الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روسيا VS أوكرانيا.. والعام الثالث على الحرب الناتو غير من لهجته وأعلن أن الوضع صعب جدًا على الجبهة هل يقترب بوتين مـــن الحســـم؟!

فى الذكرى الثانية للحرب الأوكرانية التى تطلق عليها روسيا العملية العسكرية الخاصة وتصمم أن تستمر حتى تحقق جميع أهدافها، المتمثلة فى ضمان حيادية أوكرانيا واجتثاث النازية منها، وضمان أمن سكان المناطق التى أصبحت جزءا من أراضيها بعد استفتاء عام 2022 وحمايتهم من الهجمات المباشرة وإنقاذ حياتهم. وتشير تقارير يومية لوزارة الدفاع الروسية عن الحرب إلى أن الجيش يواصل زحفه فى محاور عديدة حيث يصد هجمات للقوات الأوكرانية، ويسقط صواريخها وطائراتها المسيرة، كما يدمر معدات عسكرية قدمها الغرب إلى كييف. وتعتبر موسكو أن هجوم كييف المضاد الذى بدأ فى يونيو الماضى فشل فيما برر الرئيس الأوكرانى ڤولوديمير زيلينسكى ذلك بانعدام القدرة على ضبط الأجواء فى حين رأى الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ديڤيد بترايوس أن كييف لم تتمكن من تحقيق اختراق خلال الهجوم المضاد بسبب التأخير فى توريد الأسلحة الغربية.



 

وعلى الجانب الأوكرانى، تعهد الرئيس زيلينسكى بهزيمة روسيا مع دخول الحرب عامها الثالث فيما تواصل القوات الأوكرانية القتال على الرغم من تراجع المساعدات الغربية، وبينما تحقق القوات الروسية مكاسب ميدانية جديدة. وفى كلمة ألقاها بمطار جوستوميل العسكرى قرب العاصمة كييف التى شهدت معركة مع القوات الروسية فى الأيام الأولى للغزو قال زيلينسكى: «نقاتل من أجل ذلك، منذ 730 يوما من حياتنا، وسننتصر، فى أفضل يوم من حياتنا»، فيما واصل رئيس وزرائه دينيس شميهال تأكيده أن الهجوم مستمر بالرغم من عدم تحقيق النتائج المتوقعة، وفقا لمراقبين. وكان العام الثانى من الحرب شاهدا على تغيير لهجة ممثلى حلف شمال الأطلسى الناتو والذى أعلن أمينه العام ينس ستولتنبرج أن الجيش الأوكرانى أصبح الآن فى وضع صعب جدا على الجبهة، وذلك بسبب عدم تزويد أوكرانيا بذخائر كافية.

 

وفى حصيلة ميدانية، تعلن روسيا يوميا إسقاط مسيرات أوكرانية، ليس فقط فوق أراضى المناطق التى تدور فيها الأعمال القتالية، بل وفى مناطقها الحدودية مثل بيلجورود وكورسك وبريانسك، إلى جانب تلك التى تتمكن من التحليق إلى العمق الروسى، وبدورها تتحدث أوكرانيا عن إسقاط واعتراض مسيرات روسية عديدة. فيما زادت القوات الروسية من استخدام الطائرات المسيرة بمختلف الطرازات على جبهات القتال، كما استمرت فى إدخال أنواع جديدة من الأسلحة فى العمليات القتالية وفقا لهيئة الأركان العامة.

 

ومن أبرز الأسلحة التي يستخدمها الجيش الروسى أو يختبرها لدخول الخدمة، «القنابل الموجهة» Glide Bombs، كما تم اختبار دبابة T-14 Armata، بالإضافة إلى دبابات T-90M Model Proryv-3 المعدلة، وT-72B3M، و-80BVM، كما يستخدم منظومة الصواريخ بعيدة المدى S-400 missile system، والتى يرجح الداخل الروسى أن تصبح إحدى الوسائل الرئيسية لتدمير مقاتلات F-16. كما حصلت القوات الروسية على نماذج معدلة من مركبات Terminator القتالية المخصصة لدعم الدبابات، والتي جهزت بوسائل حماية إضافية فى المكان الذى تقع فيه أجهزة الرؤية الخاصة بقائد المدرعة، وكذلك فى مكان وجود قاذفات القنابل، إلى جانب أنواع مختلفة من الأسلحة. وكثيرا ما اتهم الغرب كلا من إيران وكوريا الشمالية بتقديم مساعدة عسكرية لروسيا من خلال تزويدها بمسيرات وصواريخ وأسلحة، وهو ما تنفيه موسكو بشكل متكرر.

