الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شراكات واتفاقيات مع مصر بقيمة 58 مليار دولار فى أقل من شهر ثقة عالمية فى الاقتصاد المصرى

صفقات واتفاقيات عديدة استطاعت مصر فى أقل من شهر أن تعقدها، حصدت خلالها حوالى 58 مليار دولار حيث تبلغ قيمة صفقة رأس الحكمة 35 مليارًا، والبرنامج مع صندوق النقد الدولى 8 مليارات، إضافة إلى الحزمة المالية من الاتحاد الأوروبى بـ8 مليارات، وتمويل البنك الدولى بحوالى 6 مليارات و1.2 مليار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد.



تؤكد تعهدات التمويل، وكذلك الاستثمارات الإماراتية، على أهمية مصر كدولة محورية فى الشرق الأوسط وأنها أكبر من أن تنهار. تسلط حرب إسرائيل مع حركة «حماس»، والصراع الدائر فى السودان المجاور، الضوء على الثقل الإقليمى لمصر.

 

كما أن التوصل إلى هذه الاتفاقيات من شأنه أن يسهم فى حل أسوأ أزمة اقتصادية مرت بها مصر منذ عقود، حيث تزيد حرب إسرائيل على غزة المجاورة من الحاجة الملحة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى فى أكبر دولة بالشرق الأوسط من حيث عدد السكان.

لتوفير السيولة الأجنبية قبيل خطوات الإصلاح الاقتصادى، وقعت مصر والإمارات مؤخرًا صفقة استثمار عقارى، تستحوذ بموجبها شركة «القابضة» (ADQ) على حقوق تطوير مشروع «رأس الحكمة» مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، بجانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التى سيتم استخدامها للاستثمار فى مشاريع رئيسية بجميع أنحاء البلاد.

كما سمح البنك المركزى بتخفيض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهرًا مقابل الدولار، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس فى اجتماع استثنائى.

 شراكة الاتحاد الأوروبى

وقد وقعت مصر والاتحاد الأوروبى وثيقة للشراكة لإطلاق مسار ترفيع العلاقات بين الطرفين إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية والشاملة» بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين ورؤساء وزراء إيطاليا وبلجيكا وقبرص واليونان والنمسا.

الاتفاقية تتضمن استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقد اقترح الاتحاد الأوروبى حزمة دعم مالية واستثمارية بقيمة 8.06 مليار دولار فى المدة من 2024 حتى 2027. وقالت الوثيقة إن الدعم المالى سيتم توزيعه بقيمة 5.45 مليار دولار قروضًا ميسرة، و1.96 مليار دولار استثمارات إضافية فى إطار الخطة الاقتصادية واقتصاد الجوار الجنوبى، و653.7 مليون دولار فى شكل منح منها 217.9 مليون دولار لإدارة الهجرة. واستضافت القاهرة قمة مصرية أوروبية، لرفع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية والشاملة».

 الشريك الأكبر

على صعيد متصل، كشف تقرير للتمثيل التجارى، أن الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأكبر لمصر. تجاوز إجمالى حجم التجارة 37 مليار يورو فى عام 2022، إذ بلغت الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى 16.3 مليار يورو، وشهدت زيادة بمعدل سنوى قدره 79 % مقارنة بعام 2021، وبلغت الواردات المصرية من الاتحاد الأوروبى فى نفس العام 20.8 مليار يورو. وذكر يحيى الواثق بالله رئيس التمثيل التجارى، أن صادرات مصر غير النفطية إلى الاتحاد الأوروبى فى عام 2022 تجاوزت 9.3 مليار يورو.

وفى إطار ترفيع العلاقات سيكون هناك حزمة مالية كبيرة تعكس ثقة الاتحاد الأوروبى فى الاقتصاد المصرى وقوته ومكانته، وتتكون حزمة الاتحاد الأوروبى لمصر من ثلاث مكونات:

1 - قروض ميسرة بفائدة منخفضة للغاية وفترة سماح وسداد طويلة لا تقل عن 20 عاما.

2 - تشجيع الشركات الأوروبية الكبرى على الاستثمار فى مصر فى مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة والزراعة وتوطين صناعات» الأدوية والسيارات والرقمنة والذكاء الاصطناعى».

3 -منح لا تُرد وتشمل دعم فنى فى مجال التدريب وخلافه.

