مايوه جدتى مسرحية من فصل واحد بسبعة مشاهد
بقلم الكاتب الكبير: إبراهيم عيسى
يقف فاروق عند باب شقته ينظر إلى الدور التحتانى من بير السلم، ينادى بصوت ودود وبإلحاح فاروق: تعالى بس. اطلع. خمس دقايق يا راجل. على الأقل نشرب الشاى
واضح أن الطرف الآخر يستجيب ويطلع درجات السلم فيسبقه فاروق ويدخل الشقة فى انتظاره فاروق رجل فى نهاية الأربعينيات من عمره يرتدى بيجامة تقليدية ونظارة كلاسيكية وشراب تحت شبشب ونرى الشقة فى صالتها الواسعة تظهر كأنها من الطراز القديم؛ حيث السقف العالى والأثاث الأنيق القديم، يدخل الرجل مرتديا ملابس موظف مصرى صميم يمسك تحت إبطه بشنطة صغيرة منتفخة
الرجل: السلام عليكم
فاروق: يا ألف مرحب اتفضل
يجلس فاروق على كرسى ضخم بمسند طويل عريض كأنه كرسى العرش بينما الرجل اتخذ مقعدا صغيرا ضئيلا
فاروق ينادى على الداخل
فاروق: شاى للأستاذ فتيحة يا توتو
يلتفت لفتيحة
فاروق: يا هلا يا أستاذ فتيحة.
فتيحة: أهلا يا أستاذنا.
فاروق: إحنا نعرفك من قد إيه يا فتيحة
فتيحة: أنا بأشتغل فى المنطقة من سنين، يجى عشرة ولا خمستاشر
فاروق: ياه صحيح، يعنى عارف كويس بيت محمد أفندى
يضحك فتيحة مجاملا
فتيحة: طبعا من يوم ما استلمت وهمه قالوا لى أن أقدم بيت فى المنطقة هو بيت محمد أفندى فاروق: لا ده مش أقدم ده أول بيت فى المنطقة. الحقيقة هوه مكانش فيه منطقة أصلا. دى كانت صحرا تقريبا لغاية ما اتبنى بيت محمد أفندى
فاروق يطرق برأسه ناحية فتيحة
فاروق: لكن عمرك ما سألت مين هو محمد أفندى ده
فتيحة: الحقيقة لا
فاروق: مع إنك بتشوف أفندية كتير بقالك سنين هنا وعمرك ما سألت مين هوه محمد أفندى ده وهل لسه أفندى ولا بقى بيه ولا باشا
فتيحة: الحقيقة لا
فاروق: واضح أنك لا تتمتع بغريزة الفضول وليس لديك الشغف بالتاريخ
فتيحة: يعنى إيه شغف
فاروق: مش عارف يعنى شغف، يعنى قمة الحب والتعلق والهيام، يعنى تعرف معنى التاريخ
فتيحة: طبعا أنا درست التاريخ فى المدرسة
فاروق: وهم بيدرسوا تاريخ فى المدارس
فتيحة: طبعا
فاروق: لا كمان!!، ولديك يقين الحقيقة الواحدة!
فتيحة: مش فاهم
فاروق: كويس خليك كده أحسن عشان تعرف تعيش ما هو دلوقت حاجة من اتنين يا تفهم، يا تعيش. ساعتها أنت طبعا ح تختار إيه
فتيحة: ح اختار أعيش
فاروق: ما أنت فاهم أهو
ينتبه لأن الشاى لم يأت
فاروق: الشاى ياتوتو
فتيحة: لا مفيش داعى أنا مستعجل لسه ورايا زيارات
فاروق يسأله
فاروق: مخلص أنت فى شغلك يا فتيحة؟
فتيحة: الحمد لله
فاروق: الحمد لله إيه. يعنى الحمد لله إنك مخلص ولا الحمد لله إنك مش مخلص، الحمد لله مش كفاية كإجابة
فتيحة يزهق يحاول القيام
فتيحة: طيب تؤمرنى بحاجة يا فاروق بيه
فاروق: بيه. فكرتنى بمحمد أفندى
يزعق
فاروق: فين الشاى يا توتو
ملتفتا لفتيحة
فاروق: أقعد بس يا فتيحة
فتيحة: والله ورايا شغل
فاروق: ما أهو اللى ح أقولهولك ده يهمك فى الشغل ويفرق معاك جدا فى الشغل
يقعد فتيحة على آخره
فاروق: كان فيه عيلة كبيرة فى شربين ومحيطها، عارف شربين
فتيحة: آه طبعا
فاروق: شربين مش شبين أصل دى دقهلية ودى منوفية. تفرق مش كده
فتيحة: كلها بلاد طيبة
فاروق: أصلى أنا من شربين. المدام من شبين، أنا دورت فى معنى الكلمتين الحقيقة
هل أقولك الفرق بينهم
فتيحة: لأ
فاروق: فعلا
فتيحة: آه لأ
فاروق: آه نسيت إنك لا تتمتع بغريزة الفضول، المهم العيلة دى بتاعة شربين مش شبين، كانت عائلة ناجحة جدا كتجار ومزارعين لكن أحد الإخوة فيهم وهو السيد السيد العنانى قرر أن يعلم ابنه الوحيد على ست بنات ولما نجح فى التعليم واتخرج من كلية الحقوق قرر أبوه يبنى له بيت فى مصر أم الدنيا يعيش ويشتغل فيها متر قد الدنيا، بيت لمحمد
أفندى يتجوز فيه ويعيش معاه عياله كمان لما يخلف، وبقى ده بيت محمد أفندى، اتجوز محمد أفندى السيدة فاطمة الجميل فى البيت ده، وربنا رزقه بعد فترة كبيرة اتحرم منها من الخلفة بابن واحد هو حسين محمد السيد السيد العنانى، اللى اتربى فى البيت ده وكبر فيه واتجوز، بقى هو فى دور وأبوه فى دور وفضل الدور التالت من غير سكان، اتساب لأهل البلد لما ييجى ضيف منهم، حسين خلف نجوى البكرية وبعد وقت طويل شوية خلف بعدها فاروق، أنا يعنى، وحامد أخوى، رحل عنا الوالد العزيز رحمه الله وكانت نجوى اتجوزت من سعيد يكبرها بعدة سنوات لكنه كان ابن باشوات من عالم الزمن الجميل والهواء العليل وشط النيل وشمس الأصيل والباقة الكاملة بتاعة الفترة دى، وسكنوا الدور الأولانى وأنا فى الدور التانى وحامد أخوى فى الدور التالتانى،
الملل يقتل فتيحة ويكاد ينفجر حين يصرخ فاروق
فاروق: الشاى يا توتو معقولة التأخير ده كله
يكمل فاروق
فاروق: عيلة واحدة إحنا رغم الأدوار التلاتة. عداد كهربا واحد هو ما يجمعنا، كان عنوان التآلف والتآزر والمودة والرحمة فى هذه العائلة على مدى ستين عاما،
فتيحة: ربنا يخليكو لبعض.. أنا عندى شغل يا أستاذ فاروق
فاروق: ما أنا الشغل يا فتيحة
فتيحة: إزاى