 

وقال الخبير العسكري الروسى أناتولى ماتفيتشوك إن موسكو وطهران تجمعهما شراكة فى مجالات عديدة، بما فى ذلك التعاون العسكرى التقنى المتوافق مع القانون الدولى معتبرا أن هذا لا يعنى أن هناك دولا تساعد روسيا على جبهات القتال.

وكان العام الثانى من النزاع العسكرى شاهدا على معارك مطولة، إذ حسم الجيش الروسى مصير مدن باخموت (أرتيوموفسك بالروسية) وبعدها ماريينكا، ثم مؤخرا أفدييفكا. واكتسبت باخموت أهمية استراتيجية محدودة بسبب طول مدة المعارك حولها التى بدأت فى صيف عام 2022 وانتهت فى مايو الماضى، لكن الوضع مختلف فى ماريينكا وأفدييفكا نظرا لأهميتهما الاستراتيجية، إذ تعتبر روسيا أن السيطرة عليهما تعنى أن هناك فرصة لإبعاد القوات الأوكرانية عن مدينة دونيتسك وحمايتها بشكل أكثر فاعلية من نيران كييف. أما أفدييفكا، فكانت البلدة الأكثر تحصينا لكنها سقطت فى قبضة الجيش الروسى منذ حوالى أسبوع من الذكرى الثانية للحرب الأوكرانية. وعلى الرغم من الإصرار المعلن لقادة غربيين على ضرورة هزيمة روسيا استراتيجيا فى أوكرانيا وضرورة الاستمرار فى دعم كييف حتى تنتصر على موسكو، أعتبر العضو المراسل فى الأكاديمية الروسية لعلوم الصواريخ والمدفعية وأستاذ العلوم العسكرية قسطنطين سيفكوف أن العام الثانى من النزاع انتهى بهزيمة كبيرة للغرب على أراضى أوكرانية.

وأوضح سيفكوف أنه على مدى عامين حاول الغرب تدمير الاقتصاد الروسى وزعزعة وحدته من الداخل بشتى الطرق، ومحاولة خلق صدام بين السلطة والشعب، كما حاول إلحاق هزيمة بروسيا على جبهات القتال، لكن لم يحرز نجاحا فى هذا مشيرا إلى أن ضخ الغرب لمبالغ كبيرة وأسلحة إضافة إلى خسارة أرواح كثيرة لدى الجانب الأوكرانى لم يكن فى صالحه، وكان بلا نتيجة. وتابع: «هدف الغرب كان الإطاحة بالرئيس الروسى ڤلاديمير بوتين وفرض السيطرة على السلطة بأيادى الدمى التى يمكن التحكم بها.ومن جهته، يرى الخبير العسكري أناتولي ماتفيتشوك أنه بعد عام من محاولات موسكو إقناع كييف بتسوية الصراع دون جدوى لم يبق أمامها إلا خيار إعادة صياغة تكتيكها العسكرى، وأضاف ماتفيتشوك أنه خلال العام الأول من الحرب حاولت موسكو إقناع كييف بالتخلى عن السلاح وأن تكون جارة حسنة لكنها فشلت فى هذا، واليوم نرى أن روسيا أعادت النظر فى موقفها من الغرب، كما أعادت تقييم تعاملها مع أوكرانيا. وأشار إلى أن موسكو اختارت المضى قدما لتحقيق النصر على الأرض وبلوغ أهدافها معتبرا أن ما حدث فى أفدييفكا مؤخرا أظهر أن روسيا غيرت تكتيكها بشكل ملحوظ وأصبح زمام المبادرة بين يديها.

