السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كورونا أغلقت العالم..  وحربان أربكتا الدول وأفلستاها..  فى مواجهة نفق الأزمة.. مصر على طريق الثبات!

كورونا أغلقت العالم.. وحربان أربكتا الدول وأفلستاها.. فى مواجهة نفق الأزمة.. مصر على طريق الثبات!

تعرض العالم لأزمة جائحة كورونا دون سابق إنذار خلال الفترة من بداية شهر يناير 2020 وإلى شهر مايو 2023 حينما أعلن د.تيدروس أدهانوم «مدير عام منظمة الصحة العالمية» انتهاء وباء كورونا باعتباره حالة طوارئ صحية عالمية. وما ترتب من إجراءات وقائية خلال تلك الفترة من غلق المجال الجوى للعالم، وما نتج عن حالة الإغلاق من تجميد اقتصاد العلام وتراجع حركة التجارة الدولية بين الاستيراد والتصدير.



ولم يمر وقت طويل على انتهاء انتشار وباء كورونا وتراجع قوته حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة إلى الآن. ومنذ 7 أكتوبر 2023 وإلى الآن بدأت شرارة مرحلة من أخطر مراحل تطور الصدام الفلسطينى الإسرائيلى الذى اقترب عدد جرحاه وضحاياه من الشعب الفلسطينى لما يقرب من 40 ألف إنسان.

>كوفيد اللعين..

تسبب وباء كورونا فى إلحاق الضرر بالقطاع المالى والمصرفى والعديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى مما أدى إلى دخول الاقتصاد العالمى مرحلة الكساد.

وقد ترتب على ذلك العديد من النتائج، على غرار:

- تراجع أسعار النفط وانخفاض الطلب العالمى عليه.

- انخفاض السياحة الداخلية التى تعتمد عليها بعض الدول.

- تباطؤ نمو الاقتصادات العالمية.

- تراجع الأوضاع الاقتصادية العامة فى معظم الدول.

أصاب فيروس كورونا الاقتصاد العالمى بأحد أسوأ الأزمات خلال القرن الماضى. وأسفر حسب أحد التقارير الصادرة عن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة عن إلغاء ما يزيد على 225 مليون وظيفة دائمة، كما تسبب فى تقليص عدد ساعات العمل عالميا بواقع 8.8 %، وهى النسبة التى تجاوزت ما حدث مع أزمة الاقتصاد العالمى سنة 2008. 

أدى كل ما سبق إلى معاناة معظم الدول من عجز كبير فى ميزانيتها لعامى 2020 و2021 بسبب انخفاض الإيرادات الضريبية وارتفاع مستويات الإنفاق الحكومى على مواجهة وباء كورونا. كما عانت الدول ذات الدخل المنخفض.. ضغوطًا فى سداد ديونها. وما ترتب على ذلك من تدمير لأسواقها المالية وتأثير ذلك على الأسواق العالمية.

وكما توقع بعض الخبراء الاقتصاديين حدثت كوارث اقتصادية، على غرار: 

- هشاشة الأسواق الناشئة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.

- إصابة الكثير من الشركات والاستثمارات الكبرى بضائقة مالية وإفلاس بمعدلات مرتفعة.

> لعنة القيصر..

لم تكن دول العالم قد استعادت حياتها الطبيعية عقب تجميد نشاط العالم بسبب جائحة كورونا ليدخل العالم كله طرفاً بشكل أو بآخر فى الحرب الأوكرانية – الروسية.. تلك الحرب التى كان لها تأثير سلبى جداً على الاقتصاد والبورصات العالمية. وتقدر بعض المؤسسات الدولية المعنية ما تكفله الاقتصاد العالمى بأكثر من 1.6 تريليون دولار لعام 2022، و2.6 تريليون دولار لعام 2023. كما تراجع ناتج الاقتصاد العالمى بما يزيد على 1600 مليار دولار مقارنة بما كان يمكن أن يكون بدون الحرب الروسية الأوكرانية. بجانب الأزمات التى عانى ويعانى منها الاتحاد الأوروبى فيما يخص إمدادات الطاقة وإنتاجها على مستوى العالم، وارتفاع أسعارها بشكل متغير فى اليوم الواحد. وما ترتب على تلك الاضطرابات من ارتفاع معدل التضخم بشكل حاد فى كل الدول مما أدى إلى خفض القوة الشرائية.

يمكن حصر ما أصاب الاقتصاد العالمى جراء الحرب الأوكرانية – الروسية، والمخاطر التى لا زالت مستمرة فى:

1 - خفض وتيرة النمو العالمى.

2 - حدوث تقلبات عنيفة فى أسواق الطاقة العالمية.

3 - ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.

4 - انكماش إجمالى الناتج العالمى بمقدار نقطة مئوية.

5 - ارتفاع معدلات الكساد الاقتصادى.

6 - ارتفاع معدلات التضخم.

7 - ارتفاع أسعار الفائدة.

8 - غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق.

>أرقام ودلالات..