فاروق: أقولك إزاى أنا بقالى كتير منتظر السؤال ده، من شهر يا فتيحة جات فاتورة الكهربا، وكان المطلوب خمسة آلاف جنيه، الرقم كان رهيبا، شكينا واشتكينا لكن دى الأسعار الجديدة. عارف إيه اللى حصل يا فتيحة، العيلة انقسمت تماما، كل واحد قال أنا مش دافع ألف وستمائة وستة وستون جنيها فقط لا غير أنا مستهلكتش كهربا بالفلوس دى كلها، طبعا سعيد ونجوى مستحيل فعلا يستهلكوا بخمسة جنيه فكل عيشتهم فى الظلال والإضاءة الخافتة عصفورين كناريا فى ربيع العمر رغم أن البعض قد يتصور إنهم مصاصين دماء ويكرهوا أى نور، تخيل يا فتيحة أننا بعد ستين سنة اتخانقنا والولاد اتجمعوا وقرروا يبقى لكل شقة عداد كهربا لوحدها، فرقتونا ومزقتونا وشتتونا وأوقعتم الفتنة بيننا يا فتيحة، أنت لازم كمحصل كهربا تشعر بالعار يا فتيحة، العار عليك وعلى الهيئة العامة للكهرباء
تندفع توتو من خارج الشقة وهى تحية زوجة فاروق ومحتفظة بشبابها وترتدى ملابس غير بيتية
توتو: الحق يافاروق
يندهش فاروق من أنها كانت خارج الشقة
فاروق: إيه ده ياتوتو هو إنتى مكنتوش فى البيت ولا كنتى بتعملى شاى
توتو: شاى إيه وحلبة إيه يا فاروق. حامد نازل ضرب فى شيماء بنته وصريخها مالى البيت مش سامع تنطلق صرخة الآن
فاروق: دلوقت سامع
توتو: إزيك يا عم فتيحة.
ثم فى جدية شديدة
توتو: الله يخرب بيتك يا فتيحة
فتيحة: تسلمى يا هانم
توتو: ياله الحق بنت أخوك ح تموت فى إيده
فاروق: ليه إيه اللى حصل
توتو: شيماء قلعت الحجاب
يظل فتيحة واقفا حائرا بعد أن تركه فاروق وتوتو وحده فى الشقة مفتوحا بابها وفارغا عليه فإذا بتوتو تظهر مندفعة نحو الباب قادمة من السلالم كأنها تذكرت شيئا تقف عند الباب وتصرخ فى فتيحة توتو: ألف وستمائة وستة وستين جنيه!. الله يخرب بيتك يا فتيحة
نحن الآن فى صالة شقة حامد، فى اتساعها تشبه شقة فاروق لكن الأثاث الموزع فيها يحمل ذوقا خشنا والجدران بلا صور.
فقط آيات قرآنية وسجادة صلاة بما يشى بتزمت غير مبالغ فيه لدى سكان الشقة، نرى حامد شاخطا ساخطا تحاول زوجته أنعام أن تقف ضد اندفاعه ناحية شيماء التى تجرى منه منكوشة الشعر واضح إنه شدها بينما إسلام شقيقها يجلس واضعا سماعتين على أذنيه ويحدق فى تليفونه المحمول ولا هنا تماما، ينصت لأغنية غير مبال بهم، إذا بوالده يندفع ناحيته بدلا من التوجه ناحية شيماء ويخلع عنه بشكل مفاجئ وغاضب السماعات.
حامد: بدل ما تقوم أنت تضربها قلمين ولا تصكعها علقة قاعد تتدلع وتسمع أغانى
إسلام الذى انتفض وشوح بيديه
إسلام: مبسمعش أغانى أنا باعمل تقرير للموقع
يمشى منصرفا إلى داخل غرفته بينما الأب يشتعل غضبا فيجرى يلحق شيماء على باب غرفتها وهى تحاول الدخول بينما يمسكها وتسقط أنعام على الكنبة متعثرة يدخل فاروق ومعه توتو، يندفع نحو حامد ينزع يديه من على شيماء
فاروق: فيه إيه يا حامد أنت اتجننت. تضرب بنتك شيماء ده حتى بجاد معملش كده
إنعام الملقاة على الأرض تحاول النهوض
توتو: وهو أنت ح تجيب حامد لأحمد مظهر برضه يا فاروق
شيماء ترمى نفسها فى حضن توتو بينما حامد يتجه لزوجته
حامد: ما أنتى لو واخدة بالك منها وعارفة التزامات دينك مكانتش اتجرأت بنتك وخلعت الحجاب، يتجه نحو شيماء
حامد: ده شرع ربنا وفرض ربنا وح تلبسيه بالجزمة
فاروق: الله يقوى إيمانك يا أبو حذيفة
حامد: بتتريق يا خويا
فاروق: ليه أنت مش مخلف لوح اسمه حذيفة. ثم فرض ربنا إيه اللى بتتكلم عنه
حامد: الحجاب يا فاروق
فاروق: فرض إزاى يعنى أنت عايز تعمله زى الصوم والصلاة
حامد: آه
فاروق: آه فى عينك، ده منين الكلام ده
حامد: من شيوخ الإسلام
فاروق: أهو أنت قلت بنفسك، مش من الإسلام، من شيوخ الإسلام ودول شيوخك أنت مش شيوخ الإسلام. الإسلام أصلا مفهوش شيوخ
حامد: يعنى إيه
فاروق: يعنى فروض الإسلام هى أركانه، شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج لمن استطاع إليه سبيلا. محدش قال إنه الحجاب فرض
حامد: بقى أنت يا فاروق اللى ح تفتى فى الدين
فاروق: ويعنى الاجزاخنجى زميلك فى الشغل اللى بتصلى وراه فى الجامع يفهم إيه أحسن منى
حامد: درس دينه
فاروق: وأنا درسته
حامد: درسته فين
فاروق: أمال الكتب اللى فوق دى إيه سندات شاى ولا غطا حلل
حامد: وهوه العلم فى الكتب
فاروق: أمال فين فى الحلل
حامد: الحجاب فرض يا فاروق
فاروق: لا مش فرض يا حامد
حامد: أنت ح تكفر يا فاروق
فاروق: يا نهار أسود بتكفرنى يا حامد،
حامد: اللى يقول الحجاب مش فرض يبقى كافر يا فاروق
فاروق: اللى يقول عن مسلم أنه كافر يبقى هوه اللى كافر يا حامد
حامد: طيب ممكن تحل عنى، أنا بأربى بنتى وح أحجبها أنت مالك يا فاروق
فاروق: يا أخى سبحان الله ربنا قالك لا إكراه فى الدين تقوم أنت عايز تلبسها الحجاب وبالجزمة، يعنى لا إكراه فى الدين بس فيه إكراه فى الحجاب
حامد: هيه كانت لبساه من أولى إعدادى ليه تخلعه وهى دكتورة
فاروق: تخلعه وهيه دكتورة وهى عيانة هى حرة
حامد: لا مش حرة فى شرع ربنا
فاروق: يا أخى إذا كانت حرة فى إنها تكفر يا أخى
حامد: الله يجحمك يا أخى يعنى عايزها تكفر
فاروق: هوه أنا لما أقول إن من حقها تكفر يعنى عايزها تكفر
حامد: لا يبقى عايزها تتحرق. ثم يا فاروق مالك ومال شيماء ما تشوف بنتك نور أنت ليك سلطة عليها سبنى أنا مع بنتى
فاروق: ليه عايز تحجب نور برضه
حامد: ربنا يهديها
فاررق: ليه هى ضالة
حامد: يا فاروق حل عنى الساعة دى يا فاروق.
