الخميس 12 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
45 عامًا على وهم «ولاية الفقيه»..   حزب الله وغيره ليس حزب الشيطان!

45 عامًا على وهم «ولاية الفقيه».. حزب الله وغيره ليس حزب الشيطان!

منذ وصول الإمام آية الله الخمينى للحكم سنة 1979 فى إيران وإنهاء حكم الشاه، والمنطقة العربية كلها تعانى من فزاعة إيران الوهمية التى هى صناعة أمريكية وغربية بامتياز. وعلى مدار كل تلك السنوات التى بلغت 45 عامًا.. كانت إيران تمثل التهديد الأول للمنطقة والعالم، وكانت من الدول الأكثر حظًا ووفرة فى إصدار الإدانات والعقوبات الأمريكية عليها.. بسبب استمرارها فى تطوير برنامجها النووى.



ورغم ذلك، ومع مرور كل تلك السنوات.. لم تصطدم إيران بالولايات المتحدة الأمريكية بشكل حقيقى ومباشر. لكن الصدام دائمًا بالوكالة سواء من خلال حزب الله فى لبنان أو حماس فى فلسطين أو الحوثيين فى اليمن. وفى المقابل، رسخ نظام ولاية الفقيه أدواته السياسية التى جعلت من مرشد الثورة الإيرانية هو المسئول عن توجيه النظام السياسى الإيرانى طبقًا لصلاحياته الواسعة باعتباره مرجعية أساسية للشيعة فى العالم. وما يتبع ذلك من فرض شخصيات تدين له شخصيًا بالولاء والانتماء التام، وليس للدولة الإيرانية وللمصلحة العامة للشعب الإيرانى داخليًا، بالإضافة إلى إيجاد وكلاء له فى بعض العواصم العربية سواء بشكل مباشر، وفى الأغلب الاعم بشكل غير مباشر من خلال الشيخ حسن نصر الله.

ولاية الفقيه..

يمتلك المرشد العام للثورة الإيرانية صلاحيات واسعة.. تجعله يقوم باستغلال جميع موارد الدولة الإيرانية وتسخيرها لصالح تحقيق أهدافه السياسية التى دائمًا ما يصدرها بصبغة دينية إسلامية.. دون الالتفات إلى متطلبات الشعب الإيرانى ومشكلاته. وهو ما ينفذه من خلال اعتماد نظام ولاية الفقيه نفسه. 

تتبع إيران أشكالا مختلفة من الإيحاء بقوتها القتالية وقدراتها العسكرية حديثًا كما كتبت من قبل حتى أصبحت لديها القدرة على تصدير صورة ذهنية وهمية افتراضية.. توحى بالقوة والعنف، وتصدير روح الرهبة والخوف مثلما فعلت قديمًا من خلال ارتداء الجنود لملابس وتحصينات مدرعة.. تضخم من حجمهم الطبيعى مثلما فعلوا مع كل حصان يتحرك معهم. وهو المشهد الذى بث حالة الرعب فى الجيوش التى واجهوها والمدن التى احتلوها قبل بدء الحرب من الأصل. وهو ما شاهدناه فى العديد من أفلامنا القديمة التى تناولت التتار والتاريخ الإسلامى.

يتكرر ذلك المشهد الدراماتيكى نفسه فى 7 أكتوبر 2023 بعدما صعدت إيران الأمر شكلًا بتوجيه الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل دون وقوع أى ضرر عليها سوى اختبار قوة قبتها الدفاعية العسكرية. إنه الشكل وإيحاءاته، وليس التأثير فى مضمون الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية من جانب، واستخدام الوكلاء المحليين فى دولهم من جانب آخر.



ردع حزب الله الوهمى..

استطاع حزب الله على مدار سنوات طويلة أن يتبع نفس الأسلوب الإيرانى فى رسم صورة ذهنية متخيلة له.. تبدو أكبر بكثير من تصريحاته الرسمية وقدراته العملية والعسكرية. ففى أى أزمة مع إسرائيل تحديدا.. دائمًا ما نجده يصدر التهديدات فى شكل بيانات وإدانات شديدة اللهجة التى توحى باستهداف إسرائيل ورشق مناطقها الحيوية بالصواريخ. وهو ما ينتهى بعدم ترجمته عمليًا بشكل حقيقى، ولكن بشكل يبدو منطقيًا حفاظًا على مكتسبات التأثير فى أتباعه أولًا، وفى الموالين له والمنبهرين به من الدول العربية ثانيًا بعد أن زاد من رصيده اختفاء مصادر تمويل دعم التيارات القومية بعد رحيل الرئيسين صدام حسين ومعمر القذافى. وأذكر هنا بأن نظام ولاية الفقيه الإيرانى هو أحد أهم العناصر الأساسية فى أزمات العلاقات الدولية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد تحديدًا.. وهو ما جعله يستهدف التواجد فى المنطقة العربية باعتبارها أحد الأهداف الاستراتيجية فى توجهاته المعلنة وغير المعلنة.. خاصة فى ظل وجود وكلاء له فى منطقتنا سواء كانوا جماعات على غرار حزب الله فى لبنان، وحماس فى فلسطين، والحوثيين فى اليمن، وأتباع الملالى فى العراق، أو من خلال بعض الكتاب والسياسيين والصحفيين من أصحاب التوجه الإسلامى والعروبى الناصرى فى العلن، والإيرانى الفارسى فى الخفاء.



