الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. ملف الطابق المسحور والمسكوت عنه..  مسار العائلة المقدسة على أچندة أوبرا رومانا!

مصر أولا.. ملف الطابق المسحور والمسكوت عنه.. مسار العائلة المقدسة على أچندة أوبرا رومانا!

شهد د.مصطفى مدبولى «رئيس مجلس الوزراء» افتتاح فعاليات المؤتمر الدولى الثانى لتطبيقات السياحة الصحية المصرية فى 2 و3 مارس الجارى بالعاصمة الإدارية الجديدة. وهو ما يجعلنا نتذكر واحدًا من أهم ملفات السياحة التى تحتاج إلى الاهتمام والتفعيل، والمقصود هنا هو السياحة الدينية فى مصر، والتى تضم مجالات عديدة.. يأتى فى مقدمتها ملف «مسار العائلة المقدسة». هذا الملف الغامض الذى يبدو أنه قد تم حفظه فى الدور المسحور.. نتكلم عنه دون أى تحرك حقيقى وفعلى.



المقصود بالعائلة المقدسة: السيدة العذراء مريم، وطفلها يسوع المسيح، ويوسف النجار. وتعد رحلة العائلة المقدسة على أرض مصر هى أقدم رحلة سياحية.. موثقة دينيًا وتاريخيًا.. وقد استمرت حوالى 3 سنوات و10 شهور. 

مرت العائلة المقدسة خلال رحلتهم على 25 نقطة أثناء مجيئهم إلى مصر، وعلى 8 نقاط فقط أثناء رحلة العودة. وخلال إقامتهم فى مصر.. تواجدوا فى العديد من الأماكن التى خلدها التاريخ، وأصبحت تُعرف بمسار العائلة المقدسة فى مصر.

قصة الهروب..

تضمنت رحلة العائلة المقدسة فى مصر حوالى 25 مسارًا.. يبلغ مداها حوالى 2000 كيلومتر من شبه جزيرة سيناء وحتى صعيد مصر. تنقلت العائلة المقدسة ولم تستقر فى مكان واحد.. لذا يوجد العديد من الأديرة والكنائس التى كانت ضمن تلك الرحلة الموثقة من خلال المصادر التاريخية والمخطوطات النادرة فى الأديرة والكنائس، والمعلوم أن مدة بقاء العائلة المقدسة.. تراوحت من أسبوع أو بضعة أيام فى بعض المدن، وأطول مدة لبقائها بلغت شهرًا كاملًا فى جبل قسقام، والتى امتدت لحوالى 185 يومًا.

هربت السيدة العذراء مريم بوليدها من بطش هيردوس إلى مصر، والذى أراد الطفل وأمه مريم العذراء، فهربت حاملة طفلها وسلكت هذه الرحلة المقدسة والشاقة المليئة بالآلام والمتاعب. خرجت العذراء مريم وطفلها برفقة القديس يوسف النجار من أرض فلسطين وبيت لحم هاربة إلى أرض مصر، راكبة على حمار حاملة طفلها بين ذراعيها، يسيرون عبر طرق قاسية.. بعيدة عن الطرق التجارية والحربية المعروفة، وتجنبتها واختارت طرقًا مجهولة. وسارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق (الفلوسيات) غرب العريش بـ 37 كيلومترًا، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما (بلوزيوم) الواقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد.

رحلة من التاريخ..

تنقسم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر لثلاث مراحل، هى:

المرحلة الأولى: بدأت الرحلة من مدينة رفح ثم العريش ثم الفرما، وانتهت فى سيناء، ثم اتجهت للقنطرة، ثم وصلت قرب الإسماعيلية، ثم اتجهوا غربًا لوادى الطميلات، ووصلوا لمدينة هيرون بوليس قرب أبوصير. ثم القصاصين ثم لقنتير (بر رمسيس القديمة)، ثم صفط الحنا، ثم اتجهوا إلى تل بسطا حيث بنيت كنيسة، ثم اتجهوا لبلبيس. ثم محافظة الغربية حيث مدينة سمنود التى بنيت فيها كنيسة للعذراء والشهيد أبانوب فى القرن الرابع الميلادى وكنيسة باسم القديس انبوب البهنسى، ثم اتجهوا لقرية سخا وبنى مكانها كنيسة، ثم عبروا النيل غربًا عند دسوق، واتجهوا جنوبا لمحافظة البحيرة حتى وصلوا طرانة قرب الخطاطبة، ثم وادى النطرون فى منطقة برية شيهيت الشهيرة بدير القديس أبومقار ودير الأنبا بيشوى ودير السريان ودير البراموس، ثم عبروا النيل جنوبًا حتى وصلوا القناطر الخيرية.

