الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بوتين حذر منه منذ عام 2014 وأصبح أول من لدغ منه: ما هو تنظيم داعش خراسان؟

بينما كانت تحتفل موسكو بفوز الرئيس الروسى ڤلاديمير بوتين فوزا كاسحا فى الانتخابات الرئاسية نفذ إرهابيون مجزرة ضد المدنيين الروس فى العاصمة موسكو، تبناه لاحقا تنظيم داعش – خراسان الإرهابى والذى حذر منه الرئيس الروسى فى عام 2014. وظهر التنظيم فى شرق أفغانستان فى أواخر عام 2014، وسرعان ما ذاع صيته بسبب وحشيته الشديدة، إذ استمد اسم خراسان من كلمة قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان. وشهد عدد أعضاء التنظيم، وهو أحد أكثر التنظيمات الإقليمية التابعة لـداعش نشاطا وانخفاضا منذ تسجيل أعلى مستوياته فى 2018 تقريبا، إذ ألحقت حركة طالبان والقوات الأمريكية خسائر فادحة بالتنظيم. وقد أثار الانسحاب الأمريكى من أفغانستان مخاوف من عودة الجماعات الإرهابية إلى نشاطها وحذر البنتاجون من تنفيذ داعش خراسان والقاعدة هجوما خلال 6 أشهر. وقالت الولايات المتحدة إن قدرتها على زيادة النشاط الاستخباراتى ضد الجماعات المتطرفة فى أفغانستان مثل داعش خراسان تراجعت منذ انسحابها من البلاد فى عام 2021.



وتنظيم داعش خراسان لديه تاريخ من الهجمات التى أستهدفت مساجد داخل أفغانستان وخارجها، إذ حذر أكبر جنرال أمريكى فى الشرق الأوسط فى وقت سابق من مارس الجارى من أن داعش خراسان يمكن أن يهاجم مصالح أمريكية وغربية خارج أفغانستان خلال أقل من 6 أشهر ودون سابق إنذار. وفى وقت سابق من العام الجارى اعترضت الولايات المتحدة إتصالات تؤكد أن التنظيم نفذ تفجيرين فى إيران أسفرا عن سقوط قرابة 100 شخص. وفى سبتمبر 2022، أعلن مسلحو التنظيم مسئوليتهم عن تفجير تسبب فى سقوط ضحايا بالسفارة الروسية فى كابول. وكان التنظيم مسئولا عن هجوم على مطار كابول الدولى فى 2021، أدى إلى سقوط 13 جنديا أمريكيا وعشرات المدنيين خلال عملية الإجلاء الأمريكية الفوضوية من أفغانستان.

ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا يهاجمون روسيا اليوم؟ فعلى الرغم من أن الهجوم الذى نفذه داعش خراسان فى روسيا يمثل تصعيدا كبيرا، فإن خبراء قالوا إن التنظيم عارض بوتين فى السنوات القليلة الماضية فقط. وقال كولين كلارك من مركز سوڤان البحثى ومقره واشنطن: ركز تنظيم داعش خراسان اهتمامه على روسيا على مدى العامين الماضيين، وتضمنت دعايته مرارا انتقادا لبوتين. بدوره، قال مايكل كوجلمان، من مركز ويلسون ومقره واشنطن، إن التنظيم يرى أن روسيا متواطئة فى أنشطة تضطهد المسلمين باستمرار، مضيفا أن التنظيم يضم بين أعضائه عددا من المسلحين القادمين من آسيا الوسطى الذين لديهم مظالمهم الخاصة تجاه موسكو. وكانت وكالة أعماق التابعة لداعش أعلنت مسئولية التنظيم عن هجوم قاعة مدينة كروكوس. وقالت الوكالة عبر تطبيق تليجرام إن عناصر التنظيم هاجموا تجمعا كبيرا فى مدينة كراسنوجورسك فى ضواحى العاصمة الروسية وقتلوا وأصابوا المئات، وألحقوا دمارا كبيرًا بالمكان قبل أن يتم الفبض على بعضهم.

