الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رمضانك مصرى .. تترات المسلسلات والبرامج تريند رمضان فى الـ80 والـ90 .. حجـــاب الملقب بساحر الكلمة وملك التتر.. سر نجاح الأعمال الدرامية الرمضانية "3"

ما بين الشهد والدموع، كنا نعيش ليالى الحلمية.. فتأخذنا آلة الزمن لبوابة الحلوانى لنشاهد تفاصيل وأحداثًا مهمة فى تاريخ مصر خلال فترة حكم الخديوى إسماعيل، حتى يأتى العملاق عبدالغفور البرعى وقصة كفاحه للصعود من القاع إلى القمة.. فنلتقى بهوانم جاردن سيتى بروايح الزمن الجميل وسحره الخفى..



 

تتر العمل الدرامى يعيش أكثر من المسلسل نفسه.. فإن عاش 100 عام؛ فإن موسيقى وكلمات التتر وحدها كافية لتعلق فى أذهان أجيال متتالية.. من منا لم يذكر كلمات وألحان كل التترات الجميلة السابقة التى امتدت لأجزاء شكلت ذكرياتنا فى شهر رمضان المبارك على مدار سنوات طويلة.

فنجاح تتر العمل الفنى يشكل جزءًا مُهمًا من نجاح المسلسل الدرامى حيث يمتزج الإيقاع الموسيقى مع أحداث المسلسل فيزيده جمالاً وإبداعًا.

 «الشهد والدموع» 

رغم مرور أربعين سنة تقريبًا على عرضه، إلا أن إبداع الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب فى تأليف كلمات تتر الشهد والدموع ما زال محفورًا فى قلوبنا على ألحان المبدع ذى الطابع الفنى الخاص الراحل الموسيقار عمار الشريعى، فكانت الأسر المصرية بعد الإفطار تلتقى يوميًا بصوت الفنان الكبير على الحجار ليمتعنا بحسه الفنى الراقى وهو يغنى «تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب.. كلنا بنجرى ورا نفس السراب..كلنا من أم واحدة أب واحد دم واحد بس حاسين باغتراب». 

فمنذ عرض أولى حلقات الجزء الأول من المسلسل فى عام 1983 خلال شهر رمضان الفضيل والذى أخرج تفاصيله المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبدالحافظ وكتبه الراحل أسامة أنور عكاشة ملك دراما رمضان، سجل أبطال المسلسل علامة فارقة فى تاريخ الدراما التليفزيونية المصرية التى احتلت إعجاب المشاهدين بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل يوميات وذكريات الأسر المصرية خلال الشهر الكريم.

قصة الصراع على الحق بين شوقى رضوان وشقيقه حافظ، أى الصراع بين الخير والشر ومن سينتصر فى النهاية؟! وهل سيأخذ المظلوم حقه من الظالم؟!.. مَشاهد كثيرة أبكت القلوب متأثرة بجمال الألحان وروعة الموسيقى التصويرية، لكننا كنا ننتظرها بشغف كأننا جزء من أحداثها حتى نتذوق فى النهاية طعم الشهد.

 «ليالى الحلمية»

فيما أبدع الثنائى الرمضانى الجميل إسماعيل عبدالحافظ وأسامة أنور عكاشة مرة أخرى، من خلال رائعتهما التى جسدت حكايات أشهر الأحياء الشعبية فى القاهرة بالمقارنة مع حياة البشوات والهوانم من خلال أسطورة «ليالى الحلمية» والتى عُرض الجزء الأول منها فى رمضان عام 1987 واستمرت لعدة أجزاء وصولا للجزء السادس وكان فى عام 2016، أى استمرت على مدار أكثر من 35 سنة، فتعلقنا بالصراع الدائر بين سليم البدرى وسليمان غانم وبينهما نازك السلحدار. 

ويكتمل مثلث الإبداع بكلمات سيد حجاب على تتر الأجزاء الستة لليالى الحلمية...وهذه المرة بصوت العملاق محمد الحلو وألحان الموسيقار الكبير الراحل ميشيل المصرى... 

