الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خواطر فضيلة د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء أيام العتق

ها هى أيام العتق من النار دخلت علينا فتحتاج منا مزيدًا من العمل الصالح لله رب العالمين، درّب نفسَك على الخير فى رمضان، ودُم على الخير بعد رمضان، فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الشهر بدايةً لعمرك؛ حيث جعله مكانًا وزمانًا لنزول القرآن الكريم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ).



 

كيف نفعل الخير؟ قال رسول الله (ص): «من نفّسَ عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على مُعسرٍ يسّر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن ستر مُسلمًا ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وما جلس قومٌ فى بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السَّكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه» صدق رسول الله (ص).. فى تلك الوصايا الجامعة وهى سبع، أولها «من نفّس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا» مريض وقفت معه مديون سددت دَينه، فقير أنهيت عوزه، غارم مسجون أخرجته من سجنه، فعلت خيرًا نفّست فيه كربة فإن الله لا يُضيّعها عليك، ويوم القيامة يوم الكربات يحتاج كل واحدٍ منا إلى هذا التنفيس، ويريد أن يُنَفّسَ عليه يومئذٍ بين يدى المالك سبحانه وتعالى، افعل لآخرتك فى دنياك، عَمّر هذه الحياة الدنيا التى هى موطن امتحان وابتلاء لآخرتك، نفّس الكُرب عن الناس، أصلح بين الناس ففى ذلك تنفيسٌ للكربات.

«ومن يسّر على مُعسر»، والتيسير على المُعسر إما بإنذاره وهو فرضٌ عليك، وإما بإسقاط دَينه، ويجوز أن يكون ذلك من الزكاة فإذا أسقطت دينه أو أنذرته، وإسقاط الدين هنا ليس فرضًا عليك، ولكن هذا من القليل الذى يفوق فيه النفل الفرض، الفرض خيرٌ من النفل دائمًا إلا فى هذه الحالة، وفى قليلٍ من أبواب الفقه نراها تتكرر كرد السلام فإن إلقاء السلام نافلة، ورد السلام واجب، وإلقاء السلام خيرٌ من رد السلام.

إذن فالفرض أفضل من النفل إلا فى أمورٍ قليلة منها إسقاط الدين عن المُعسر، وإن كان نفلًا فهو أفضل من الفرض، والنبى (ص) أمرنا بستر عيوب الناس، وأمرنا ألا نفضح المسلمين، وألا نتكلم فى أعراضهم رجالًا ونساءً، وقال: «إذا رأيت أخاك على ذنب فاستره ولو بهدبة ثوبك»، ما هذا الجمال والرقى عامله كابنك فلو فعل ابنك المعصية سترته، ونصحته، وكان قلبك يتقطع عليه، افعل هكذا مع كل الناس فإن الله سبحانه وتعالى يسترك فى الدنيا وفى الآخرة.

أمّا العلم فما بالكم بالعلم فأول ما نزل (اقْرَأْ)، وهذه أمة علم، ولم يقل أحد الأدباء على مر التاريخ، ولم يرد فى حكمة الحكماء، ولا فى كلام الأنبياء لم يرد أبلغ من هذا «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة» يعنى وأنت تذهب تشترى كتابًا، أو تحضر درسَ علم، أو تذهب إلى جامعتك تُلقى الدرس، أو تستمع إلى الدرس فأنت فى طريق الجنة، هذا تصويرٌ لم يتم إلا على لسان سيد الخَلق وأفصح البشر (ص)، وكتاب الله هو محور حضارة المسلمين، «ما جلس قومٌ فى بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم وأحاطت بهم الملائكة» والخير كل الخير «وذكرهم الله فيمن عنده».