(استنوا شوية).. لهذه الأسباب «حمزة نمرة» متميز عن الآخرين!
محمد شميس
أجمل ما فى أغانى «حمزة نمرة» أنها ذات طابع خاص، لن أقول مصطلحات أو تعبيرات بدون شرح أو أمثلة كما يفعل الكثيرون، ولكن «حمزة نمرة» فعلا فنان يمتلك مشروعاً غنائياً حقيقياً، سواء أعجب الكثيرون بهذا المشروع، أو لم يتفاعل معه البعض!
مشروع «حمزة نمرة» الغنائى يرتكز بالأساس على الأغانى ذات الطابع الذى يميل إلى الشجن والحزن والاشتياق، غالباً ما يكون هناك أمر مفقود يبحث عنه فى أغانيه، وكأنه يلوم على الزمن الذى لم يمهله الوقت حتى يتمكن من استكمال وتحقيق أهدافه.
هذا الشعور الغالب على الكثير من أغانيه، لا أدرى إذا كان هو شعوراً حقيقاً مر به فى حياته الشخصية، أم هو مجرد «بيرسونا» فنية، يستطيع من خلالها أن يعبر عن نفسه كمغن مختلف.
ولكن المؤكد فى كل هذا، أن الشعور بأن هناك شيئا منقوصا، يشترك مع الملايين من المصريين والعرب، الذين يسعون دئما إلى تحقيق أهدافهم وفى الغالب لا يمهلم الزمن والواقع والوقت الفرصة الكافية حتى يتمكنوا من استكمال الإنجازات المرجوة.
سنجد هذا المعنى فى الكثير من أغانى «حمزة نمرة»، وأحدثها (استنوا شوية) التى صدرت منذ أسبوع، وتمكنت أن تصل إلى مليون نسبة مشاهدة على موقع يوتيوب فى 6 أيام، ونلاحظ الاسم (استنوا شوية)، وكانت هناك أغنية شهيرة أيضا صدرت لحمزة قبل ذلك بعنوان (فاضى شوية)، وأيضا أغنية (شوية حبايب). نلاحظ تكرار كلمة «شوية» فى أسماء الأغانى الثلاثة، والثلاثة أيضا من ألحان «حمزة نمرة»، ولكن الثلاثة بتوقيع كتاب مختلفين، فأغنية (فاضى شوية) من كلمات «خليل عز الدين»، وأغنية (استنوا شوية) من كلمات «فلبينو أحمد»، وأغنية (شوية حبايب) من كلمات «محمود فاروق»، ولذلك قلت فى بداية المقال أن لـ«حمزة نمرة» طابعًا خاصًا ومشروعًا مستقلًا، ومواضيع بعينها يريد التعبير عنها، ولا تتغير هذه المواضيع، أو وجهة نظرة فى التعامل مع الواقع مهما تغيرت الأسماء، وأن كل الذين يشاركون فى أعماله من كتاب وموزعين وأحيانا ملحنين، فجميعهم يعملون وفقاً للمنهج الذى وضعه «حمزة» لنفسه، ولذلك هو متميز وله أسلوبه الخاص.
المنهج الغنائى لـ«حمزة نمرة» نستطيع أن نستدل عليه أيضا فى آخر غنوة، خاصة من كلماتها المتميزة لـ«فلبينو أحمد»، ورغم تميزه الشديد وابتكاره لبعض الجمل الرنانة التى تصلح أن تكون كالأمثال الشعبية مثل «كلها أحضان مطارات.. وفى حياة بعضنا فترات»، وأيضا استخدامه للقوافى فى أغلب مقاطع الأغنية لم يكن مستهلكاً أو معتاداً كما يفعل الكثيرون من الكتاب، ورغم كل ذلك، فهو أبدع داخل نفس القالب الذى يريده «حمزة نمرة»، عكس ما حدث مثلا مع «محمد حماقى» فى أغنية (لمون نعناع)، والتى كتبها نفس الكاتب، ولكن شتان الفارق، وهنا لا أقصد الجودة الفنية، بل على العكس، على صفحات هذه المجلة أشدنا بالأغنية، ولكنها كانت خارج القاموس الغنائى لـ«محمد حماقى»، لأن هوية وشخصية الصانع كانت طاغية على الفنان صاحب بصمة الصوت على العمل، وهذا دليل آخر على امتلاك «حمزة نمرة» لزمام مشروعه الغنائى، وأن موهبة الكتاب لن تجبره على تغيير هويته الغنائية.
ولذلك النجاحات الجماهيرية التى يحققها «حمزة نمرة» تدعونا للاندهاش، وتدعونا أيضا لإعادة صياغة تعريفنا للنجاح، وتجبرنا على أن نفرق بين الفنان الـ«سوبر ماركت» الذى نجد عنده كل ما تشتهى الأنفس من سلع، لدرجة أنه صار بلا هوية، وبين الفنان الملم بزمام مشروعه، ويشارك فى صناعته بنفسه كجزء من العمل، بل ويحقق النجاحات بأسماء فى غالبها من خارج سوق موسيقى الـ«pop» المصرى، خاصة فى مجال الكتابة واعتماده على شعراء العامية الذين تكون لهم دواوين شعرية فى الأوساط الثقافية، ويستطيع أن ينجح معهم أيضا ويحقق ملايين الاستماع، ليبرهن أن كل النظريات والأساليب النقدية التى نتعامل بها مع الإصدارات الغنائية حاليا تحتاج إلى إعادة مراجعة.
وبالتأكيد سنستكمل حديثنا ربما بشكل مطول وأعمق أكثر مع الاصدارات المقبلة لهذا الفنان المصرى العظيم.>