تتر «ليالى الحلمية» وصل لدرجة العشق من قبَل المشاهدين فى البيوت المصرية حيث يعد أشهر تتر درامى ارتبط بشهر رمضان الكريم، فاختلاف الزمن وتوالى الأجيال لم يمنعنا من الاستمتاع بسماع صوت الحلو كل سنة ومع كل جزء من أجزاء المسلسل وكأنه تتر بأغنية جديدة.. لكن «ولفين ياخدنا الأنين لليالى ما لهاش عينين ولفين ياخدنا الحنين لواحة الحيرانين...ما تسرسبيش يا سنيننا من بين إيدينا ولا تنتهيش ده احنا يا دوب ابتدينا.. واللى له أول بكرة حيبان له آخر.. وبكرة تفرج مَهما ضاقت علينا»…

 «بوابة الحلوانى»

روائع الشاعر سيد حجاب لم تنتهِ إلى هذا الحد بل امتدت لكتابة كلمات تتر لرائعة درامية جديدة فى عام 1992 بالصوت العذب لعلى الحجار وعلى ألحان الموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدى؛ حيث استمرت على مدار أربعة أجزاء متتالية من تأليف محفوظ عبدالرحمن وإخراج إبراهيم الصحن وهى رائعة «بوابة الحلوانى» التى كنا ندق عليها لنتابع أحداث تاريخ مصر فى عهد الخديوى إسماعيل.

فقبل أن ندخل من البوابة يخطفنا حجاب بروعة كلماته ونسرح مع جمال ألحان بليغ «... فكنا ندق ندق بوابة الحياة بالإيدين قومى، قومى افتحى لأولادك الطيبين قومى، اللى بنى، بنى مصر كان فى الأصل حلوانى وعشان كده مصر يا أولاد، مصر يا أولاد حلوة الحلوات... وادى وبوادى وبحور وجسور وموانى، توحيد وفكر وصلاة تراتيل غنا وابتهالات وكل ده فى مصر يا أولاد حلوة الحلوات».  

واشتهرت وقتها كلمات حجاب بشكل كبير حتى أصبحت تتردد كثيرًا؛ وبخاصة عبارة «اللى بنى مصر فى الأصل حلوانى» مما جعل الكثير يبحث عن سبب وأصل هذه العبارة، فيقال قديمًا أن جوهر الصقلى ويسمى أيضًا بجوهر الرومى الذى وُلد عام 928 ميلادياً كان أهم وأشهر قائد فى التاريخ الفاطمى وهو مؤسس مدينة القاهرة الفاطمية. 

وجوهر الصقلى كان يجيد صناعة الكنافة والحلوى قبل بيعه كمملوك للخليفة المنصور بالله الفاطمى والذى ألحقه بالجيش ولذلك سُمى بالحلوانى. 

المسلسل التاريخى سلط الضوء على النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية لحقبة زمنية مهمة فى تاريخ مصر جسّدها المبدع حجاب فى كلمات الأغانى والفواصل المتعددة خلال أحداث الحلقات من خلال ألحان بليغ الساحرة التى زادتها جمالا، فخرج بهذا الشكل الذى نال إعجاب المشاهدين فى التسعينيات.

 «لن أعيش فى جلباب أبى»

هو خير نموذج على أن الموسيقى تلعب فى كثير من الأحيان دورًا كبيرًا فى توصيل المشاعر والأفكار حتى دون كلمات، فعندما تتكلم الألحان والإيقاعات مع كل مشهد وعلى لسان نجوم العمل الدرامى.. فيكتب لهذا العمل على الفور شهادة نجاح وكسب قلوب المشاهدين، مثلما حدث بالفعل مع عبدالغفور البرعى وفاطمة من خلال رائعة «لن أعيش فى جلباب أبى» رواية الكاتب الكبير الراحل إحسان عبدالقدوس وسيناريو وحوار السيناريست المتميز الراحل مصطفى محرم ومن إخراج المبدع الراحل أحمد توفيق.

