رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» يتحدث: أحمد الطاهرى: الفن أول أعداد المئوية.. من أجل الفنانة صاحبة الدار
شيماء سليم
الحديث مع «أحمد الطاهرى» رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» الحالى لم يكن سهلاً، رغم جرأته وشجاعته فى التعبير عن مواقفه بصرامة، لكن فى النهاية كنت أسعى لطرح كل ما يشغل عقلى فى هذا الحوار عن أهمية الفن فى المجلة، وعن المجلة نفسها ومع هذا وذاك عن الفن والصحافة فى بلادنا بشكل عام.. ألقيت أمامه العديد من التساؤلات وأجاب عنها بصراحة تامة، وهو ما كنت أحتاجه كى لا يشعر القارئ أننا نجمل أنفسنا.
على مدار مائة عام، كان هناك تواصل قوى بين رؤساء تحرير هذه المجلة والفن.. فجميعهم باستثناء واحد أو اثنين كانوا يقدرون الفن ويدركون قيمته.. و«أحمد الطاهرى» أحدث من انضم للقاعدة العامة وليس الاستثناء.. فهو يعشق الفن ويهتم به ويطرح أفكاره لتطوير صفحات الفن بالمجلة.. بل إن فكرة «دورى النقاد» التى صارت تلقى استحسانًا من القراء والوسط الفنى كانت من بنات أفكاره.. هذا بالإضافة لأفكار ملفات واقتراح عناوين قوية وأيضًا لن أنسى مشاركته فى ندوة عقدناها مع الفنان «على الحجار» يومها كاد لا يتوقف عن الأسئلة لدرجة أننى قلت له - من مبدأ الديمقراطية - أعطنا فرصة كى نسأل نحن أيضًا.. «أحمد الطاهرى» يتحدث فى الحوار التالى بصراحة عن الفن و«روزاليوسف» والصحافة بشكل عام..
بداية، هل أصبح كاتب السياسة يخجل من الكتابة عن الفن؟
ـ لا يمكن.. لأن السياسة لديها معنى واسع، يتعلق فى النهاية بكل ما يهم الناس.. وهناك فرق بين السياسة والعمل السياسى، وفى نهاية المطاف الصحفى هو الصحفى، يكتب ما يهم الناس حتى وإن كان اهتمامه بأمور سياسية أو ما يدور فى دوائر الحكم أو السلطة أو العمل التنفيذى، لكن لا يمكن أن يبتعد فى اهتماماته عما يشغل الناس ومن ضمن ذلك الفن.
لماذا فى رأيك يعتبر صحفيو «روز اليوسف» بشكل عام ورؤساء تحريرها خاصة هم الأكثر اهتمامًا عن غيرهم بالفن؟
ـ بشكل خاص وفى مدرسة «روز اليوسف» لو الصحفى ليس لديه الحد الكافى من الاهتمام بالفن والقدرة على تذوق الفنون بمجملها، أظن أنه مهما قضى من عمر فى «روز اليوسف» فهو لن يتشرّب بعد بهذه المدرسة.
لماذا؟
ـ لأن هذه المدرسة أسستها فى الأصل فنانة، فحولت الصحافة من مهنة إلى فن إبداعى، هذا جزء رئيسى من مدرسة «روز اليوسف».. الكثيرون يبحثون عن سر «روز اليوسف»، أعتقد أن السر يكمن فى تحويلها العمل الصحفى إلى عمل إبداعى.. لأن السيدة «روزاليوسف» فى الأصل مبدعة، لذلك فالصحفى هنا يتعامل مع كل ألوان وأنماط الفنون الصحفية مثلما كانت هذه السيدة تتميز فى تقديم أى لون درامى أو أى شخصية.. لذلك ستجدين كل رؤساء تحرير ومجالس إدارة «روز اليوسف» وكبار كتابها، باستثناءات بسيطة جدًا، كانت لديهم إسهامات أدبية وأعمال فنية تصنف فى قوائم أفضل الإنتاجات الدرامية والسينمائية. بداية من «إحسان عبدالقدوس»، «د.مصطفى محمود»، «د. يوسف إدريس» الذى نشر أول قصة له فى «روز اليوسف» وبعدهم «عبدالرحمن الشرقاوى وفتحى غانم وصلاح حافظ» وفى مجلة (صباح الخير) نجد «صلاح جاهين» و«رؤوف توفيق» و«صبرى موسى» الذى صار سيناريو فيلمه (البوسطجى) مرجعًا لفن كتابة السيناريو.. أعتقد أنها «جينات».
