الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. رمضان المصرى.. اتجاه منفرد عن كل من سبقوه..  البابا فرنسيس الأول.. الإنسان الذى أحدث تغييرًا

مصر أولا.. رمضان المصرى.. اتجاه منفرد عن كل من سبقوه.. البابا فرنسيس الأول.. الإنسان الذى أحدث تغييرًا

شغل مسئولية رئيس أساقفة بيونس آيرس بالأرجنتين  قبل انتخابه بابا الفاتيكان، ومنحه  البابا يوحنا بولس الثانى رتبة كاردينال سنة 2001. واختار لنفسه اسم فرنسيس على اسم القديس الفيلسوف فرنسيس الأسيزى، أحد أهم لاهوتى الكنيسة ومفكريها، وأحد أهم المدافعين عن غير المقتدرين. تم تنصيب البابا فرنسيس رسميًا فى ساحة القديس بطرس يوم 19 مارس 2013، بعد انتخابه أول حبر أعظم من الأرجنتين.



يحسب له أنه أول من ألغى العديد من التشريعات المتعلقة بالسلطة البابوية، على غرار رفضه الإقامة فى القصر الرسولى.. المقر الرسمى للبابا، وإقامته فى بيت القديسة «مرثا». كما يحسب له أيضًا أنه صاحب العديد من المواقف الحاسمة فى القضايا الشائكة مثل: القضية الفلسطينية واللاجئون والإجهاض. وهو صاحب أكبر رصيد من من المواقف الإنسانية.

محب لغير المقتدرين

من المعروف عن البابا فرنسيس حتى قبل أن يصل إلى رئاسة كرسى الفاتيكان أنه كان محبًا لغير المقتدرين. ومن المعروف، أنه كان يتسلل ليلًا ليزورهم لمساعدتهم وتوزيع الأموال عليهم.. مثلما كان يتجول بشوارع الفاتيكان ليكون قريبًا منهم. 

وعندما تم تعيينه على يد البابا يوحنا بولس الثانى سنة 2001 رئيسًا لأساقفة بيونس آيرس، أراد بعض أتباعه مشاركته الاحتفال بتنصيبه فى الفاتيكان.. فاعتذر لهم، وطلب تخصيص تكلفة السفر لغير المقتدرين. وهو ما كرره عقب وصوله لمنصب الحبر الأعظم بابا الفاتيكان.

ولذا كان من الطبيعى، أن جعل الفاتيكان منذ 30 يناير 2015، يقدم مساعدة للمشردين بروما من خلال تقديم خدمات الاستحمام وحلاقة الشعر والذقن لهم مجانًا. مثلما كان يتجول بشوارع الفاتيكان ليكون قريبًا من الشارع بعد أن تولى مسئوليته الجديدة.

دائمًا ما اعتبر البابا فرنسيس.. مساعدة غير المقتدرين هى جواز السفر إلى ملكوت السموات. وقال عنهم (رغم أن لهم قيمة قليلة فى أعين العالم.. فإنهم من يفتحون لنا الطريق إلى الجنة). واعتبر البابا يوم 19 نوفمبر من كل عام.. اليوم السنوى العالمى لغير المقتدرين أثناء عظته الدينية فى اليوم نفسه سنة 2017. وأعقبه دعوته لغير المقتدرين فى روما للمشاركة فى لقاء الألعاب الرياضية بالملعب الأوليمبى فى 31 مايو 2018. وذلك لقناعاته الشخصية التى عبر عنها فى بيان قال فيه إن غير المقتدرين لا يحتاجون إلى المأكل والملبس والمأوى فقط، بل إلى الكلمات الودودة والابتسامة والترفيه. نفحات إنسانية

عُرِف عن البابا فرنسيس.. رفضه وجود سائق خاص له أثناء رئاسته لأساقفة بيونس آيرس، وكان يتنقل بالقطار ووسائل النقل العامة، وكان يسافر على الفئة السياحية بالطائرات. وكانت ضمن  أهم أنشطته.. زيارة المسنين والمرضى بشكل عام، والكهنة بشكل خاص. ومنذ عدة سنوات، أرسلت له سيدة تدعى «بيلار مارتينيس ثوبيريا» تنتقده فيها بسبب بعض التصرفات، فاتصل بها ووعدها أنه سيهتم بما ذكرته. وحينما تم تنصيبه كبابا الفاتيكان.. لم يرد عليها عندما أرسلت له تحية ومدح وثناء.