يحظى الملف الاقتصادى بأهمية كبيرة فى إطار التعاون الاستراتيجى المصرى الأوروبى، ولعل أحد الاعتبارات الرئيسية التى تزيد من أهمية زيارة الوفد الأوروبى إلى مصر ترتبط بالتوقيت الذى يشهد إجراءات متسارعة من الدولة المصرية لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادى، خصوصًا فى أعقاب الاتفاق على مشروع رأس الحكمة مع الإمارات، وقرارات البنك المركزى المصرى الأخيرة بخصوص رفع سعر الفائدة بـ 600 نقطة أساس وتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، والاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى، وهى الإجراءات التى زادت من حجم الثقة فى الاقتصاد المصرى.

ترتبط مصر مع الاتحاد الأوروبى بمجموعة من الاتفاقات الاقتصادية المهمة، فمصر ترتبط مع الاتحاد الأوروبى بعشرات الاتفاقات الاقتصادية، التى تشمل العديد من المجالات التنموية والاقتصادية، كما أن الاتحاد الأوروبى يعد واحدًا من أهم الشركاء التجاريين لمصر، وفى ضوء هذه الاعتبارات يمكن القول إن البعد الاقتصادى على المستوى الثنائى سوف يكون على رأس أولويات هذه الزيارة، على قاعدة تعزيز أوجه التعاون، ودعم جهود التنمية المستدامة.

وشكلت زيارة الوفد الأوروبى إلى مصر، تأكيدًا على تعاظم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وفى هذا الإطار يمكن القول إن أجندة العمل المشتركة للجانبين خصوصًا على المستوى السياسى والإقليمى، تشمل فى الفترة الراهنة العديد من الملفات والأولويات الملحة.

 فائض دولارى

وتوقع بنك جولدمان ساكس فائضا فى التمويل الخارجى لمصر بنحو 26.5 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة مقابل توقعات سابقة بعجز تمويلى يقدر بـ13 مليار دولار، وذلك بدعم من تمويل صندوق النقد الدولى وشركاء آخرين بجانب تدفقات صفقة رأس الحكمة.

ومن المرجح أن يرتفع الاستثمار الأجنبى المباشر هذا العام وحده بوتيرة أسرع من المتوقع ليصل إلى أكثر من 33 مليار دولار، مع توقعات باستقرار الوضع الكلى وانتعاش الاستثمار فى المشاريع الجديدة.

واعتبارًا من 2025 فصاعدًا، فإن الاستقرار الكلى، وتخفيف المخاوف بشأن العملة والاستثمارات المتوقعة فى رأس الحكمة وغيرها من المشاريع المماثلة، من شأنها أن تؤدى إلى ارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر «بشكل كبير» من 9 مليارات دولار فى 2023، إلى أكثر من 19 مليار دولار بحلول عام 2027 وفقًا لتوقعات البنك.

وأضاف التقرير أنه متوقع أيضًا عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية هذا العام، لا سيما فى السوق المحلية، وكل هذا ينبغى أن يؤدى إلى تعزيز كبير فى الاحتياطيات الخارجية.

«نتوقع أن يرتفع إجمالى احتياطيات النقد الأجنبى إلى أكثر من 61 مليار دولار بحلول نهاية عام 2027، بعد أن يصل إلى 50 مليار دولار بنهاية 2024»، وفقا لجولدمان ساكس.

واعتمد البنك فى توقعه على أن تحويل ودائع دول مجلس التعاون الخليجى إلى مساهمات فى المشروعات المحلية ما يقلل من التزامات البنك المركزى المصرى بمقدار 21 مليار دولار، 11 مليار دولار منها تم الإعلان عنها بالفعل ضمن صفقة رأس الحكمة، مع افتراض 10 مليارات دولار أخرى لصفقات مماثلة هذا العام.

 اتساع الحساب الجارى

ويشير البنك فى تقريره «نتوقع أن يتسع عجز الحساب الجارى بشكل مطرد من 1.7 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2023 إلى نحو 2.5 % من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات الأربع المقبلة، ويعد هذا تعديلا كبيرا للتوقعات السابقة، بأن يتقلص العجز إلى 1.5 % من الناتج المحلى الإجمالى بحلول نهاية عام 2027».

ويقول البنك إن فى حين أن انخفاض سعر الصرف الرسمى قد يدعو للوهلة الأولى إلى تعزيز القدرة التنافسية وتضييق الميزان التجارى، فإننا نعتقد أن العكس هو الصحيح.