إذن كيف تفسر تحول الموقف من رؤساء تحرير تعرض أعمالهم فى السينما والتليفزيون لرؤساء تحرير علاقتهم بالفن ضعيفة وبعيدين فى أحيان كثيرة عن الفن؟
ـ كل مرحلة ولها طبيعتها.. رؤساء التحرير فى تلك الفترة كانوا يساهمون فى العمل الإبداعى فى الوقت الذى كان فيه العمل الإبداعى يشكل رقمًا فى الدخل القومى للدولة، نتحدث عن الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضى.. ثم فترة السبعينيات، حيث كانت السينما وقتها نقطة تحول فى بناء الوعى وخلق سردية مصرية معينة فيما يخص عملية الحرب وعملية السلام والتحولات الاجتماعية فى عملية الانفتاح، فكانت السينما هى الأقرب فى توثيق ما يحدث فى هذا البلد، بالاضافة إلى أن هناك فرقًا بين متذوق الفن ومن لديه إسهامات فنية لأن الأخير يتمتع بموهبة ربنا وهبها لناس بعينها، لكن الخلاصة لا يصلح أن يجلس على مقعد رئيس تحرير «روز اليوسف» صحفى أو كاتب غير متذوق للفن.. لكن إسهامه فى الحركة الفنية يعود لموهبته.. فليس الجميع «إحسان عبدالقدوس» أو «عبدالرحمن الشرقاوى» أو «فتحى غانم».
فى رأيك.. لماذا تراجع دور الصحافة فى توجيه الفنان أو إبراز دور الفن؟
ـ العلاقة بين الصحافة والفن ارتبكت، لأن هناك خللاً حدث فى وسائل الاتصال، ففى البداية كانت الصحافة هى وسيلة الاتصال المباشر والمضمون وصاحبة المصداقية للجمهور وللفنان، وبعد ثورة الاتصالات وانتشار السوشيال ميديا، أصبح كل فنان يعتقد أنه يمتلك وسيلته الإعلامية الخاصة، التى تربط بينه وبين الجمهور، وهذا أفاد فى الانتشار، لكن أضر الفنان بشكل أو بآخر لأن قربه «الزائد» من الجمهور سحب منه بريق النجومية. نقطة ثانية، أن العلاقات العامة غلبت على العمل الصحفى، فالفنان أصبح لا يريد محاورة صحفى، وإنما يريد رسم صورة معينة عن نفسه وهذا حقه، لكن فى النهاية الصحفى له عمله ويبحث عن عمله فى هذا الفنان. فهما ليسا تضادًا، ولكن تختلف الدوافع والتى لا بد أن تختلف لأن هذه مهنة وهذه مهنة.. ومع ذلك لا يزال الصحفى المؤثر له بريقه الخاص ولا يزال بعض النجوم حريصين على الظهور فى الصحافة لأنها توثيق للتاريخ.. فتاريخ الفنان لن يحفظه «لينك».. وتاريخ الحركة الفنية لن يسجل على «سيرفر».. ولنا فى أرشيف مجلة «روز اليوسف» خير مثال فنحن نعود إليه اليوم لنجد حوارات مع كل النجوم فى كل الأزمنة. لقد حدث خلل فى علاقة الفنان بالصحفى. والنتيجة أنه لم يعد هناك حاضنة صحفية للفن، لأن الفنان اقترب أكثر من اللازم من العالم الافتراضى، دون أن يدرك أن هذه الساحة باعتباره فنانًا وشخصية عامة قامت باستباحته واستباح قيمة الفن نفسه وما يمثله هذا الفنان وما يمثله الفن. نعم هناك انتشار، فمن الممكن لـ«بوست أو تويتة» تحقيق ملايين المتابعات، كما أنه حقق استفادة مادية للبعض من خلال توظيف الدعاية، كل هذا يحدث فى السوشيال ميديا. ومع