الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إرهاب فى الداخل ومواجهات عسكرية فى الخارج .. «موسكو» تقف متماسكة فى وجه النيران

ليلة دامية عاشتها العاصمة الروسية «موسكو» بعد هجوم مروع على مجمع «كروكوس سيتى هول»   للحفلات الموسيقية، فى ضواحى المدينة، ما أودى بحياة أكثر من 140 شخصًا فى أعنف عمل إرهابى تشهده «موسكو» منذ أكثر من عقد.. وبعدها بساعات أعلن تنظيم «داعش» الإرهابى مسئوليته عن الهجوم، فيما نسبه مسئولون أمريكيون إلى ما يعرف باسم «داعش-خراسان» الذى يعد أحد فروع التنظيم، وظهر فى شرق «أفغانستان» أواخر عام 2014.. مع ذلك، أشار المسئولون الروس إلى وقوف «أوكرانيا» وراء هذا العنف، فيما نفت الأخيرة تورطها أو مشاركتها فى الهجوم.. على كل اعتقلت السلطات الروسية 11 شخصًا على الأقل، بينهم 4 أكدت تورطهم بشكل مباشر فى الحادث الإرهابى، كما وجهت المحكمة الروسية الاتهامات للأربعة بارتكاب عمل إرهابى.



 

 ليلة دامية

دون أى سابق إنذار، دخل مسلحون يحملون بنادق آلية قاعة الحفلات الموسيقية فى «مركز كروكوس»، أحد أكبر المجمعات الترفيهية فى «موسكو»، قبل وقت قصير من الموعد المقرر لبدء حفل لموسيقى الـ(روك)، وبدأوا بإطلاق النار.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن أشخاصًا يرتدون ملابس مموهة اقتحموا الطابق الأرضى من المركز التجارى، وفتحوا النار من أسلحة آلية، ثم قاموا بإلقاء قنبلة يدوية، مما أدى إلى اشتعال النيران فى المكان.

وعليه، أرسلت السلطات الروسية 3 مروحيات على الأقل، من أجل إطفاء الحريق، أو لمحاولة إنقاذ الأشخاص الذين كانوا فى الحفل من السطح. ومع ذلك، لم يتمكن رجال الإطفاء الروسيون من احتواء الحريق إلا بعدها بساعات طويلة.

من جانبهم، قال شهود عيان إن منفذى إطلاق النار، هم رجال بلحى سوداء، يرتدون سترات مضادة للرصاص، ويحملون أسلحة رشاشة، ما أدى إلى إصابة العشرات من المواطنين.

 تحقيقات سريعة

بعد إجراء تحقيقات عاجلة، وتحركات من جميع الأجهزة الروسية المعنية، أفاد المحققون الروس بأن المهاجمين أضرموا النار فى المبنى باستخدام متفجرات وسوائل قابلة للاشتعال، وسرعان ما انتشر الحريق فى أكثر من ثلث المبنى، ما أدى إلى انتشار الدخان، وانهيار أجزاء من السقف. 

من جانبها، قالت سلطات إنفاذ القانون الروسية إن الضحايا لقوا مصرعهم متأثرين بأعيرة نارية، وتسمم من الدخان الناجم عن الحريق.

وفور وقوع الحادث تمكن الإرهابيون من الفرار من مكان الحادث، إلا أن رئيس جهاز الأمن الفيدرالى الروسى أعلن بعدها بساعات اعتقال 11 شخصًا على صلة بالهجوم، بمن فى ذلك: الإرهابيون الأربعة المتورطون بشكل مباشر.

بدورها، أفادت أجهزة الأمن الروسية بأن المجرمين كانوا يعتزمون عبور الحدود «الروسية - الأوكرانية» بعد تنفيذ الهجوم الإرهابي؛ موضحة وجود جهات اتصال على الجانب الأوكرانى.

على صعيد متصل، قال مسئول أمنى تركى إن بعض المشتبه بهم فى تنفيذ هجوم «كروكوس» فى «موسكو» تنقلوا بحرية بين الأراضى التركية والروسية؛ مشيرًا إلى عدم وجود مذكرة توقيف بحقهم. وأوضح المسئول أن المسلحين الذين نفذوا الهجوم الدموى دخلوا «تركيا»، ومكثوا لفترة وجيزة، من أجل تجديد تصاريح إقامتهم الروسية.

على كل، أكد الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، الذى أعلن الأحد الماضى يوم  حداد وطني، أن أولئك الذين يقفون وراء هؤلاء الإرهابيين سيعاقبون ويواجهون مصيرًا لن يحسدوا عليه.. وتساءل «بوتين» حول السبب الذى دفع الإرهابيين، بعد ارتكاب جريمتهم، لمحاولة التوجه إلى «أوكرانيا»؛ قائلًا: «من كان ينتظرهم هناك؟».

