الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الانتخابات الأمريكية 1.. الشعب الأمريكى يختار رئيس البيت الأبيض بين «عجوز ونصف مختل»

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية فى 5 نوفمبر المقبل أصعب انتخابات رئاسية على مدار تاريخها الحديث، فبين رئيس مشكوك فى قدراته العقلية، وآخر مشكوك فى قراراته المتهورة، يقف الناخب الأمريكى بين أصعب اختياراته.. لم يعد الاقتصاد وحده هو عامل اختيار سيد البيت الأبيض، على الرغم من أن هذا العامل يعتبر هو الكف الراجحة لكسب الأصوات؛ إلا أن هناك عوامل أخرى بدأت تطفو على السطح، الحريات.. دعم إسرائيل المشروط.. وأخيرًا زيادة فجوة الانقسامات فى الشعب الأمريكى، فترامب المرشح المحتمل لمواجهة بايدن، مازال شبح «الترامبيستا» ومشهد اقتحام الكونجرس بالإضافة إلى اضطهاد المرأة وأصحاب البشرة المختلفة، وفى لحظة فارقة جاءت أزمة المهاجرين لتضع ترامب كاختيار قوى بسبب «سلبية بايدن» تجاه الأزمة.



 

وعلى الرغم من أن الشعب الأمريكى دائمًا ما يفتخر بديمقراطيته.. إلا أن الاختيار بين ترامب وبايدن جعل الأمر أكثر صعوبة.. وكان الاختيار الثالث هو «غير الملتزم» أى لن يصوت الشعب لأى منهما.. بدأتها ولاية متشيجان الديمقراطية ذات الأغلبية العربية، اعتراضًا على التصويت لبايدن، ثم انتقلت لمنيسوتا ومازال القوس مفتوحًا لإضافة المزيد من الولايات.. فإلى أين تذهب الانتخابات الأمريكية 2024.. وما هو المتوقع حدوثه فى الداخل الأمريكى أو خارجه حال فوز بايدن أو ترامب؟ هل ستتغير سياسة أمريكا بتغير رئيس المكتب البيضاوى.. أم أنه حان الوقت لنشهد عصرًا جديدًا يفرض فيه صوت الشارع رأيه على رئيس بلاد العم سام؟

شهدت الولايات المتحدة الثلاثاء الماضى، أهم محطات الانتخابات الرئاسية فيما يعرف بـ«الثلاثاء الكبير» Super Tuesday، حيث صوتت 15 ولاية أغلبها فى الجنوب المشتعل، لاختيار الأسماء النهائية لكل حزب فى الانتخابات التمهيدية لتحدد أسماء المرشحين النهائية للسباق الرئاسى.. ومع انسحاب كل من ترامب وبايدن أمام هزيمة ساحقة، فيما يتعلق بمرشحة الحزب الجمهورى نيكى هايلى، أو بعد إحراج منافس بايدن دين فيليبس الذى نشر اعتذارًا بأنه ليس الشخص المناسب الآن للتغيير، تصبح النهاية المتوقعة هى حتمية المواجهة بين بايدن وترامب فى جولة انتخابات جديدة، وإعادة لمشهد انتخابات 2020، وكأنه ثأر يطارد كلا المرشحين.. لكن تبقى الأسئلة مطروحة على كلٍ منهما.. ما الجديد الذى يسعى إليه كل طرف بعد 8 أعوام شهدت فيها الولايات المتحدة زلزالاً تلو الآخر بسبب سياساتها الخارجية تحديدًا، فمنذ تولى ترامب فى 2016 مقاليد الحكم بدأت الولايات المتحدة فى سلك طريق مغاير سواء مع حلفاء فى الغرب أو علاقاتها مع الأعداء الأزليين روسيا والصين، حتى بعد أن جاء بايدن فى أربع سنوات عجاف خارجيًا وداخليًا.. إذا ماذا نحن بصدد أن نراه فى انتخابات 2024؟

التهديد بـ«المناظرة»

عقب اكتساح دونالد ترامب بنيل 14 ولاية من أصل 15 فى الثلاثاء الكبير، وإعلان منافسته نيكى هايلى الانسحاب دون سابق إنذار، على الرغم من تشبثها بالترشح قبل هذا الإعلان بأيام قليلة، دعا ترامب الرئيس الحالى جو بايدن للمناظرة «فى أى وقت وفى أى مكان»، وتحت إدارة لجنة المناظرات التى وصفها بـ«الفاسدة».

كتب ترامب على مواقع التواصل الاجتماعى، يوم الأربعاء الماضى: «من المهم، من أجل مصلحة بلدنا، أن نناقش أنا وجو بايدن القضايا الحيوية جدًا لأمريكا والشعب الأمريكى. لذلك، أنا أدعو إلى المناظرات فى أى وقت وفى أى مكان!».

وأوضح أنه «يمكن إدارة المناظرات بواسطة اللجنة الوطنية الديمقراطية الفاسدة، أو اللجنة التابعة لها، وهى لجنة المناظرات الرئاسية (CPD). وإننى أتطلع إلى تلقى الرد. شكرًا لاهتمامكم بهذه المسألة!».