ذلك، يوجد بعض من نجومنا لديهم الذكاء فى الحفاظ على هذه العلاقة، ليس كل الفنانين فلا يمكن التعميم، لأن النجومية درجات، هناك ميجا ستار وسوبر ستار وستار ونجم واعد وممثل جيد.. وعلى قدر النجومية ستجدين استيعاب الفنان وإدراكه، فكلما كبرت نجوميته كبر إدراكه، يعنى مثلاً الميجا ستار الآن فى السينما، «كريم عبدالعزيز وأحمد عز»، الاِثنان على أكبر قدر من احترام العمل الصحفى والصحفيين ويحسبان توقيت ظهورهما بشكل جيد جدا.. نجمة النجوم «إسعاد يونس» لديها هذا الإدراك. العظيم «عادل إمام»، أيقونة هذا العدد، علاقته بالصحافة منذ بدايته حتى يومنا هذا، علاقة منضبطة وذكية جدا.
بمناسبة «عادل إمام» لماذا اخترته ليتصدر غلاف هذا العدد؟
ـ تكريم «عادل إمام» بمثابة تكريم لكل الإبداع فى مصر، لكل صناعة الفن. عندما نكرم «عادل إمام» فنحن نكرم ممثلى مصر، مؤلفى مصر، مخرجى مصر، مهندسى الديكور، صُناع الموسيقى التصويرية. نحن نكرم أنفسنا بتكريم «عادل إمام» لأنه الفنان المصرى والعربى «الاستثنائى»، شاء من شاء وأبى من أبى، وبعيدًا عن النجومية وشباك تذاكر.. فـ«عادل إمام»، عندما نعود لأفلامه فى كل مراحله حتى الأفلام التى صنفت على أنها أفلام خفيفة مقارنة بأعماله الأخرى التى اعتبرت شديدة القوة والتأثير، سنجد أن حتى أعماله الخفيفة تلك كان يرسم بها ابتسامة ويصنع من خلالها البهجة. «عادل إمام» لا توجد قضية فى هذا المجتمع إلا وناقشها، وناقشها بجرأة واحتراف واحترام، فتكريم الأستاذ «عادل إمام» يعنى أننا نكرم كل الفن فى مصر.
ولماذا الفن هو أول عدد خاص من أعداد المئوية؟
ـ لأن صاحبة الدار فنانة، جاءت من الفن، والفن أولى بها. وبعد مائة عام عندما نكرم صاحبة الدار والمؤسسة التى أنشأتها والمدرسة التى أسستها فنحن نرد الحق لأصحابه بأن نكرم الفن والإبداع فى مصر. ولو كانت السيدة «روزاليوسف» نفسها موجودة بيننا، كان سيكون لها نفس الاختيار.. أنا متأكد.
سؤال مباشر، هل الدولة فى العقود الأخيرة، أصبحت غير مهتمة بالفن؟
ـ إطلاقًا، أولاً مصر مرت بتغيرات سياسية عنيفة جدًا، بداية من 2011 ثم حكم جماعة إرهابية تعادى كل ما هو إبداع، ثم ثورة 30 يونيو، كل ذلك حدث فى أعوام قليلة جدًا، والدولة ورغم أنها تواجه حربًا إرهابية، فإنها استطاعت أن تنمى أدوات تضبط من خلالها صناعة الفن فى مصر، من سينما ودراما وإنتاج لأعمال ضخمة جدًا، يعنى الناس كانت تترحم على إنتاجات المؤسسة العامة للسينما وتقول لماذا لا يوجد مثلها الآن، لنجد حاليًا الشركة المتحدة تنتج أعمالاً، ما كان لينتجها أحد، كـ(الاختيار) بأجزائه الثلاثة الذى صنع لتوثيق الملحمة التى فعلناها ضد الإرهاب، أفلام مثل (السرب) أو (الممر) أو مسلسل فى ضخامة وقوة (الحشاشين)، من كان سينتج مثل هذه الأعمال، وبالتالى الدولة حاضرة، لكن لا يصح أن تُصدر أمراض الوسط الفنى للدولة.