أثار انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مخاوف دولية من إمكانية عودة الجماعات الإرهابية إلى نشاطها فى المنطقة، ما دعا مسئول فى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إلى التحذير من إمكانية تنفيذ تنظيمى داعش خراسان الأفغانى والقاعدة هجوما خلال 6 أشهر على بلاده. وشهدت أفغانستان منذ تولى حركة طالبان السلطة أكثر من 30 هجمة تبناها تنظيم داعش خراسان، الذى من الممكن أن يقوض ثقة الأفغان والدول الإقليمية فى طالبان، ويهدد سيطرتها على البلاد. وبدأت حركة داعش خراسان نشاطها، بعد وقت قصير من إعلان تنظيم داعش الخلافة فى العراق وسوريا عام 2014، إذ أعلن أعضاء سابقون فى حركة طالبان باكستان ولائهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادى وأنضم إليهم لاحقا أفغان محبطون ومنشقون عن طالبان. وفى أوائل عام 2015 اعترف تنظيم داعش بتأسيس ولاية فى خراسان، وهو الاسم القديم الذى يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى. وأسس التنظيم عام 2015 بمنطقة اشين الجبلية فى مقاطعة ننجارهار شرق أفغانستان، وكذلك فى منطقة كونار المجاورة.

وفى كل المناطق الأخرى اشتبك التنظيم مع طالبان، على الرغم من أنه تمكن من تشكيل خلايا نائمة فى أماكن أخرى بأفغانستان خصوصا فى العاصمة كابول، وباكستان المجاورة، وفقا لتقرير للأمم المتحدة.

وتقول أحدث التقديرات إن أعداد مقاتلى التنظيم تتراوح بين 1500 وألفى مقاتل، والذى اعتقل جزء كبير منهم واحتجزوا فى العاصمة كابول، قبل أن تطلق طالبان سراحهم، وفقا لشبكة سى إن إن الأمريكية. وتوقع مسئولون عسكريون أمريكيون أن تنظيم داعش خرسان لديه ما لا يقل عن ألفى مقاتل فى جميع أنحاء أفغانستان، مشيرين إلى أن بعض أجهزة المخابرات الأجنبية تعتقد أن العدد قد يكون أعلى. وسبق أن أعلن تنظيم داعش خراسان مسئوليته عن بعض أكثر الهجمات الدموية خلال السنوات الأخيرة فى أفغانستان وباكستان، والتى أودت بحياة مدنيين فى مساجد ومستشفيات وأماكن عامة. وقد أعرب مسئولون أمريكيون بمن فيهم منسق مكافحة الإرهاب السابق بوزارة الخارجية عن مخاوفهم بشأن قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات خارجية، فى حين سعت القوات الأمريكية، خلال السنوات الأربع الماضية لتنفيذ غارات جوية بطائرات مسيرة بهدف قتل كبار قادة التنظيم. وعلى الرغم من أن داعش وطالبان مجموعتان متطرفتان ومرتبطتان بشبكة حقانى المصنفة جماعة إرهابية، فإنهما تختلفان من حيث العقيدة والاستراتيجية وتتنافسان على تجسيد أيدولوجيا واحدة، وكدليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات رسمية لداعش طالبان بالكفار. وانتقد داعش خراسان بشدة الاتفاق الذى أبرم فى فبراير 2020 بالعاصمة القطرية الدوحة بين واشنطن وطالبان، والذى ينص على انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان، متهما الحركة بالتراجع عن القضية الجهادية، وبعد دخول كابول والاستيلاء على السلطة تلقت طالبان تهنئة من العديد من الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية، لكن ليس من بينها تنظيم داعش خراسان.