يندفع ناحية شيماء
حامد: أنتِ السبب فى ده كله
شيماء: يا بابا لازم أكون مقتنعة بالحجاب وأنا خلاص مش مقتنعة
حامد: وهو الدين فيه اقتناع يا كلبة
فاروق يجذبه
فاروق: آه الدين هو الاقتناع يا أبو الكلبة
حامد: متخلنيش أتجنن يا فاروق
فاروق: على اعتبار إنك عاقل يا حامد
حامد: عاقل ونص، راجل ماشى فى الشارع لقى بنته ماشية قدامه وهى من غير حجاب وشعرها نازل على أكتافها وبلوزتها مفتوحة وهوه سايبها الصبح محجبة ياخدها بالحضن
فاروق: لو اللبس كان شيك ومحترم تاخدها طبعا بالحضن وتتصور معاها سلفى كمان
حامد: لا أضربها بالجزمة
فاروق يفتش عن جزم على الأرض ويمسك إحداها
فاروق: إيه حكايتك مع الجزم بالضبط.
أنعام تقتحم زوجها تطبطب عليه
أنعام: إهدا والنبى يا حامد أنت عندك سكر
فاروق: ومين معندوش سكر يا أنعام
حامد: أنت معندكش دم أصلا يا فاروق إذا كنت عايز البنات تخلع الحجاب وتتمايص
فاروق: يا راجل يا مفترى بقى مجرد أنها تقلع الحجاب معناه أنها تتمايص. يعنى مبتشفش محجبات بيتمايصوا
حامد: اللى أعرفه أن الحجاب عفة
فاروق: عفة دى خالتك. ولا كان اسمها عفاف. العفة مش طرحة يا حامد، أصلا مفيش حاجة فى الإسلام اسمها حجاب
توتو: خلاص بقى يا فاروق متزودهاش
فاروق: لا بازود ولا أنقص. مفيش فعلا فى الإسلام حاجة اسمها حجاب لا القرآن قالها ولا اتروت عن النبى، الحجاب الوحيد اللى يخص المرأة فى القرآن هو واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا
وكمان فى الآية وإذ سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن، الحجاب هنا إيه يا حامد
ينادى بقوة
فاروق: واد يا أبو لهب
يخرج إسلام
إسلام: أيوه يا عمى
فاروق: شفت عارف أن اسمه إسلام بس كل أفعاله أبو لهب
إسلام: كده يا عمى
فاروق: لا ياواد أنا بأهزر معاك أنت مش أبولهب أنت أبوجهل
إسلام: كنت بتنادى يا عمى
فاروق: آه كنت بأشرح لأبوك حاجة عايزك تسمعها. الحجاب هنا بمعنى حاجز وليس بمعنى ملبس أو ثياب خالص
أنعام: بس ربنا قال فى القرآن اتحجبوا
فاررق: لو عايزه تقوليها صح يبقى اتحجبن هو ح يقول لرجالة اتحجبوا ليه ومع ذلك مقالش اتحجبن حامد: إزاى يا فالح مفيش آية بتقول يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن
فاروق: كمل ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، أنت عارف أن الستات كانوا (ينظر لأنعام) كن، بلاش عربى أصلا. بيروحوا يقضوا حاجاتهم يعنى لامؤاخذة بيروحوا بيت الراحة بتاع زمان وهى الصحراء الخلاء ولأنه لم تكن هناك حمامات طبعا فى هذه الفترة فى المدينة، على فكرة هل قلت لك قبل كده يا حامد أن اختراع السيفون هو أعظم اختراعات البشرية
إسلام: شد يا عمى وكمل الحكاية
فاروق: حكاية إيه
إسلام: حكاية الستات اللى بيروحوا لامؤاخذة
حامد: حرام يا إسلام تسخر من المسلمات
فاروق: يسخر إيه. الواد بيقول يروحوا يعملوا لامؤاخذة إيه السخرية اللى فى ده، المهم كان العيال الأشقيا والرجال ذات العيون الزايغة بيعاكسوا الستات وهمه رايحين يعملوا لامؤاخذة ويعنى ممكن تقول نوع من التحرش اللفظى أو البدنى خصوصا مع الجوارى
حامد: إخرس يا فاروق، لغاية كده أسكت خالص
فاروق: إخرس بخصوص إيه بالضبط
حامد: بتقول أن كان فيه تحرش جنسى فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
فاروق: وكان فيه زنى كمان. مش مجتمع بشرى يا حامد. أمال الآية نزلت ليه عشان أدنى أن يعرفن، يعنى المسلمات يلبسوا جلاليب طويلة فيعرف العيال والرجالة أنهم (ينظر لأنعام) أنهن نساء المؤمنين فيحترموا نفسهم وما يعاكسوهمش
حامد: أنت بتنصب علينا يا فاروق
فاروق: كده برضه يا حامد تغطى جهلك باتهامى بالنصب، طيب ما تفتح أى كتاب تفسير من اللى عندك زينة دول فوق النيش واقرأه، ولا خلى ابنك يعملك بحث فى التفاسير على النت
شيماء: يعنى عايز تقول أن الحجاب مش فرض
فاروق: هوه فرض لكن مش فرض من ربنا، فرض من اللى فهم كلام ربنا إنه بيقول كده
توتو: طيب والحديث بتاع لا يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار للوجه والكفين
