الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أردوغان وحزب العدالة فى انتخابات 2024 .. ثلاثة أخطاء فادحة وخطأ كارثى وراء الهزيمة!

أعلن حزب الشعب الجمهورى التركى المعارض، بقيادة أكرم إمام أوغلو عمدة اسطنبول، فوزه باكتساح فى الانتخابات المحلية، على حزب العدالة الإسلامى، هزيمة وصفتها جريدة الواشنطن بوست بالنادرة والثقيلة للرئيس طيب أردوغان. . هذه الانتخابات التى تخص رؤساء البلديات ومقاعد المجالس المحلية، بمثابة تحول مذهل بالنسبة لحزب الشعب الجمهورى بعد أقل من عام من هزيمة مرشحه على يد أردوغان فى السباق الرئاسى الذى ترك المعارضة التركية فى حالة من الفوضى وأول انتصار وطنى لحزب الشعب الجمهورى منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث كان أردوغان هو الزعيم المهيمن فى تركيا.



 

قال أردوغان فى خطاب ألقاه بعد إعلان هزيمة حزبه فى العاصمة أنقرة: «لقد فقدنا الزخم فى جميع أنحاء البلاد». سنقيم نتائج الانتخابات بصدق وسننخرط بجرأة فى النقد الذاتى».

وأضاف أردوغان: «للأسف، بعد تسعة أشهر من فوزنا فى الانتخابات الرئاسية، لم نتمكن من الحصول على النتيجة التى أردناها فى اختبار الانتخابات المحلية». «سنصحح أخطاءنا ونصحح عيوبنا».

بدا أردوغان حزينا، وسط مؤشرات على انشقاقات فى الحزب الحاكم ومكاسب المعارضة فى المناطق المحافظة التى كانت الدعائم الأساسية لحزب الرئيس.

واعتبر التصويت مقياسا لتدنى شعبية أردوغان فى سعيه لاستعادة السيطرة على المناطق الحضرية الرئيسية التى خسرها أمام المعارضة فى الانتخابات قبل خمس سنوات.

وكانت ساحة المعركة الرئيسية للرئيس التركى البالغ من العمر 70 عامًا هى إسطنبول، المدينة التى يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة والتى ولد ونشأ فيها.

وقال زعيم حزب الشعب الجمهورى اوزجور أوزيل أمام حشد من المؤيدين المبتهجين: «لقد قرر الناخبون إنشاء نظام سياسى جديد فى تركيا». وأضاف: «اليوم، قرر الناخبون تغيير الصورة المستمرة منذ 22 عامًا فى تركيا وفتح الباب أمام مناخ سياسى جديد فى بلادنا».

وكان نحو 61 مليون شخص، مؤهلين للإدلاء بأصواتهم لجميع بلديات المدن الكبرى ورؤساء البلديات والمناطق وكذلك إدارات الأحياء، وبلغت نسبة المشاركة حوالى 76 %.

وقال عمدة إسطنبول الفائز إمام أوغلو: «وفقًا للبيانات التى حصلنا عليها، يبدو أن ثقة مواطنينا بنا، وثقتهم بنا قد أتت بثمارها».

إمام أوغلو، وهو رجل أعمال وشخصية عامة، توصف بأنها منافس محتمل لأردوغان فى المستقبل، خاض الانتخابات دون دعم بعض الأحزاب التى ساعدته على الفوز فى عام 2019. وقد قدم كل من حزب المساواة والديمقراطية الشعبية المؤيد للأكراد والحزب الجيد القومى حزبهما الخاص، مرشحين.

وتفكك تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب بقيادة حزب الشعب الجمهورى بعد فشله فى الإطاحة بأردوغان فى انتخابات العام الماضى.

هذه النتيجة بالتأكيد نقطة تحول بالنسبة لإمام أوغلو، كمرشح محتمل للمعارضة فى الجولة المقبلة من الانتخابات الرئاسية فى عام 2028.

 وكانت الجائزة الكبرى فى الانتخابات هى إسطنبول: المدينة التى يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، والقوة الاقتصادية لتركيا ونقطة انطلاق لمسيرة أردوغان السياسية العريقة بعد أن شغل منصب عمدة المدينة. وتغلب أكرم إمام أوغلو، رئيس البلدية الحالى لحزب الشعب الجمهورى، على منافسه من الحزب الحاكم يوم الأحد بفارق يزيد قليلا عن مليون صوت.

أعلن إمام أوغلو عن فوزه بعبارات أكثر وضوحا وتحديًا، مستهدفًا حكم أردوغان الاستبدادى وعزز هذا الانتصار مكانة باعتباره أقوى منافس لأردوغان، بعد أقل من خمس سنوات من صعوده إلى الصدارة الوطنية من خلال انتزاع مقعد عمدة المدينة من عقود من سيطرة حزب العدالة والتنمية.. وقال إن هذه النتائج «تمثل نهاية الاستبداد فى تركيا وعودة الديمقراطية». «الناس المضطهدون فى ظل الأنظمة الاستبدادية يحولون أنظارهم الآن إلى إسطنبول».