من جهة أخرى، كان بايدن، الذى حصد فى انتخابات الثلاثاء الكبير على 14 ولاية وفق ما أعلنت شبكات التليفزيون الأمريكية، إلا أن هناك توقعات بأن يخسر أمام منافس مجهول نسبيًا هو جايسن بالمر فى جزر ساموا الأمريكية فى جنوب المحيط الهادى.

وحذر بايدن فى بيان وزعته حملته الانتخابية من أن ترامب «مصمم على تدمير ديمقراطيتنا، وانتزاع حريات أساسية، مثل قدرة النساء على اتخاذ قراراتهن الخاصة بالرعاية الصحية، وإقرار حزمة أخرى من التخفيضات الضريبية للأثرياء بمليارات الدولارات.. وسيفعل أو يقول أى شىء للوصول إلى السلطة».

وأظهرت استطلاعات مؤسسة «ريل كلير بوليتيكس» الإعلامية أن ترامب البالغ 77 عامًا يتقدم بفارق نقطتين على الرئيس جو بايدن فى انتخابات نوفمبر الرئاسية.

 انعدام الشعبية

ومن المفترض أن تستمر الجولات بين بايدن وترامب حتى بداية نوفمبر المقبل، حيث من المفترض أن يتوجه الأمريكيون 5 نوفمبر 2024 إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس البيت الأبيض الجديد. ولعل من شبه المؤكد أن المرشحَين الرئيسيَّين سيكونان كما كان عليه الحال فى الانتخابات الماضية. فلا يواجه الرئيس الحالى جو بايدن أى تنافس للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطى، كما تمكّن سلفه دونالد ترامب من الفوز بسهولة فى كل الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى.

ولا تحظى إمكانية عودة المنافسة بين بايدن وترامب بكثير من الشعبية فى أنظار أغلبية كبيرة من الأمريكيين، حيث أظهر استطلاع للرأى أجرته وكالة «رويترز» فى يناير 2024 أن 70 % ممن شملهم الاستطلاع -بما فى ذلك نحو 50 % من الديمقراطيين- قالوا بضرورة عدم سعى بايدن لإعادة انتخابه رئيسًا لفترة ثانية. كما أشار الاستطلاع إلى أن 60 % قالوا الشىء نفسه بالنسبة لترامب، بما فى ذلك نحو 33 % من الجمهوريين. وتُعَدُّ نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع متدنية عادة فى السياسة الأمريكية، لذلك فإنه على ضوء ضعف الحماسة تجاه المرشحَين الاثنين فإن هذه المرة لن تكون استثناءً، ما يعنى أن انتخابات عام 2024 ستكون بمنزلة تنافس على الشعبية أكثر من كونها استفتاءً حول أى المرشحَين سيقرر الأمريكيون بأنه يمثل الخيار الأقل سوءًا.

لذلك فإن التساؤل يتعلق بالسبب الذى يجعل كلا المرشحين غير محبوب إلى هذا الحد، فلكل مرشح منهم نقاط قوة ونقاط ضعف.

وبالنسبة للرئيس جو بايدن فإن أصعب نقاط ضعفه هى سنه، حيث إن بايدن قد «بلغ من الكبر عتيًّا» فى حين أن سجل ترامب حافل بالمشكلات القانونية. ويشعر 75 % من الأمريكيين، و50 % من الديمقراطيين بمخاوف إزاء سن الرئيس بايدن وصحته العقلية والجسدية. فى المقابل يقول نحو 61 % من الأمريكيين إن لديهم مخاوف حقيقية إزاء مواجهة ترامب للعديد من المحاكمات الجنائية والمدنية حول مزاعم تتعلق بارتكابه مخالفات، بما فى ذلك محاولة تغيير نتائج انتخابات 2020. 

وفى ظل هذه الظروف فى العادة يظهر مرشح ثالث فى أى ديمقراطية غربية أخرى، غير أن طبيعة نظام الحزبين فى الولايات المتحدة، ودور المال فى السياسة يعملان ضد مثل هذه النتيجة هناك، ويحظى ترامب بسيطرة قوية للغاية على القاعدة الشعبية للحزب الجمهورى. وبالرغم من أن بايدن أكبر الرؤساء الأمريكيين سنًا خلال توليه المنصب، فلا يزال فى فترة رئاسته الأولى، لذلك فقد جرت العادة أن يترشح الرئيس الأمريكى لولاية ثانية. وربما جاء قرار بايدن بالترشح لفترة ثانية فى أعقاب الانتخابات التكميلية عام 2022 عندما حقق الديمقراطيون نتائج أفضل من المتوقع.

لكنَّ ترشح ترامب عمل على تحفيز بايدن لخوض الانتخابات مرة أخرى ضد الرئيس السابق، وفق آراء محللين، ويبدو أن بايدن يعتقد بأنه يحظى بفرصة أفضل من أى مرشح ديمقراطى آخر لدحر ترامب. وأخيرًا فإنه فى حال تعرّض بايدن لمشكلة صحية وقرر عدم الترشح فإن نائبته كامالا هاريس بعيدة كل البُعد عن توفير بديل قوى. وأشار استطلاع للرأى أجرته شبكة «إن بى سى نيوز» الأمريكية فى فبراير 2024 إلى أن هاريس لا تحظى بالشعبية، حيث يَنظر إليها 53 % من الناخبين الأمريكيين بشكل سلبى.