فاروق: مش صحيح
شيماء: إزاى بقى يا عمى
فاروق: مش أنا اللى بأقول كده ده الشيوخ بتوع حامد
حامد: لا طبعا بيقولوا صحيح
فاروق: لا الشيوخ اللى شايفة أن الزى الإسلامى للمرأة هو النقاب بتقول أن حديث الوجه والكفين مش صحيح
حامد: يعنى همه بيقولوا مش صحيح عشان عايزين النقاب
فاروق: وأنا بأقول مش صحيح زيهم وبأقول برضه أن النقاب مش صحيح زى التانيين
إسلام: وانت مع مين معاهم ولا مع التانين
فاروق: أنا مع الله
إسلام: وهمه مع مين
فاروق: مع نفسهم، همه أحرار وأنا حر وأنت حر وشيماء حرة
ينتفض حامد
حامد: مش حرة وح تلبس الحجاب
فاروق: بلاش بالجزمة المرة دى
حامد: بستين جزمة
فاروق: ليه يا حامد هو بنتك ح تبقى متدينة ومحترمة ومتربية بس لو لبست حجاب وتتخلى عن كل ده لو كانت من غير حجاب
حامد: آه
شيماء تصرخ
شيماء: بابا
فاروق: يعنى أنت رأيك أن غير المحجبة
وينظر لتوتو
فاروق: معلش يا توتو فوتيها دى غير المحجبة مش متدينة
حامد: ولا مسلمة أصلا.
يلتفت حامد لتوتو
حامد: لا مؤاخذة ياتوتو هوه جوزك اللى بيستفزنى
فاروق: طيب معنى كده أن أمك وأمى الله يرحمها ويحسن إليها كانت غير متدينة كانت ست منحرفة مثلا أنعام: يا لهوى إزاى تقول كده يا فاروق
فاروق: هوه حامد نسى أن أمى الله يرحمها لبست الحجاب لما بقى عمرها ستين سنة وكانت بتلبس ما يوه وتنزل البحر فى راس البر
حامد منتفضا
حامد: مش صحيح
فاروق: مش صحيح فى عينك
حامد: أمنا كانت محجبة
فاروق: صحيح بس فى آخر خمس سنين فى حياتها لكن طول عمرها يا شيماء كانت بتلبس كت وديكولتيه وعمرها ما فوتت فرض صلاة ولا حتى قيام ليل فى رمضان
حامد: آه لكن ملبستش مايوه
فاروق: لا لبست مايوه وكانت عندها مايوه أحمر منقط أبيض عند الصدر ومايوه أسود بخطين بيض عند الفخدين
شيماء: يااه كمان بخطين بيض عند الفخدين
حامد: مش حقيقى
فاروق: وفيه صور لها كمان
إسلام: واو صور لجدتى بالمايوه
فاروق: أيوه صور الحاجة أمى الله يرحمها بالمايوه الأسود
شيماء: اللى بخطين بيض
إسلام: عند الفخدين
حامد: قومى يابت يا شيماء البسى الحجاب
شيماء: حجاب إيه بس يابابا بيقولك مايوه بخطين بيض
إسلام: عند الفخدين
شيماء: ثم أنا قاعدة دلوقت مع أبويا وأخويا وعمى أتجحب لمين بقى
رزع على الباب جامد جدا، يندفع إسلام يفتح الباب، نجد نور ابنة عمه تصيح فى مجموعة طالعة على السلم
نور: شيلوه بالراحة أحسن ده ادغدغ
تدخل إليهم وتتوجه لوالدها بالخبر
- الراجل فتيحة بتاع الكهرباء اترزع علقة موت فى ورشة شحتة بعد ما طلعت فاتورة الورشة ست تلاف جنيه
يدخل فتيحة محمولا على أكتاف جيران
توتو: الله يخرب بيتك يا فتيحة
فتيحة مرمى على الكنبة مفرفر تماما بينما شيماء تندفع ناحية باب غرفتها ونور تتأمل فتيحة وتعدله بينما إسلام يقوم بتصويره منذ لحظة دخوله محمولا على أعناق الرجال. الآن يودع حامد الرجال على باب الشقة وأحدهم يقول
رجل: إحنا مرضناش نروح بيه مستشفى عشان المحاضر والحاجات وقلنا الست الدكتورة تقوم بالواجب فاروق يرفع يد فتيحة ويتركها تقع كى يتأكد إنه عايش، تعود شيماء بحقيبتها الطبية فيراها حامد فيصرخ فيها
حامد: مش ح تقربى منه وتعالجيه إلا لما تلبسى الحجاب
شيماء تندهش ولا تعرف ماذا تفعل تنظر لأمها ولتوتو. بينما نور مذهولة
نور: إيه ده إنتى قلعت الحجاب مبروك
حامد: مبروك فى عينك
فاروق: الله يبارك فيكى
شيماء: يا بابا الراجل سايح فى دمه
فاروق: ده معمى تقريبا يا حامد هوه فاضى يشوف شعر الدكتورة
حامد: تتحجب تعالج، متتحجبش نشيله ونروح على المستشفى ولا نطلب له إسعاف
توتو: دى حاجة لله يا حامد
حامد: مش ح نغضب الله بحاجة لله
فتيحة يتأوه
إسلام يصوره ويطالبه
إسلام: على صوتك بالآهة يا عم فتيحة
يتقدم فاروق ويأخذ إشارب أسود من على كرسى ويربط به عيون فتيحة
حامد: خلاص اتفضلى عالجى يا دكتورة شيماء
يستسلم حامد
تقترب نور مع شيماء من فتيحة بينما تذهب أنعام للمطبخ ويواصل إسلام التصوير وتبدأ شيماء فى علاج مريضها بمسح النزيف وربط الشاش ثم قياس النبض والضغط وكل هذه الخطوات وهى تتبادل الحديث مع نور.