المرحلة الثانية: تضمنت أون (هليوبوليس) المطرية وعين شمس حيث استراحت العائلة المقدسة تحت شجرة جميز.. مازالت بقاياها موجودة هناك داخل متحف مفتوح باسم متحف شجرة مريم، ثم اتجهت العائلة حيث باب زويلة وكنيسة العذراء، ثم اتجهوا لأبواب بابليون (مصر القديمة) حيث كنيسة أبى سرجة الأثرية المعروفة باسم الشهيدين سرجيوس وواخيس، ثم ركبت مركبًا نيليًا للمعادى حيث كنيسة العذراء مريم.

المرحلة الثالثة: ركبوا المركب للوجه القبلى حيث بدأوا بمدينة منف، ثم البهنسا الموجود بها دير الجرنوس وكنسية مريم، ثم إلى جبل الطير (وهو من أهم محطات العائلة بعد كنيسة أبى سرجة ودير المحرق) حيث أسس دير العذراء بجوار جبل الكف وهى كنيسة نحتت فى الصخر، ثم الأشمونيين واتجهوا لديروط بأسيوط، فالقوصية فدير المحرق عند جبل قسقام. وهو أهم محطات العائلة، حيث قضوا بها ستة أشهر وعشرة أيام.. وهناك تأسست أول كنيسة فى مصر والعالم، والآن بها دير العذراء وبقايا الكنيسة الأثرية ثم انتهت الرحلة فى جبل درنكة وبه مغارة منحوته فى الجبل، وهى آخر المحطات للعائلة المقدسة فى مصر قبل عودتها إلى فلسطين.

عادت العائلة المقدسة من القوصية للمعادى بالنيل، ثم لحصن بابليون حيث كهف أسفل كنيسة أبوسرجة، ثم شمالًا لمسطرد ثم لبلبيس ثم القنطرة ثم لفلسطين مرورًا بغزة وأخيرًا استقروا فى الناصرة.

طريق العودة..

ذكرت مصادر عديدة أن العائلة المقدسة.. سلكت الطريق السابق نفسه فى العودة، حيث نزلت على الشاطئ الغربى لكنيسة العذراء مريم بالمعادى، ثم مرت على مصر القديمة، ثم أخذت طريقها إلى المطرية (عين شمس القديمة)، ومنها إلى مسطرد (المحمة)، ومن هناك توجهت إلى مدينة (لينتوبوليس) قرب شبين القناطر، ومنها توجهت إلى بلبيس وبسطا وفاقوس والفرما والعريش ثم إلى غزة ومنها إلى الناصرة.

أهمية المسار..

كل الأماكن التى استقرت بها العائلة المقدسة أو مرت عليها.. تحولت إلى أماكن أثرية سواء فى شكل أديرة أو كنائس. وغالبيتها تضم العديد من المخطوطات والأيقونات المهمة. ولذا فهى تعتبر مناطق جذب سياحى، ومسار تاريخى.. يجب أن ينضم للتراث العالمى حسب معايير منظمة اليونسكو.

إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة هو بمثابة حدث تاريخى دينى مصرى. وهو ما من شأنه إحداث تغيير فى خريطة السياحة الدينية فى مصر بشكل خاص، وفى العالم بشكل عام على مدار السنوات المقبلة، كما سيعزز من مركز مصر السياحى على مستوى العالم للسياحة الثقافية والتراثية (الأهرامات والمعابد والنوبة والمتاحف)، والسياحة العلاجية والبيئية (واحة سيوة والصحراء الغربية)، وسياحة السفارى (الصحراء الشرقية والغربية)، والسياحة الترفيهية الشاطئية (شرم الشيخ ودهب والغردقة وسفاجا والساحل الشمالى)، وأخيرًا السياحة الدينية (المسيحية والإسلامية).