برر التقرير السبب فى أنه لم يكن هناك انخفاض فعال فى قيمة العملة نظرا لعدم واقعية السعر الرسمى والاستخدام الواسع النطاق لسعر السوق الموازى فى معاملات العملات الأجنبية على مدى العامين الماضيين.

بالإضافة إلى أنه من شأن زيادة توافر العملات الأجنبية أن تخفف من القيود الرئيسية على نمو الواردات، ومن المرجح أن تؤدى زيادة الاستثمار الأجنبى وخاصة فى قطاع العقارات إلى تعزيز الطلب المحلى على المدى المتوسط.

يتوقع أيضًا نموًا قويًا فى الصادرات بدعم من الوصول إلى المواد الخام اللازمة للإنتاج، ولكن هذا لن يعوض نمو الواردات.

يعتقد البنك أن الجنيه سيستمر فى تعزيز قوته فى الأسابيع والأشهر المقبلة على خلفية التدفقات القوية من العملات الأجنبية موضحا «انخفاض قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار الفائدة، وتوقعات النمو الأعلى، كلها أمور تدفعنا إلى الاعتقاد بأن التحويلات المالية للعاملين بالخارج ستعود بشكل أسرع وبحجم أكبر، مما يعوض الكثير من اتساع العجز التجارى».

وأوضح التقرير أنه قبل تخفيض قيمة الجنيه، تراوحت تقديرات الطلبات المتراكمة على العملات الأجنبية بين 5 إلى 10 مليارات دولار، وقد بدأت البنوك المحلية فى تصفية هذه الطلبات المتراكمة فى الأيام الأخيرة، ويفترض أنه سيتم إنفاق حوالى 7 مليارات دولار من العملات الأجنبية فى نهاية المطاف لهذا الغرض هذا العام.وينعكس هذا كزيادة فى مدفوعات الحساب الجارى أو التدفقات الخارجة من حساب رأس المال.

 البنك الدولى

بجانب ذلك، أعلن البنك الدولى بعد يوم من شراكة الاتحاد الأوروبى إنه سيقدم لمصر أكثر من 6 مليارات دولار، مما يرفع قيمة خطة الإنقاذ العالمية للاقتصاد المتعثر للدولة الواقعة فى شمال أفريقيا إلى أكثر من 50 مليار دولار فى الأسابيع القليلة الماضية.

وقال البنك ومقره فى واشنطن، إن نصف التمويل هذا، الذى يُمنح على مدار السنوات الثلاث المقبلة، يستهدف الدعم الحكومى، بينما تهدف البقية إلى دعم القطاع الخاص الذى أكد المسؤولون المصريون أنه ركيزة النمو الاقتصادى المستدام على المديين المتوسط والطويل.

وقال البنك الدولى إنه يدعم الإجراءات التى تتخذها مصر من أجل تعافيها الاقتصادى، واستعادة مسار مستدام للنمو الشامل.

كان التمويل الأخير متوقعًا، وسوف يعزز الثقة المتجددة فى التزام السلطات المصرية بالمضى قدمًا فى الإصلاحات. أصبحت هذه الإجراءات مُلحّة فى الوقت الذى تعانى فيه الدولة التى يزيد عدد سكانها عن 105 ملايين نسمة من أسوأ أزمة عملة أجنبية منذ عقود، ومعدل تضخم وصل إلى مستويات قياسية.

ويقول زياد داود، كبير الخبراء الاقتصاديين بالأسواق الناشئة: هذا التمويل من قبل البنك الدولى يرفع إجمالى التعهدات المالية لمصر إلى 58 مليار دولار. وهذا يكفى لمعالجة نقص الدولار فى البلاد لبضع سنوات. ولكن معالجة العجز التجارى المزمن، ومرونة سعر الصرف، ودور الجيش المهيمن فى الاقتصاد، سوف يتطلب أكثر من مجرد إنفاق الأموال لحل هذه المشاكل.

بعد هذه التحركات، رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى النظرة المستقبلية الائتمانية لمصر إلى إيجابية. قال البنك الدولى إن برنامجه سيركّز على زيادة الفرص للقطاع الخاص، و«تعزيز حوكمة الشركات المملوكة للدولة، وتحسين كفاءة وفعالية إدارة الموارد العامة».