الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الانتخابات الأمريكية "3".. بين الجمهورى.. الديمقراطى.. وNo Labels مأزق الناخب الأمريكى لاختيار الرئيس

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية فى 5 نوفمبر المقبل أصعب انتخابات رئاسية على مدار تاريخها الحديث، فبين رئيس مشكوك فى قدراته العقلية، وآخر مشكوك فى قراراته المتهورة، يقف الناخب الأمريكى بين أصعب اختياراته.. لم يعد الاقتصاد وحده هو عامل اختيار سيد البيت الأبيض، على الرغم من أن هذا العامل يعتبر هو الكف الراجحة لكسب الأصوات؛ إلا أن هناك عوامل أخرى بدأت تطفو على السطح، الحريات.. دعم إسرائيل المشروط.. وأخيرًا زيادة فجوة الانقسامات فى الشعب الأمريكى، فترامب المرشح المحتمل لمواجهة بايدن، مازال شبح «الترامبيستا» ومشهد اقتحام الكونجرس بالإضافة إلى اضطهاد المرأة وأصحاب البشرة المختلفة، وفى لحظة فارقة جاءت أزمة المهاجرين لتضع ترامب كاختيار قوى بسبب «سلبية بايدن» تجاه الأزمة.



حين أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن نية الترشح لفترة رئاسة ثانية، لم يكن لديه أى منافس ديمقراطى، وكذلك الأمر بالنسبة لترامب الذى تجاوز عتبة نيكى هيلى بسهولة فيما يعرف بمنافسة «الثلاثاء الكبير». ورغم حسم مباراة العودة بين الرئيس الحالى بايدن وسلفه ترامب، فى انتخابات الخامس من نوفمبر القادم؛ إلا أن الناخبين يشككون فى استمرارية الرجلين حتى ذلك الموعد.

 

هذا ما أوضحته صحيفة «واشنطن بوست» استنادًا لاستطلاعات رأى ومقابلات أجرتها مؤسسات بحثية، فى وقت تشتد فيه حمى الانتخابات.

حملة الاستبدال

فى استطلاع رأى أجرته جامعة «مونماوث»، فبراير الماضى، قال ما يقرب من نصف الناخبين إن من المحتمل «جدًّا» أو «إلى حد ما»؛ أن يتم استبدال بايدن كمرشح ديمقراطى بحلول نوفمبر، والشىء نفسه بالنسبة لترامب.

فى المقابل، وجد استطلاع أجرته مجلة «إيكونوميست»، أثناء فوز كلا المرشحين بترشيحاتهما، أن 33 % من الأمريكيين يعتقدون أن مباراة العودة بين بايدن وترامب ستحدث «بالتأكيد»، وقال 44 % إن ذلك سيحدث على الأرجح؛ فيما كان البقية أقل يقينًا.

كلا المرشحين يواجه العديد من العقبات التى قد تؤثر على مشواره لخوض السباق الرئاسى.

بالنسبةِ لترامب، فإنه يواجه حركات مناهضة لترشحه، وانخفاضا فى نسبة التأييد له بين أعضاء الحزب فى الكونجرس، فيما يواجه بايدن بدوره معارضة من داخل حزبه ودعوات لانسحابه من السباق، خاصة بعد نجاحِ جماعة «نو ليبرز» الداعمه للتصويت فى الانتخابات بعبارة «غيرِ الملتزم»، قد نجحت فى أكثر من ست ولايات لاعلان رفضهم لترشح بايدن والتى رأى فيها الحزب الديمقراطى أنها رسالة تحذير واضحة، ليس لبايدن فحسب، بل للديمقراطيين فى الكونجرس، الذين سيخوضون انتخابات تشريعية أيضًا فى نوفمبر المقبل، ويتخوفون من خسارتهم لمقاعدهم فى مجلسى الشيوخ والنواب.

وفق تقديرات فإن معظم الأمريكيين غير راضين عن الخيارين الحاليين فى الانتخاباتِ الرئاسية، وانحصار المنافسة بين الرئيسِ جو بايدن وسلفه دونالد ترامب وأظهرت استطلاعات الرأى أن الناخبين على استعداد لتقييم العديد من السياسيين الذين ينوون خوض حملات مستقلة أو حملات لأحزاب بعيدًا عن القطبين الديمقراطى والجمهورى.

لم ينتخب الأمريكيون رئيسًا مستقلًا منذ جورج واشنطن عام 1789، ولكن يبدو أن الجمهور الأمريكى يرى أن سواء بايدن او ترامب لا يصلحان لتولى منصب رئيس الولايات المتحدة.

وفى مواجهةِ هذا المأزق أعلنت مجموعة «نو ليبرز» عن خططٍ لتقديم مرشح ثالث بديل للانتخابات الرئاسية، وأعلنت هذه المنظمة التى تصف نفسها بأنها «ليست حزبًا سياسيًا، ولكنها حركة وطنية للأمريكيين ذوى المنطق السليم»، أنها ستبدأ عمليةَ اختيار مرشها خلال الأيام المقبلة. 

هذه الحركة، التى تحمل شعار «لا يسار ولا يمين إلى الأمام»، تقدم نفسها على أنها «الحل للعديد من الناخبين غير الراغبين فى اختيار أى من جو بايدن، أو دونالد ترامب، كما تعلن نفسها أنه المستقبل الجديد للديمقراطية الأمريكية».