وعن قائد داعش خراسان، فقد تولى شهاب المهاجر زعامة تنظيم داعش خرسان فى يونيو 2020، وذلك بعد أكثر من عام على مقتل زعيمها السابق فى غارة جوية أمريكية. ويعتبر المهاجر من المقاتلين المخضرمين فى أفغانستان، واسمه الحقيقى ثناء الله ويبلغ من العمر 31 عاما وفقا لبطاقة إنتخابات عثرت عليها قوات الأمن الأفغانية وفقا لشبكة سى أن أن الأمريكية ونقلت الشبكة عن مسئولين أفغان سابقين وضابط إستخبارات سابق، أن المهاجر تدرب فى باكستان على أيدى جماعتين متطرفتين مختلفتين موجودتين هناك، من بينها شبكة حقانى مشيرين إلى أنه تمكن من عقد اجتماع مع تاجمير جواد نائب المديرية العامة للمخابرات بطالبان، دون أن يدرك الأخير أنه يتحدث مع زعيم داعش خراسان. وقال ضابط استخبارات أفغانى آخر، إنه منذ حوالى عام أى بعد كثير من العمل تمكنت قوات الأمن الأفغانية سابقا من تحديد مكان المهاجر، لكنه هرب قبل القبض عليه. وأفاد مسئول كبير بطالبان للشبكة الأمريكية، بأن النظام الأفغانى الجديد لديه الملفات الأمنية الخاصة بالحكومة السابقة المتعلقة بالمهاجر، لكنهم لم يتعقبوه بعد.

وأشعل تشكيل ولاية خراسان فتيل مواجهة مع طالبان الأفغانية التى خشيت التمدد السريع للتنظيم الجديد فى مناطق سيطرتها، فدفعت بقواتها لوأد التمرد فى مهده، وقد نجحت فى ذلك ببعض المناطق وفشلت فى أخرى، ففى ولاية جوزجان، بشمال البلاد، اضطرت ولاية خراسان إلى الاستسلام أمام طالبان عام 2018، لكن فى شرق أفغانستان وخاصة فى ولايتى ننجرهار وكونار، نجح تنظيم داعش فى امتصاص هجمات طالبان، وهى هجمات كانت تحظى أحيانا بدعم غير مباشر من القوات الحكومية الأفغانية، وأيضا من القوات الأمريكية التى أستخدمت فى قصف مقر قيادة لداعش بأضخم قنبلة غير نووية يستخدمها الجيش الأمريكى، وقد نجح الأمريكيون بالفعل فى توجيه ضربة قوية لولاية خراسان بقتلهم زعيمها حافظ سعيد خان بضربة جوية فى ننجرهار عام 2016. وخلفه فى قيادة فرع داعش قيادى آخر يدعى عبد الحسيب، لكنه سرعان ما قتل فى عملية للقوات الخاصة الأمريكية والأفغانية فى ننجرهار ربيع عام 2017. وبدا أن ولاية خراسان مرت بعد ذلك بتغييرات داخلية، فقد تولى قيادتها فى البداية المولوى ضياء الحق (أبو عمر الخراسانى)، ومن بعده انتقلت القيادة فى أبريل 2019 إلى أسلم فاروقى وهو باكستانى كان ينشط سابقا فى صفوف طالبان باكستان. وبعد اعتقال فاروقى فى ننجرهار عام 2020 انتقلت القيادة إلى شهاب المهاجر الذى يعتقد أنه عربى من المهاجرين إلى أفغانستان، وكان ينشط سابقا ضمن ما يعرف بشبكة حقانى، وفقا لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سى إس آى إس، وتميز عهد المهاجر بتصاعد كبير فى الهجمات النوعية الضخمة التى شنها التنظيم، بما فى ذلك تفجيرات دامية فى كابول أستهدف أبرزها عيادة للتوليد وجامعة العاصمة الأفغانية.

ومن ناحية أخرى قال الرئيس الروسى بوتين إن عدد عناصر تنظيم داعش فى شمال أفغانستان يبلغ حوالى 2000 شخص، ويسعون لتوسيع نطاق نفوذ المجموعة المتطرفة فى أنحاء دول سوڤيتية سابقة؛ وأكد الرئيس الروسى أن مئات المقاتلين الموالين لتنظيم داعش يحتشدون فى شمال أفغانستان. وصرح پوتين فى اجتماع عقد عبر الفيديو مع قادة دول أخرى كانت منضوية فى الإتحاد السوڤيتى وفقا لمعلوماتنا الاستخباراتية، يبلغ عدد عناصر تنظيم داعش خراسان وحدهم فى شمال أفغانستان حوالى 2000 شخص، وأشار بوتين إلى أن قادة تنظيم داعش فى أفغانستان يسعون لتوسيع نطاق نفوذ المجموعة المتطرفة فى أنحاء دول سوفيتية سابقة فى وسط آسيا، لإثارة نعرات دينية وعرقية، وهى منطقة تعتبرها موسكو ساحة خلفية لها. وأفاد بوتين بأن الإرهابيين يسعون للتغلغل فى أراضى الكومنولث، بما فى ذلك تحت صفة لاجئين، فى إشارة إلى مجموعة من الدول كانت منضوية فى الإتحاد السوفيتى ويتشارك بعضها الحدود مع أفغانستان.