استطاعت الحكومة المصرية العبور من أزمة وباء كورونا بأقل الخسائر الممكنة، فقد حققت معدلات نمو قوية بسبب برنامج الإصلاحات الاقتصادية التى نفذته الحكومة منذ سنة 2016. واستطاعت تحقيق التوازن بين الإنفاق المخطط له لحماية المصروفات فى القطاع الصحى والاجتماعى، وبين تحقيق الاستدامة المالية مع إعادة بناء الاحتياطيات الدولية.. بعد أن خصصت 100 مليار جنيه بنسبة 2 % من الناتج المحلى الإجمالى للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا. وهو ما جعل الدولة المصرية من البلاد القليلة التى حققت معدل نمو خلال 2019-2020، بلغ 3.6 %، ورغم تباطؤ معدل النمو إلا أنه من أفضل معدلات النمو فى العالم، وهو ما يعود إلى الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى تحجيم أثر التباطؤ. 

من أهم ما حققته الحكومة المصرية فى مواجهة الجائحة:

- زيادة المعاشات بنسبة 14 %. 

- إطلاق برنامج دعم العمالة غير النظامية فى القطاعات الأكثر تضرراً بإجمالى 1.6 مليون مستفيد بصرف منحة استثنائية قدرها 500 جنيه من خلال مكاتب البريد لعدد 120 ألف عامل، إلى جانب صرف منحة السيد رئيس الجمهورية للعمالة غير المنتظمة بقيمة 500 جنيه.

- زيادة مخصصات التأمين الصحى والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة لتصل إلى 10.7 مليار جنيه.

- تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات الخاصة بالحماية الاجتماعية بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية لتقديم خدمات لما يقرب من 29 مليون أسرة بإجمالى تكلفة جاوزت 5.7 مليار جنيه تقريبا.

- إطلاق مبادرة مشتركة بين البنك المركزى ووزارة المالية بقيمة 3 مليارات جنيه لإقراض القطاع السياحى لسداد مرتبات العاملين وتغطية مصروفات الصيانة والتشغيل بفائدة مخفضة.

- إرجاء سداد المديونيات المستحقة على المنشآت الفندقية والسياحية الناتجة عن أزمة فيروس كورونا ليبدأ السداد مجدولاً على 36 شهراً، اعتبارا من الأول من مايو 2022، إلى جانب تقديم قرض بقيمة 2 مليار جنيه لمساندة شركة مصر للطيران القابضة.

- إرجاء سداد الرسوم والمستحقات على المنشآت الفندقية والسياحية للجهات الحكومية لمدة 6 أشهر من أبريل حتى سبتمبر 2020 دون فوائد أو غرامات تأخير، وغيرها من الإجراءات العديدة الأخرى، إلى جانب إجراءات توعية المواطنين ومكافحة الشائعات.

> مصر 2030..

قامت الدولة المصرية بإدارة ملفها الاقتصادى باحتواء التحديات التى شهدتها مصر قبل سنة 2014، والتخطيط لإجراءات شاملة حسب «رؤية مصر 2030» لجذب المزيد من الاستثمار من خلال إعادة هيكلية وتطوير البينة التحتية والنهوض بقطاعى الصناعة والتجارة بهدف الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى، وتوفير النقد الأجنبى، وتعزيز القيمة فى الاقتصاد المصرى.

وقد تمكن الاقتصاد المصرى من تحقيق معدلات نمو بلغت خلال العام المالى /2014 2015 حتى العام المالي2021/ 2022 نحو 6.6 %. وهو ما يعد أعلى المستويات المسجلة، مقارنة حيث بمعدل النمو فى للعام المالى 2010/ 2011 الذى بلغ نحو 1.8 %. كما استطاعت الحكومة المصرية خفض معدلات الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى بنسبة تقدر بنحو 15 % خلال الفترة من سنة 2016 إلى سنة 2022. ولذا كان من الطبيعى أن تبلغ إجمالى الصادرات السلعية المصرية فى عام 2015 حوالى 18.6 مليار دولار، بينما وصلت عام 2021 إلى 32.3 مليار دولار بنسبة زيادة وصلت نحو73.6 %. كما ارتفع الميزان التجارى لمصر من 53.4 مليار دولار سنة 2014 إلى 46.392 مليار دولار سنة 2021.

> سياسات وبرامج..

استندت رؤية الدولة المصرية فى عملية الإصلاح الاقتصادى الشامل على التخطيط الفعال باعتباره مسار التنمية الأساسى من خلال إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى عبر تحوله من اقتصاد يعتمد على الموارد إلى اقتصاد قائم على التكنولوجيا والابتكار والمعرفة، بجانب بناء هيكل صناعى ذي قیمة مضافة مع صناعة متنوعة ومتوازنة.

كما تركز فلسفة السياسة النقدية فى مصر على تحقيق أمان النظام النقدى والمصرفى وسلامته من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار فى إطار قوانين البنك المركزى والجهاز المصرفى.

> نقطة ومن أول السطر..

هذا المقال هو محاولة لتفسير ما يحدث بالأرقام والمعلومات لتأكيد أن الدولة المصرية لم تكن بعيدة عن أثار جائحة كوفيد ولم تكن بعيدة عن الحرب الأوكرانية – الروسية، ولكن بسبب سياساتها المتبعة من 2014 وإلى الآن، ما زلنا متماسكين رغم كل أزمات الطاقة والغذاء العالمية، فى ظل موجات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار عالمياً، وفى ظل محيط إقليمى غير مستقر، وتهديدات إقليمية أضرت بالسياحة وبحركة الملاحة فى قناة السويس.