الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أهم رسائل القاهرة لـ«تل أبيب» المحيطة بأجواء المذكرة.. «إن عدتم عدنا» شهـــادة مصـــر «الأهــــم» أمام «العـــدل».. فضحت جرائم إسرائيل فى غزة أمام العالم

حملت مذكرة مصر أمام محكمة العدل الدولية، عدة رسائل وأهداف، منها ما استلهم من أجواء ما قبل وخلال وبعد المرافعة، فى الصدارة أن مصر البلد الذى يحمل على عاتقه أرضا وقيادة وشعبا تاريخيا وحاضرا ومستقبلا، مثلما حاربت وانتصرت من أجل القضية ودعمت وساندت الحق الفلسطينى، وفى نفس الوقت عملت على إيجاد سلم حقيقى فى المنطقة عبر معاهدة سلام فى نهاية السبعينيات مع إسرائيل ومع التزامها بتعهداتها الدولية وإيمانها بأن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس سيأتى بسلام حقيقى شامل فى الشرق الأوسط، إلا أنها فى ظل فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، وجهت رسالة علنية ليست بالسر عبر «المذكرة» فحواها: «إن عدتم عدنا».



وكان قد ثمّن مجلس أمناء الحوار الوطنى دور القيادة السياسية فى القضية الفلسطينية، ومشاركة مصر أمام محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وتقديم إيضاح بمرافعة شفهية أمام المحكمة الأربعاء الماضى 21 فبراير 2024، وأشاد المجلس بموقف الدولة المصرية، الذى يشمل تأكيد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلى الذى دام أكثر من 75 عاما للأراضى الفلسطينية بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى الإنسانى، وكذلك سياسات ضم الأراضى وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولى، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطينى وحظر الاستيلاء على الأراضى من خلال استعمال القوة المسلحة، ورفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصرى وغيرها من الممارسات الإسرائيلية التى تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان.

ويوضح عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، جمال الكشكى أنه كان هناك حرص من مجلس الأمناء بالإجماع على تثمين هذه الخطوة المهمة التى تؤكد على الدور المصرى التاريخى والموقف الثابت منذ يوم 7 أكتوبر 2023، لافتا إلى أن القاهرة تقدمت بالمذكرة والمرافعة الشفوية وفقا للرأى الاستشارى الذى طلبته الأمم المتحدة من المحكمة الدولية، ومصر تشارك لأن هناك ثوابت للدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية ورفضها الحرب على الفلسطينيين فى غزة من جانب الاحتلال الإسرائيلى منذ اليوم الأول لهذا العدوان فى الوقت الذى يظهر فيه للعلن الشواهد التى تؤكد الدور المصرى فى التعامل مع الإبادة الجماعية التى يمارسها الكيان الإسرائيلى تجاه الفلسطينيين والوقوف ضدها، بجانب التأكيد والسعى الدائم على المحددات والثوابت التى تنطلق منها القاهرة، وفى صدارة ذلك كل ما بذل وما زال يُبذل من إنفاذ المساعدات للأشقاء فى غزة، والتواصل خلال الأشهر الماضية مع كل الأطراف العربية والإقليمية والدولية للوصول إلى هدنة، ومن ثم وقف إطلاق النار مع التمسك بالرغبة والإرادة المصرية فى إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وبالتالى هذه المرافعة تأتى فى سياق هذه الثوابت والحرص الشديد على إدانة المجازر التى ترتكبها إسرائيل بالمخالفة للقانون الدولى الإنسانى على مدار 75 عاما.

وشدد «الكشكى» على موقف مصر منذ اللحظة الأولى لهذا العدوان باستقبال مطار العريش لجميع المساعدات التى تصل من دول العالم وساهمت فى 80% من المساعدات التى دخلت القطاع الـ20 % التى وصلت من دول العالم، قامت مصر بشحنها ونقلها إلى الأشقاء فى غزة وسط حضور المسؤولين الدوليين إلى معبر رفح البرى من الجانب المصرى للمشاهدة على أرض الواقع ما تفعله مصر من جهود لإدخال المساعدات، والرئيس السيسى منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى شدد وحرص على إدخال المساعدات إلى الأشقاء فى غزة وهو موقف لا يمكن لأحد المزايدة عليه والمعبر مفتوح من اليوم الأول على مدار الـ24 ساعة، حتى هذه اللحظة الدولة المصرية لا تتوانى لحظة واحدة فى دورها وجهودها على جميع المستويات وهو ما يترجم ويستكمل فى المذكرة المصرية، فضلا عن أن كل اللقاءات للرئيس عبدالفتاح السيسى مع رؤساء الدول والمسؤولين الدوليين، وجدنا التركيز على محور المساعدات يتصدر أولويات تلك القمم، ولا أحد يستطيع إنكار دور مصر ومواصلتها مستمرة فى هذا الصدد حتى فرضت موقفها الداعم للفلسطينيين والرافض للعدوان على العالم لدرجة أن لغة العالم تغيرت بضرورة دعم إدخال المساعدات إلى غزة من معبر رفح المفتوح دائما من الجانب المصرى وفضح العرقلة الإسرائيلية لعدم نفاذ المساعدات لأهل القطاع.