مسلسل عبدالغفور البُرعى المصنف بالأكثر عرضًا على شاشات القنوات التليفزيونية أو يلقب بالتريند الرمضانى بلغة العصر وتم عرضه لأول مرّة فى رمضان عام 1996 ولارتباط المشاهدين به وبتفاصيله المثيرة يبحث عنه عشاقه كل عام ليذكرهم بأجواء رمضان الجميلة.

تتر الموسيقار الكبير الراحل حسن أبو السعود شارك بشكل كبير فى الخلطة السحرية التى دفعت لنجاح المسلسل للنجم الكبير الراحل نور الشريف والمبدعة الفنانة عبلة كامل والفنان محمد رياض مع نجوم كبار نستمتع بهم كل مرّة ونحن نتابع أحداث عائلة عبدالغفور البرعى بنفس الشغف والدأب فى المشاهدة تمام مثل المرّة الأولى التى عُرض فيها هذا المسلسل.

 «هوانم جاردن سيتى»

على سحر صوت المطربة المميزة هدى عمار وموسيقى راجح داوود فى عام 1997، التقينا بهوانم جاردن سيتى وهو أشهر المسلسلات الكلاسيكية فى تاريخ الدراما التليفزيونية من تأليف الراحلة العظيمة الكاتبة منى نور الدين وإخراج المخرج الكبير أحمد صقر، فكنا نستمتع بتمثيل أبطال وبطلات الذى يأخذنا لزمن الهوانم والبشوات خلال العصر الملكى ونتابع بشغف قصص الحب المختلفة التى تجمع بين الشخصيات الدرامية حتى تصل الأحداث إلى ثورة يوليو 1952 والمتغيرات التى طرأت على الطبقات الإجتماعية فى تلك الفترة.

المثلث الفنى الجميل لتتر هوانم جاردن سيتى اكتمل بإبداع سيد حجاب فى كلماته المتميزة الساحرة كأنه علامة لجودة العمل الدرامى ودليل واضح على نجاحه... فكلمات حجاب وحدها كافية لتجعلك تتخيل وتنادى «يا روايح الزمن الجميل هفهفى وخدينا للماضى وسحره الخفى ورفرفى يا قلوبنا فوق اللى فات وبصى للى جاى وانتى بترفرفى يا روايح الزمن الجميل لا السنين بتطفى فى قلوبنا حنان الحنين ولا احنا عارفين احنا مين وللا فين».

 «برامج البهجة»

وفى السياق ذاته؛ فإن صناعة البهجة من خلال الدراما والبرامج ليست عملية سهلة وسرها فى البساطة وتقديم الجديد الذى يبهر المُشاهد على مدار سنوات طويلة وهو ما حققته أشهر برامج شهر رمضان التى اعتاد الجمهور المصرى على مشاهدتها وانتظارها كل عام حتى أصبحت زينة الشهر الكريم على الشاشة الصغيرة.

برنامج «يا تليفزيون يا» للفنان الكبير ورسام الكاريكاتير الراحل رمسيس حقق نجاحًا غير مسبوق؛ حيث بدأ عرضه فى عام 1984 واستمر على مدار أكثر من 20 سنة... بل تحدى الزمن بموسيقى تتر عبقرية للراحل محسن عدلى ما زالت تعيش حتى الآن وإذا تم سماعها...نتذكر على الفور شخصيات ونجوم الفن والصحافة والأدب والرياضة... نجوم «يا تليفزيون يا».

وفى التسعينيات وتحديدًا منذ عام 1990، برنامج «كلام من دهب» للإعلامى الكبير طارق علام، حقق انتشارًا وشعبية كبيرة استمرت لسنوات طويلة فكان الجميع وقتها يتمنى أن يقابل طارق علام فى الشارع ليسأله سؤالا مقابل جنيه ذهب لأن «كان الكلام من فضة دلوقتى أصبح دهب، خليك معانا اليوم ده هتلاقى عجب العجب.. جاوب هتكسب دهب دهب»، وهذه الكلمات لمحمد فضل وتوزيع محمد مصطفى وألحان وغناء رياض الهمشرى والإخراج لنبيل عبدالعظيم تعد علامة من علامات البرنامج الأكثر شهرة وأوفرها حظًا وسط برامج المسابقات والمساعدات الإنسانية.

