الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أقامت مشروع «PApero» لإنتاج الورق من قش الأرز مروة.. نموذج للفتاة المصرية التى لم تنتظر الوظيفة ونجحت فى مشروع يخدم البيئة

رُب  صدفة خيرُ من ألفِ ميعاد؛ ولكن ليست الصُدف إلا نتاج للسعى يتم استغلالها بالشكل الأمثل. وهو ما فعلته مروة محمد حسين ابنة ال23 عامًا خريجة كلية التجارة جامعة القاهرة، التى استغلت إحدى الفرص التدريبية فى ريادة الأعمال لتكن نقطة الانطلاق نحو مشروع ريادى يخدم البيئة. ويُتوج لاحقًا بعدد من جوائز الابتكار.



 

بدأت مروة بالانخراط فى الحياة العملية مبكرًا خلال دراستها، وذلك من خلال المشاركة فى الأنشطة الطلابية والتدريبات داخل وخارج أسوار الجامعة، وقامت بتأسيس نشاط طلابى لريادة الأعمال، حتى إنها عملت كمدربة للموارد البشرية لطلاب الجامعة. إلى أن حصلت على لقب الطالبة المثالية لكلية التجارة لعام 2021. وصولًا إلى عمل مشروع «papero» لإعادة تدوير المخلفات الزراعية.

 وقالت مروة محمد لروزاليوسف: إن مشروع papero عبارة عن مشروع لإعادة تدوير للمخلفات الزراعية وبشكل خاص قش الأرز لإنتاج لب الورق غير المبيض والأكياس الورقية للهايبر ماركت.وجاءتنى فكرة المشروع بالصدفة حينما كنت أحصل على أحد تدريبات ريادة الأعمال التابعة لوزارة الشباب والرياضة عام 2022 وكان مطلوبًا منّا أفكارًا لمشاريع يمكن تطبيقها على أرض الواقع وتحل مشكلة نعيشها. وعندها تذكرت واحدة من المشاكل التى كانت تواجهنى كطالبة جامعية وهى الأكياس البلاستيكية حيث كنت أقضى نصف يومى بين المحاضرات والنصف الآخر فى الأنشطة الطلابية وكنت أعتمد خلال يومى على الكثير من الأطعمة الجاهزة من الخارج وفى نهاية اليوم كنت أجمع قدرًا كبيرًا من الأكياس البلاستيكية وكنت أشعر بالضيق نظرًا لمعرفتى بالأضرار الناجمة عن البلاستيك سواء علينا أو على البيئة. وقررت فى أحد الأيام أن أقضى يومًا من دون الاستعانة بالأكياس البلاستيكية وهو ما كان صعبًا عليّ بحكم طبيعة يومى كثير الحركة. وعندها فكرت فى ضرورة وجود بديل قوى ومنافس. وعندما شاركت فى مسابقة ريادة الأعمال بدأت فى البحث حول الأمر ووجدت أننا لم نعد نستخدم الأكياس الورقية نظرًا لارتفاع سعر الورق وهو ما سيكون مكلفًا للبائع والمشترى؛ ولكى أحل هذه المشكلة لابد أن أصنع الأكياس الورقية بمواد خام محلية وعندما بحثت وجدت إمكانية صناعة الورق من المخلفات الزراعية مثل قش الأرز التى يمكن اعتبارها مادة خام غير مستغلة ورخيصة ،ومن ناحية أخرى تسبب مشاكل بيئية للمجتمع حال حرقه للتخلص منه ولدينا أيضًا أشجار الموز فى الصعيد التى تتسبب فى مشاكل كثيرة عندما يتخلص منها المزارعون على جوانب المصارف والترع حيث إنها تحتوى على نسبة عالية من الماء فلا يجوز حرقها مثل القش وهو ما يؤدى بها إلى التعفن. ومن كل هذا جاءت فكرة مشروع papero التى تقوم على إعادة تدوير المخلفات الزراعية وصناعة لُب الورق الذى يُساهم فى إنتاج الورق محليا ويساعد فى حل أزمة الورق.