ومع تداول تقارير عن خسائر روسيا فى أوكرانيا فى سبتمبر 2022، عبر قائد مجموعة ڤاجنر العسكرية الروسية الخاصة الراحل يڤجينى بريجوجين للرئيس الروسى بوتين عن مخاوفه حول إدارة الكرملين للحرب وفقا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فى ذلك الوقت وزادت الخلافات بين بريجوجين والقيادة العسكرية المتمثلة فى وزير الدفاع سيرجى شويجو ورئيس هيئة الأركان ڤاليرى جيراسيموڤ خلال معارك السيطرة على باخموت وشن بريجوجين حينها هجوما حادا على مسؤولى وزارة الدفاع الروسية محذرا من أن قواته ستنسحب من باخموت بسبب نقص الذخيرة. وجاء بعدها رفضه لتوقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية وما تلاه من محاولة تمرد مسلح فاشلة على العاصمة موسكو. وتدخل حينها الرئيس البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو ونقل قوات ڤاجنر إلى بلاده، وفى أعقاب ذلك، أغلقت روسيا جميع مكاتب المجموعة لديها. وطويت صفحة هذه المجموعة فى روسيا، لتصبح ڤاجنر ومؤسسها بريجوجين من الماضى بعدما لقى مصرعه إثر تحطم طائرته فى أغسطس الماضى بالقرب من العاصمة موسكو.

ولم تركز الصناعة العسكرية لروسيا خلال عام 2023 كثيرا على تطوير أحدث أنظمة الأسلحة بقدر التركيز على زيادة حجم إنتاج المعدات لتلبية احتياجات البلاد. وبفضل توسيع الإنتاج ونقل المؤسسات إلى وضع التشغيل بـ3 مناوبات، تلقت القوات البرية 1530 دبابة جديدة، و2518 مركبة قتال مشاة وناقلات جنود مدرعة، إلى جانب دخول نحو 540 ألف عسكرى الخدمة بموجب عقود فى 2023 ما سمح بتشكيل جيش احتياطى يتكون من 6 فرق وفقا للبيانات الرسمية الروسية. وفى هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادى ومدير معهد المجتمع الجديد فى موسكو ڤاسيلى كولتاشوڤ أن الطلبية الحكومية من المجمعات الصناعية دفعت الإنتاج العسكرى نحو الانتعاش والنمو بشكل ملحوظ، فالأموال التى صرفت ستسترجع فى نمو الاقتصاد. وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنه ومنذ بدء النزاع الأوكرانى زاد إنتاج الطائرات المسيرة بحوالى 17 مرة، والذخيرة بـ17.5 مرة، والدبابات بـ6 مرات. وقدرت صناعة الدبابات السوڤيتية طوال معظم فترة الحرب الباردة بأنها أكبر من تلك الموجودة فى دول العالم مجتمعة، حيث بلغ إنتاجها أكثر من 4000 مركبة سنويا. ويرى الخبير العسكرى سيفكوف أن هناك تطورا إيجابيا كبيرا للمجمع العسكرى الصناعى الروسى إذ إنه على مدى فترة زمنية طويلة كان يعانى من مشاكل فى عدم فهم ضرورة تطويره لكن الأمر تغيَر مؤخرا، وتابع: المجمع الصناعى العسكرى تطور بوتيرة نشطة جدا رغم أنه على مدى فترة زمنية طويلة كانت هناك مشاكل فى عدم فهم ضرورة تطويره واستمر هذا لنحو 25 عاما؛ وبين سيفكوف أن روسيا تمكنت اليوم من تطوير المجمع لزيادة وتيرة إنتاجه العسكرى بمرات عديدة خاصة لأحدث أنواع الأسلحة وتلك التى لا توجد لدى الدول الغربية.