بينما فاروق وتوتو فى ركن الصالة وقد أمسك بجورنال يقرأه بينما توتو فاتحة المحمول قدام وشها نور: إنتى خلعت الحجاب من غير ما تقوليلى يا جبانة
شيماء: أنا خلعاه من ساعة بس تقريبا
نور: بتتكلمى جد
شيماء: جدا
نور: إزاى
شيماء: أبدا بقالى فترة كبيرة مترددة فى خلعه مخنوقة ومضغوطه ومش طايقة
نور: ليه ده كله ما نتى لبساه من اتناشر ولا تلتاشر سنة
شيماء: طيب قرار أخدته وأنا عيلة فى إعدادية ليه أتحمل مسئوليته لما كبرت
فاروق: هوه فتيحة مات
نور: متقلقش يا بابا ده فى إيد دكتورة شيماء
فاروق: أنا قلقان على شيماء مش على فتيحة
نور تعود للكلام مع شيماء
نور: لكن كان بإرادتك
شيماء: ودلوقت بإرادتى، ثم لبسته بإرادتى إزاى إنتى مش فاكره أبويا عمل إيه عشان ألبسه وفى المدرسة والداعية اللى كنا بنروح له الجامع كل أسبوع والمدرسين فى المدرسة وأبلة سعاد وكنت عيلة إسلام ينتحى جانبا ويوصل الموبايل فى اللاتوب ويبدأ فى عملية تحميل لما صوره
نور: بس صعب
شيماء: جدا، أنا لقيت نفسى فى التاكسى
نور: أوبر ولا أبيض
شيماء: أوبر.. ومش قادرة قمت فكاه ومسيبة شعرى
نور: أحسن سواق التاكسى يكون افتكرك سعاد حسنى فى بئر الحرمان
شيماء: السواق كان اسمه موريس
نور: يا فرحتك بالحدث التاريخى يا موريس
شيماء: نزلت من التاكسى وقلت ح أدخل البيت كده أعمله أمر واقع لقيت بابا فى الشارع فى وشى نور: يا حظك
شيماء: الأسود
نور: ما كده كده كان ح يعرف
شيماء: آه بس واحدة واحدة ثم أمى تمهد له الموضوع وأنا أدرج الحكاية وإسلام يفتن على
نور: يا لهوى لما حذيفة ييجى ويعرف
شيماء: ربنا يستر
نور: وحتعملى إيه فى القصر العينى
شيماء: يا لهوى على التلسين اللى ح يحصل والزغر والنميمة والتلقيح والنصايح اللى ح تنزل بالهداية، لكن أنا مش أول دكتورة ولا ممرضة عملتها، ده فيه منقبات شالوا النقاب بالحجاب جملة مع بعض.....هوه إنتى عرفتى حكاية مايوه جدتى
نور: نعم مايوه إيه
شيماء: مايوه تيتة.
تلتفت شيماء إلى والدها
شيماء: على فكرة فتيحة مغمى عليه من شوية بس متقلقوش ح يفوق وح يبقى كويس
يتجه فاروق نحوه مفزوعا
فاروق: يا نهار أسود مغمى عليه
حامد يلتصق بفتيحة ويهزه من على الكنبة
حامد: فوق يا فتيحة مش ناقصك يا راجل
يفوق فتيحة يحاول ينزع الرباط عن عينيه
فاروق: لا مش دلوقت لسه منعرفش العملية نجحت وح تشوف ولا لأ
فتيحة: ليه أنا اتعميت
فاروق: عشان آخر حاجة شفتها قبل ما تعمى هى كف المدعو شحتة دى حاجة تخليك تتقايا مش تعمى حامد: أنت حاسس إنك كويس دلوقت يا فتيحة
شيماء: عم فتيحة أنت عندك سكر
فتيحة: آه
شيماء: وعندك ضغط
فتيحة: اه
شيماء: وعندك ميه على الرئة
فتيحة: آه
شيماء: وعندك روماتيزم فى العظم
فتيحة: آه
فاروق: دا أنت تفتح مستشفى يا فتيحة بالأمراض دى كلها اللى عندك
نور: أو تختصر وتقول معندكش إيه
يندفع إسلام نحو فتيحة ويرفع بحماس الإشارب الأسود عن عينيه ويضع شاشة اللاب توب أمام وجهه إسلام: شفت يا عم فتيحة نزلت الخبر على الموقع أهه. اعتداء سكان شارع على محصل كهرباء اعتراضا على أسعار الفواتير
تقترب نور من توتو
نور: ماما إيه موضوع مايوه تيتة ده هى كانت بتلبس مايوه
يسمعهما فاروق فيتجه ناحية نور
فاروق: إيه ده، إنتى عارفة الصورة فين
نور: صورة إيه يا بابا
فاروق: صورة أمى بالمايوه
إسلام: ومالك بتقولها بفخر كده يا عمى
فاروق: إخرس ياله، تعالى معايا أنا ح ألاقى الصورة دى
حامد: عمرها ملبست مايوه يا فاروق
فتيحة: مايوه إيه
حامد: والله العظيم لأناديلك شحتة
توتو: الله يخرب بيتك يا فتيحة
فى غرفة داخل شقة فاروق، يجلس بين عدد كبير من الكراتين والألبومات والغرفة تمتلئ بصور طوابع بريد على الحوائط
بينما يقلب فاروق بحثا عن الصور يجلس حوله مجد ابنه وهو شاب فى نهاية العشرينيات وإسلام ابن أخيه فاروق: أنا متأكد أنها موجودة
مجد: ح تلاقى عمى حامد قطعها ولا حرقها من زمان، معقولة يسيب صورة زى دى، ده رأيه أن قناة ماسبيرو فتنة وروتانا كلاسيك قناة إباحية
إسلام: عشان تعرف أنا مستحمل إزاي
يلتفت لعمه
إسلام: ده اللاب توب عامله خمسة باسوورد كأنه لاب توب رأفت الهجان
مجد: وهو كان فيه على أيام رأفت الهجان لاب توب
إسلام: محدش عارف ديفيد شارل سمحون ده كان أسطورة
فاروق: شايفين يا ولاد الطابع ده
مجد: آه أنت ورتهولى قبل كده يا بابا
فاروق: لا ده كل مرة تشوفه تكتشف فيه تفصيلة جديدة، شوف يا واد يا إسلام الفن
إسلام: فن إيه يا عمى ده طابع
فاروق: يا جاهل الطوابع دى قمة الفن
إسلام: هوه أنت من صغرك بتحب الطوابع ولا عشان وظيفتك
فاروق: عايز الحق ولا الأونطة
إسلام: الأونطة طبعا
مجد: أنت أخدته عليك قوى يا بابا
فاروق: أبولهب ده حبيبى، دى ضريبة الحرية والديمقراطية مع عيال حامد السلفى
إسلام: والله يا عمى ما أنا عارف إزاى أخوات ومختلفين كده فى الأفكار والطباع
مجد: والطوابع
فاروق: والله أبوك كان عاقل لغاية ما تنيل سافر الخليج سنتين ورجع من هناك بجلابية قصيرة وسواك ودماغه معبية تراب صحرا
مجد: وهو كان معاك فى البريد يا بابا كمان
فاروق: آه ده سنة بس لكن هوه ساب البريد واستقال وسافر وأنا كملت لغاية ما بقيت رئيس قسم الطوابع التذكارية فى متحف البريد
إسلام: يا جامد يا عمى
فاروق: بذمتك فيه أحلى من الفسحة لما كنت باخدكم وأنتم صغيرين متحف البريد
مجد: طبعا كان فيه أحسن منها الآيس كريم من المحل اللى على الأوبرا
فاروق: من كام سنة الكلام ده
إسلام: من مليون سنة قبل الميلاد
فاروق: يااه فكرتنى بالمرحومة راكيل ولش
يقوم مفزوعا.