 انتصار ساحق ترك أنصار المعارضة يتساءلون عما كان يمكن أن يحدث لو أنهم قدموا مرشحًا أكثر جاذبية من كيليشدار فى السباق الرئاسى العام الماضى.

فى إسطنبول، أشارت النتائج إلى أن أنصار حزب المعارضة الكردى صوت اعضاؤه ايضا لصالح إمام أوغلو. فما سر التحول الذى اصاب الشعب التركى وما هى الأخطاء الفادحة التى أدت بأردوغان وحزبه لهذه الهزيمة النكراء؟

 إيران

أثر المشهد السياسى المتطور فى الشرق الأوسط والصراع الأخير فى غزة على ديناميكيات العلاقة بين إيران وتركيا، بين محاولات لفتح للعب دور مؤثر فى غزة، فى حين تواصل إسرائيل عملياتها ضد حماس، عميلة إيران وصديقة تركيا.

هذا التعاون مقلق لكثير من الأطراف فى تركيا سواء على مستوى شعبى أو نخبوى أو العلاقات مع دول أوروبا وحلف الناتو فهناك علاقات اقتصادية مستمرة بين تركيا وإسرائيل، وهذا التقارب بين تركيا وإيران وحماس المتأثر بالعوامل الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية يرونه ضارا بمصالحهم.

 يختلف سعى تركيا لإقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل عن أهداف إيران، حيث تستغل طهران حرب غزة لتعزيز نفوذها الإقليمى من خلال مجموعات بالوكالة وسط التوترات.

وتعارض تركيا، التى تعرضت أيضًا لعقوبات أمريكية بسبب حصولها على أنظمة دفاع روسية، ما تسميه سياسة العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية ايضا عازمة على فرض عقوبات على عدد قليل من الكيانات التركية بسبب علاقاتها التجارية مع حماس. وزار وزير الخارجية أنتونى بلينكن أنقرة كجزء من رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، وبذل مسئولو الإدارة الأمريكية قصارى جهدهم للتأكيد على قيمة تركيا كحليف على الرغم من الخلافات حول تعليقات أردوغان بشأن حماس.

قد يختلف سعى تركيا لإقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل عن أهداف إيران، حيث تستغل طهران حرب غزة لتعزيز نفوذها الإقليمى من خلال مجموعات بالوكالة وسط التوترات، فالنزعة الإقليمية الإيرانية، المدفوعة بفشل محادثات فيينا بشأن اتفاق نووى جديد واهتمام أنقرة المتجدد بالمنطقة الأوراسية بعد الفشل المتكرر فى الوصول إلى الاتحاد الأوروبى، دفعت القوتين الشرق أوسطيتين إلى ممارسة دور إقليمى أكثر وضوحا.

أدت المصالح فى سوريا والعراق وآسيا الوسطى وانضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسى (الناتو) إلى تقسيم القضايا بين أنقرة وطهران، اللتين وجدتا بدلًا من ذلك تقاربًا فى السياسات فيما يتعلق بمعارضة كردستان المستقلة ودعم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

وبالنظر إلى التاريخ، فإن حكومة الجمهورية الإسلامية كانت غير متوافقة أيديولوجيًا مع الدولة التركية العلمانية الكمالية. ومع صعود أربكان وحزب الرفاه الذى أسسه عام 1983، تغير شيء ما. ولا يزال قربها من إيران موضع نقاش كبير.

غزة 

منذ تجدد الصراع فى غزة، واجه أردوغان وحزبه ضغوطًا من مختلف الجهات فى تركيا. وقد أثار رده الأولى غضبًا شديدًا بين الدوائر الإسلامية فى البلاد، التى طالما أعربت عن تعاطفها العميق مع حماس التى توفر تركيا لأعضائها البارزين ملاذًا آمنًا. وأدان أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية فى عهد أردوغان، الرئيس التركى لتردده ودعاه إلى التحالف مع قاعدته الإسلامية. كما دعا زعماء الأحزاب الإسلامية الأخرى وشريك أردوغان فى الائتلاف دولت بهجلى، زعيم حزب الحركة القومية اليمينى، الحكومة إلى اتخاذ موقف أقوى مناهض لإسرائيل.

كما شجعت المشاعر المتنامية المعادية لإسرائيل فى الساحة الدولية أردوغان على اتخاذ موقف مؤيد لحماس بشكل علنى. فى 26 أكتوبر، صوتت 120 دولة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو إلى «هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة». وفى الوقت نفسه، أدت الاحتجاجات فى شوارع العواصم الغربية إلى زيادة الضغط على الحكومات هناك لتخفيف الدعم لإسرائيل. كما سهّلوا أيضًا إعادة تموضع أردوغان.