أما خبير القانون الدولى، د.أيمن سلامة، فقال إن هذه المذكرة تعكس الجهد القانونى والقضائى المثمر الذى تبذله مصر الدولة الرئيسية الداعمة للقضية الفلسطينية المشروعة، وهذا الجهد ليس جديدا فهو قائم منذ 1947، ومصر حين تتقدم وتسهم فى المرافعات أمام الجهاز القضائى الدولى الرئيسى، أى محكمة العدل فهى تدافع عن الحق والعدالة، لافتا إلى أن المذكرة المصرية استهدفت ما يرتكب من جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطينى لا سيما بقطاع غزة، بجانب مخطط بناء المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة بحسب القانون الدولى الذى يجرم إنشاء المستوطنات وفقا للنظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية حيث تعتبر جريمة حرب وربما يكون ذلك الباعث الرئيسى لعدم انضمام إسرائيل لنظام المحكمة الجنائية الدولية، وهى جرائم حرب مستمرة منذ 1967، والمرافعات المصرية التى تستأنس بها العدل الدولية ليس فقط بخصوص جرائم الإبادة فى غزة وبناء المستوطنات ولكن جراء جميع الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية منذ أكثر من 75 سنة، مؤكدا على أن الجرائم الإسرائيلية التى عددتها المذكرة المصرية فى المرافعة ركزت بشكل كبير على جرائم الاحتلال وجرائم ضد الإنسانية ترتكب من جانب إسرائيل خلال السلم والحرب وجرائم الإبادة الجماعية.

وأشار «سلامة» إلى القانون والقضاء الدولى، يعتبر أعلى وسيلة رافعة تفضح الممارسات الجسيمة الإسرائيلية وحين تصدر محكمة العدل ما يخرج منها بشأن عدم شرعية الاحتلال منذ 1948 وانتهاكات إسرائيل وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطينى فهو برهان يكشف طبيعة وماهية الاحتلال الإسرائيلى والتداعيات غير الإنسانية على الشعب الفلسطينى المحتل، ولذلك مصر تتصدر ضمن صفوف المرافعات التى استأنفت بها «العدل الدولية» واسترشدت بها بحثا عن الحق والمشروعية، موضحا أن محكمة العدل الدولية وإن كانت أحد الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة فلا يؤثر فى سير عدالتها «الأمم المتحدة» ومجلس الأمن أو أى دولة من الدول الأعضاء.

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية، د. طارق فهمى، أن مذكرة المرافعة الشفهية لمصر لها وزنها من الناحية السياسية، فى ظل رسائل منها ما وجهت لإسرائيل والتى كان فحواها «إن عدتم عدنا» مشيرا إلى أن الخطوات التى تتبعها مصر ومن ضمنها هذه المرافعة تستهدف فى مجملها نزع شرعية إسرائيل أمام المحافل الدولية واعتبارها دولة مارقة بكل قواعد القانون الدولى الإنسانى لا سيما الإجراءات الانفرادية والإجرامية التى تقوم بها إسرائيل فى قطاع غزة ومحاولة إقامة واقع استراتيجى جديد فى غزة عبر مخططات شيطانية، وبالتالى نص المذكرة حمل مطالبة مصر للمحكمة بتأكيد مسئولية إسرائيل عن كل الأعمال غير المشروعة وانسحاب إسرائيل بشكل فورى من الأراضى المحتلة بما فى ذلك مدينة القدس، والمطالبة بتعويضات للشعب الفلسطينى عن الأضرار التى لحقت به.

وتابع «فهمى»: موقف مصر واضح وأسانيدها كاشفة فى المذكرة التى تضمنت عناصر وبنودا محددة، فى ظل ما تحمله من دور وموقف قوى، إذن فإن الرسائل السياسية باعتبار مصر دولة جوار وبلد عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل كان لمذكرتها القانونية وضع وتأثير أهم وأقوى، لأن الطرح المصرى فى هذه المواجهة سيتطلب تحديد نقاط معينة فى ظل دعوة مصر للسلام ولكن الأهم لها التمسك بالحق الفلسطينى»، وأردف: «ما جرى مرتبط بعدم امتثال إسرائيل لاتفاقية منع الابادة الجماعية فى الأراضى المحتلة، وعلى الرغم من أن الآراء الصادرة من محكمة العدل غير ملزمة فإنها ستحمل قانونية ويمكن أن تكون فى نهاية المطاف جزء من أعراف القانون الدولى».

فيما تحدث أستاذ العلوم السياسية، د. محمد شاكر، أنه منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فإن مصر تقود معركة دبلوماسية بكل ما يحمله المعنى، ما بين مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، لدعم القضية الفلسطينية والشعب الأعزل وعبر القاهرة أصبحت المعركة ضارية.

ولفت «شاكر» إلى أن اللغة الدبلوماسية المصرية قالت إن على أمريكا التوقف عن الدعم اللامحدود لما تفعله إسرائيل بلا قيد أو شرط فى ظل استخدامها «الفيتو» للمرة الثالثة على التوالى على مشروع قرار وقف إطلاق النار، مشددا على ضرورة توقف البعض عن المزايدة على الموقف المصرى فى ظل خوض القاهرة معارك قانونية ودبلوماسية ضد الاحتلال وجرائمه ودعم القضية الفلسطينية.