ماذا تعنى بـ«أمراض الوسط الفنى»؟
ـ الشللية، المحاسيب، الفنان أو الفنانة اللذان يختاران كل طاقم العمل الفنى ويحددان أجورهم.. هذه أمراض فى الوسط الفنى لا يصح أن نصدرها للدولة ونقول إن الدولة هى السبب.. ميصحش.
السؤال بشكل آخر.. هل تراجع دور الدولة فى دعم الفن؟
ـ غير حقيقى، وهذا ليس دفاعًا عن الدولة، لكن رصد. فأول لقاء للرئيس «عبدالفتاح السيسى» كان مع فنانين، والحديث مع الفنانين والمثقفين مستمر طوال الوقت، فالفن جزء رئيسى من البلاد، والدولة ترعى مهرجانات مثل مهرجان القاهرة السينمائى وتستحدث مهرجانات جديدة مثل مهرجان العلمين وتتبنى عروض الشباب، كل هذا اهتمام من الدولة، ويتحدث نقيب المهن التمثيلية مثلاً، عن دور الدولة فى دعم الفنانين، فلا أظن أن هناك أى مطلب عُرض على الدولة وترددت به فيما يتعلق بأمور تخص الفنانين أو علاجهم.. الفن جزء من سياق أكبر اسمه وطن، انتقل من فترة اضطراب لمرحلة استقرار، ومع ذلك كان هناك دائمًا تقدير، وكان الفن حاضرًا، لكن على قدر القدرة.
ونحن نبحث فى أرشيف المجلة لفت أنظارنا أنها كانت تهاجم أحيانًا أجهزة الدولة فى مقابل نصرة الفن والفنانين.. هل من الممكن أن يحدث ذلك الآن؟
ـ ليست مسألة مهاجمة أجهزة الدولة أو اتخاذ مواقف ضدها، لكن مجلة «روز اليوسف» لديها ثوابت حاضرة فى كل العصور. نحن مع الحرية، ولا يمكن أن تضبطى عددًا لـ«روز اليوسف» يبارك منع فيلم أو كتاب حتى لو اختلفنا مع المضمون، لكننا ضد المنع، نحن مع الفكر الذى يقابله فكر، وآخر المواقف ما حدث عندما منع فيلم (الملحد) الذى كتبه الأستاذ «إبراهيم عيسى» وعبرنا عن موقفنا الرافض لذلك من خلال كاريكاتير الأستاذ «عمرو سليم» الذى نشر كغلاف روزا 2 فى المجلة.
هل تعتقد أن مجلة «روز اليوسف» على مدار تاريخها كانت تتخذ مواقف ضد التيار؟
ـ هى ليست مواقف ضد التيار.. هى فى النهاية مجلة لها موقف.
ممكن يكون موقفًا عنيدًا؟
ـ ليست مسألة عناد، بقدر ما هو تعبير عن وجهة نظر.. أو بُعد نظر.. هذا من ضمن تكوين صحفى «روز اليوسف»، بالإضافة لقدرته على الكتابة فى الفن والسياسة والاقتصاد والإسلام السياسى والكنيسة هذا هو تكوينه.
هل من الممكن أن نجد الآن رئيس تحرير يشتبك مع فنان كما حدث من قبل؟
ـ وارد جدًا.. ما المشكلة؟.. الاشتباك هنا ليس اشتباك صحفى مع فنان، هو اشتباك فكر مع فكر، كما حدث بين رئيس التحرير الأسبق «محمود التهامى» والكاتب «أسامة أنور عكاشة» أو بين «عبدالله كمال» والكاتب «وحيد حامد» رغم أن «وحيد حامد» كان يُعد قطبًا من أقطاب «روز اليوسف».
