الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قرارات استثنائية للجنة السياسة النقدية.. وإشادات دولية المركزى المصرى يكبح جماح التضخم

أصدرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى الأسبوع الماضى عدة قرارات استثنائية لكبح جماح التضخم، والقضاء على السوق الموازية لسعر الصرف الأجنبى، والعمل على رفع معدل النمو الاقتصادى والذى تباطأ فى الفترة الماضية متأثرًا بالصدمات التى يتعرض لها الاقتصاد العالمى، إضافة إلى الأزمات السياسية التى تعصف بالعالم أجمع وبمنطقة الشرق الأوسط خاصة.



 الضغوط التضخمية 

تأثر الاقتصاد المحلى فى الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادى، واستمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية فى التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمى لصدمات متتالية، وقد أدت تلك الصدمات وتداعياتها إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم، مما زاد من الضغوط التضخمية، كما أدت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك بالإضافة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية بجانب صدمات العرض المحلية، إلى استمرارية الضغوط التضخمية التى دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية، وعلى الرغم من تباطؤ معدلات التضخم السنوية مؤخراً، إلا أنه من المتوقع أن تتخطى المعدل المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزى المصرى البالغ 7 % (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.

 الحفاظ على استقرار الأسعار وتوحيد سعر الصرف

فى إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به بحماية متطلبات التنمية المستدامة، يؤكد البنك المركزى التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وتحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزى بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار فى استهداف التضخم كمرتكز اسمى للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، ويعتبر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يسهم فى القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبى فى أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية. 

وفى هذا الصدد، واستمراراً لسياسة التقييد النقدى التى يتبعها البنك المركزى المصرى، قررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الاستثنائى رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25 %، 28.25 % و27.75 %، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75 %.

وبناءً على القرار الذى اتخذته اللجنة فى اجتماعها بتاريخ الأول من فبراير 2024 برفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس، قررت اللجنة الإسراع بعملية التقييد النقدى من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولى وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم. كما تؤكد لجنة السياسة النقدية على أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تقتضيه السياسة التقييدية من رفع لأسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة. 

 مناخ مشجع للاستثمار وتحقيق نمو مستدام

كما يدرك البنك المركزى المصرى أن التقييد النقدى يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقى الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص، ولذلك يعى البنك المركزى أن تحقيق استقرار الأسعار يخلق مناخاً مشجعاً للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط.. وتأتى قرارات السياسة النقدية المعلنة فى إطار حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة بالتنسيق مع الحكومة المصرية وبدعم من الشركاء الثنائيين ومتعددى الأطراف، واستعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبى، كما يؤكد البنك المركزى على أهمية التنسيق بين السياسات المالية والنقدية للحد من أثر التداعيات الخارجية على الاقتصاد المحلى، الأمر الذى يضع الاقتصاد المصرى على مسار مستدام للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، وضمان استدامة الدين والعمل على بناء الاحتياطيات الدولية.

ومن المرتقب أن يؤدى القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبى إلى خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم، وبالتالى، من المتوقع أن يتبع التضخم العام مساراً نزولياً على المدى المتوسط، بعد الانحسار التدريجى للضغوط التضخمية المقترنة بتوحيد سعر الصرف، من ناحيةٍ أخرى، تشمل المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم التوترات الجيوسياسية الإقليمية، والتقلبات فى أسواق السلع الأساسية العالمية والأوضاع المالية العالمية، وفى ضوء تلك المخاطر والتغيرات المذكورة آنفاً، سيتم الإعلان بوضوح عن إعادة تقييم معدلات التضخم المستهدفة التى يحددها البنك المركزى المصرى.

 تقييم توازن المخاطر

وإدراكاً بأن قرارات لجنة السياسة النقدية تحتاج إلى وقت حتى ينتقل أثرها إلى الاقتصاد، ستستمر اللجنة فى تقييم توازن المخاطر المحيطة بالتضخم بهدف السيطرة على التوقعات التضخمية، وترى اللجنة أن قرار رفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 600 نقطة أساس سيساعد فى تقييد الأوضاع النقدية على نحوٍ يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم. وسيتم الإبقاء على تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود.

تؤكد اللجنة على أهمية الإبقاء على مسار أسعار العائد الذى يحد من انحراف التضخم المتوقع عن معدله المستهدف وكذا انحراف النشاط الاقتصادى عن طاقته الإنتاجية القصوى. كما ستواصل اللجنة متابعة جميع التطورات الاقتصادية وفقاً للبيانات الواردة، ولن تتردد فى استخدام أدواتها المتاحة للحفاظ على استقرار الأسعار فى المدى المتوسط. وتكرر اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة. 

 الاتفاق مع صندوق النقد الدولى

وأعلن مصطفى مدبولى رئيس الوزراء المصرى الثلاثاء الماضى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولى لاستكمال مرحلتى المراجعة الأولى والثانية، وزيادة البرنامج لـ 8 مليارات دولار.

كما أكد على أن مصر ستتمكن من الحصول على نحو 1.2 مليار دولار إضافية من صندوق الاستدامة البيئية.

