الإثنين 31 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روزضة رمضان.. د. أسامة الأزهرى وزير الأوقاف (1): أربعة محاور على رأس أولويات عمل الأوقاف أولها مواجهة التطرف الدينى واللادينى

فى شهر رمضان تفتح «روزاليوسف» صفحاتها لإثراء العقل بفهم دينى صحيح.. ونتعرف على أمور مهمة فى الشهر الكريم.. وفى روضة رمضان هذا العام نقدم  مادة صحفية من نوع خاص تشبع رغبة القارئ فى معرفة رأى الدين فى بعض القضايا وتأخذ بيده للجلوس على مائدة أحد كبار العلماء للتعرف على رأى الدين فى العديد من القضايا، حيث خصصنا هذا العام بابًا خاصًا بفقه الصيام  يوصل لنا أحكام الصوم بصورة سهلة ومبسطة من خلال استضافة د. شوقى علام المفتى السابق على صفحات «روزاليوسف».



كما سيكون معنا خواطر لفضيلة الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء نستقى من خلالها العديد من الرسائل الإيمانية التى تشرح صدورنا لفهم الدين.

وفى روضة رمضان هذا العام سيكون معنا  حوار أو قضية نناقشها نتعرف من خلالها على أمور دينية أو أمور تتعلق بالساحة الدعوية.

يحمل الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف فكرا متميزا معبرا عن وسطية الأزهر ومنهجه فى إيصال رسالة الإسلام بصورة سمحة معاصرة وله العديد من الأولويات وهو على رأس وزارة الأوقاف.

ومن خلال السطور التالية، سنتعرف على جانب من المحاور التى يعمل عليها فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف، ورؤيته لدور الوزارة داخل وخارج مصر إلى غير ذلك من القضايا.

 يشهد الجميع بأن اختياركم لوزارة الأوقاف أحدث حالة من الطمأنينة، فما الكلمة التى توجهها للأئمة والدعاة بالوزارة؟

- الأئمة والدعاة هم القوة الحقيقية للوزارة، تقوم على عاتقهم مهمة كبرى لتنفيذ استراتيجية الوزارة بمحاورها الأربعة؛ وكذلك تنفيذ ما يندرج تحت تلك المحاور من خطط دعوية. الأئمة والخطباء أصحاب رسالة، ودورهم محورى فى بناء الوطن ونشر الفكر المستنير، لذا أحرص على أن أدعمهم وأساندهم وأشجعهم بكل السبل. ولن ندخر جهدا فى الارتقاء بأحوالهم العلمية والمهارية والوجدانية والمالية. والحقيقة أن فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى يوجه دائمًا بدعم الدعاة والأئمة، انطلاقًا من رسالة مصر السامية المتفردة فى تقديم الخطاب الدينى المستنير، وإيمانًا من الدولة بدور أبناء الوزارة المحورى فى مسيرة التنمية والنهوض والتقدم. وقد شرعنا فى تنفيذ مرحلتين للارتقاء بالأحوال المالية لعدد من منسوبى وزارة الأوقاف، ويجرى العمل حاليًا على دراسة مراحل أخرى أوسع وأشمل. كما استحدثنا لأول مرة فى تاريخ الوزارة حركة تنقلات تمكنا فى نسختها الأولى من تلبية طلبات النقل بين المديريات المختلفة فى عموم محافظات الجمهورية بنسبة ناهزت 80 ٪؛ ومن باب التيسير قررنا أن تكون تلك الحركة سُنة سنوية حتى نحقق الاستقرار الوجدانى لأبناء الوزارة قدر المستطاع. 

 وماذا عن أولويات عمل وزارة الأوقاف؟

- أولويات عمل الوزارة متمثلة فى المحاور الأربعة لاستراتيجية العمل طوال السنوات الخمس المقبلة، فالمحور الأول: مواجهة كل صور التطرف الدينى كالإرهاب والتكفير والعنف، وتفكيك منطلقات وأفكار تياراته، والمحور الثاني: مواجهة التطرف اللادينى المتمثل فى تراجع القيم والأخلاق – ويدخل فى ذلك مواجهة الإلحاد، والإدمان، والانتحار، والتنمر، والتحرش، والزيادة السكانية، وفقدان الثقة.

أما المحور الثالث: فهو بناء شخصية الإنسان، ليكون قويا شغوفًا بالعلم والعمران واسع الأفق مقدما الخير للإنسانية كلها، والانطلاق فى ذلك من خلال المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان.

وأما المحور الرابع: فهو صناعة الحضارة من خلال الابتكار فى العلوم والمساهمة فى عالم الذكاء الاصطناعى واختراق أجواء الفضاء وتقديم الحلول العلمية لعلاج أزمات الإنسان والإجابة على أسئلته الحائرة– فنريد لدورنا المتمثل فى بناء الوعى أن نحفز الأمة المصرية على اكتساب العلم والإبداع فيه؛ والعلم هنا يشمل كل مجالات العلوم. 