تقبيل الأقدام

من أهم المواقف الإنسانية التى سجلها التاريخ له، أنه قبل قدم طفل مصاب بالسرطان ليعلن للجميع.. تضامنه مع مصابى هذا المرض اللعين وشعوره بهم.

وخلال إقامة قداس فى 24 مارس 2016، قام البابا فرنسيس بغسل وتقبيل أقدام لاجئين (4 كاثوليك مسيحيين من نيجيريا، و3 أرتيريات مسيحيات، ومسلمان من مالى، وهندوسى من الهند). وأطلق حينها عبارته الشهيرة (إن الجميع إخوة). وندد البابا بمذابح الحروب.. التى يقوم بها أناس متعطشون للدماء وصناعة الأسلحة، وطالب المئات من طالبى اللجوء من مختلف الديانات.. القيام جميعا ببادرة أخوة.. تجاه بعضهم البعض).

وأثناء صلاة قداس إحياء «خميس العهد» فى 29 مارس 2018، غسل وقبل أقدام 12 رجلا وامرأة معظمهم من المجرمين فى سجن بروما.

ويذكر للبابا فرنسيس أنه قام بتقبيل أقدام زعماء حرب جنوب السودان المنقسمين فى 12 أبريل 2019، وقال لهم (أطلب منكم كشقيق أن تبقوا فى سلام.. أناشدكم من قلبى، دعونا نمضى قـدمًا)، وحثهما على تنحية خلافاتهما جانبا والعمل من أجل السلام. المهاجرون ليسوا غزاة

خلال المؤتمر الدولى «هجرات وسلام» الذى عقد بالفاتيكان فى شهر فبراير 2017، قال البابا فرنسيس إن (استقبال المهاجرين.. يستند إلى القيمة المقدسة للضيافة الموجودة فى مختلف التقاليد الدينية»، مؤكدًا أن «الاندماج عملية تقوم على اعتراف متبادل بالثراء الثقافى للآخر). وطالب أثناء زيارته إلى مدينة مارسيليا بجنوبى فرنسا فى 23 سبتمبر 2023، الدول الأوروبية والعالم.. بمنح قدر أكبر من التسامح مع المهاجرين حيث قال إن (المهاجرين ليسوا غزاة). ودائمًا ما كان له موقف واضح فى سبيل تعزيز قيم السلام، ومناهضة الحروب والنزاعات الدموية فى العالم، وكانت معاناة اللاجئين والدعوة إلى استقبالهم واحترام أدميتهم وإنسانياتهم ضمن أولوياته.بابا السلام

البابا فرنسيس هو أول بابا يسافر مباشرة إلى الضفة الغربية فى فلسطين فى 25 مايو 2014، ويشير إلى الأراضى المحتلة بدولة فلسطين، وتوجه حينها إلى الجدار العازل بين القدس وبيت لحم وتوقف للصلاة والدعاء فى مشهد.. لفت انتباه العالم كله.

وفى 1 يناير 2018 بمناسبة اليوم العالمى للسلام، والذى تواكب مع مرور 100 سنة على نهاية الحرب العالمية الأولى، صرح البابا فرنسيس (أن السلام لا يمكنه أن يقتصر أبدًا على توازن القوى والخوف. وأن إبقاء الآخر تحت التهديد يعنى تحويله إلى مجرد سلعة وحرمانه من كرامته. ولهذا السبب نؤكد من جديد أن التصعيد فى الترهيب، فضلًا عن انتشار الأسلحة الخارج عن السيطرة، يتعارضان مع الأخلاق ومع البحث عن وفاق حقيقى).  

