الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روزاليوسف» ما بين «فاطمة اليوسف» و«فاطمة سيد أحمد»

صدفة جمعت الاسم والصفات لاثنتين من أبرز وأشهر الأسماء فى عالم الصحافة.. فاطمة اليوسف المؤسسة لمجلة «روزاليوسف»، وفاطمة سيد أحمد الابنة العاشقة لأوراق الروز.



مثلما تحملت فاطمة اليوسف الصعاب فى بداية مشوارها الصحفى حيث واجهت مشكلات مع حزب الوفد المصري، مما أدى لهجوم على مقر مجلتها، وتم مصادرة 42 عدداً للمجلة من إجمالى 104 أعداد وتوقفت عن الصدور أكثر من مرة، واجهت الكاتبة الصحفية القديرة فاطمة سيد أحمد خلال مسيرتها المهنية التى تعد أكبر منها– كما وصفت فى إحدى الحوارات– رحلة شاقة ولكنها ممتعة لها، فكانت أول مراسلة عسكرية مصرية وأطلق عليها عميدة المراسلين العسكريين، كما رافقت القوات المصرية أكثر من مرة خارج حدود البلاد بقوات حفظ السلام فى مهمات بعدد من الدول.

تنظر فاطمة سيد أحمد إلى عمرها بأنه 97 عاما.. فهى تعتبر أن هذه الأعوام هى (عمرها التكوينى الفكرى) العاشق لـ(أنا حرة) التى كتبها أديبنا والصحفى الكبير أستاذنا إحسان عبدالقدوس، والتى مزج فيها بين نشأته والعظيمة أم إصدارنا (روز الحبيبة) إنها المرأة المثقفة التى تحلت بالجرأة وبُعد النظر، وقد ولد من رحم حلمها مدرسة صحفية صارت حلمًا لأجيال متعاقبة من المبدعين فى كل فنون الكتابة: سياسية، ساخرة، كاريكاتير، أدب، شعر.

ولدت الدكتورة فاطمة سيد أحمد فى الإسكندرية، وحصلت على درجة الدكتوراه فى الآداب (أنثروبولوجى) من جامعة الإسكندرية، وتعد أول باحثة فى الأنثروبولوجيا العسكرية بالوطن العربي؛ حيث قامت بالعديد من البحوث الأنثروبولوجية الميدانية مع منظمة «اليونيسيف».

مثابرة وتحدٍّ

يمتد عملها الصحفى لأكثر من 30 عامًا قضتها فى مؤسسة «روزاليوسف»، وتتلمذت على يد عمالقة الصحافة وقتها، وكان للأستاذ مفيد فوزى دور محورى فى حياتها الصحفية؛ حيث شجعها وقدم لها يد العون لتلتحق بالدراسة كمحررة عسكرية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وفعلت نفس الشىء مع تلاميذها عندما أسست قسمًا للتحقيقات ودربت جيلًا من الشباب على الصحافة ونقلت خبرتها الكبيرة لهم.

لم يكن مشوارها الصحفى بالسهل؛ فقد كافحت فى بداياته وروت أنها عندما أرادت الالتحاق بأكاديمية ناصر العليا كان شرط السن عائقًا لها، فكانت أصغر المتقدمين، وساعدها اللواء صلاح اليمانى، مدير كلية الدفاع وقتذاك، فى أن يستثنيها المشير حسين طنطاوى، عندما كان وزيرًا للدفاع عام 1991، من شرط السن لتلتحق وتصبح أول سيدة وأول إعلامية تحصل على شهادة أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ويوم التخرج ارتدت وشاح التميُّز وسلمها المشير طنطاوى الشهادة قائلًا لها: «افتخرى بنفسك».

وتعد أول سيدة تجلس على كرسى «رئاسة التحرير» فى مؤسسة روزاليوسف العريقة، وأول مراسلة عسكرية مصرية وأطلق عليها عميدة المراسلين العسكريين، كما رافقت القوات المصرية أكثر من مرة خارج حدود البلاد بقوات حفظ السلام فى مهمات بعدد من الدول.

فاطمة سيد أحمد، صاحبة القلم العنيد والقوى الذى لا يهاب تهديدًا ولا يخشى فى الحق لومة لائم، من بين الأسماء اللامعة فى عالم الصحافة، شغلت عدة مناصب ومصادر مهمة خلال مسيرتها الحافلة بالابداعات الكتابية المتنوعة، ومن خلال دورها كعضو الهيئة الوطنية للصحافة ورئيس لجنة تقييم وتطوير الأداء المهنى والمادة التحريرية، تقوم الدكتورة فاطمة سيد أحمد بطرح مسابقات عديدة تهدف من خلالها لتطوير أداء الصحفيين وتثقيفهم سواء من خلال مسابقات قراءة كتاب أو عدد من الكتب، وبعدها يقوم المتسابق بتقديم تحليل كامل للكتاب، أو تقديم دورات تدريبية لتطوير الأداء المهنى.

