الجمعة 14 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عن الدور الثقافى والسياسى الغائب أو المغيَّب لمعرض القاهرة الدولى للكتاب وزيــر الثقافة لماذا تتعامل على أنك «تسيير أعمال»؟

من شهور أنتظر الدورة الـ56 لمعرض الكتاب بترقب؛ ومزيج من القلق والتفاؤل.  ولا أخفيكم سرًا فإنى كنت أقول: «يا بخت أى شخص سيكون مسئولًا عن تنظيم وإخراج وترتيب هذه الدورة بالتحديد من الاحتفال والكرنفال الثقافى الأهم فى المنطقة».



 

لكن لماذا هذه الدورة بالتحديد؟ 

من يعرف قيمة معرض «القاهرة» الدولى للكتاب وأثره وتأثيره. سيعرف -بالتأكيد- أن هذه الدورة تحديدًا كان بإمكانها أن تصبح «رأس الحربة» فى حراك ثقافى واسع على مستوى إقليم -بل وعالم- يواجه ظروفًا لم يشهدها من قبل.

معرض الكتاب.. الغائب من المواجهة

هل طبيعى أن يقف مجلس النواب والأحزاب السياسية والنقابات وكل منظمات المجتمع المدنى لترد على «تصريحات ترامب الكاذبة عن التهجير».. لكن معرض الكتاب لا حس ولا خبر ولو حتى ببيان؟!

هل من الطبيعى.. أن كل المعارض العربية والدولية تقوم أحداثها الجماهيرية على نجوم الفكر والثقافة المصريين.. أما فى معرض «القاهرة» فلم يتم تنظيم أى فعالية «عليها القيمة» يلتف حولها جمهور المعرض المليونى؟!

بينما نشهد فى عاصمة عربية قريبة صعود ميليشيات إرهابية إلى قصر الحكم. ونواجه محاولات تنفيذ أكبر مخطط لتغيير حدود المنطقة. وتمر هذا العام 100 سنة على صدور كتاب العميد طه حسين «فى الشعر الجاهلي» بما أثاره من معارك وأفكار ومواجهات.. هل من الطبيعى أن يفتقد الأسبوع الأول من معرض الكتاب الأهم فى المنطقة حدثًا جماهيريًا مهمًا أو مؤثرًا أو حتى موقفًا قويًا؟!

الإجابة:

طبيعى جدًا.. إذا كان القائمون على أهم فعالية ثقافية يتعاملون بمنطق «مش عاوزين دوشة». 

طبيعى جدًا جدًا بل ومتوقع.. إذا كان المسئولون فى هيئة الكتاب وحتى وزير الثقافة يتعاملون على أنهم «تسيير أعمال».

ربما نسمع ما قاله وزير الثقافة فى «الغرف المغلقة»: «إحنا شغلتنا الثقافة وليس لنا علاقة بالسياسة».

هذا هو وجه القصور الحقيقى، سر الخلل وسبب كل العلل فى وزارة الثقافة. فإذا ظن المسئولون أنهم يعملون فى منطقة معزولة ومنفصلة عن الواقع تحققت لهم «العزلة»، وإذا تركوا الفضيلة الأهم فى ثقافتنا المصرية وهى «الاشتباك مع الواقع»، تجاهلهم الواقع.

نعم.. أتحدث عن الدور الثقافى والسياسى «الغائب» أو المغيب لمعرض القاهرة للكتاب.

للأسف فإن القائمين على الثقافة فى مصر الآن هم أصحاب رقم قياسى فى «تضييع الفرص».. ليس هذا تنظيرًا أو هجومًا على مسئول بعينه لكنها صرخة حسرة.

أكتب هذه السطور وفى رأسى ندوة المفكر الكبير فرج فودة فى معرض كتاب 1992.. التى فكر فيها ونظمها وناقش على منصتها رئيس هيئة الكتاب وقتها الدكتور سمير سرحان.