وقال رئيس مجلس الوزراء: وقعنا اتفاقا بين مصر والصندوق، الذى يأتى فى إطار سياسات الإصلاحات الهيكلية المتكاملة للاقتصاد المصرى التى تنتهجها الدولة، والتى أعدتها الحكومة المصرية، فهذا البرنامج مصرى، فالدولة والحكومة والبنك المركزى معنيون بوضع مستهدفاته وتنفيذه، موضحا أن هذه المستهدفات كانت متوافقة مع صندوق النقد الدولى، متوجها بالشكر إلى «إيفانا فلادكوفا هولار»، رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، وكل الفريق المعاون، على الجهد الذى بذلوه فى هذا الشأن خلال الفترة الماضية، حتى تم التوافق والتوصل إلى هذا الاتفاق.

كما تابع رئيس الوزراء: وضعنا سقفًا لإجمالى الاستثمارات العامة الكلية بكل جهات الدولة لا يتجاوز تريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص.

من جانبها قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدوليّ إن السلطات المصرية أظهرت التزامًا قويًا بالتحرك بشأن جميع الجوانب الحاسمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يدعمه الصندوق.

كما قال حسن عبد الله محافظ البنك المركزى خلال التوقيع إن برنامج الصندوق سيدعم جهود البنك المركزى فى إعادة بناء الاحتياطات الدولية على نحو مستدام.

من جهته أكد محمد معيط وزير المالية أن الحكومة تعمل على الاستمرار فى تحقيق فائض أولى فى السنة المالية القادمة فى حدود 3.5 % وتخفيض الدين تحت 90 %.

 ارتفاع السندات الدولارية المصرية

فى أعقاب كل ذلك ارتفعت السندات الدولارية المصرية بشكل كبير بعد قرارات الثلاثاء الماضى وقادت الديون الحكومية المستحقة فى 2047 الارتفاع، إذ ارتفعت 4 سنتات للدولار إلى نحو 82 سنتا.

وقالت بلومبرج إيكونوميكس إن وصول خطة الإنقاذ الإماراتية قد أطلق العنان لسلسلة من ردود الفعل السياسية فى مصر، والعمل على سد الفجوة مع السوق الموازية.

وتقلصت فروق أسعار السندات المصرية مقارنة بعوائد سندات الخزانة الأمريكية، وفقا لأسعار إرشادية من مؤشرات جى بى مورجان تشيس وشركاه وأظهرت البيانات أن العقود تراجعت إلى 43 نقطة أساس إلى 529.

وارتفع المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية EGX30 بما يصل إلى 4.5 % إلى مستوى قياسى، بقيادة مكاسب البنك التجارى الدولى ومن المنتظر أن يستفيد المقرضون من ارتفاع أسعار الفائدة.

وكان المصدرون مثل شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، التى تستفيد من ضعف العملة المحلية، من بين الأسهم الأكثر ارتفاعا.

 وكالة فيتش: مصر تصل إلى النور فى نهاية النفق

بعد رفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس فى 6 مارس، تشير التوقعات إلى أن البنك المركزى المصرى سوف يبقى على سعر العائد على الإقراض لليلة واحدة عند 27.25 % وسعر العائد على الودائع لليلة واحدة عند 28.25 % لبقية العام، وهى خطوة إيجابية تشير إلى جدية البنك المركزى المصرى فى خفض التضخم. 

بالنظر إلى أن التضخم ربما تباطأ إلى أقل من 25 % على أساس سنوى فى فبراير، تعتقد فيتش أن رفع سعر الفائدة كان كافيًا لعودة أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية، وحتى مع تحرير العملة، فإن التضخم سوف يحوم عند نحو 30.0 % حتى نهاية عام 2024، الأمر الذى سيبقى أسعار الفائدة الحقيقية قريبة من الإيجابية.

فى الوقت نفسه، ستصبح العائدات على السندات الحكومية إيجابية أيضًا، ومع انحسار مخاطر صرف العملات الأجنبية، فإن ذلك سيجذب مستثمرى المحافظ مرة أخرى إلى سوق الديون المصرية حتى فى وقت أبكر مما كان من المتوقع حدوثه.

مع تشديد السياسة النقدية وتعويم العملة، استوفت مصر الآن المتطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولى لتأمين برنامج جديد أكبر، حيث إن الإجراءات المعلنة تم اعتمادها كجزء من مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة بالتنسيق مع الحكومة، وبدعم ثابت من الشركاء متعددى الأطراف والثنائيين.

من شأن الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية مؤخرًا لجذب التمويل الأجنبى أن تساعد مصر على تغطية احتياجاتها التمويلية على المدى المتوسط، ويشارك المستثمرون هذا الرأى، مما أدى إلى انخفاض فى مقايضات العجز الائتمانى لسندات اليورو لأجل 5 سنوات.

أبقت الوكالة على توقعاتها بأن يتباطأ النمو الاقتصادى من 3.8 % فى السنة المالية 2022/ 2023 إلى 3.2 % فى السنة المالية 2023/ 2024 قبل أن يرتفع بنسبة 4.2 % فى السنة المالية 2024/ 2025، حيث إن تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر من المتوقع سيؤدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض للشركات والأسر، مما سيؤثر سلبًا على الاستهلاك والاستثمار المحلى.