تميزت الكاتبة الصحفية فاطمة سيد أحمد، بأنها جمعت بين الإبداع فى الصحافة، وكذلك الإبداع فى الرواية والتوثيق فى عدة كتب أصدرتها على مدار عدة سنوات، لكن أخطر ما كتبته هو تسجيلها لما سيحدث فى مصر منذ 2011، ولكن قبل ذلك بعدة أعوام، ففى صيف 2008، أصدرت الدكتورة فاطمة سيد أحمد، كتابا بعنوان «ماذا لو حكم الإخوان مصر»، قال عنه الكاتب الراحل عبدالله كمال، بأن الكتاب الصادر عن «دار الحرية» يمثل حصاراً لـ«الإخوان» خلف أسوار هذا التحدى الذى لا يقوون عليه، ليس فقط من خلال طرح التساؤلات واستقراء الأدبيات الإخوانية، ولكن من خلال مجموعة من الحوارات التى أجرتها المؤلفة مع عدد من قيادات الجماعة المحظورة، وأبرزهم محمد حبيب الذى أكد ليس فقط عدم اعترافه بإسرائيل واحتمالات إلغاء «اتفاقية كامب ديفيد» لو حكم «الإخوان» بل إن هناك تفكيراً فى تغيير أو تفكيك الجامعة العربية.

مواقف صعبة

لم تتوقف الكاتبة الكبيرة فاطمة سيد أحمد عند حد الكتابة والتوثيق، بل كانت نموذجا للسيدة الصحفية التى وقفت فى وجه جماعة الإخوان وقت حكمهم مصر، حيث كانت مسئولة عن ملف القوات المسلحة بروز اليوسف، فكانت كتاباتها النارية عنوانًا يؤرق الإخوان فى كافة مناصبهم، ولم تكتف بالكتابة عن الإخوان، فكانت كثير من كتابتها تعبر عن الدولة الوطنية التى تعتمد على المؤسسات ودعم رجال الدولة ممن تحملوا المسئولية بأمانة، وتفانوا فيها بإخلاص، ولم تتراجع لحظة فى الانتقاد للأخطاء، ولكن من أرضية وطنية تسمح فيها بمساحة من الود يمكن من خلالها الإصلاح.

عملت الدكتورة فاطمة سيد أحمد، على التوثيق لملف القوات المسلحة فى عدة مقالات بأكبر الصحف المصرية، فحظيت تلك المقالات بعدد كبير من القراء، بالإضافة لحرصها الدائم على دعم الدولة المصرية، وذلك بشرح الأفكار والتوجهات للدولة، سواء كان ذلك عبر مقالات أو فى اللقاءات التلفزيونية المتعددة التى ظهرت خلالها على مدار أكثر من 30 سنة، بالإضافة لعدد من الكتب المتنوعة فى مجال القصص والرواية والوثائقيات.

وعن المواقف الصعبة التى واجهتها فى عملها كمراسلة عسكرية، روت الكاتبة الصحفية فاطمة سيد أحمد «أنها كانت هى وزميلاتها ينمن داخل المدرعات أثناء عدد من المهمات العسكرية، بعد تقدير قائد المدرعة لصعوبة أن تنام سيدة مصرية فى مناطق مكشوفة»، مؤكدة أنها تغلبت على جميع الصعوبات التى واجهتها وأكسبتها خبرة مهنية كبيرة. 

 

تكريم مستحق

بكت الدكتورة فاطمة سيد أحمد، عندما كرمتها السيدة انتصار السيسى تقديرًا وتكريمًا لمسيرتها الحافلة بالإبداعات الصحفية، فى اليوم العالمى للمرأة، لأن التكريم جاء إعلاء للصحفيات المصريات ومهنة الصحافة وإبرازًا للنماذج الناجحة والمتميزة فى مهنة الصحافة.

ووصفت عضو الهيئة الوطنية للصحافة هذه اللحظة قائلة: «فخر لى تكريمى كصحفية فى عهد إرساء الدولة للحقوق المدنية والذى يعتبر بحق العصر الذهبى لنساء مصر فى ظل حرص الرئيس السيسى على تمكين المرأة فى مختلف المجالات».

ودائمًا ما توجه الكاتبة الصحفية فاطمة سيد أحمد، رسالة إلى الصحفيات قائلة «تمسكوا بعملكم وبالمثابرة والطموح.. وأوعوا حد يعترض طريقكم وينال منكم.. مهنة الصحافة فيها تنافس شديد جدا وهو أمر مباح ومحمود لأنه يصنع الفارق ويمثل دافعا قويا لتحقيق النجاح».

وأشارت إلى أن هناك عقبات تواجه السيدات والفتيات فى مهنة الصحافة شأنها شأن أى وظفية أخرى، ومن تضع لنفسها هدفا وتسعى لتحقيقه ستتخطى بالإصرار والمثابرة أى عقبات تواجهها وستجتاز أى صعوبات، قائلة «إن الصحافة رسالة سامية وتقدم أدوارًا مهمة جدا للدولة والمجتمع فى مقدمتها نشر الوعى والثقافة وكشف الحقائق وتقديم المعلومات الصحيحة للمواطنين فى مواجهة الشائعات والأخبار المغلوطة التى يسعى أعداء البلد لنشرها، كما تمثل حائط صد ضد محاولات النيل من الدولة المصرية».