الأحد 1 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حكاية اسير.. الأسير المُحرر نهاد محمد صبيح: قضيت 22 عامًا فى 14 سجنًا للاحتلال الصهيونى "الحلقة 14"

22 عاما قضاها الأسير المحرر نهاد محمد صبيح - أحد قيادات كتائب شهداء الأقصى - بين جدران زنازين 14 سجنا، فقد خلالها أباه وأمه،  قبل أن يعانق الحرية ويخرج إلى النور ليصبح شهادة حية على الصمود والإصرار فى مواجهة الاحتلال الصهيونى ويروى للعالم المعاناة التى عاشها أسرى الشعب الفلسطينى من هؤلاء المجرمين. 



وُلد الأسير الفلسطينى المحرر نهاد محمد صبيح فى عام 1981 فى مخيم بلاطة بمدينة نابلس، واعتُقل فى 5 أكتوبر 2003 بعد أن وجهت له سلطات الاحتلال الصهيونى تهم الانتماء لكتائب شهداء الأقصى وتنفيذ عمليات مقاومة، أبرزها عملية قرب مستوطنة «إيتمار» التى أسفرت عن مقتل خمسة  إسرائيليين. 

روى «صبيح» لـ«روزاليوسف» كيف كانت طفولته مليئة بالأحداث والمصاعب، فى ضوء ممارسات الاحتلال البشعة ضد أقرانه، عبر منع فتح المدارس خلال أيام الدراسة، حتى إنه لا يتذكر هل أتم عاما  كاملا فى صفوف الدراسة، لرغبة هذا الكيان الصهيونى فى استمرار سياسة تجهيل أبناء هذا الشعب ووضع من خلال خطة ممنهجة ابتدعها الحاكم العسكرى،  حيث كانت آليات  الاحتلال تقف أمام بوابات المدارس. 

وذكر الأسير الفلسطينى المحرر أن الأطفال كانوا يرشقون دوريات العدو بالحجارة، الأمر الذى يثير جنون الحاكم العسكرى،  ليصدر قرارا بإغلاق المدرسة  ثلاثة أشهر ويمنع الأطفال من الدراسة لإرغامهم على ترك الدراسة. 

وأوضح «صبيح» أن ممارسات جيش الاحتلال دفعت أبناء الشعب الفلسطينى لمواصلة النضال ضده بأبسط الإمكانيات والتى من بينها المقاومة بالحجارة وإشعال إطارات السيارات فى الشوارع والكتابة على الجدران،  تعبيرا عن رفض وجود هذا المحتل، لافتا إلى أنهم اكتسبوا التجار من الجيل الذى مارس المقاومة أمامهم. 

وأكد الأسير الفلسطينى المحرر أن هذا الكيان الغاصب لا يفهم سوى لغة المقاومة، لذا استشهد أكثر من 200 طفل فى الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطينى عام 1987 التى هب فيها الشعب بمختلف أعماره وشرائحه لمواجهة المحتل الجبان، فى ساحات المعارك. 

وبين «صبيح» أن المرأة الفلسطينية هى الأساس المتين الذى يدفع هذا الشعب على الصمود فى مواجهة هذا الاحتلال ويحفظه فى كل خطوة لأنها بمثابة المدرسة التى يكتسبون منها التربية الوطنية، وتمنحهم أقوى أسلحتها وهى الطمأنينة والأمان.

وأوضح الأسير الفلسطينى أنه رغم الظروف التى يعيشها أبناء الشعب الفلسطينى تحت ظروف الاحتلال إلا أنهم يعيشون كباقى الشعوب ويمارسون عاداتهم وتقاليدهم ويعيشون الحب لأنه الدافع لمواصلة الحياة والصمود فى وجه هذا الكيان الغاصب. 

وروى الأسير المحرر نهاد صبيح أنه فى أكتوبر 2003 طاردته قوات الاحتلال لمدة 3 ساعات وحاصرت منزله ليتم أسره عند الفجر، بعد أن وجهت له سلطات الكيان الصهيونى تهم مقاومة الاحتلال وقتل خمسة صهاينة، فحُكم عليّه بالسجن خمس مؤبدات و15 عامًا إضافية، موضحا أنه قضى  22 عامًا فى الأسر، وتنقل بين 14 سجنًا، فى رحلة مليئة بالعذاب والمعاناة، فكل سجن كان له قصص مؤلمة تكشف وحشية السجان وقسوته، وهى تجارب لا يمكن لبشر أن يتحملها فى مواجهة جبروت السجان الجبان.

وأوضح «صبيح» كيف تعامل هو وزملاؤه الأسرى فى السجون مع قسوة السجن، والبعد عن الأهل والأصدقاء فى سبيل الدفاع عن وطنه، بالصمود والعزيمة موضحا أن الأعياد والمناسبات كانت تمر عليهم بشكل صعب، حيث تتمزق أرواحهم من الشوق. 

تعلم الأسير المحرر فى السجون كل شيء وساعد فى تعليم زملائه وهى رسالة يسلمها جيل لآخر، حتى إنه أنهى مرحلة الثانوية العامة وحصل على درجة البكالوريوس والماجستير، بالتنسيق مع من يديرون هذه المسألة فى السجون من أبناء الشعب الفلسطينى.

استقبل «صبيح» نبأ الإفراج عنه بمشاعر مختلطة بين الفرح بنسمات الحرية والعودة لأهله وأصدقائه والحزن على رفاق رحلته فى الأسر ممن سيتركهم خلفه فى ظلمات سجون الاحتلال، معتبرا خروجه بمثابة شهادة ميلاد جديدة، موصيا زملاءه بالصبر والعزيمة فى مواجهة هذه الظروف، مؤكدا أنه لا يوجد عالم حر فالعالم الحر لا يصمت عن الحق. 

وأثنى الأسير الفلسطينى المحرر على الموقف المصرى الثابت، خاصة أن المصريين مشهود لهم بالمواقف الجبارة وقت الشدة وهم شعب لم أر مثلهم وطنيين وهذه حقيقة عشتها شخصيا، بلد تمتلك الحضارة لا بد أن يكون وراءها شعب عظيم وأنا شخصيا أحب الشعب المصرى وهى درة التاج وسند لنا ولشعبنا العظيم. واعتبر «صبيح» أن سنوات الأسر التى قضاها فى سجون الكيان الصهيونى هى تضحية واجبة تجاه وطنه فى سبيل نيل حريته، معبرا عن سعادته  بالاستقبال الرسمى والشعبى على معبر رفح ومخيم بلاطة، وبرفعه على الأكتاف وسط أناشيد وطنية وأعلام فلسطين ورايات كتائب شهداء الأقصى، وتقدّم المستقبلون ممثلو القوى الوطنية وأسرى محرّرون. 

وتابع: « كانت المشاعر متداخلة عند  إقامة حفل تكريم للمُبعدِين الذى نظّمته هيئة شئون الأسرى ومكتب إعلام الأسرى فى غزة والسعادة وأيضا بالحصول على درع تذكاري وشهادة تقدير باسم الحركة الأسيرة». وكشف الأسير الفلسطينى المحرر أنه نال شرف القيام بزيارة تضامنية إلى مقبرة الشهداء فى نابلس وتكريم عائلى وشعبى فى مخيم بلاطة، الأمر الذى يؤكد أن قضية الأسرى ستظل حيّة فى الوجدان الجمعى.