بارك البابا فرنسيس (بابا الفاتيكان) أيقونة رحلة العائلة المقدسة، وتواكب مع ذلك اعتماد الفاتيكان رسميًا 7 محطات فى مسار العائلة المقدسة، كمرحلة أولى من جملة 25 محطة بخمس مراحل. وعلى أن يتم استكمال النقاط التالية فى وقت لاحق. وهو ما تم اعتماده من هيئة «أوبرا رومانا بيليجرينجى» Opera Romana Pellegrinaggi المسئولة عن النشاط والرحلات السياحية الدينية للفاتيكان على مستوى العالم.

وهو ما يعنى فرصة للترويج السياحى للمسار لنحو 2 مليار كاثوليكى تحت القيادة الروحية للفاتيكان على مستوى العالم. ومع ملاحظة أن تلك الهيئة قد رفعت اسم مصر من على أجندتها سنة 2018 بسبب غياب التنسيق بيننا وبين الفاتيكان. ثم عادت مصر مرة أخرى مؤخرًا على أجندتها فى كتالوج 2024.

لا يوجد أى استبعاد لأى نقطة من نقاط مسار رحلة العائلة المقدسة، ولكن هناك بعض الأماكن سيتم ترحيلها إلى مراحل لاحقة لتجهيزها لوجستيًا بما يتواكب مع المتطلبات السياحية التى تتطلب أهمية إعداد خطة مدروسة بالتعاون مع الشركات السياحية لتحديد فنادق الإقامة للزوار وأوتوبيسات نقل الوفود والاستعدادات الأمنية، واللوحات الإرشادية باللغتين العربية والإنجليزية، وتمهيد الطرق لخط سير المركبات السياحية، وتوفير مترجمين متخصصين لشرح خريطة الأماكن أمام السائحين، وتوفير التأمين الطبى خاصة لكبار السن منهم.

توصيات هامة..

1 - إعداد مشروع متخصص لتنمية مواقع (محطات) مسار العائلة المقدسة التى تحيط بها العشوائيات.. مما يصعب دخول السائحين لها، مثل: صعوبة استقبال كنيسة العذراء والقديس أبانوب فى سمنود بمحافظة الغربية للأفواج السياحية بسبب وقوع الكنيسة وسط سوق شعبى كبير).

2 - تنشيط وتحفيز الوزارات المعنية.. خاصة وزارة التنمية المحلية. وهو ما يعنى أهمية ضرورة دعم مشروع المسار، والتركيز عليه من خلال تحسين الصورة الذهنية للمنتج السياحى المصرى عالميًا.. باعتباره متفردًا وشديد التميز.

3 - إعداد نشرات وكتيّبات دورية تستهدف برنامج إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، وما يتطلب ذلك من ضرورة التنسيق بين وزارات السياحة، والآثار، والداخلية، والتنمية المحلية بصفة مستمرة لتحديد الأدوار فى تطوير نقاط (محطات) مسار الرحلة، والاطلاع على استراتيجية الحكومة لتحقيق أفضل نتيجة.

4 - معالجة سلوكيات المواطنين المقيمين بالمحطات الموجودة بالمسار من خلال وضع خطة بأولويات محددة قابلة للتنفيذ على مراحل لمعالجة تلك السلبيات. وفى مقدمتها توفير فرص العمل للأهالى المحيطين بمحطات مسار رحلة العائلة المقدسة بعد تدريبهم بشكل محترف مما ينمى انتمائهم للمنطقة. 5– تنمية المجتمع المحلى فى مواقع الزيارات وتقديم الخدمات اللازمة من فنادق وكافتيريات ومطاعم تليق بأهمية المسار كمنتج سياحى، وضرورة نشر الوعى السياحى بعقد لقاءات ومحاضرات ودورات توعية.

نقطة ومن أول السطر..

لا يوجد توقيت محدد لزيارة مسار العائلة المقدسة، ولكن يمكن استغلال 1 يونيو باعتباره عيد دخول العائلة المقدسة لمصر ليكون بداية الانطلاق لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة.

السياحة الدينية هى فرصة حقيقية للمنافسة من خلال قطاع سياحى جديد فى مصر لإنعاش السياحة، وبالتالى الاقتصاد المصرى. وهى نوع من السياحة مختلف.. ويُساعد على الحد من حرق الأسعار التى انتابت قطاع السياحة الشاطئية خلال السنوات الماضية.