ممكن أنت شخصيًا تشتبك فى قضايا تخص الفن؟
ـ حدث بالفعل واشتبكنا مع (الجارديان) فى موضوع الدراما المصرية، وكتبت وقتها رسالة رئيس التحرير لرئيس تحرير (الجارديان).
بعض رؤساء التحرير السابقين كانوا يخوضون اشتباكات ومعارك من أجل الفن، بينما تجاهل البعض الآخر الفن تمامًا.. فى رأيك ما السبب؟
ـ أهواء شخصية.. وأذكر هنا شيئًا تعلمته من الأستاذ «عبدالله كمال» فيما يخص الفن عام 2010، عندما عرض فيلم (عسل إسود)، فقامت صفحات الجريدة بالهجوم على الفيلم باعتباره يشوه مصر، ورئيس التحرير حينها «عبدالله كمال» انحاز للفيلم، وتوقف أمام مشهد وطالب المجتمع كله بأن يتوقف أمام هذا المشهد، وهو المشهد الذى تذهب فيه فتاة صغيرة لشراء خبز، فلم تجد ما تحمله به فخلعت الحجاب لتضع بداخله العيش، كتب عن هذا الأستاذ «عبدالله كمال» أهم كاتب سياسى فى هذه الفترة فى مصر، تذوقه للفن وإدراكه لرسالة المشهد شىء مبهر.
هل تعتقد أنك من متذوقى الفن أيضًا؟
ـ ممكن على سبيل المثال، تسألى «د. مدحت العدل» من هو أكثر من استوعب فيلم (آيس كريم فى جليم)، سيقول لك «أحمد الطاهرى».
لماذا؟
ـ لأن الناس تتعامل مع هذا الفيلم على أنه فيلم ميوزيكال، وهو فيلم سياسى من الدرجة الأولى، يعبر عن سقوط اليسار بعد انهيار الاتحاد السوفييتى وغلبة الرأسمالية على كل شىء، معانٍ لم يدركها حتى بعض صناع العمل وهناك بعض الرمزيات، كشخصية «أشرف عبدالباقى»التى يرمز بها للشاعر «أحمد فؤاد نجم» و«زرياب» هو «الشيخ إمام» و«عمرو دياب» المُعبر عن حلم هذا الجيل الذى ضاعت أحلامه فهذا تذوق فنى، والله يرحمه الأستاذ «أحمد زكى» قال جملة عبقرية أن الفنان ليس فقط من يصنع فنًا، ولكن المتذوق أيضًا.
يعنى كى تتذوق فن «يوسف شاهين» أو «أم كلثوم» يجب أن تكون على نفس قدر فن «يوسف شاهين» أو «أم كلثوم» ممكن شخص يشاهد فيلمًا لـ«يوسف شاهين» يقول «أنا مش فاهم حاجة» وممكن شخص يعيد مشاهدة الفيلم مرتين وثلاث مرات من كثرة المتعة فيقول: «أنا عايز أتمتع بكادرات يوسف شاهين».
ما علاقتك الشخصية بالفن؟
ـ فى تكوينى الشخصى كان الفن حاضرًا بقوة، لأننى فى المرحلة الإعدادية بالمدرسة قرأت كل ما كتبه الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» فالعلاقة بدأت مع الروايات والأدب، ثم بعد ذلك الاهتمام بعالم السينما والدراما ومع العمل الصحفى نمت علاقات صداقة متميزة مع الفنانين على اختلاف أجيالهم.. أما فى الموسيقى فلا يعرف الكثيرون عنى أننى لا أعرف أن أكتب إلا وأنا أستمع لموسيقى «راجح داود».. ومنذ 14 عامًا وحتى الآن أستمع يوميا لـ«أم كلثوم» لأنها بالنسبة لى علاج نفسى.. هذا بالإضافة إلى أننى أحببت فى وقت ما أن أدرس سيناريو، وبالفعل درست سيناريو فى نيويورك فيلم أكاديمى.
