الأربعاء 2 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

فى «يوم »21 فى «شهر» 6 فى «سنة» 1929 ولد عبدالحليم : الليلة الكبيرة لمولد سيدى العندليب

عظمة رسالة « حليم» الغنائية -الذى تحل ذكرى ميلاده الـ 96 اليوم- أن أغنياته المسكونة بإحساسه الساحر كانت ملخصًا وافيًا لحياته وآلامه وأفراحه، ولهذا كانت صادقة وحاضرة فى كل زمان ومكان حتى الآن وعابرة للأجيال وأسطورة «أمس واليوم وغدًا».



 

عبدالحليم حافظ منحة إلهية غنائية لم تتكرر سواء على المستوى الإنسانى أو الإحساس الغنائى وأغنياته صارت دستورًا للحياة والحب والوطن ويكفى أنه المطرب الوحيد ليس على مستوى مصر والعالم العربى بل على مستوى العالم الذى يحتفل عشاقه سنويًا من دون انقطاع بميلاده وذكرى وفاته حتى تحولا حرفيًا إلى مولد سيدى العندليب، ويأتى محبوه من مشارق الأرض ومغاربها للاحتفال بذكراه واعتباره من «أولياء مصر المبدعين» الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون.

 عقبالك يوم ميلادك 

العندليب الخالد غنى للحب وللوطن وكل الانفعالات الإنسانية الراقية ومن أشهر أعماله «عقبالك يوم ميلادك» التى يعتبرها الجميع من ثوابت هذه المناسبة وقدمها فى فيلم «بنات اليوم» عام 57 رغم أنه كان يرفض الاحتفال بعيد ميلاده لارتباطه بذكرى سيئة واكتفى بإسعاد المقربين منه بإقامة أعياد ميلادهم على نفقته الخاصة، بينما خرجت أغنياته التى تجاوزت 250 أغنية فى صورة حالات حية بروؤس غنائية تُعبر عن فلسفته فى الحياة ومُعاناته الطويلة، ولهذا كانت ممتدة المفعول لأنها صادقة.

 مين أنا؟

فى عام 1973 قبل 5 أيام من حرب أكتوبر المجيد قدم مسلسله الإذاعى الوحيد «ارجوك لا تفهمنى بسرعة» الذى توقفت إذاعته بعد بيان النصر العظيم وتضمن المسلسل أغنية «مين أنا» كلمات محمد حمزة وألحان محمد الموجى وكلماتها ترسم بصدق فلسفته فى الحياة والوجود والعدم، الحياة والموت، وتقول كلماتها:

 مين أنا عايز أعرف..؟مين أنا؟

اختارت الدنيا الميعاد واختاروا اسمى فى الميلاد

لا كان بإيدى بدايتى ولا بإيدى نهايتى..مين أنا؟

تتوه عينى حواليا تشوف الدنيا مش هى

وتتلون بأحزانى ويبقى لونها لون تانى

لا شايف ضى مع فجرى ولا بسمة ف طريق عمرى

نجومى ف ليلى ضى حزين وورودى شايفهم دبلانين

وضاعت كل أحلام السنين. يا هل ترى أنا اللى اتغيرت يا دنيا والا أنتى بقيتى حاجة تانية..عايز أعرف مين أنا؟

 من غير ليه؟

كان حليم الموعود بالعذاب والمترجم لأسمى الانفعالات الإنسانية لا يغنى إلا المعانى والكلمات التى يصدقها ويؤمن بها، وهذا سر أسطورته وصدق كتالوجه الغنائى والمفارقة أنه كان معترضًا على تقديم أغنية «من غير ليه» ومتحفظًا على معانيها، وكان يرغب فى تغيير كلماتها ومضمونها، وظلت الأغنية يتيمة حتى قدمها ملحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب بصوته، وتقول كلماتها :

جايين الدنيا ما نعرف ليه.. ولا رايحين فين ولا عايزين إيه

مشاوير مرسوم’ لخطاوينا..نمشيها فى غربة ليالينا..يوم تفرحنا ويوم تجرحنا..وإحنا ولا إحنا عارفين ليه

وزى ما جينا جينا ومش بإيدينا جينا.

كلمات الأغنية لاقت انتقادات كبيرة أهمها اعتراض عبدالحليم حافظ على مطلعها وبأنها من الممكن أن يعترض على مضمونها رجال الدين ورفض غناءها واتضح تحفظه عليها فى صورة قلقة لكلماتها ومعانيها فى البروفة الشهيرة للأغنية وتحجج بأنها تتسم بالطابع «الوهابى» وبعيدة عن الطابع «العندليبى» التى تم طرحها فى البوم غنائى حتى قدمها محمد عبدالوهاب بصوته باستخدام تقنيات تسجيل الموسيقى وتركيب صوت عبدالوهاب من بروفة كاملة وغنائها بالعود.

 عيد ميلاد شؤم 

حليم عاش يتيمًا بعد وفاة والدته «بهانة عماشة» بعد ولادته ورحل والده عم «شبانة» بعدها بأيام، والمفاجأة ونحن نحتفل بميلاده اليوم أنه تحدث فى حوار تليفزيونى عن رفضه الاحتفال بعيد ميلاده الذى يذكره بيوم حزين وشهر مأساوى وعام اكتست أسرته المكونة من أشقائه الأكبر «إسماعيل ومحمد وعلية» فيه بالسواد بعد رحيل الأم والأب.

أول احتفال بعيد ميلاده أقامه أصدقاؤه المقربين فى أوائل الستينيات بعد أن أتم عامه الـ 31 ونجاحه وهم: المايسترو أحمد فؤاد حسن قائد فرقته الموسيقية والموسيقار محمدعبدالوهاب والموسيقار كمال الطويل وصديقه المقرب مجدى العمروسى والإذاعى حافظ عبدالوهاب «الأب الروحى» له،هؤلاء فاجئوه بحفلة وتورتة كبيرة وزرعوا فيها 150 شمعة وقال عبدالحليم بخفة دم «يا جماعة انتوا فاكرينى إيه توت عنخ آمون، ده أنا والله العظيم تميت 31 سنة بس!» والقى المايسترو أحمد فؤاد حسن كلمة إشادة وثناء على موهبة حليم بينما قال الموسيقار محمد عبدالوهاب إن عبدالحليم «قطعة من قلبه» ورد حليم على موسيقار الأجيال وقال إنه «هدية من الله إلى الفن» يومها بكى حليم وانقلب الاحتفال إلى دموع وبكاء لولا إن أبو لمعة والخواجة بيجو لحقوا بالحفل وانقلب البكاء إلى ضحك وتواصلت حفلات عيد ميلاده سنويًا برعاية أشقائه وأسرته، بينما كان العندليب حريصًا على إقامة حفلات أعياد ميلاد أصدقائه وأفراد أسرته وأبنائهم ومن أشهرها إعلاميًا عيد ميلاد ابن شقيقه محمد شبانة قبل أن يكمل عامه الثالث. 

وفى يوم فى شهر فى سنة لم تهدأ الجراح ولا نامت فى حب العندليب.