فاروق: آه ده عندى صورتها هنا
مجد: إيه صورة تيتة بالمايوه
فاروق: لا صورة راكيل والش
مجد: يااه تيتة راكيل والش برضه
إسلام: مين راكيل والش دى
يرفع فاروق أمامهم صورة كبيرة لراكيل ولش كان محتفظا بها فعلا
مجد: يااه صاروخ ستيناتى سبعيناتى جامد
إسلام: هل دى أنجليا جولى بتاع زمنكم
فاروق. لا دى البنت دى اللى انتوا بتحبوها دى اسمها اسمها
مجد: منى زكى
فاروق: لا
إسلام: منة شلبى
فاروق: لا
مجد: هند صبرى
فاروق: لأ
إسلام: دنيا سمير غانم
فاروق: الله بحبها قوى البنت دى بس مش هيه
تدخل مندفعة نور إلى الغرفة
نور: بابا الحق عمى حامد جايب ناس غُراب قوى بيسألوا على حضرتك
فاروق: غُراب
مجد وإسلام يغنيان غراب عك بينما يحاول أن يراهم فاروق من فتحة الباب
فاروق: ده غراب عك بصحيح
فاروق: روحى إنتى قدملهم أى حاجة
نور: أقدم لهم إيه
فاروق: أى زفت يعنى ح تقدمى لهم كونياك
يقف فاروق فى صالة بيته أمام حامد الذى يقف بجوار رجلين فى منتهى الضخامة والغلاظة
لحيتهم طويلة خشنة وزبيبة الصلاة تفرض رقعة كبيرة فى جبهة كل واحد فيهم ولابسين جلاليب بيضاء بشكل نمطى جدا للسلفيين، فاروق مصاب بالذعر من هؤلاء ووقف مذهولا بينما يتكلم حامد حامد: أهو جبت الشيخ عبدالقاهر والشيخ عبدالقادر بنفسهم أهم عشان تسمع منهم
فاروق: وعلى إيه تعبتهم ما كنت تشغل لى يوتويب وتخلص
عبدالقادر: هوه الأخ حامد قال لنا إنكم محتاجين تتناقشوا فى حكمة فرض الحجاب على المرأة المسلمة عبدالقاهر: وأنت عارف معزة الأخ حامد عندنا
فاروق: والله يا جماعة ماكان فيه لزوم دى حكمة فرض الحجاب واضحة جدا لدرجة أنى بأفكر أتحجب مرتبكا يستدرك
فاروق: قصدى ادعو للحجاب
حامد محاولا التحدث بأسئلة فاروق حتى يحرجه
حامد: يعنى يا شيوخنا هل الحجاب مذكور فى القرآن ولا لأ
عبدالقاهر: طبعا
حامد: متأكد
عبدالقادر: أنت تقصد من حيث اللفظ ولا الحكم يا أخ حامد
عبدالقاهر: اللفظ كلمة الحجاب فى موضع الحجز والستر فى كثير من الآيات أما من حيث الحكم ففيه آيتين تنصان على الحجاب دون استخدام اللفظ
فاروق ينظر متوعدا إلى حامد
حامد: وهل الفقهاء مختلفين فى أن الآيتين دول معناهم الحجاب؟
عبدالقاهر: إجماااااع على إنه الحجاب
حامد: أمال الجماعة اللى بيقولوا أن تفسير القرآن فيه اختلافات كبيرة فالبعض يقول الوجه والكفين والبعض يقول عين واحدة بس اللى مفروض تبان من المرأة وذراعها الشمال
يومئ برأسه ناحية فاروق
حامد: مش سمعت كده يا فاروق آنت راخر
فاروق: دول علمانيين ولاد كلب
عبدالقادر: الحجاب فريضة قرآنية ومن ينكر ذلك كافر
فاروق يقف هاتفا ساخرا
فاروق: شفت مش قلت لك يا حامد. كافر مش مبتدع مثلا، مش مجتهد مثلا، مش متأول مثلا.، لا إنه كافر حامد: ولكن يا شيوخنا الحجاب مش مذكور أبدا فى أى نص على أنه ركن من أركان الإسلام عبدالقادر: الأركان عامة بالمسلمين جميعا أما ما يخص المرأة وحدها فهو أمر مختلف
فاروق: ده ركن المرأة
يرتاب عبدالقاهر وعبدالقادر فى فاروق قليلا لكن يتجاوزان ذلك مؤقتا
حامد وهو ينظر لفاروق
حامد: ولكن ليس هناك أى عقوبة على المتبرجة التى لا ترتدى الحجاب يا شيوخنا، يعنى شارب الخمر له عقوبة، السارق، الحدود لا تشمل عقوبة والذى كما يقول البعض ليس له عقوبة فالأصل الإباحة وجواز الالتزام من عدمه بالحجاب
عبدالقادر منفعلا وخطيبا
عبدالقادر: الإسلام ما فيهوش مزاج يا أستاذ حامد
فاروق: مش كان أخ قبل السؤال ده
عبدالقادر: فيه حاجة يا أستاذ فاروق
فاروق: أخ فاروق لو سمحت محدش عارف آخرة أستاذ دى إيه
عبدالقاهر يضحك ساخرا
عبدالقاهر: يا أخ حامد واضح إنك تسمع من حناجر لم يبل ريقها الإيمان ويحركها الشك فتنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة
فاروق: أهو ده الكلام
حامد: لكن مجاوبتش يا شيخنا على ليه مفيش حد لخالعات الحجاب
عبدالقادر: ده يدخل فى التعزير يا أخ حامد
حامد: التعزير
فاروق: يعنى القانون الوضعى
يشخط فيه عبدالقاهر وعبدالقادر فى نفس واحد وبمنتهى العنف
عبدالقاهر وعبدالقادر: وضعى إيه يا فاروق
فاروق: آه لا أخ ولا أستاذ ؟ كده فاروق عدل
عبدالقادر: التعزير هو ما هو متروك للخليفة وولى الأمر من عقوبات غير منصوص عليها فى الحدود فاروق: مش ده القانون الوضعى برضه