وزادت الحكومة الروسية الإنفاق الدفاعى ضمن الميزانية الفيدرالية لعام 2024 بحوالى 68 % واعتبر الكرملين أن هذه الخطوة ضرورية للغاية ولها ما يبررها، وترتبط بالعملية العسكرية الخاصة المتواصلة، والحرب التى وصفها بالهجينة التى تشن ضد روسيا. فيما يرى الخبير الاقتصادى ومدير معهد المجتمع الجديد فى موسكو ڤاسيلى كولتاشوف أن الزيادة فى الإنفاق الدفاعى لن تتوقف مع انتهاء الحرب الأوكرانية، بل ستستمر فى الزيادة. وأوضح كولتاشوف أن هذا يعنى أن حصة الإنفاق العسكرى الحالية لن تكون لفترة قصيرة، خاصة أن المخاطر لا تنتهى فبعد انتهاء مشكلة أوكرانيا من المتوقع أن تظهر مشاكل أخرى ليس فى أوروبا المجاورة فقط بل فى مناطق أخرى. وفى الوقت نفسه، يرى الخبير الاقتصادى أن زيادة الإنفاق الدفاعى لن تؤثر سلبا على الاقتصاد الروسى فهذه الأموال ستتحول إلى أداة محفزة للاقتصاد. وأضاف إن أموال الجنود المتعاقدين مع الجيش تتحول إلى أداة محفزة لاقتصاد البلاد فخلال عام 2023 انضم حوالى نصف مليون شخص لصفوف القوات الروسية من خلال إبرام عقود مع وزارة الدفاع، إذ يحصلون شهريا على نحو 204 آلاف روبل أى ما يعادل 2200 دولار. وتابع: نتحدث عن رجال من الأقاليم البعيدة عن موسكو وسان بيترسبورج، فهم يحصلون على أموال أكثر من تلك التى كان يمكنهم الحصول عليها إذا عملوا فى مناطق عيشهم وتصبح هذه الأموال أداة محفزة للاقتصاد هناك.

وعلى جانب آخر، وبعد مرور عامين على بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا أصبح من الواضح أن العقوبات الغربية على روسيا لم تنجح فى إضعاف اقتصادها الذى من المتوقع أن يحقق نموا بنحو 2.6 %. ولفت كولتاشوف إلى أن إستمرار الأعمال القتالية يفتح فرصا ليس فقط أمام روسيا من الناحية المالية بل ولدول أخرى من بينها الولايات المتحدة مشددا على أن أوروبا وحدها الخاسرة هنا. وقال إنه على الرغم من أن الأموال التى تنفق كثيرة إلا أن هذا الأمر يرافقه انتحار لأوروبا حيث يجرى تدمير مجمعات الصناعة فى القارة العجوز وفى نهاية المطاف سيخلق كل هذا فرصا جديدة أمام الاقتصاد الروسى كما أن هناك اقتصادات أخرى مستفيدة مثل الولايات المتحدة وكازاخستان وتوقع أن تستمر الحرب لسنوات طويلة مشيرا إلى أنه لا داعى للتعجل فى إنهائها. وتحدث مسؤولون روس كثيرا عن ضرورة إبعاد خط المواجهة عن المناطق الحدودية الروسية والمدنية، ولكن دون نتيجة، خاصة أن حكام المناطق مثل بيلجورود وبريانسك وكورسك، يعلنون بشكل منتظم عن تعرض بلدانهم للقصف الأوكرانى كما تتعرض شبه جزيرة القرم لهجمات أوكرانية، إضافة إلى أسطول البحر الأسود الروسى المتمركز فى سيفاستوبول. ووفقا للتصنيفات الروسية لا يزال مستوى التهديد الإرهابى أصفر وسارى المفعول لأجل غير مسمى.

وقد وقع الرئيس الروسى بوتين مؤخرا على قانون يتم بموجبه مصادرة ممتلكات المدانين بتهم نشر معلومات مضللة ومزيفة عن القوات الروسية، إلى جانب ممتلكات مرتكبى جرائم ضد أمن الدولة ويشمل القانون المواد المتعلقة بتشويه سمعة الجيش ونشر المعلومات المزيفة عنه، والدعوات إلى التطرف، وانتهاك السلامة الإقليمية لروسيا، والأنشطة الموجهة ضد أمن الدولة، والدعوات إلى فرض عقوبات ضد روسيا ومواطنيها، وتمجيد النازية، والمساعدة فى تنفيذ قرارات المنظمات الدولية التى لا تشارك روسيا فيها، أو الوكالات الحكومية الأجنبية. وسبقه ذلك مرسوم آخر حول تحديد حجم أركان القوات المسلحة الروسية بمليونين و209 آلاف و130 موظفا منهم مليون و320 ألف عسكرى بزيادة قدرها 170 ألف فرد وفقا للكرملين. ومع غياب آفاق تسوية دبلوماسية سياسية للأزمة الأوكرانية تتواصل الأعمال القتالية ليدخل النزاع الروسى الأوكرانى عامه الثالث.