد إلى إدارة تقاتل من أجل الحلم وتضع الجمهور فى قلب المشهد وتكتب صفحة جديدة يفتخر بها كل زملكاوى لأن الزمالك لم يكن يومًا مجرد ناد رياضى بل كان وما زال رمزًا للعزيمة والانتماء والقدرة على تخطى الأزمات وبناء المستقبل.