ويدرك أردوغان أن انتقاداته لا يمكن أن تذهب أبعد من ذلك وتخاطر بقطع كامل للعلاقات مع تل أبيب. إسرائيل شريك مهم لتركيا. وشهد البلدان علاقات تجارية متنامية، حيث تضاعفت الصادرات التركية إلى إسرائيل من عام 2017 إلى عام 2022. ويشمل ذلك تجارة أسلحة واسعة النطاق، حيث شهد منتجو الأسلحة الإسرائيليون والأتراك أعلى نمو فى مبيعات الأسلحة فى جميع أنحاء العالم فى عام 2021.

 يعكس موقف أردوغان بشأن إسرائيل الرغبة فى خلط السياسة بالسياسة الواقعية والاستمرار فى البقاء لاعبًا إقليميًا مهمًا.

كان رد فعل أردوغان الأولى فى أعقاب ما جرى فى 7 أكتوبر متوازنًا، حيث دعا إلى ضبط النفس وإنهاء «الأعمال العدوانية». ولكن وسط تصاعد عدد القتلى فى غزة، سرعان ما مال نحو موقف مؤيد لحماس ومعادى لإسرائيل. وبحلول 25 أكتوبر، كان الزعيم التركى يتهم إسرائيل بـ «واحدة من أكثر الهجمات دموية وحشية فى التاريخ»، بينما كان يدافع عن حماس باعتبارها «مجموعة تحرير».

وخطاب أردوغان لا يمكن فهمه دون النظر فى القيود المحلية والدولية المحيطة بالزعيم التركى. وفى رده على الأزمة فى الشرق الأوسط، يواجه أردوغان معضلة كبيرة: فهو يحتاج إلى استرضاء قاعدته السياسية فى الداخل التى لديها تعاطف إسلامى قوى مؤيد للفلسطينيين فى حين لا يؤدى إلى تنفير إسرائيل بشكل كامل، التى تتمتع تركيا معها بعلاقات جيوسياسية واقتصادية كبيرة. العلاقات، وحتى الآن، علاقات دافئة.

ويبدو أن حزب أردوغان يعانى من الانشقاقات، بما فى ذلك الانشقاقات فى الحزب الإسلامى الذى انتقد الزعيم التركى لعدم قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل خلال الحرب فى غزة، والذى حصل على أكثر من 6% من الأصوات الوطنية.

 الأزمة الاقتصادية

 على مدى السنوات الخمس الماضية، تضررت تركيا من ارتفاع التضخم السنوى، الذى وصل إلى 86 ٪ فى أكتوبر، واستنفد البنك المركزى احتياطياته الأجنبية، بعد أن أنفق معظمها لدعم الليرة، ولكن دون جدوى فى الشهر الماضى، انخفضت العملة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار. 

أنصار حزب الشعب الجمهورى العلمانى يرددون «الأمر كله يتعلق بالاقتصاد، تعامل أردوغان الفاشل مع الاقتصاد جعل الجماهير تخرج له ولحزبه كارتا أصفر وتعاقبه بالهزيمة، فقد عانت الأسر من التضخم الجامح وقيمة العملة المتدهورة والغلاء. 

وعلى الرغم من تعيين أردوغان العام الماضى لفريق اقتصادى يحظى باحترام كبير وقراره السماح للبنك المركزى برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ عقود، إلا أن التضخم ظل عند حوالى 70 بالمئة.

أن البرنامج الاقتصادى الذى تم تقديمه العام الماضى والذى كان يهدف إلى مكافحة التضخم المتفشى الذى اجتاح البلاد وأضر بالأتراك بشدة أثبت فشله. 

تعكس هذه الفوضى السياسة النقدية المقلوبة التى ينتهجها أردوغان. فهو يصر على أن خفض أسعار الفائدة هو المفتاح إلى مكافحة التضخم، وليس تشديد الخناق، وهو الحل الذى تفضله أجيال من خبراء الاقتصاد التقليديين.

 الخطأ الفادح

ورغم جدية الاسباب الثلاثة لهزيمة حزب اردوغان التى قد تسفر على هزيمته فى المعركة الرئاسية القادمة، إلا أن الغروروعدم احتواء الشباب 11 مليون شاب والاستهانة بالخصم كان الخطأ الأكبر.

هناك تحالف شبه سرى بين حزبى العدالة وحزب الشعب الجمهورى، ففى المدن التى يكون أغلبية الناخبين منتمين لحزب العدالة والمنافسة بين الحزبين متعادلة لا يخرج حزب الشعب منافس، يتم دعم مرشح العدالة منعا لتقسيم الأصوات، والعكس صحيح ما يفعله حزب العدالة فى المدن أغلبيتها من مؤيدى حزب الشعب،فى هذه الانتخابات رأى حزب العدالة أن هناك مدنًا حظوظ حزب الشعب مستحيلة فى بورصا وأضنة وغيرهما فقرروا، أن يخرج كل حزب بمرشحه واثقين من الفوز والنتيجة كانت كارثية فأكتسح حزب الشعب فى كوتاهية وبوزجات، أماسيا وكيليس.