 التحديات 

وعن أبرز التحديات أوضحت، كان أكبر التحديات التى واجهتنى مع بداية المشروع هى الخبرة الفنية لأننى كنت أعمل بمفردى وليست لديّ معرفة بهذا المجال وعندها قررت تكوين فريق يكون كل عضو فيه مسئولًا عن شِق فى المشروع. وكان محمد الطحلاوى هو المسئول عن الجزء الفنى، فيما اتجهت أنا وباقى الفريق نهاد عادل وهاجر عزت إلى الناحية التجارية وأصبحنا مسئولين عن الجزء التنفيذى وإدارة المشروع وتوفير الجزء المادى. فبدأنا أولا فى تجربة عملية إعادة التدوير بشكل يدوى وتنفيذ نماذج أولية يدوية ثم طورنا الأمر تدريجيًا حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم للعينة النهائية التى نقوم باختبارها مع العملاء.

 الحصول على المخلفات 

وأشارت إلى أن المخلفات الزراعية تتوافر فى مواسم الحصاد بشكل كبير جدا، ونكون على علم بمواعيد موسم الحصاد فى كل المحافظات التى تزرع الأرز على سبيل المثال ونحصل على الكمية التى نريدها من صغار المزارعين حيث يمثل قش الأرز بالنسبة لهم مشكلة كبيرة وبعد جمعه يتم نقله لمكان التصنيع ونبدأ الإنتاج. 

 خطوات تحويل 

وقالت: إذا تحدثنا عن خطوات إعادة تدوير قش الأرز على سبيل المثل هناك طرق يعمل بها الكثيرون خارج مصر؛ لكنها تحتوى على الكثير من الأضرار من بينها خروج مادة البلاك ليكر وهى مادة سامة ناتجة عن عملية تدوير قش الأرز للب ورق وهو فى حد ذاته تحد كبير كان يواجهنا فى بداية المشروع؛ لذلك اخترنا طريقة عمل مختلفة واستطعنا التقليل من تأثيرها بالتكنولوجيا الحديثة التى نستخدمها فى إعادة التدوير للمخلف الزراعى ،بحيث نحافظ على أعلى جودة من الألياف الناتجة عن عملية إعادة التدوير وهو ما يكون له تأثير كبير على جودة الورق المُستخرج منها. ومن خلال هذه الطريقة يمكننا الاستغناء عن استيراد الألياف المكملة لصناعة الورق ونضمن جودة عالية للأكياس الورقية.

وأضافت، لدينا ثلاث مراحل للإنتاج، المرحلة الأولى هى إعادة تدوير قش الأرز إلى لب ورق، والمرحلة الثانية تحويله لورق كرافت، والمرحلة الثالثة تحويل الزرق المرافق لأكياس ورقية حسب المواصفات المطلوبة من العميل. 

 مميزات ورق المخلفات 

وأشارت إلى أن إنتاج منتج محلى صديق للبيئة قابل لإعادة التدوير من البيئة وإلى البيئة. كما أن المواصفات الفنية للورق مختلفة وتنافس المنتج المستورد ورخيص مقارنة بالورق التقليدى الذى يعتمد على مواد تصنيع مستوردة. وهناك استخدامات كثيرة جدًا لورق المخلفات الزراعية على حسب طريقة الإنتاج والمواصفات النهائية للمنتج، فيمكننا أن نصنع منه ما نريد ولكننا نركز حاليًا على صناعة ورق الكرافت.

وأوضحت، نحن فى مصر لدينا احتياج كبير للورق خاصة ورق الكرافت الذى يدخل فى تصنيعه نسبة ألياف يتم استيرادها، ونحن نستهدف حل هذه المشكلة من خلال مشروع papero، مما سيوفر لمصر الغابات الخاصة بها التى تستطيع من خلالها إنتاج أنواع مختلفة الجودة من الورق. خاصة أننا استطعنا إنتاج ألياف طويلة من قش الأرز وهو ما لم يحدث سابقًا. مما سيُشكل بداية كبيرة فى سوق تصنيع الورق فى مصر.

خطط التوسع

وقالت: نحن حاليا فى مرحلة ال MVP(minimum valuable product) وهو منتج يؤدى الحد الأدنى من القيمة نختبره مع العميل ثم نقوم بالتعديل عليه على حسب المواصفات المطلوبة حتى نصل إلى Product market fit وهو المنتج الذى يريده العميل ويغطى احتياجه ثم نبدأ فى التصنيع ونزول السوق.