لماذا درست سيناريو؟
ـ للمعرفة ليس أكثر.
هل يمكن أن تكتب سيناريو لعمل فنى؟
ـ ربما.. ربما وبقوة.
ولديك مجموعة قصصية فى انتظار صدورها.. أليس كذلك؟
ـ فعلاً كتبت مجموعة قصصية لم تر النور بعد.. اسمها (الليل وسماه) وهذا جزء من حبى لـ«أم كلثوم».. لا أعرف متى ستصدر، لكن أتمنى أن يكون ذلك فى 2025 وسوف أنشرها على حلقات فى مجلة «روز اليوسف»، ربما تكون جيدة فأنُصح بالاستمرار أو أتوقف.
هل هى أول تجربة أدبية؟
ـ لا أعتبرها كذلك.. أعتبرها أكثر انفعالاً على الورق.
هل ترى أن الفن يتطور؟
ـ طبعًا..
هذه مجلة رأى فى الأساس.. فى وقت من الأوقات كان الدور النقدى بها لتحسين ذوق الجمهور.. ما رأيك فى ذلك؟
ـ النقد ليس من أجل تعليم الجمهور، «الكل شغال عند الجمهور.. ناقد وفنان وصناع عمل».. الناقد لا يعلم الجمهور بقدر ما يسهم بدفع الحركة الفنية إلى الأمام مثل الكتابة السياسية التى تستهدف دفع المجتمع إلى الأمام، هذا هو الهدف، ليس تعليم الجمهور لأن المشاهد ممكن يكون على درجة علمية أعلى أو أقل من الناقد لو الناقد لم يعجبه العمل ولكن عجب المُشاهد، فهذا يعنى أن العمل نجح. فالحديث ليس للمشاهد ولكن للحركة الفنية.
لكن هناك أعمال تنجح جماهيريًا ولا تنجح على المستوى النقدى؟
ـ طالما نجحت جماهيريًا، إذن هى نجحت، هى صناعة فى النهاية، مثلا فيلم (إسماعيلية رايح جاى) عرض أمام فيلم (المصير) فى ذات الوقت.. (المصير) حجز مكانه فى روائع السينما ونال جائزة كان.. (إسماعيلية رايح جاى) كسر الدنيا فى شباك التذاكر، الجمهور شاهده مرتين وثلاث مرات،نجاحه كان للصناعة بأكملها، انتصر لها وأعاد الجمهور للسينما.
وماذا عن الصحافة.. هل تتطور هى الأخرى؟
ـ طبعا.
هل سحبت «السوشيال ميديا» البساط من تحت أقدام الصحافة؟
ـ لا.. الصحفى يؤدى دوره على الصفحات الورقية وفى الصحافة التليفزيونية والإلكترونية والـAI.. فلم يتم إلغاء الراديو عندما ظهر التليفزيون ولا الصحافة الإلكترونية استطاعت أن تلغى الصحافة الورقية ولا السوشيال ميديا ستلغى الصحافة.. الاهتمام يتراجع، لكن إلغاء لا.
أنت من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعى ومواكب للعصر والتكنولوجيا.. ما التطور الذى من الممكن أن تسعى إليه لتقترب المجلة أكثر من الناس؟
ـ سنتحدث هنا عن صناعة، هناك مجموعة عوامل، منتج صحفى نقدمه كصحفيين، ونراعى من خلاله أن يكون على أكبر قدر من الجودة وفقًا لقدراتنا.. ثم ينتقل هذا المنتج للمطبعة التى تراعى أن تقدم المنتج بأفضل جودة من الطباعة، وهنا يبدأ البُعد المالى فى ظل ارتفاع أسعار الورق والأحبار.. فـ(روزا) تقدم المهمة بشكل جيد. ثم الدور الثالث والأهم والذى لا يتحدث عنه أحد حتى اليوم وهو نقاط التوزيع، فلا يزال بعض الناس يخبروننى أنهم لا يجدون المجلة فى السوق، نقاط التوزيع انكمشت.. من الممكن هنا أن نفعل ما فعلته أمريكا فى فترة الكورونا عندما صارت هناك منافذ للصحف فى كل مكان حتى الصيدليات..هذا من الممكن أن يحل مشكلة التوزيع، عندها بدلاً من طباعة رقم معين سنضاعفه، لأننا سنضمن البيع.