عبدالقاهر: لا مش هوه
فاروق: مع أن الشبه بينهم واضح. حتى شوف تدويرة الوش
عبدالقاهر: أنت ح تهرج يا عم فاروق
يحاول حامد أن يشد اهتمامهم بعيدا عن فاروق
حامد: طيب وتفسر بإيه أن أجدادنا مكانوش مهتمين بقضية الحجاب أصلا
عبدالقاهر: لأن البلد كلها كانت محجبة أمال الحرملك واليشمك والبرقع كانوا إيه
حامد: كانت دين ولا عادات بلاد
عبدالقاهر: دين طبعا
حامد: لكن من مية سنة والحجاب مكانش موجود خالص فى شوارعنا وبيوتنا
عبدالقادر: هنا بقى الفضل للصحوة الإسلامية فى السبعينيات لما بدأت الجماعات الإسلامية تنتشر يلتفت عبدالقادر لفاروق
عبدالقادر: ح تقول على إرهابى يا عم فاروق
فاروق: إطلاقا. ودى تيجى أنت ضيفنا
عبدالقادر: الصحوة الإسلامية أنقذت المسلمات من السقوط فى التغريب وعالم المدنية الذى أدخله الاستعمار الصليبى فى بلدنا فعاد الإسلام صادحا منتصرا
فاروق: بالدقن والحجاب
عبدالقاهر: وبالنقاب
فاروق: وأخبار بقى القتل والتفخيخ والإرهاب والاغتيالات إيه بمناسبة الصحوة
عبدالقاهر: آه دا أنت رأيك بقى أن الحجاب إرهاب
فاروق ينتفض
فاروق: ثكلتنى أمى الله يرحمها لو قلت كده
ثم ينادى
فاروق: يا بنات
يخرج من باب غرفته منقبتان تقفان فى أدب أمام الجميع بينما حامد مذهول
فاروق يتباهى بهما أمام الشيوخ
فاروق: يا شيخ عبدالقاهر يا شيخ عبدالقادر إحنا عنوان الالتزام وإذا كان لى ملاحظات على مسألة الحجاب فده لأننى أفضل النقاب، بل والنقاب بالنظارة الشمس كمان،
تسرعان المنقبتان بلبس نظارة شمس سوداء على عيونهما
عبدالقاهر: بارك الله فيكم
عبدالقادر: إحنا نستأذن بقى يا أخ حامد
يودعهما حامد عند الباب بينما يصرخ فيه فاروق
فاروق: بتضحى بأخوك يا حامد
حامد: أنا قلت أهديك
ثم شاعرا بالدهشة
حامد: ولبست نور وشيماء نقاب
يخلع إسلام ومجد النقاب والنظارات وهما يضحكان
إسلام: كنا بننقذ عمى
مجد: من عمى
فاروق: طيب قلت للشيخ عبدالقاهر بتاعك والشيخ عبدالقادر بتاع ما هو معلوم بالضرورة أن أمك الله يرحمها كانت بتعوم بالمايوه وكمان بتتصور بالمايوه
تفتح نور وشيماء الباب وتدخلان
نور وشيماء: إنتوا لقيتوا مايوه تيتة
فاروق فى صالة شقة أخته نجوى فى الدور الأرضى ومعه حذيفة ابن حامد
شاب ملتحى ويبدو شبيها جدا بالدعاة الجدد من حيث المظهر بينما يجلس الزوج سعيد على كرسى بعيد وحيد فى حاله واضح أنه منعزل عما حوله تماما بينما نجوى سيدة فى الستين من عمرها تخرج من غرفة داخلية إلى حيث يجلس شقيقها وحذيفة تحمل سبتا كبيرا ممتلئ بالصور والألبومات
نجوى: ده إيه الحنية دى ياحذيفة من إمتى بتسأل عن عمتك
فاروق: ده جاى يراقبنى
حذيفة: جزاك الله خيرا يا عمى على حسن الظن
فاروق: سوء الظن من حسن الفطن يا حذيفة
يلتفت إلى نجوى
فاروق: والنبى يا أختى تقولى للواد ده أنا أنقذته إزاى لما أبوه كان عايز يسميه القعقاع
حذيفة: وماله القعقاع ده صحابى جليل
فاروق: والله كان لايق عليك أحسن. تبقى واد يا قعقاع تعالى يا قعقاع مالك مقعقع كده يا قعقاع حذيفة: وأخبار عمى سعيد إيه
فاروق: السعيد الوحيد فينا جوز عمتك الزهايمر فمش ناقص مواعظ أبوك
حذيفة: ماشى ياعمى
نجوى: بطل يا فاروق أنت قاعد تسمم فى بدن حذيفة ليه
حذيفة: عشان بيحبنى يا عمتى
فاروق: يخرب بيت لزاجة الدعاة الجدد
حذيفة: وأنت شايفنى فى التليفزيون بأقدم برامج،
فاروق: كان يبقى أرحم أهو على الأقل بتكسب من اللزاجة لكن فاتح مكتبة ابن تيمية وبتبيع إرهاب للناس حذيفة: بأبيع علم
فاروق: صح بتبيع علم الإرهاب
حذيفة: طيب ما أنا أبيع كتب تفسير
فاروق: التفسير المنقح بتاع السلفيين والطبعات المتشالة منها أى حاجة تخاطب العقل
نجوى: وأنت زعلان من إيه يا فاروق هو فيه حد بيشترى كتب الأيام دى
حذيفة: قوللى له يا عمتى كله نت يا عم فاروق
فاروق: ما أنتوا سودتوا عيشتنا على النت برضه هو فيه موقع إلا ناطين فيه وبعدين بتشكى عمتك الفقر ما تقولها الجمعية الشرعية بتورد لها كام كتاب كل شهر
حذيفة: يا عمى
فاروق: يا واد يا قعقاع والله أنا خايف تكون عامل لنا خلية لداعش على السطح
نجوى: إلا السطح يا حذيفة أنا مربية فيه شوية فراخ على بط
