
محمد جمال الدين
تكلم حتى أعرفك
عندما لاحظ الفيلسوف سقراط ذات مرة أن كل تلاميذه قد أجابوا على أسئلته إلا واحدًا، التفت له قائلًا: (تكلم حتى أراك) وبالمعنى نفسه قال الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه: (الرجال صناديق مغلقة، ومفاتيحها الكلام)، وقال أيضًا سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه (أظل أهاب الرجل حتى يتكلم، فإن تكلم سقط من عينى أو رفع نفسه عندى)، وبنفس المعنى قال آخرون: (تكلم حتى أعرفك). أقوال جميعها تؤكد أهمية الكلمة التى تخرج منك حيث إنها جواز مرورك إلى عقل الآخرين، فإذا كان كلامك معقولًا ونافعًا استمعوا لك ورفعوك، وإذا كان كلامك (لا سمح الله مش ولابد) أسقطوك من حساباتهم، لأنه فى النهاية (لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك).
الأقوال السابقة تنطبق على جميع مناحى الحياة، سياسة اقتصاد ثقافة رياضة اجتماع إعلام وجل ما يخطر على ذهنك. ولكن فى هذا المقال تحديدًا سنكتفى بالحديث عن عالم الرياضة وما يدور بين كواليسها وإعلامها وملاعبها ومصالحها.
فمثلًا عندما يطل علينا حارس مرمى مغمور لم يسبق له أن قدّم شيئًا يُذكر لناديه السابق، ولن نقول لمنتخب مصر، قائلًا إن أسطورة حراسة المرمى المصرية عصام الحضرى لا يصلح لأن يكون مدربًا لحراس مرمى منتخب مصر، وأن أحمد حسام ميدو أسوأ محترف فى التاريخ، وأن أحمد حسن حصل على لقب عميد لاعبى العالم بوساطة من سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة فى ذاك الوقت عندما طلب من برادلى مدرب منتخب مصر حينها الدفع بأحمد حسن فى مباراة أمام البرازيل ليتمكن من الحصول على هذا اللقب التاريخى. كلام هذا الزكى عبدالفتاح جعلنى أبحث عن مسيرته الكروية مع حراسة المرمى، لعلى أجد لديه ما يشفع له بأن يقول مثل هذا الكلام، ففوجئت بكونها فقيرة جدًا، فسيادته لم يحقق أى إنجاز يذكر مع ناديه غزل المحلة، ومن الممكن أن يكون لشقيقه الأكبر عبد الستار إنجاز، أما هو فليس له من وجود أصلًا، حتى يتحدث أو يقيم حراس مرمى مصر ولو على مستوى الناشئين، فما بالك بالأسطورة عصام الحضرى، إنجازه الوحيد مع كرة القدم حققه بعد هجرته إلى أمريكا، عندما تولى تدريب حراس مرمى المنتخب المصرى فى جهاز الأمريكى برادلى، الذى لم يستمر طويلًا. سبق لمن يدعى الخبرة والإنجازات أن اتهم من قبل أنور صالح رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد كرة القدم المصرى وقتها بافتعال الأزمات داخل الجهاز الفنى، بخلاف تعمده ترجمة كلام المدير الفنى فى المؤتمرات الصحفية بطريقة خاطئة مما أثار وسائل الإعلام ضده، كما أحاله جمال علام رئيس اتحاد الكرة بعد ذلك إلى التحقيق، عقب تصريح له يؤكد فيه أن المنتخب تحال له مؤامرات من قبل أشخاص من داخله، بالطبع لم يحددهم سيادته، هل هم أفراد فى الجهاز الفنى أم من اللاعبين الذين لم يرحب أغلبهم بتواجده ضمن جهاز المنتخب، أزماته مع الإعلام ومشاكله مع اللاعبين أدت إلى الاستغناء عنه ليرحل عن ملاعبنا إلى غير رجعة.
الكلام الذى عرفنا من خلاله هذا الزكى من الممكن أن أصنفه تحت بند إسقاطه من الحساب، فقائله ليس له من حيثية تذكر حتى نلتفت إليه أو حتى نعيره انتباهًا، حتى نعيب عليه، ولكن العيب يقع على من يستضيفه هو وأمثاله فى برامجهم وسمح له بالخوض فى سيرة نجوم وعلامات بارزة فى كرة القدم المصرية، وللأسف أمثال هذه البرامج كثيرة على شاشاتنا الرياضية، جميعها تهدف إلى جذب أكبر عدد من المشاهدين، من خلال نشر الأكاذيب وإثارة الفتن بين جماهير الرياضة المصرية، حتى يصبح لهم سعر أو صوت فى عالم الرياضة، ولذا فهناك غير زكى عبدالفتاح الكثير، تستضيفهم بعض الفضائيات التى تبغى الانتشار، جميعهم لا يملكون تاريخًا يُذكر فى كرة القدم، كما أن الكثير منهم تعرضوا لعقوبات بالمنع من الظهور على الشاشات لفترات مختلفة، من قبل لجان تقييم الأداء الإعلامى، نتيجة لتصريحاتهم الخارجة، والمحرضة على الفتنة وإثارة الجماهير.
ومن أجل هؤلاء تحديدًا لابد من فتح باب النقاش عن مؤهلات من يعملون فى الإعلام الرياضى أو حتى يديرونه، فلا يكفى فقط أن تكون رياضيًا سابقًا لكى تصبح إعلاميًا، لأن الإعلام علم يتم تدريسه فى الكليات، وأنا على يقين أن الكثير منهم لا يعلم ما هو الإعلام من أصله، وحتى من درس إعلام ليس بالضرورة أن يصبح مقدم برامج رياضية، دون أن يمتلك خبرات فى الرياضة أو سبق له أن مارسها، ولو على المستوى المحلى وليس الدولى حتى، كما لا يجوز لمن يعمل فى الإعلام الرياضى أن ينحاز أو ينتمى لناد أو يعمل بالأجر لدى نادى، ولا يجوز أيضًا أن يكون هدف الإعلامى الرياضى البحث فقط عن التريند أو المصلحة الخاصة، حتى ولو جاء ذلك على حساب الحقيقة، لأن هذا لا يعد إعلامًا وإنما هو متاجرة وتربح وتخريب ذمم وحض على الكراهية والفتن.
لذلك إن كانت هذه طريقة حديث وتناول الإعلام الرياضى لأحداث الرياضة فى مصر، فنحن جميعًا نرفضها، ولن تنال رضانا إلا بعد أن يتعهد لنا القائمون عليه بأن يغيروا ما بأنفسهم من غرض ومرض وهوى، لنسمح لهم بأن يطلوا علينا عبر شاشاتنا وفق معايير مهنية صحيحة، ليس فى شئون الرياضة فقط، بل فى جميع المجالات، حتى نستطيع أن نراهم ونعرفهم.