أما عن خطط التوسع فنحن لدينا خطط استثمارية لمشروعنا فى المرحلة المقبلة ستركز على تطوير التكنولوجيا التى نستخدمها بشكل أكبر وإنتاج منتجات تحتاجها السوق المصريةحتى نكتسب ثقة العملاء ونوسّع دائرة العملاء والمنتجات التى نقدمها لهم، ونريد الوصول لمعدل تقليل الانبعاثات الناتجة عن حرق المخلفات الزراعية بنسبة 16.5 % من خلال حلولنا المستدامة محلية المصدر. 

 تمويل المشروع

وأضافت، فى البداية كنا ندفع من أموالنا الخاصة على المشروع؛ ولكن الآن فإن المسابقات وبرامج الدعم المالى التى نشارك فيها تساعدنا. فلقد شاركنا فى الكثير من برامج دعم رواد الأعمال التى كانت تقدم لنا دعمًا فنيًا فى بداية الطريق من حيث معرفة المجال وكيف أكون رائدة أعمال، وبمرور الوقت يكبر الدعم على حسب المرحلة التى يصل إليها المشروع ثم نبحث عن البرامج المناسبة لنا للمشاركة فيها حسب الدعم الذى نحتاجه، وحققنا أرباحًا عندما فزت بالمركز الأول على مستوى الجمهورية لأفضل مشروع ريادى سنة 2022 التابع لمسابقة YLP المسئول عنها وزارة الشباب والجهاز الانمائى للأمم المتحدة فى مصر. ثم فزنا بمسابقة إبداع جامعات وحصلنا على المركز الأول على مستوى جامعة القاهرة والثالث على مستوى جامعات الجمهورية وكانت فاتحة خير علينا. ثم التحقنا بمسابقات أخرى للدعم المالى ورواد الأعمال منها: مسابقة رابحة لنهضة المحروسة وربحنا 15ألف جنيه.

ومسابقة طموح وحصلنا على 50 ألفًا. وأخيرا فزنا فى مسابقة «دايرة للابتكار الأخضر» التى ترعاها وزارات البترول والتضامن الاجتماعى والبيئة، وجامعة الأهرام الكندية، ومن المقرر الإعلان عن الترتيب وقيمة الجائزة فى 5 مارس المقبل. 

 رسالة 

ووجهت مروة محمد رسالتين مهمتين الأولى إننا لدينا كنوز غير مستغلة يُمكن الاعتماد عليها فى تصنيع منتجاتنا والاكتفاء محليًا بدلًا عن الاستيراد، والرسالة الثانية للطلبة ألا ينتظروا إيجاد الوظيفة فى حين أنهم فى إمكانهم تعلم مهارات مختلفة وعمل المشروع الخاص الذى يخلق فرصة عمل لى ولزملائى وهى قيمة مضافة. 

وأضافت، عندما كنتُ أقوم بتدريب الشباب على كيفية ابتكار المشاريع الخاصة كانت أكبر المشاكل التى رأيتها لدى الشباب هى انعدام الثقة والخوف من المخاطرة واستبدالها بالعمل الآمن المستقر فى شركة أو جهة معينة. لذلك أرغب فى القول إن الخطوة الكبيرة والنجاح كان عبارة عن خطوات صغيرة. فعندما بدأنا papero لم يكن لدينا الخبرة أو المعرفة وكنا نرتكب العديد من الأخطاء ثم نصلحها ونتعلم كيف نتخطى المشكلة ونصل للحل. ولذلك أنصح أى شخص يُقدم على عمل مشروعه بالتصالح مع فكرة الفشل لأنه سيكون رفيق الرحلة المتكرر؛ لكن كل خطوة فشل ستتحول لنجاح ومعرفة وثقة وهو ما سيعطيك الدافع للاستمرار والنجاح. وفى اعتقادى حتى الآن ستكون أكبر تحدياتنا فى تلبية الاحتياج الكبير لمنتجنا فى مقابل طاقة إنتاجية محدودة فى papero؛ لكننا سنحاول التغلب عليها من خلال جلب استثمارات وتوسيع طاقتنا الإنتاجية.