الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

استثمارات ضخمة وتوفير تمويلات للمشروعات ذات الأولوية الوطنية مصر والصين «مبادلة الديون من أجل التنمية»

حرصت مصر خلال السنوات القليلة الماضية على الاستفادة من برامج مبادلة الديون فى توفير التمويلات للمشروعات التنموية ذات الأولوية الحكومية، بما يخدم أجندة التنمية الوطنية، ويخفف أعباء الديون الخارجية، ويحقق التنمية المستدامة.



 

أكبر استثمار أجنبى

فى هذا السياق، يؤكد خبراء الاقتصاد أن صفقة رأس الحكمة من الصفقات المهمة فى تاريخ الاقتصاد المصرى؛ ليس فقط لأنها أكبر استثمار أجنبى مباشر يدخل البلاد ويوفر المليارت من العملة الصعبة مما يساهم فى تحقيق الاستقرار النقدى للبلاد، ويساهم فى كبح جماح التضخم والقضاء على السوق الموازية للدولار؛ ولكن أيضًا لتوفير مئات الآلاف من فرص العمل بتشغيل شركات المقاولات والمصانع المصرية وإنشاء وجهة سياحية عالمية على البحر المتوسط تنافس مثيلاتها فى دول العالم بشراكة استثمارية مع دولة الإمارات الشقيقة.

شراكة وليست بيعًا للأصول

هذا بالإضافة إلى أن هذه الصفقة تتميز بكونها تعتمد على الشراكة وليست بيعًا للأصول، كما أن المشروع يتم فى إطار قوانين الاستثمار المصرية.

وفى نطاق نقاشات تلك الصفقة الاستثمارية الأكبر فى تاريخ مصر طُرحت تساؤلات بشأن برامج مبادلة الديون وكيف تساعد فى تحقيق التنمية، وهل تعد صفقة رأس الحكمة النموذج الوحيد لهذه البرامج؟ فى الحقيقة، أنه وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، نجحت الحكومة المصرية فى تنفيذ برنامج مبادلة الديون مع حكومات دول عظمى أبرزها الحكومتان الإيطالية والألمانية، بقيمة تجاوزت 720 مليون دولار، من خلال ما يقرب من 120 مشروعًا فى مختلف مجالات التنمية، حيث بلغت قيمة برنامج المبادلة مع الجانب الإيطالى 350 مليون دولار لدعم تحقيق التنمية المستدامة فى مصر بما يتماشى مع الأهداف الوطنية، بالإضافة إلى ذلك، وافقت حكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية، خلال قمة مجموعة الثمانى فى دوفيل فى مايو 2011، على عرض مبادلة ديون بقيمة 240 مليون يورو لتنفيذ مشروعات تنموية فى مصر تهدف إلى تعزيز خلق فرص العمل، والقدرة التنافسية للقطاع الخاص، والطاقة.

الأولى التى توقعها الصين

وفى هذا التقرير نوضح التطورات فيما يتعلق ببرنامج مبادلة الديون من أجل التنمية وكيف تمكنت مصر فى فترة وجيزة جدًا من تحقيق استفادة كبيرة من عمليات مبادلة الديون، وفى الوقت نفسه تحقيق التنمية المنشودة، حيث شهد العام الماضى أيضًا توقيع مذكرة تفاهم أول برنامج من نوعه لمبادلة الديون مع دولة الصين، والتى تعد الأولى فى تاريخ التعاون بين مصر والصين، وكذلك الأولى التى توقعها الصين مع دول أخرى.

 جولات من المباحثات:

فعلى مدار عام كامل، وتنفيذًا للتوجيهات الرئاسية بتعزيز العلاقات «المصرية- الصينية»، عقدت وزيرة التعاون الدولى، جولات متتالية من المباحثات مع الجانب الصينى فى العديد من المحافل، لا سيما خلال زيارتها للعاصمة الصينية «بكين» فى شهرى يوليو وأكتوبر من العام الماضى، للمشاركة فى الاجتماعات رفيعة المستوى لمنتدى العمل الدولى من أجل التنمية، والمشاركة المصرية فى الدورة الثالثة لـ«منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي» وكذلك اللقاءات الثنائية التى عُقدت مع مؤسسات التمويل الصينية ومسئولى الحكومة خلال الاجتماعات السنوية للبنك الإفريقى للتنمية، والاجتماعات السنوية للبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، بمدينة شرم الشيخ.

الأولى من نوعها

وقامت وزيرة التعاون الدولى، منذ فبراير من العام الماضى، بجولات مكثفة من المباحثات مع الجانب الصينى وبالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، لإرساء تجربة تعد هى الأولى من نوعها بين وزارة التعاون الدولى والوكالة الصينية للتعاون الإنمائى الدولى لصياغة اتفاق مبادلة الديون من أجل التنمية.

