
كريمة سويدان
أنا وقـلمى .. مواقف أمريكية متناقضة
حذر الرئيس الأمريكى «جو بايدن» إسرائيل علنًا- للمرة الأولى- مساء الأربعاء الماضى، من أن الولايات المتحدة ستتوقف عن إمدادها بالأسلحة إذا شنت غزوًا كبيرًا على مدينة رفح المكتظة باللاجئين فى جنوب قطاع غزة، الأمر الذى أثار ردود فعل متفاوتة فى الداخل الأمريكى، هذه التصريحات تم تفسيرها من جانب المحللين السياسيين والعسكريين فى مختلف دول العالم، على أنها الأكثر صرامة حتى الآن خلال محاولات «بايدن» درء الهجوم الإسرائيلى على رفح، وتسلط الضوء على الخلاف المتزايد بين الولايات المتحدة وأقوى حلفائها فى الشرق الأوسط، ورغم إعتراف «بايدن» بأن إسرائيل استخدمت الأسلحة الأمريكية لقتل المدنيين فى غزة، إلا أنه ذكر فى مقابلة مع شبكة «سى إن إن» أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، وستقوم بتزويدها بصواريخ اعتراضية، وأسلحة دفاعية أخرى، ولكن إذا ذهبت إلى رفح فلن تزودها بالأسلحة، كما صدر من واشنطن تصريحات خاصة بقلقها من العملية الإسرائيلية فى رفح وتعارضها، وفى تصريح آخر أن واشنطن توافق على غزو رفح ولكن بحذر، وأعتقد أن هذا التناقض فى تصريحات الإدارة الأمريكية إن دل على شىء إنما يدل على أنها جاءت تأثرًا بما يحدث من احتجاجات طلابية فى الجامعات الأمريكية المتضامنة مع غزة، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت كميات هائلة من المساعدات العسكرية لإسرائيل فى أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الماضى، وإذا كانت هذه هى المرة الأولى التى تؤخر الولايات المتحدة شحنة من الأسلحة لإسرائيل، لكنها خطوة ليست ذات مضمون مفصلى فهى شحنة واحدة ضمن مئات الشحنات التى ترسل ولا تؤثر على مخزون الأسلحة لدى إسرائيل، ولن تؤثر بالتالى على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ولا توحى أيضًا بوجود تبديل فى المواقف، ولا ننسى أن « بايدن» فى خطابه الأخير قد تحدث عن ذكرى المحرقة اليهودية تحديدًا، عن توصيفه لما حدث فى السابع من أكتوبر، ليضعه فى سياق العداء لليهود، وليس فى سياق وجود صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن الممكن أن يكون هذا التضاد فى التصريحات الأمريكية يتعلق باقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث تدرك إدارة «بايدن» أن نهجها تجاه إسرائيل يتسبب فى استياء كبير بين فئات فى قاعدتها السياسية، مما يعنى أن هذه القرارات مجرد تهدئة الناخبين المحتملين، ورغم إعلان الرئيس الأمريكى عن استعداده لربط الأسلحة الأمريكية بتصرفات إسرائيل إلا أنها يجب أن تكون خطوة أولى يعقبها أن تستخدم الولايات المتحدة نفوذها لوقف إطلاق النار على الفور، وإنهاء الهجمات على رفح وتوصيل كميات هائلة من المساعدات الإنسانية فورًا للفلسطينيين الملكومين، وتكف عن التلويح بعقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية إذا أصدرت أوامر باعتقال مسئولين إسرائيليين، فهل هذا يعقل.. لا بد أن يعمل الجميع من أجل الحيلولة دون انتشار الصراع فى غزة، وإعادة فتح معبر رفح ومواصلة تدفق المساعدات الإنسانية التى يحتاج إليها الفلسطينيون فى قطاع غزة ولا بد من أن تضغط الإدارة الأمريكية على طفلها المدلل- المحتل الإسرائيلى- أكثر حتى تمنع ما لا يحمد عقباه.. وتحيا مصر.