سيادة وطنية مشكوك فيها..

حزب سياسى بالدرجة الأولى.. يمارس جميع أشكال العمل السياسى ببراجماتية تجعله دائمًا يقتنص الفرص والاستفادة منها، وهو ما يظهر فى جميع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية اللبنانية. كما يمثل نموذجًا متناقضًا فى التعبير عن السيادة الوطنية للدول.. ففى حين يرفض هو وجميع تيارات الإسلام السياسى والتيارات القومية تدخل الولايات المتحدة الأمريكية فى الشأن الداخلى للدول، يسمح لإيران أن تستخدمه فى توجيه النظام السياسى اللبنانى فى إشارة واضحة ومباشرة للتدخل الخارجى، وهو ما يعد واحدا من أهم أسباب الصدام الإيرانى– العربى.

ويظل حزب الله يمارس جميع أنواع الضغط النفسى على المجتمع اللبنانى بسبب حالة الترقب والتوتر المستمرة.. انتظارًا لردود أفعال متوقعة.. لم ولن تترجم عمليًا سوى بالمزيد من التهديدات على خلفية الاغتيالات المتكررة لقيادات حزب الله أو حماس داخل الأراضى اللبنانية نفسها. وهو ما ينتهى دائمًا بتمسك حزب الله بتنفيذ رد حاسم فى الوقت المناسب فى إيحاء بقوة الرد المتوقع من جانب، وما يسمح بعدم الالتزام بتوقيت محدد للرد من جانب آخر.



غزل إسرائيلى منفرد..

فى مقابل جميع التصريحات الحنجورية لحزب الله.. تظل إسرائيل على موقفها من الإيحاء بقدرتها على اغتيال حسن نصر الله مثلما نجحت فى اغتيال قيادات حزب الله وحماس والحرس الثورى الإيرانى قبل ذلك. وهى الحالة المستمرة بتجنب عدم وجود صدام مباشر بين حزب الله وإسرائيل، أو بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر. وتظل المواجهات على الأرض من خلال وكلاء محليين.

سيظل حزب الله يتبنى استراتيجيات المقاومة والردع الحنجورى بالإيحاء بقدرات متخيلة فى ضرب إسرائيل بالصواريخ التى من شأنها تعطيل القبة الحديدية وعجزها عن صد صواريخهم. وهى أمنيات تستهدف مغازلة حالة الرضا القومى سواء للإسلاميين أو الناصريين. ومع ملاحظة حرص أطراف اللعبة السياسية على تحقيق التوازن لأقصى درجة ممكنة، والجميع يعلم مدى قدرة إسرائيل على تحويل لبنان إلى قطاع غزة بشكل جديد، وبين مدى قدرة حزب الله على توجيه ضربات عسكرية نوعية لإسرائيل. وما حدث من شو إعلامى فى 7 أكتوبر 2023 ليس ببعيد، ومع استدعاء تأكيد حسن نصر الله فى أكثر من خطاب له بعدم رغبة حزب الله فى دخول الحرب، وأن حركة حماس هى المنوط بها القتال، وكأنه توكيل بالحرب.

وتظل القاعدة الحاكمة إلى الآن هى التزام إيران وحزب الله وكيلها اللبنانى الرسمى بخطوط حمراء محددة وواضحة دون أى مواجهة عسكرية مباشرة. كما ستظل إيران تقدر وتثمن دور حزب الله التاريخى معها فى حربها ضد العراق.



نقطة ومن أول السطر..

ما يقوم به النظام السياسى الإيرانى هو مجرد «طق حنك» لا يتجاوز الظواهر الصوتية الافتراضية التى تعتمد على الحنجورية كسبيل التأثير فى جماهير الموالاة الغفيرة لها.

أعتقد أن النظام الإيرانى الآن يواجه أزمة جديدة غير مسبوقة ستجعله.. ولاية تحت الاختبار.

وبالتبعية، سيواجه الوكلاء المحليون له اختبار الولاء والانتماء والتبعية.

إنه حزب الله، وغيره ليس حزب الشيطان. وزعيمه حسن نصر الله.. بوق إيران العظيم.