وما الرسالة التى تقدمها الأوقاف خلال شهر رمضان؟ 

- إن وزارة الأوقاف تسعى إلى خدمة بيوت الله- تعالى- ورعاية ضيوف الرحمن، وتحرص على أن تكون أنشطتها خلال رمضان مرتكزة على ثلاث قيم رئيسة: الروحانية، والأخلاق، والوطنية. > لو أخذنا قضية التطرف الديني.. ما جهود الوزارة فى هذا المضمار؟

- بداية أحب التنبيه إلى أن دور المؤسسات الفكرية مهم للغاية، لأن المؤسسات الأمنية تحملت ما يفوق طاقتها بكثير، وحان الوقت لمعركة فكرية حاسمة تخفف العبء عن كاهل الأجهزة الأمنية لمواجهة المتطرفين وأفكارهم المسمومة، وبما يحول دون وجود بيئة حاضنة فكريًا أو عاطفيًا للمتطرفين أو بيئة تتيح تفريخ أجيال جديدة لهم. وأرى أن تسعة أعشار المعركة مع التطرف تقع على عاتق المؤسسات الفكرية، وهنا لا بد من حصر مواطن الخطر، فالتنظيمات المتطرفة تستغل التكنولوجيا وتسخرها فى مخططاتها؛ ومن القوى العالمية من ينفق عليها بسخاء ويوظفها لضرب استقرار الأوطان وتنفيذ مآرب هى أبعد ما تكون عن مراد الله من الخلق والرسالات والتنوع الإنساني. وهنا يجب أن تكون المواجهة منظمة ومدروسة ووفق مسار محدد بدقة وبتعاون مع كل المؤسسات.

 وفى هذا الإطار وضعنا خطة شاملة تشمل التفكيك والإحياء- أي: هدم التصورات الخاطئة والتفسيرات المغلوطة والأباطيل الفكرية والانحرافات النفسية. ولأن الدعوة ينبغى أن تنضبط بالأسس المعتمدة فى المنهج الأزهرى دون انحراف عن مقاصد الشريعة الغراء، فإننا لا نكف عن تبنى هذا الأمر فى الندوات واللقاءات والمناقشات العلمية، وسيصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عددًا من الكتب المبسطة لتأكيد هذا المعنى، وقد صدر بعضها بالفعل، ونعمل على إيصالها للأئمة وجعلها متاحة على الموقع الإلكترونى، لإحياء المنهج الأزهرى والقيم المشتركة والوعى بالوطن والهوية ونشر التسامح والجمال والهمة والأمل والتعاون والعلم والشغف بالعمران والحضارة. 

أما هدم البناء الفكرى لتلك التيارات وتفكيك أسسه فيأتى من خلال وضع تصوراتها ونظرياتها وأفكارها على مائدة البحث العلمى والتحرير المعرفى الدقيق، ومن هنا جمعنا خلاصة المقولات والنظريات والأفكار التى بنت عليها التيارات السياسية المنتسبة للإسلام رؤيتها، وقمنا بتفكيك هذه الأصول كمرحلة أولى من خلال كتاب (الحق المبين فى الرَّدِّ على مَنْ تَلاعبَ بالدين.. التيارات المتطرفة من الإخوان إلى داعش فى ميزان العلم)، ومن خلال دراسة: (المشروع الإسلامى بين الوهم والحقيقة)، وهذا فرع واحد من خطة شاملة تشمل ندوات ومحاضرات ولقاءات مع طلبة الجامعة وسلسلة مؤلفات يقوم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية على إعدادها تباعًا، علاوة على التعاون المثمر مع الهيئات والمراكز المختلفة فى هذا المجال، لعل أحدث فصوله هو عقد شراكة مع «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» بالإمارات، لرصد مشكلات الإرهاب المحلى والمعولم بأنماطه الفكرية وسماته المتطورة. 

 هل معنى هذا أن محاربة التطرف قضية جوهرية لا يستهان بها؟

- هذا صحيح، لأن التطرف لا يعرف ديانة، ووقائع التاريخ تؤكد ذلك، والدين نفسه لا يصنع التطرف، فالإرهاب والتطرف فكرة عابرة للأديان والشعوب والثقافات. نحن فى حرب فكرية نخوضها وخطر شديد يجب مواجهته لحماية أوطاننا وأبنائنا وحتى أطفالنا، وهنا يجب علينا الحذر كل الحذر فى التعامل مع النشء، والحرص من مواقع التواصل الاجتماعى (السوشيال ميديا) التى تمتلئ بكتائب إلكترونية مغرضة، تستهدف بث روح التشاؤم واليأس، وتسفيه الإنجازات، وإثارة الحيرة والشكوك فى مؤسسات الدولة. ولذلك كان من أولويات عملنا- وأعتبره من أولويات تجديد الخطاب الديني- إعادة جسور الثقة، سواء للمواطن فى ذاته وقدراته ونجاحاته أو فى بلده أو مؤسسات الدولة، وبذلك يكون الحفاظ على الهوية والمكونات المصرية الأصيلة، لذا كان الحفاظ على الهوية أساسًا وغايةً فى مواجهة أهل الشر لردع محاولاتهم المستمرة لزعزعة ثقة الشعب فى تاريخه أو مؤسساته ورموزه الوطنية والتاريخية. 

 ما الذى تغير فى خطابات المؤسسات الدينية فى مواجهة التطرف الديني؟

- المؤسسة الدينية بذلت جهودًا كبيرة فى هذا المضمار، بداية من الشيخ المراغى شيخ الأزهر الذى كان أول من طالب بحل جماعة الإخوان الإرهابية. 

وتوالت هذه الجهود مع نشأة جماعات وتيارات جديدة، ونحن فى وزارة الأوقاف رصدنا تطورا فى منتهى الخطورة، وهو اختلاف سمات موجات التطرف الحالية عن مثيلاتها فى عقود ماضية، من حيث عدم الاعتماد على بنية فكرية، واختزال الزمن فى عمليات التجنيد التى باتت تستغرق ما دون النصف ساعة، وتقديم منتج متقدم من أفكار سيد قطب كما جاءت فى كتابه «فى ظلال القرآن»، والإغراق الإلكترونى من التنظيمات، وكل ذلك يغذى سبعة مفاهيم بالغة الخطورة، هي: (التكفير، والجاهلية، والولاء والبراء، والفرقة الناجية، وحتمية الصدام، والاستعلاء بالإيمان، والتمكين)، وهذه هى القواسم المشتركة بين كل جماعات التطرف والإرهاب، فاختلفت المواجهة لاختلاف السمات.