جروبات وفعاليات رقمية تفاعلت مع «الكرنڤال الثقافى»: أصداء معرض الكتاب على «السوشيال ميديا»

فاطمة الزهراء بدوى
مع بدء فعاليات معرض الكتاب.. تزدحم السوشيال ميديا بنشاط غير مسبوق.. خاصةً فى جروبات القراءة التى تتحول إلى منصات حوارية لا تنتهى.. يتداول الأعضاء فى هذه الجروبات أحدث الإصدارات التى يتم عرضها فى المعرض، بينما يتشاركون تجاربهم وتوقعاتهم.. لم يعد المعرض مجرد حدث ثقافى تقليدى؛ بل أصبح محطة تفاعلية، حيث تصير السوشيال ميديا قلبًا ينبض بالإعلانات، والنقد، والمراجعات الحية.. تأخذ هذه الجروبات دورًا محوريًا فى خلق مساحات متجددة للقراء، معززةً من تأثير المعرض على المجتمع الأدبى، لتصبح منصات رقمية تجمع بين العالمين الواقعى والافتراضى.
فكيف كان التفاعل مع الحدث الثقافى الأهم على السوشيال ميديا؟
جولات ونقاشات
حين تتصفح جروبات القراءة على فيسبوك، لا بد أن تصادف «مكتبة وهبان»، لمؤسسها إسلام وهبان، صحفى متخصص فى الشأن الثقافى وصناعة النشر.. وأصبحت من أبرز منصات الحوار الثقافى الرقمى. تأسست لتكون ملتقى للقراء والكتاب، حيث تقدم محتوى نقديًا، ومراجعات أدبية، وتوصيات للكتب. بالإضافة إلى ذلك، تنظم جولات دورية لمعرض الكتاب، مما يوفر للمشتركين فرصة استكشاف أحدث الإصدارات والتفاعل مع الأجواء الثقافية بشكل مباشر.
وأيضًا «Bookmark» لمؤسسته سارة إبراهيم، دفعها ولعها العميق بالكتابة وشغفها الشديد بالقراءة إلى تأسيس حضور مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، ليصبح نافذة تجمع بين الفكر والإبداع، ومجتمعًا حيًا للقراء والمبدعين، تقول: فى جروب القراءة لا مكان للترويج أو الإعلانات؛ بل تجمعنا محبة الكتب واحترام الكلمة.. هنا، يشارك القراء آراءهم بكل حيادية واحترام دون التعدى على رأى أحد، ودون انحياز لقوائم الأكثر مبيعًا أو توصيات مسبقة؛ فالكتاب الجيد يفرض نفسه، بينما يظل الجروب مساحة حرة لكل الأعمار، مع تقدير حرية الفكر والاختلاف.
انتقلتُ إلى الحديث مع الكاتبة والروائية مى حمزة، التى شاركتنى تفاصيل عن جروب «رشحلي» الذى أسسته، موضحةً أن الترويج للكتب هناك يخضع لمعايير صارمة، حيث يُسمح للكتَّاب بالتحدث عن أعمالهم مرة كل ثلاثة أشهر، بشرط أن يتوافق ذلك مع رؤية الجروب كترويج للأدب لا للتجارة.. كما أن الفئة العمرية الأكثر تفاعلًا تتراوح بين 25 و45 عامًا، والنقاشات مفتوحة للجميع، بجانب اللقاءات الأونلاين التى تجمع بين القراء والكتاب.. والجروب يفضل ترك انطباعات القراء تتصدر المشهد بدلًا من نشر قوائم ترشيحات.. وأشيد بالدور الكبير لجروب «مكتبة وهبان»، الذى أسسه إسلام وهبان، وما يقدمه من خصومات وفرص ثقافية للقراء.
فيما ترى لمياء محمد، مؤسسة جروب «معرض القاهرة الدولى للكتاب 2025» ومسئولة تسويق أدبى، أن فترة ما قبل معرض الكتاب بشهر هى موسم استثنائى، حيث يفتح الجروب أبوابه للنشر دون قيود تُذكر، بشرط أن تكون المنشورات مباشرة لا مجرد شير share.
بالإضافة إلى أن الفئة الأكثر نشاطًا وحماسة - على حد قولها - تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عامًا، حيث يعيشون زهوة المعرض بكل تفاصيلها.
جسر بين الكاتب والقارئ
«شيماء غنيم» من بين الكتاب المتفاعلين بشكل كبير على السوشيال ميديا ولها إصدارات بمعرض الكتاب وهى كاتبة وروائية مصرية تهتم بتوثيق حكايات المهمشين وتراث القاهرة فى أعمالها الأدبية. ترى أن وجود الكتب فى المكتبات والمعارض هو مكانها الطبيعى بلا شك؛ لكن السوشيال ميديا فى عصرنا تمثل جسرًا يربط بين الكاتب وقارئه فى عالم سريع الخطى. كما كانت الصالونات الأدبية والصحف يومًا ما ملتقى للأفكار والنقاشات، أصبحت جروبات القراءة ووسائل التواصل هى المساحة الجديدة التى تجمع الآراء حول الأعمال الأدبية، حيث تُطرح الأفكار بحرية، ويعبر كل قارئ عن رؤيته، مما يتيح للكاتب التفاعل مع جمهور أوسع؛ بل وتوظيف التكنولوجيا كأداة تعزز حضوره الأدبى.