فاروق: ح يفجرهملك بعبوة ناسفة عن قريب
يضحك حذيفة بلزاجة مؤكدة
حذيفة: دايما مرح يا عمى فاروق
فاروق: مرح يا رذل
نجوى: خلاص يا فاروق
فاروق: طيب هوه قالك نازل لك ليه
نجوى: ينور بيت عمته فى أى وقت
فاروق: كده طيب هاتى الصور بقى
يمد يده ويضع الصور فى حجره ويفندها
حذيفة يذهب ناحية سعيد ويربت عليه ويمسح لحيته البيضاء الخفيفة
حذيفة: إزيك يا عم سعيد
سعيد: أهلا
حذيفة: إنما أخبار عادل إيه يا أم عادل
نجوى: ح أكلمهم على السكايب دلوقت
فاروق: حلاوتك فى السكايب يا نجوى، يعنى بتكلمى عادل ومراته وعياله فى الرياض بالسكايب، طيب وخالد فى تورنتو هو ومراته وعياله
نجوى: بأكلمهم بالفيس تايم
فاروق: الله يرحم شريط الكاسيت الدى تى كيه وأغنية نجاة حبايبنا فى الغربة
حذيفة: إنما إيه شعورك يا عمتى وابن ليكى فى السعودية من عشرين سنة والتانى فى كندا من خمستاشر سنة، الرياض وتورنتو مش تناقض شويه
فاروق: يعنى كانوا إما فى الرياض وجدة أو تنورنتو ومونتريال
نجوى: طيب إيه رأيك أن عيال خالد فى كندا بيصلوا الفرض بفرضه وبنته نادين عندها خمستاشر سنة ومحجبة وولاد عادل فى الرياض مابريكعوهاش
فاروق: ياله على كندا يا حذيفة
نرى فاروق وقد فشل فى إيجاد صورة أمه بالمايوه
فاروق: هو أنت مش فاكراها يا نجوى
نجوى: لا طبعا كانت بتلبس المايوه بس مش فاكرة اتصورت بيه ولا لأ
فاروق: طيب فاكرة مايوهك القطعتين والفضيحة اللى عاملهالك سعيد فى ميامى لما خرجتى من الكابينة بيه
نجوى: يااه أيام
فاروق: هتلاقى دى الحاجة الوحيدة اللى فاكرها سعيد
نادى عليه
فاروق: يا سعيد فاكر مايوه ميامى
نجوى تخاطب حذيفة
نجوى: عمك سعيد كان وحش يا حذيفة ده
فاروق: طيب ما تجيبى صورك يا نجوى ما أنتى شبه أمنا الله يرحمها عشان أعلم أبو حذيفة احترام التاريخ نجوى تضحك
نجوى: صور إيه بقى
فاروق: طيب ح أبعتها لأحفادك فى الرياض ولا بتوع حجاب تورنتو
حذيفة: أنا داخل أتوضى
يدخل حذيفة الحمام
فاروق: تصدقى يا نجوى الواد ده صعبان على أكتر من أبو لهب أخوه
تبتسم نجوى ولا ترد
فاروق: أصل أبولهب حلنجى ومش مركز فى تطرف أبوه لكن حذيفة جمع بين غباء أخويا وغباؤه هو شخصيا فى مزيج كيماوى قابل للاشتعال
صراخ من حذيفة واضطراب داخل الحمام
فاروق: يان هار أسود الولد جراله إيه.
يندفع نحو الحمام
فاروق: مالك يا حبيبى افتح الحمام. رد على
نجوى تضحك غير مهتمة فيندهش فاروق بينما يخرج حذيفة مبلولا وضائعا تماما
نجوى: ياد الخيبة أنا نسيت أقولك
فاروق: إيه فيه إيه فى الحمام مقلتهوش للواد
نجوى: فيه تمساح
فاروق: يا نهار أسود
نجوى: متقلقش ما الواد قدامك أه صاغ سليم
فاروق: بس متقوليش سليم ده نص مساميره فكت جوه الحمام
نجوى: أصل سعيد مربى تمساح فى البانيو
فاروق: مربى إيه
نجوى: أنت مش فاكر كان بيحب التماسيح إزاى ده مش فاكر غيرها
فاروق: وجبتى له تمساح
نجوى: آه تمساح صغير على ما يكبر ح نكون موتنا
غرفة حامد يقف أمام الدولاب يفتح ضلفة ويمسك حقيبة من داخل درج
يضعها على السرير ويفتحها ويخرج منها أوراقا وصورا، يمسك صورة كبيرة قديمة بأصابعه يقربها منه، إنها صورة امه بالمايوه. تقف على الشاطئ ضاحكة وممتلئة بالحياة فى صورة أبيض وأسود، يضعها أمامه ثم يرفعها أمام عينيه، ثم يتردد فى الإمساك بها، ثم يهم بقطعها لكنه يتراجع، ثم يعود ويفكر ثم يقرر أن يقطعها بينما يوشك أن يفعل ذلك يتوقف ويمتنع، يحرك رأسه حائرا يتنهد يتأمل الصورة يرفعها إلى شفتيه يقبلها ثم يعيد الحقيبة مرة أخرى
فجأة يقتحم فاروق الغرفة ويمسك فى يده صورة الجدة بالمايوه فى برواز كبير
فاروق: كنت عايز تخبى عن العيلة صورة جدتهم بالمايوه يا حامد. بتزور التاريخ ولا بتضلل المستقبل. أنا لقيتها وكبرتها وطبعتها ووزعتها
يلتفت لخارج الغرفة مناديا
فاروق: ولاد وبنات
يندفع للغرفة جميع أفراد العائلتين صغيرين وكبارا، حتى نجوى وسعيد جميعهم فى حالة نشوة وإحساس بالنصر ما عدا حذيفة الذى يذهب للانضمام لوالده حامد
فاروق: شفتم عرفتم تأكدتم ومعاكم الدليل
يرفع كل واحد منهم صورة الجدة بالمايوه مختلفة الأحجام كأنهم فى صورة عائلية يصطفون ويقفون ويرفعون الصور وهم يصيحون فى ضحك
أصوات: مايوه جدتى
ينزل الستار