السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أحلف بسماها.. رغم الإبادة.. ما زالت غزة نابضة بالحياة

أحلف بسماها.. رغم الإبادة.. ما زالت غزة نابضة بالحياة

أصابنا اليأس يا غزة ولم يصب أهلك، ملأنا الإحباط وما زال الأمل يملؤهم.. نشتم رائحة الموت من كثرة مشاهدة مئات الجثث كل يوم الملقاة هنا وهناك والمتحللة تحت الأنقاض ويتم دفنها فى مقابر جماعية، ما يجعلنا نشعر بخيبة الأمل فى نجاة فلسطينيى غزة.. لكن نفاجأ بإصرار هذا الشعب الجبار على الحياة.. نماذج أدهشت العالم.. كيف لهؤلاء الناس بعد الموت والخراب أن يسعوا للبقاء مرددين: الحمد لله؟



قبل العدوان الغاشم جهز «علوان» شقته الصغيرة استعدادًا للزواج، التى تهدمت مع آلاف البنايات لكنه وعروسه «سهام» أصرا على إتمام الزواج داخل خيمة صغيرة ليس بها إلا فرشة بسيطة وأقيم لهما فرح داهم ألم الحرب وأحاطهما الأهل بالمباركة والأمنيات بذرية صالحة.

لأن نسبة الأمية تكاد تكون منعدمة لدى الفلسطينيين، فقد أصر أهل غزة على تخصيص عدد من الخيام التعليمية لاستمرار التدريس بها بعد ما حرص التلاميذ على التقاط أى كتب أو كراسات من بين الأنقاض، ليس مهما الشهادات، المهم استمرار العلم والتعلم، حتى الأطفال الصغار أصبح لهم خيمة روضة أو حضانة.. بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلى من خان يونس أعاد الفلسطينيون تأهيل عيادة عبسان الكبيرة بإصلاح ما تهدم منها وملئها بالمواد الطبية المتاحة لخدمة المواطنين العائدين.. لا شىء يقهر شباب غزة، حسام العطار ذو الخمسة عشر عامًا تغلب على انعدام الكهرباء فابتكر محطة رياح بمراوح صغيرة تمكن من خلالها من إضاءة عشرات اللمبات لتبدد الظلام بين وداخل الخيام وتبعث الأمل فى غد مشرق.

الإبداع الفلسطينى باقٍ مهما زهقت أرواح أو تهدمت مدن، فقد تحولت حوائط الأنقاض إلى جداريات فنية رائعة تم رسمها وكتابتها بخطوط وألوان بديعة وعناوين تبعث على الأمل وتصر على البقاء والعودة، خطاطو فلسطين هم الملهمون لنا، كتبوا على الحجر والشوادر والخشب.. أحمد أبو يزن خطاط شاب يسعى لترسيخ صمود النازحين، ملأ المكان بعشرات الجمل الملهمة فكتب «ابتسموا يا رفاق نحن لسنا بخير لكننا نسعى ما حيينا أن نكون بخير»، «يا سائلًا عن غزة وحالها أبشر فإن العز فيها وبرجالها»، وعبارات أخرى متناثرة هنا وهناك مثل «راجع يا دار»، «طوفان الأحرار»، «عائدون يا قدس».. هذا بخلاف رسومات لشعراء وكتاب وشهداء فلسطين المشهورين.. نساء غزة وفتياتها أصررن على تحويل مرارة الحرب فى عيد الفطر إلى فرحة، فقمن بخبز كعك العيد بالتمر والسكر فى أفران يدوية، ورددت عجوز: والله لو القصف فوق رؤوسنا سنحتفل بعيد الفطر ونأكل الكعك والبسكويت.. فرحة العيد لا تكتمل إلا بالتزين، لذلك تم تحويل إحدى الخيم إلى كوافير لتزيين النساء، داخل الكوافير تنزع الشابات غطاء الرأس، كأنها تنزع الأحزان ولو لساعة، تنظر كل شابة إلى المرآة أنها ما زالت جميلة وأنها ماضية رغم الأهوال تتزوج وتنجب أبطال المستقبل، وفى جانب آخر أعد أحد الشباب منصة وسط الحطام لحلاقة الرجال والصبية، لذلك لا تتعجب إذا رأيت هؤلاء الشباب بقصاتهم الجميلة حتى خلال الغارات والنزوح.

العالم كله يتأمل متعجبًا لصمود وتحدى الفلسطنيين لكل أهوال الحرب والإبادة، لكنه إن دل على شىء فهو النصر لا محالة وهو قادم مهما طالت السنوات.