أما الكاتب والدكتور إسماعيل إبراهيم، صاحب كتاب «سايكوسينما: رحلة استكشافية فى عالم الطب النفسى على شاشة السينما» فيقول: «فى عصر السوشيال ميديا، بات انتشار الكتب عبر جروبات القراءة نافذة مختلفة وقوية تُعيد تشكيل علاقة القارئ بالأعمال الأدبية، لكنها لا تلغى دور الطرق التقليدية التى لطالما امتلكت جمهورها وأثرها.. قديمًا، كان القارئ ينتظر مقالًا من ناقد مرموق، أو يثق فى ترشيحات الباعة فى المكتبات، بينما اليوم، توفر جروبات القراءة ساحة موازية تُفسح المجال لتفاعل حقيقى بين القراء، حيث يتبادلون الآراء بواقعية وبساطة تُقربهم من الكتاب، فى زمن باتت فيه السرعة معيارًا رئيسيًا.. هذه المساحات الرقمية لا تستبدل المعارض والندوات، لكنها تكملها، إذ ما زالت لقاءات المعارض تحمل دفئًا مختلفًا، وفرصة للاستماع المباشر لتجارب القراء وأفكارهم، بعيدًا عن برودة الشاشات».
ترشيحات أكثر القراء تفاعلا على السوشيال ميديا
فى جروبات القراءة هناك أسماء تتصدر قائمة أكثر القراء تفاعلًا ونشاطًا.. سألناهم عن أبرز العناوين على قائمة مشترياتهم هذا العام من معرض الكتاب.
استهلت «نجوان ماهر» أحد أبرز القراء على جروبات القراءة حديثها بأن ما لفت الأنظار هذا العام، مثل الخيمة الجديدة فى صالة 6 التى تعرض كتبًا إنجليزية بأسعار مخفضة، ما أحدث ضجة كبيرة بين القراء، خاصةً مع ارتفاع أسعار تلك الكتب فى دور النشر الأخرى.
كما تحدثت عن نقل سور الأزبكية من صالة 4 إلى خيمة كبيرة جديدة، معتبرةً ذلك خطوة تحمل طاقة وروح العودة إلى معرض الكتاب القديم. ورغم الزخم الكبير لدور النشر والإصدارات، فإن الاختيار بين الخصومات وجودة المحتوى يظل مرهونًا بتفضيلات القارئ.
أما عن اختياراتها الشخصية، فقد لفت نظرها الجزء الثالث من ثلاثية الكاتب إبراهيم عيسى «سيوف الآخرة»، إضافة إلى كتاب كريم جمال عن سيرة الإعلامية المصرية سلوى حجازى، والذى أثنت على قدراته الأدبية بعد نجاحه السابق فى كتابة «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي». كما أثارت صالة «بيج باد وولف» اهتمامها بفضل مجموعتها المميزة من الكتب الإنجليزية.. مؤكدة أن الرؤية الكاملة للإصدارات واتجاهات القراء ستتضح أكثر بحلول منتصف المعرض.
أما «صافيناز صادق» المولعة بالقراءة فتبدأ حديثها عن علاقتها بمعرض الكتاب باعتباره بوابة للتجارب الأدبية الجديدة، مؤكدة أن الإصدارات الحديثة دائمًا ما تكون وجهتها الأولى.. تذكر أسماء مثل عمرو حسين، مى حمزة، حنان البهى، ووجدى الكومى كأبرز الكتاب الذين تتطلع للغوص فى عوالمهم الأدبية هذا العام.. تقول: «الكتب بتنادينى، وعمرى ما كنت بأتبع التوصيات بقدر ما بأتبع إحساسى، بمشى ورا قلبى، وقلبى بس».

دعوات لمقاطعة دار نشر صاحبها متحرش!
مع انطلاق معرض الكتاب هذا العام؛ تابعنا دعوات لكاتبات وعاملات في المجال الثقافي بمقاطعة إحدى دور النشر، التي اتُهم صاحبها قبل شهور بالتحرش بهن.
جاء نص دعوة المقاطعة التحذيرية: «ماتنسوش إن في صاحب دار نشر متحــرش مشارك في المعرض. وأُثبت انتهـاكه وتحـرشه بخمس نساء عاملات في المجال الثقافي وإن بيئة عمله غير آمنة، ورغم كل ده لم يُمنع من المشاركة ولم يؤخذ ضده أي إجراء».
ويأتي عدم ذكر اسم دار النشر وصاحبها في دعوة المقاطعة بسبب عدم وجود إثبات قانونى حتى الآن، رغم تشكيل لجنة تحقيق داخلية من عدد من أبرز الأسماء في الوسط الثقافي والتي أثبتت «ملاحقة صاحب الدار لإحدى الشاكيات وبث الخوف في نفسها ومحاولة الوصول إليها».. لكن إطلاق الدعوة جاء إيمانًا من الشاكيات بأن «جرائم التحرش لا تسقط بالتقادم».
ربما لم تلاق دعوة المقاطعة لدار النشر رواجًا كبيرًا أو حتى تأثيرًا مباشرًا على صاحبها، لكن الواقعة أثارت الكثير من الأسئلة عن وضع وطبيعة بيئة العمل بالنسبة للنساء العاملات في المجال الثقافي.
المؤسف.. أنه على المستوى الرسمي، تم التعامل مع الموضوع باعتباره «شوية بوستات.. والناس هتنسى». بدلا من طرح سياقات بديلة وآمنة تستطيع العاملات في الوسط الثقافي من خلالها حفظ حقوقهن إذا تعرضن لأي انتهاك خلال العمل.