أما الحوار الصريح فكان مع الإعلامية منى الحسينى التى تميزت لسنوات عدة خلال شهر رمضان بلقاء عدد كبير من النجوم وطرح أسئلة جريئة عليهم تتطلب الرد فى إطار برنامج «حوار صريح جدًا».. الذى رسم مع التتر الخاص به بأغنية «حوار صريح جدًا جدًا» من كلمات عبدالسلام أمين وغناء وألحان المطرب الكبير الراحل على حميدة، طابع متميز خلال الشهر الكريم كنا ننتظره كل عام لمتابعة أخبار نجوم الفن والرياضة والصحافة.

أما النصائح الغذائية خلال الشهر الكريم فكنا نشاهدها من خلال برنامج «صحة وعافية» لعدد من النجوم، ومنهم ليلى فهمى ومحمود التونى، فهو برنامج اجتماعى يختلط بالدراما وتميز بتتر بسيط ومبهج على كلمات مناسبة وموسيقى لجورج أنور من إخراج رضا شوقى.

أما سلسلة برامج «الكاميرا الخفية» فهى عنوان البهجة خلال الشهر الكريم حيث بدأت الفكرة بإنتاج طارق نور فى الثمانينيات، بموسيقى العبقرى محمد هلال التى ارتبطت فى أذهان الجمهور بمواقف الكوميديا الراقية حيث رسمت البسمة على وجوه المصريين لسنوات طويلة.

قدم البرنامج لأول مرة فى عام 1983 الفنان الكبير أستاذ المسرح الراحل فؤاد المهندس وكان يقوم بأداء المقلب الفنان إسماعيل يسرى ومحمد جبر، ويعتمد على أن الناس هم أبطال الحلقات حيث يتم تعريضهم لمواقف كوميدية ومقالب يظهر فيها رد فعلهم بشكل طبيعى وهو ما يفجر الكوميديا والضحك.

كما قدم الفنان محمود الجندى فى النصف الثانى من التسعينيات كاميرا خفية بعنوان «حاجة تجنن».

أما فى رمضان 1997، بدأ عصر جديد للكاميرا الخفية من خلال المواسم التى قدمها حيث كان نصر فى طريقه لاستخراج بعض الأوراق الخاصة به عندما قابل وقتها الذى طلب منه تقديم فكرة لبرنامج مقالب كوميدى، وبالفعل تم عمل نسخة جديدة من الكاميرا الخفية ولكن بأسلوب إبراهيم نصر بشخصية زكية زكريا وغباشى النقراشى مع المخرج رائد لبيب والمؤلف فداء الشندويلى، الثلاثى الذى حقق نجاحًا مبهرا لدرجة أنه يقال فى تصريحات صحفية مختلفة أن كمية الإعلانات التى وردت للبرنامج وقتها أدت إلى حدوث تأخير فى الخريطة البرامجية وعرض المسلسلات خلال شهر رمضان.

وفى عام 2003 قدم  الفنان محمود عزب والفنان حجاج عبدالعظيم برنامج كاميرا خفية باسم «بهلول ولسان العصفور» ثم ظهر بعدها برنامج «ادينى عقلك» للمخرج على العسال وهو برنامج كاميرا خفية قدمه فى أوائل الألفية على القناة الثانية وكان يشارك فيه الفنان منير مكرم وحسين مملوك.

ثم توالت أفكار الكاميرا الخفية حيث كان أيضًا للفنان الراحل حسين الإمام تاريخ مع الكاميرا الخفية، لكنها كانت مقالب فى الفنانين، قدمها فى أكثر من برنامج، كما كانت هناك برامج أخرى تعتمد أيضًا على عمل مواقف كوميدية فى الفنانين مثل برنامج «حيلهم بينهم»وغيره. 

ما عرضناه خلال السطور السابقة يعد نقطة فى بحر الفن والإبداع المصرى بمختلف أشكاله ونموذج مصغر لدراما رمضان الساحرة التى أمتعتنا على  مدار سنوات طويلة... التى عندما نكتب عنها نسترجع معًا رمضان بطعم زمان.