وخلال زيارة وزيرة التعاون الدولى، للصين فى يوليو الماضى، تمت مواصلة عمليات التفاوض بشأن برنامج مبادلة الديون، كما تم توقيع مذكرة تفاهم حول «مبادرة التنمية العالمية GDI»، مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائى الدولى، حيث تعزز مذكرة التفاهم الشراكة المصرية - الصينية كما تتضمن بندًا بإنشاء آلية للتشاور على مستوى الإدارات، فضلا عن العمل على صياغة استراتيجية متكاملة للتعاون الإنمائى بين مصر والصين لمدة 3-5 سنوات لأول مرة فى ضوء العلاقات المشتركة بين البلدين، تتضمن المجالات والمشروعات التى سيتم تنفيذها من خلال برنامج التعاون الإنمائى

تمويل مشروعات تنموية

كما تم على مدار شهرى أغسطس وسبتمبر الماضيين عقد اجتماعات تنسيقية مكثفة مع الجهات الوطنية المعنية للتباحث بشأن الأولويات الوطنية فى إطار برنامج مبادلة الديون، حتى تم توقيع الاتفاق خلال الزيارة التى قام بها رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، للصين أكتوبر الماضى.

فعلى هامش مشاركة مصر فى منتدى الحزام والطريق فى أكتوبر من العام الماضى، وقعت وزارة التعاون الدولى مذكرة تفاهم فى مجال مبادلة الديون مع الوكالة الصينية للتعاون الإنمائى الدولى، لتصبح مصر أول دولة تبرم هذا الاتفاق مع الوكالة.

ليساهم توقيع اتفاقية مبادلة الديون بين مصر والصين فى تخفيف الضغط على التزام القاهرة بسداد ديون قصيرة الأجل من خلال توجيه جزء من الديون المستحقة للصين والبالغة 8 مليارات دولار لتمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية مما يسهم فى زيادة معدل نمو الاقتصاد المصرى، وتخفيف الضغط على الدولار لسداد الالتزامات الدولية خلال الثلاث سنوات المقبلة.

أهداف التنمية المستدامة

هذا وتعد آلية مبادلة الديون وسيلة من أجل تعزيز التمويل المتاح للمشروعات التنموية، عن طريق توقيع اتفاقيات التى يتم بموجبها مبادلة جزء من الديون المستحقة للدول شركاء التنمية، بهدف تخفيف عبء الديون الخارجية.

وتهدف هذه الآلية إلى تحقيق التنمية المستدامة عن طريق تمويل المشروعات ذات الأولوية، ودعم جهود تحقيق الهدف الـ17 من أهداف التنمية المستدامة «عقد الشراكات لتحقيق الأهداف»، ووفقًا للآلية يتم استخدام مقابل الديون بالعملة المحلية فى تمويل مشروعات تنموية متفق عليها بين الطرفين.

مزايا اتفاق مبادلة الديون

وذكرت «التخطيط الدولى»، أنه مع زيادة حدة الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الدول النامية والاقتصاديات الناشئة، ارتفعت المطالبات الدولية بضرورة التوسع فى آلية مبادلة الديون مع تلك الدول، خاصة مبادلة الديون من أجل العمل المناخى، ودعم جهود الدول فى تعزيز التنمية والعمل المناخى والتوسع فى مشروعات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، ودعم قدرتها على الصمود.

استثمارات جديدة بأكثر من 15 مليار دولار

وكان هذا هو الهدف الأساسى من توقيع مصر اتفاقية مبادلة الديون مع الصين، وإعلان شركات صينية ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار فى إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع، إضافة إلى تقديم تمويلات ميسرة لإنشاء المرحلتين الثالثة والرابعة من مشروع القطار الكهربائى الخفيف.

جذب استثمارات ضخمة

سبق هذه الاتفاقيات طرح مصر سندات باندا بقيمة 3.5 مليار يوان صينى، أى ما يعادل أكثر من 478 مليون دولار. فى وقت أكد خبراء أهمية هذا التعاون فى جذب استثمارات ضخمة تسهم فى زيادة معدلات نمو الاقتصاد الوطنى، وتخفيف الضغط على النقد الأجنبى، وتعزيز التبادل التجارى.

مزايا كبيرة فى ظل البريكس 

وأكد خبراء أن هذه الاتفاقية تساهم كذلك فى تعزيز التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات الصينية فى مصر، خاصة فى ظل انضمام مصر لدول تجمع البريكس، مما يتيح آلية مبادلة العملة فى التعاون الاقتصادى، علاوة على مساهمة مصر فى بنك بريكس، مما يتيح لمصر الحصول على تمويلات ميسرة لتمويل مشروعات فى مجال البنية التحتية.