وماذا عن التسويق على وسائل التواصل الاجتماعى؟
ـ أعترف بتأخرنا فى ذلك، والسبب بيروقراطية حكومية، ولكننا نحاول بالتعاون مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة، تنسيق منصة تليق بـ«روز اليوسف».
هل فقد بعض القراء الثقة فى المجلة؟
ـ لا يمكن أن تقولى هذا، فى النهاية لو (روزا) على هوى القارئ ستكون محببة له جدا، لو ليست على هواه سيقول: «أنا فقدت الثقة فى روزاليوسف».
بمعنى؟
ـ الهوى السياسى.. لو المجلة على الهوى السياسى للقارئ سيقول إنها عظيمة، حتى لو المحتوى «أى كلام».. المقياس بالنسبة لنا بعيدًا عن الهوى السياسى: هل مجلة «روز اليوسف» تقدم مادة صحفية جيدة؟ نعم أم لا. هل «روز اليوسف» تناقش كل الموضوعات بالأدوات المختلفة سواء التحقيق أو المقال أو الكاريكاتير أحيانًا بعض الموضوعات نعبر عن موقفنا فيها بالكاريكاتير.. هل نجحت «روز اليوسف» فى هذا أم لا؟. كيف اتخذت «روز اليوسف» مثلاً موقفًا عند وفاة الكاتبة الكبيرة «نوال السعداوى»، ففى حين أدارت صحف مصر كلها وجهها عن هذا الحدث.. كانت «نوال السعداوى» على غلاف «روز اليوسف».. وليست مسألة اتفاق أو اختلاف مع «نوال السعداوى»، ولكننا نعرف قيمة هذه الكاتبة حتى لو اختلفنا معها. هل «روز اليوسف» نجحت فى تقديم جيل جديد من الصحفيين نعم أم لا؟، هل المجلة نجحت فى استقطاب كبار الكتاب مرة أخرى نعم أم لا؟ بداية من عودة «عمرو سليم» و«طارق الشناوى» والأستاذ «مفيد فوزى» رحمه الله. كيف أصبح لدينا تراتب جيلى. ما هو حال هذه المطبوعة منذ يوم 26 سبتمبر 2020 وما هو حالها فى 2024.. بقياس كل العناصر بما فيها التوزيع والمديونية.
26 سبتمبر 2020.. تاريخ توليك لمنصب رئيس التحرير؟
ـ نعم.. وهذا ليس تقليلاً في مَن كانوا قبلى، فكل رئيس تحرير له مرحلته التى لها ظروفها.. أنا أتحدث عن التجربة التى أتواجد بها.
يعنى يمكن اعتبار مجلة «روز اليوسف» تتخذ خطوات للأمام؟
ـ نقيسها هنا بمجمل حركة الصحافة فى مصر والعالم العربى.. أخبرينى ما هى المجلة السياسية فى العالم العربى الأعلى من «روز اليوسف».. أتحدى إن وجدت.. أتحدى.
ما المزيد الذى يمكنك أن تقدمه لـ«روز اليوسف»؟
ـ يهمنى أولاً أن تخرج مئوية «روز اليوسف» بما يليق بهذه المؤسسة العظيمة.. وأن نحافظ على هذا الإصدار ونسلمه لمن بعدنا بشكل أقوى مما تسلمناه.. يهمنى أن نحافظ على تدفق الأجيال الصحفية بحيث إن «روزاليوسف»، «متقطعش الخلف».
هل تقبل أن تتحول مجلة «روز اليوسف» لإصدار إلكترونى؟
ـ على جثتى.