أزمات العمر والشعبية

شكوك تُشكل سمة أخرى غير عادية للحملة الرئاسية هذا العام، فى وقت يتنافس كل من بايدن وترامب فعليًّا على منصبيهما داخل حزبيهما، وكلاهما لا يحظى بشعبية تاريخية؛ وفق تقرير لـ«واشنطن بوست». وفى الاستطلاع الذى أجرته مجلة «إيكونوميست»، أظهر 54 % أنهم ينظرون إلى بايدن بشكل سلبى، ونفس النسبة لا تريد أن يترشح مرة أخرى، مقارنة بـ50 % فى كلا السؤالين لصالح ترامب.

وبالنسبة للبعض، فإن عدم الرضا يتحول إلى عدم تصديق.

وفى أسئلة المتابعة لاستطلاع «مونماوث»، قدّم الناخبون الذين اعتقدوا أنه سيتم استبدال المرشحين قبل نوفمبر، أسبابًا مثل عمر بايدن (81 عامًا)، أو صحته الجسدية أو العقلية، وبالنسبة لترامب، تهمه الجنائية أو صحته (يبلغ من العمر 77 عامًا).

وقد أعرَبَ بعض الناخبين عن تصورات خاطئة للمشاكل القانونية التى يواجهها ترامب عندما أوضحوا عدم تصديقهم لترشحه.

وكان طبيب بايدن قد أصدر تقريرًا أكد فيه أنه لائق للخدمة، لكن استطلاعات الرأى تُظهر مخاوف مستمرة بشأن عمره وحدته العقلية.

وفى المقابلات ومجموعات التركيز، انزعج العديد من الناخبين من تعثرات بايدن اللفظية، وأعربوا عن عدم ارتياحهم بشأن عمره.

مخاوف بشأن صحة بايدن أو قدرته على التحمل، تعكس- وفق التقرير- تأثير هجمات الجمهوريين التى تصوره على أنه ضعيف ومتدهور.

أما ترامب فتأتى أزماته القانونية سببًا رئيسيًا لتخوف البعض من ترشحه، لكن على صعيد آخر فإن شعبيته قوية، خاصة أن جماعة «الترابيستا» هذا اللقب الذى يطلق على مناصرى ترامب، تعتبر قاعدة كبيرة إلى حد ما، لكن من جهة أخرى وعلى مدار الأسبوع الماضى أثار ترامب غضب الكثيريين وتخوفهم من تهديداته المتكررة لعدد كبير من أطياف المجتمع الأمريكى.

مأزق الاختيار

وبين «حمام الدم» و«إبادة شعب غزة» يقع الناخب الأمريكى فى مأزق الاختيار بين الرئيس الحالى جو بايدن وسلفه دونالد ترامب، وسط حالة من الانقسامات الشديدة داخل الشارع الأمريكى.

وخلال الانتخابات التمهيدية للأحزاب، واجه ترامب وبايدن العديد من الانتقادات، فترامب على الرغم من قاعدته الجماهيرية القوية، وشعبيته بين مناصريه جاءت تصريحاته فى ولاية أوهايو بالتوعد بأن خسارته أمام جو بايدن فى الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون بمثابة «حمام الدم»، وعلى الرغم من نفى حملته الانتخابية بأن هذه التصريحات اتخذت فى غير سياقها إلا أن الأمر أثار المزيد من الجدل الأمريكى ولنا فى أحداث الكونجرس عام 2020 مثال قوى لما يعرف بـ«ديمقراطية ترامب».

أيضًا جاء هجومه على الطائفه اليهودية واتهامه بأن كل يهودى يصوت للديمقراطيين هو ليس يهوديًا ولا يحب ديانته أو يحب إسرائيل، ولا يمكن أن ننسى تشبيه للمهاجريين أنهم لا يعتبرون بشرًا وأنه حال ترأسه للبيت الأبيض سيتخذ خطوات قوية ضدهم.

أما بايدن فبعد التشكك فى قواته العقلية وعمره، جاءت حرب غزة لتضعه فى مأزق جديد وبدأت الحملات المعروف بـ «نو ليبرز» الداعمه للتصويت بخانة «غير ملتزم» تزدهر بصورة قوية فى جميع الولايات المتحدة، وقد أوضحت هذه الحملة أنها بصدد إعلان دعمها لمرشح ثالث فى الانتخابات الرئاسية. 

تعقيدات الانتخابات الرئاسية القادمة لا تتوقف عند حدود بايدن وترامب فقط، فهناك تحد مشترك يواجه كلٌ من مرشحى الحزب الديمقراطى والجمهورى وهو العزوف الشعبى عن المشاركة فى الانتخابات، وتدنى الحماس للمرشحين، ووجود قناعة، تترسخ يومًا بعد يوم، بعدم كفاءة أى منهما لتولى منصب الرئاسة، فهل حان الوقت لتشهد الولايات المتحدة وجوهًا جديدة خارج سياق الأحزاب؟ وهل هناك فرصة حقيقية للمرشحين المستقلين فى الدخول لمنافسه حقيقية خلال انتخابات 2024؟ أم ستستمر الانتخابات الرئاسية والديمقراطية الأمريكية منحسرة بين ميول ووجوه محددة؟