وقد وافق مجلس النواب خلال العام الماضى، على اتفاقية مساهمة مصر فى بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس بقيمة 1.196 مليار دولار أمريكى المدفوع منه %20 بإجمالى مبلغ قدره 239.2 مليون دولار لتصبح مصر أعلى قيمة مساهمة لدولة غير مؤسسة للبنك تمثل %2.1 من القوة التصويتية للبنك.

طفرة فى التبادل التجارى

قال الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن اتفاقية برنامج مبادلة الديون بين مصر والصين تعد استكمالًا للتعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، مشيرًا إلى اتفاقية سبق أن وقعتها مصر والصين لمبادلة العملات بقيمة 18 مليار يوان ما يعادل (2.6 مليار دولار) فى عام 2016، وأثمرت عن طفرة فى التبادل التجارى، وتخفيف الضغط على الدولار باعتماد مبادلة العملات فى جزء من الواردات المصرية.

وارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والصين إلى 16.25 مليار دولار عام 2022 - وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، مقسمة بين 14.4 مليار دولار واردات مصرية من الصين، و1.85 مليار دولار صادرات مصرية إلى الصين.

وتستثمر 2418 شركة صينية فى مصر بحجم رأس مال مصدر 1.1 مليار دولار، حتى نهاية مايو الماضى، يتركز نسبة %47 منها بالنشاط الصناعى فى مجالات الفايبر جلاس، والأجهزة المنزلية، والمنسوجات، والصناعات الغذائية، والأعلاف الحيوانية، وفقًا لبيانات رسمية.

هذا وتسهم هذه الاتفاقية الجديدة فى تشجيع نمو الاستثمارات الصينية فى مصر، وتعزز التبادل التجارى بين البلدين، إضافة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبى اللازم لسداد الديون وتمويل الواردات المصرية، كما تسهم فى حل عجز النقد الأجنبى الذى يتطلب ضرورة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعمل الحكومة بالفعل على زيادة هذه الاستثمارات.

استثمارات فى مجالات مختلفة  

هذا ووقعت 7 شركات صينية اتفاقيات ومذكرات تفاهم لاستثمار 15.5 مليار دولار فى مصر فى مشروعات إنشاء مصنع للهيدروجين الأخضر باستثمارات 6.75 مليار دولار، ومجمع لإنتاج كلوريد البوتاسيوم باستثمارات 8 مليارات دولار، و3 مصانع لإنتاج أنابيب الحديد والزجاج المصقول والبروم بقيمة 755 مليون دولار، إضافة إلى توسعات بقيمة 18 مليون دولار فى مصنع لإنتاج الكابلات الضوئية.

وتساهم مصر فى مبادرة الصين «الحزام والطريق» من خلال توسيع المجرى الملاحى لقناة السويس، إلى جانب التوسع فى تطوير وتحديث الموانئ المصرية، والربط عبر شبكة طرق وسكك حديد بين الموانئ المصرية على البحرين الأحمر والمتوسط، وإنشاء الموانئ الجافة، تحقيقًا لفكرة الممرات اللوجستية التى تخدم التجارة العالمية.

مشروعات تنموية خضراء

وفيما يتعلق بمصير الاتفاقية وما تم تنفيذه منها، فالبرنامج يستهدف تحويل ديون مستحقة للصين إلى مشروعات تنموية خضراء ذات بعد بيئى، بدءًا من العام الجارى.

كما يقتصر برنامج مبادلة الديون على القروض التنموية فقط دون القروض التجارية.

وتبلغ الديون التنموية لصالح الصين على مصر نحو 1.7 مليار دولار، وهى قروض بفوائد أقل من نظيرتها التجارية ولا تتجاوز %2 على أقصى تقدير.

وقد تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بالمشروعات التى شملها برنامج مبادلة الديون مع الصين بداية العام الجارى، لتدخل بعد ذلك مرحلة التنفيذ مباشرة، عبر تدشين حساب رسمى بين البلدين فى البنك المركزى المصرى يتم فيه إيداع ما يساوى قيمة الدين بالجنيه المصرى وتحويلها لمشروعات تنموية تتطابق مع المعايير البيئية.

وبلغت قروض مصر لصالح الصين 8.2 مليار دولار بنهاية مارس 2023، بحسب البنك المركزى المصرى. وتراجع الدين الخارجى لمصر إلى 164.7 مليار دولار خلال الربع الأخير من العام المالى 2022 مقابل 165.3 مليار دولار خلال الربع الثالث من نفس العام المالى، بحسب البنك المركزى المصرى

وسددت مصر فوائد وأقساط ديون خلال النصف الأول من العام 2023 بقيمة 25.5 مليار دولار بحسب وزير المالية محمد معيط.

هذا وتم دراسة التوسع فى اتفاقيات مبادلة الديون، مع الدول التى ترتبط بديون تنموية مع مصر لتحقيق الأهداف ذات الأولوية الوطنية.