وإلى جانب اعتماد ولاية خراسان على مواقع التواصل الاجتماعى لجذب عناصر جديدة من الشباب المتطرف، عبر الترويج لأفكاره وتوجهاته الأيديولوجية، فإن التنظيم يتبنى مجموعة أخرى من الآليات لتحقيق الهدف نفسه، حيث يحاول التنظيم أن يتبع ما كان يقوم به التنظيم الرئيسى فى العراق وسوريا، قبل انهياره تنظيميا بشكل كامل فى الفترة الماضية، من خلال تبنى أساليب دعوية غير تقليدية، مثل الإذاعات المحلية التى تركز دعايتها على إقامة ما يسمى بالخلافة الإسلامية وقد تمكن تنظيم ولاية خراسان بالفعل من إنشاء إذاعة الخلافة، التى كانت تبث بالأساس بالعربية والبشتونية ثم أضيفت إليها الفارسية والأردية، ورغم أن المقاتلات الأمريكية دمرتها خلال هجمات شنتها فى يوليو 2016، إلا أنه تمكن من إنشاء ترددات جديدة فى المناطق الشرقية والحدودية مع باكستان، يبث عبرها مواد دعائية، مثل التسجيلات المرئية والخطابات، باللغات المحلية. هذا، بالإضافة إلى التحفيز المادى فقد سعى التنظيم إلى استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تواجهها البلاد، خاصة بين قطاعات الشباب الذين يعانون من إرتفاع مستوى البطالة، من أجل دفع عدد منهم للانضمام إليه، وذلك من خلال عرض مبالغ مالية عليهم، وهو ما كشفت عنه السلطات الأفغانية، وفى أكتوبر 2016، بعد إعتقال مسئول تجنيد الشباب فى صفوف تنظيم داعش حيث كان يقوم بمحاولة دفعهم للانضمام إلى صفوف التنظيم مقابل دفع مبلغ 478 دولارا.

وعن التوزيع الجغرافى للتنظيم على خريطة البلاد، تقول الأمم المتحدة أن الخسائر الإقليمية للتنظيم أثرت على قدرة المجموعة على التجنيد وتوليد تمويل جديد، إلا أن التقييمات تشير إلى أن التنظيم يحتفظ بمجموعة أساسية من حوالى 1500 إلى 2200 مقاتل فى مناطق صغيرة من مقاطعتى كونار وننجرهار؛ تتكون المجموعة الأساسية فى كونار بشكل أساسى من مواطنين أفغان وباكستانيين، فى حين أن المجموعات الأصغر الموجودة فى بدخشان وكوندوز وسار إى بول تتكون فى الغالب من الطاجيك والأوزبك المحليين. وأشارت التقارير الأخيرة الصادرة عن وكالات الأمن الأفغانية إلى تعطيل خلية قوامها 450 فردا من تنظيم الدولة الإسلامية ولاية خراسان حول مزار الشريف فى مقاطعة بلخ، مما يشير إلى أن المجموعة قد تكون أقوى فى شمال أفغانستان مما تم تقييمه سابقا. ويضيف تقرير الأمم المتحدة أن ولاية خراسان ما زال يحتفظ ببعض الاتصالات الأساسية مع التنظيم الأم رغم ندرتها، مع الاعتقاد بأن مصادر التمويل منه قد جفت. سابقا كان زعيم التنظيم هو من يقود مكتب الصادق، إلا أنه تم فصل المنصبين لاحقا، حاليا المهاجر يقود التنظيم فى حين يقود مكتب الصادق شخص يعرف بلقب الشيخ تميم، وسابقا كانت قيادة الاثنين لأبو عمر الخراسانى وفقا للتقرير.