 ظل الحدث وأفكاره متحديًا للزمان.. كوثيقة وشهادة على أنه كان فى مصر «رجال ثقافة». ألم تكن ندوة «فرج فودة» حدثًا ثقافيًا يشتبك مع واقع سياسى؟!

أما فى 2025 فستجد أن معرض الكتاب للدورة الثانية على التوالى يخرج من دون حتى نشرة صحفية بدعوى «تخفيض النفقات». وستجد مسئولًا فى هيئة الكتاب يقول لموظفيه «مش عاوزين دوشة من الصحفيين والإعلام».

عجائب الزمن فى معرض الكتاب

ومن عجائب الزمان وطرائفه.. سنجد أن الدكتور على جمعة يتحدث فى ندوة عن كتاب بعنوان «الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء» للدكتور محمد بشارى.. يناقشان الحديث «الفخ» فى تراثنا الديني: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» ويفككان أهم ركائز الخطاب الإرهابى.. ولكن يحدث ذلك كله فى قاعة لا يتجاوز عدد كراسيها الـ50 «كرسى».. وعلى بعد خطوات كانت إحدى القاعات الكبيرة مفتوحة لقراءة شعر تركى مع مترجم ضعيف.

ليس هذا تقليلًا من أهمية الشعر التركى.. ولكنها صدمة ترتيب الأولويات عند المسئولين عن الثقافة فى مصر

دورك يا وزير!

تعامل الوزير بنفس منطق «ليس لنا علاقة بالسياسة» مع غلق حساب دار المرايا من المشاركة فى المعرض قبل أيام من انطلاقه. لم تخرج الوزارة حتى بيانًا للتوضيح!

ولكن يا سيادة الوزير دعنى أفاجئك بأن جزءًا من دورك هو تحقيق التواصل الفعال بين المثقفين وكل أجهزة الدولة بما يحقق الصالح العام.. وبالتأكيد فإن نشر خبر عن منع دار نشر مصرية فى 2025 لم يكن فى صالح أحد.. حتى لو بمنطق براجماتى جدًا من دون التحدث بشعارات عن حرية النشر وجريمة المنع.

بعيدًا عن الأفكار والاشتباك والمواجهات لأن ربما ذلك سيحتاج لخيال أكبر من عقول المسئولين التنفيذين فى الوزارة.. هل يمكن أن نطرح سؤالًا عن أسعار الكتب فى «الهيئة العامة للكتاب»؟ 

يعنى مثلا.. هل من الطبيعى أن تباع الأعمال الكاملة لصلاح جاهين بـ970 جنيهًا.. أو بدائع الزهور بـ920 جنيهًا.. هل تعلم «الهيئة» شيئا عن طبيعة جمهورها المستهدف؟ 

الإجابة النموذجية للمسئول «المفتقد للخيال» ستكون بالطبع: «الورق غالى والظروف العالمية وليس بسببنا».. وهى إجابة طبيعية بالمناسبة فى هيئة يتعامل المسئولون فيها على أنهم «تجار كتب» وليسوا «صناع ثقافة ووعي».

رسالة قصيرة.. بعلم الوصول

إذا كان الكلام قاسيًا على أى مسئول فى منصبه؛ فهذا مقصود تمامًا.

ففى اللحظات الحرجة لا بد أن يكون الكلام جارحًا «لمسئولية المنصب» وليس -أبدًا- لشخص المسئول.

لست من هواة «ضرب كرسى فى الكلوب» للفت النظر.. 

لكنه انفعال شخص كان يظن أنها ستكون الدورة الأهم لمعرض الكتاب.. لكن ذلك لم يحدث للأسف!

وتفاؤل بوجود وزير ثقافة كثرت فى حقه الإشادات؛ فارتفع سقف التوقعات.  أرجوكم.. نمر الآن بفترة صعبة؛ أنتم أدرى منى بمقتضياتها.. فكونوا على قدر المسئولية.. وهذه رسالة بعلم الوصول.