ولكن، فى المقابل، قال الرئيس البيلاروسى «ألكسندر لوكاشينكو»، تصريحًا مغايرًا للتصريحات الروسية، إذ قال، إن: «الأشخاص الذين هاجموا قاعة «كروكوس» فى «موسكو» كانوا فى البداية متجهين إلى «بيلاروسيا» وليس «أوكرانيا»؛ مؤكدًا أن بلاده وضعت وحداتها فى حالة تأهب قصوى، من أجل الاستعداد لحالة قتالية، وهو ما أدى إلى عدم تمكن الإرهابيين من دخول الأراضى البيلاروسية بأى وسيلة، ما دفعهم لتحويل مسارهم ليتوجهوا نحو الحدود الأوكرانية.

على صعيد متصل، أوضحت لجنة التحقيق الفيدرالية الروسية أنها تدرس طلبًا من برلمانيين، من أجل التحقيق فى تمويل وتنفيذ «الولايات المتحدة» ودول غربية -ما وصفته- بأعمال إرهابية ضد «روسيا».

وطلب رئيس مجلس الدوما الروسى «فياتشيسلاف فولودين» من الأجهزة العسكرية والثقافية ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية خلال الفعاليات العامة.

أسبوع الإرهاب

بعد هذا الحادث الإرهابى الجلل، توالت الأخبار حول إحباط أجهزة الأمن الروسية لعدد من العمليات الإرهابية قبل حدوثها الأسبوع الماضى، وكان على رأسها، ما أعلنه جهاز الأمن الاتحادى الروسى أنه تم إخلاء جامعة الاقتصاد فى «موسكو»، عقب اكتشاف جسم مجهول بالقرب من المبنى. 

فى الوقت نفسه، أكد جهاز الأمن الاتحادى أنه أحبط هجومًا قام به شريك تابع لما يعرف باسم «فيلق المتطوعين الروس» التابع لأوكرانيا، فى منطقة «سامارا» الروسية؛ مضيفًا إن المهاجم فجر نفسه بعبوة ناسفة فى أثناء القبض عليه؛ مشيرًا إلى أنه بتفتيش مقر إقامته، عثر على معمل لإنتاج المتفجرات، ومكونات إنتاجها، بالإضافة إلى عبوة ناسفة أخرى جاهزة للاستخدام.

وبعدها بساعات أعلنت وسائل إعلام روسية أنه إخلاء أكبر مبنى تجارى فى مدينة «سان بطرسبرج» بعد وجود تهديد أمنى وجاء ذلك بالتزامن مع فحص الأمن الروسى 10 مراكز تجارية فى العاصمة «موسكو»، جراء وجود تهديدت أمنية محتملة. 

فى غضون ذلك، سمح الأمن الروسى بعودة المرضى إلى مركز «بيرجوفا» الطبى بعد إجراء مسح كامل، عقب تهديد بوجود عبوة ناسفة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث قام الأمن الروسى يوم الأربعاء الماضى، باعتقال أعضاء خلية متطرفة، قامت بتجنيد بعض السكان الروس، من أجل تنفيذ أعمال إرهابية فى مدينة «روستوف». وجاء ذلك مع إغلاق الأمن الروسى عددًا من الشوارع فى العاصمة موسكو، دون إبداء الأسباب، وسط حالة من التشديد الأمنى فى محيط الأماكن العامة، ومحطات المترو والقطارات والمدارس، وتفتيش السيارات، وفحص الهويات.

وبالتزامن مع إجراءات التشديد الأمنى، حذرت السلطات الروسية الأهالى من تواصل الأطفال أو المراهقين مع جهات مجهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مؤكدين على الأهل أن يكونوا بكامل انتباههم مع من يتواصل مع أطفالهم.

فى النهاية، تسبب الحادث الإرهابى الجلل فى «موسكو» فى خلق حالة من الذعر بين سكان العاصمة، وهو ما انعكس على انخفاض على ركاب مترو الأنفاق بشكل كبير، والتواجد فى أماكن عامة أو مغلقة، خوفًا من التعرض لعمل إرهابى جديد. 

وفى الوقت الذى تسبب فيه العمل الإرهابى بحالة من الذعر، إلا أنه أثار تساؤلات عدة مثيرة، وعلى رأسها، كيف تواجه «روسيا» فى أقصى شمال العالم أعمالًا إرهابية من تنظيم «داعش» الإرهابى، فى الوقت الذى لم يوجه التنظيم الإرهابى أى رصاصة واحدة تجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع «غزة» المستمر لأكثر من 170 يومًا متواصلًا وأسفر عن استشهاد أكثر من 32500 فلسطينى، وإصابة قرابة 75 ألف آخرين منذ السابع من أكتوبر الماضي!!