البيئة إنسانيًا

طالب البابا فرنسيس فى رسالته التعليمية الثانية التى صدرت تحت عنوان «كن مسبحًا.. حول العناية بالبيت المشترك» فى 24 مايو 2015 بالقيام بإجراءات وإصلاحات حاسمة على المستويين الاقتصادى والسياسى.. فيما يخص التغير المناخى، ومنذ ذلك الوقت يقوم الفاتيكان.. بحملات لحث الأمم المتحدة على إيجاد حل حاسم وسريع لمشكلة التغير المناخى والاحتباس الحرارى.

من المواقف الإنسانية البارزة أيضا للبابا فرنسيس، حرصه على دعم الأماكن التى تشهد بعض الصراعات، مثل: سوريا والعراق وغيرهما من الأماكن فى مختلف أنحاء العالم.

طالب أثناء زيارته إلى البرازيل فى بحماية غابات الأمازون فى يناير 2018، وقابل هناك المواطنين الأصليين وانحاز لهم فى موقفهم ضد مربى الماشية والمزارعين الذين يستهدفون غزو أراضيهم، ودعا على أن تعامل غابات الأمازون باعتبارها حديقة ومحمية طبيعية.  

شذرات إنسانية فرنسيسية

- من المواقف الخاصة والمستمرة، حرصه على التواصل المستمر مع الأطفال الصغار خلال الزيارات المختلفة له فى جميع أنحاء العالم، حيث يلعب معهم ويداعبهم بفرح.

- اشتُهر بحبه  لغير المقتدرين والأشخاص ذوى الإعاقة، وفى 6 نوفمبر 2013 عانق «فينيسو ريفا» المصاب بمرض جلدى وراثى جعل وجه مشوهًا.. فتجنبه الجميع وتنمروا ضده.

- اشتُهر بمناصرة غير المقتدرين، وندد بالنظام المالى العالمى الذى يستغل غير المقتدرين، وتحول البشر إلى سلع استهلاكية معمرة، وأصبح نظام يحكم ولا يخدم فى كلمته بقداس عيد القيامة 20 أبريل 2014.

- وصف عمليات الإجهاض بـ«العمل المروع لثقافة التخلص من الأشياء غير المرغوب فيها» وأدانها فى 14 يناير 2014. ولأول مرة منح الكهنة الكاثوليك صلاحية «غفران ارتكاب الإجهاض» فى 22 نوفمبر 2016 لأول مرة فى تاريخ الكنيسة التى تعتبره خطيئة كبرى.

- دعا طفلًا يبلغ من العمر 12 سنة، مصابًا بمتلازمة داون لركوب سيارته البابوية الخاصة أمام أنظار العالم فى 31 مارس 2018.

- من أهم المواقف الإنسانية للبابا فرنسيس أنه أجرى اتصالًا بامرأة أرجنتينية تبلغ من العمر 44 سنة ليقول لها (أنت لست وحدك) لمساندتها بعد أن كتبت له رسالة عن تعرضها للاغتصاب.

- يعد أول بابا للفاتيكان يواجه الاعتداء على الأطفال، ويتخذ إجراءات بشأن قضايا التحرش الجنسى، واتخذ إجراءات تجريم جريمة التحرش الجنسى بالأطفال طبقًا لقانون الفاتيكان.  

نقطة ومن أول السطر

البابا فرنسيس الأول.. هو بابا غير المقتدرين والسلام.. صاحب المواقف الإنسانية المؤثرة.

إنه البابا المتواضع.. صاحب الرؤية الإصلاحية والتقارب والحوار.. الذى يقبل الجميع دون أن يغلق أبواب الكنيسة فى وجه مصلٍّ.

إنه البابا الإنسان.. الحبر الأعظم الذى يدعم فى كل تصريحاته ومواقفه وتصرفاته.. التعايش والسلام والإنسانية.

إنه البابا الذى استطاع إحداث تغيير.