الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الروائية والكاتبة ريم الشاذلى: الإعلام الغربى يفتقر إلى المصداقية والمهنية والإنسانية قناة «القاهرة الإخبارية» رائدة الأخبار فى المنطقة العربية

حققت  إنجازًا كبيرًا فى مجال «الصحافة الإنسانية»، وكان ذلك نابعًا من العديد من التجارب الصعبة التى مرت بها، والتى جاء من بينها عملها كمراسل للأمم المتحدة أثناء حرب سوريا، بالإضافة إلى ظروف مرضها الصعبة فأصبحت رائدة فى هذا المجال، وحصلت على العديد من التكريمات من بينها تكريم «مصر تستطيع بالتاء المربوطة» الذى نظمته وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج، والمجلس القومى للمرأة. كما جاءت ضمن أفضل عشرة صحفيين عالميين حصلوا على ثقة اللاجئين السوريين حول العالم نتيجة جولاتها ما بين حلب وروما ونيويورك.



«روزاليوسف» أجرت حوارًا مع الروائية والكاتبة ريم الشاذلى، للتعرف أكثر على أبرز ملامح مشوارها، ودخولها عالم الصحافة والإعلام، ونظرتها إلى الإعلام المصرى والغربى على حدٍ سواء، والتحديات التى واجهتها، وطموحاتها المستقبلية، وفيما يلى نص الحوار:

إذا أردنا أن نُلخص مسيرتك فى جمل بسيطة فماذا ستكون؟ وكيف بدأتِ العمل فى الصحافة؟

- أنا وُلدت فى مدينة مارسيليا جنوب فرنسا، والدى مصرى ووالدتى نصفها مصرى ونصفها فرنسى.. عشت وتربيت هناك إلى أن أكملت تعليمى ما قبل الجامعى، وبعدها درست فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، وأثناء دراستى كنت أتدرب فى مؤسسة صحفية فرنسية بجنوب فرنسا، وعقب تخرجى التحقت بالعمل بها لمدة عامين، وعملت فى تخصص لم يكن دارجًا وقتها وهو «الصحافة الإنسانية».

وتستكمل: لم يكن هدفى أن أصبح صحفية عادية، وكنت دائمًا ما أبحث عن كل ما يخص الصحافة الإنسانية وتشغل تفكيرى.. ووقتها كانت أزمة اللاجئين السوريين فى فرنسا، والـUN الأمم المتحدة أعلنت فى post أو منشور تابع لمفوضية اللاجئين عن حاجتهم لأحد ويكون بيعرف لغة عربية بشكل جيد، وفعلًا انضممت إلى مفوضية اللاجئين فى روما، واستمررت لمدة عامين، ومن ثم انتقلت إلى المكتب الرئيسى للأمم المتحدة فى نيويورك.

وبحسب تجربتك فى مجال الصحافة والإعلام عموما، هل تعتقدين أن الإعلام المصرى يقوم بواجبه تجاه جمهوره ويلبى احتياجاته؟

- أرى أن الإعلام المصرى يقوم بمجهود كبير جدًا، ولكن دعينى أتحدث فى البداية عن الإعلام العالمي، حيث أنه فى آخر خمس سنوات تقريبًا، ومنذ وقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة وهو متحيز تمامًا للرئيس الأمريكى الحالى «جو بايدن»، مما انعكس على صورة الإعلام وألغى فكرة الإعلام المُحايد، فأصبح كله فى الغرب مُوجها، ومؤخرًا تابعنا ما يحدث فى غزة، وكيف تعامل الإعلام الغربى مع ذلك، ووقوعه فى عدم المصداقية والمهنية والإنسانية، وغير ذلك.. ومن المُفترض أننا كنا نفخر بهذا الإعلام باعتباره رمزًا للإنسانية.

ورجوعًا إلى الإعلام المصرى فتقول إنها كانت تحلم منذ الصغر، وفى فترة التعليم الجامعى، أن يصبح لدينا قناة إخبارية نستطيع أن نعرف من خلالها ما يخص أخبارنا، وأخبار الوطن العربي، لأن الأخبار التى تخصنا كانت فى كثير من الأحيان مغلوطة، وعارية من الصحة من قبل قنوات لا تعرف المصداقية أيضًا.. مؤخرًا أصبح لدينا قناة «القاهرة الإخبارية» التى أصبحت رائدة الاخبار فى المنطقة العربية والقناة المصرية الأولى بعد أن أصبحت تابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

وتُثمن دور الشركة المتحدة فيما يخص الإعلام، وأن علينا أن نصبر لأن هذا يأخذ وقتًا، ولا يتم بسرعة، ويُحسب للإعلام المصرى أنه لا يزال محافظًا على جزء كبير من المصداقية والإنسانية، وهذا ما أظهرته الحرب على غزة، والتى فضحت الإعلام الغربى على الجهة المقابلة.. «أرى أن الإعلام ينقسم إلى شقين: أولهما الميديا، والشق الثانى متعلق بالدراما، فالدراما جزء لا يتجزأ من الإعلام ويوصل صورة للمشاهد وله تأثير كبير.. وأرى أن الشركة تجتهد فى كلاهما وتتطور، ونحن نتابع على أمل أن يُصبح عملهم أفضل ونفخر بهم أكثر وأكثر».

ما أبرز الصعوبات والتحديات التى واجهتك فى أثناء عملك؟

- فى البداية أحب أن أقول إننى من أكثر المحظوظين فى هذه الدنيا، سواء بمديرينى أو أصدقائى وزملائى فى العمل، الجميع بلا استثناء.. فكلهم كانوا يخففون ويزيلون أعباءً من علىَّ، وأود أن أشكرهم من خلال هذا الحوار بالتأكيد. أما بالنسبة للصعوبات الحقيقية فكانت أشياء إنسانية، وأثرت علىَّ بشكلٍ كبير، كما كوّنت جزءًا من شخصيتى التى تحاورينها الآن.

وتتابع: حين كنت أغطى الحرب فى سوريا، وتحديدًا فى حلب، مع فريق من الأمم المتحدة، رأيت أشياء يصعب على أى أحد تحملها، وأتعبتنى نفسيًّا بشكل مميت، ولم أكن أتخيل أن تلك الأشياء يمكن حدوثها فى هذه الدنيا.. الأطفال كانت حالتهم صعبة جدًا، فأنا كنت آتية من مجتمع إلى مجتمع آخر تمامًا حيث لا يوجد به أبسط وسائل الحياة، فلا يوجد تعليم ولا صحة ولا طعام، فضلًا عن أنهم يعيشون فى الخيم، وأصابهم الذعر من صوت القنابل والقصف، فلا ينامون إلا قليلًا، فتدمرت حالتى النفسية فى ذلك الوقت.

وتوضح أنه كان تحديًا كبيرًا أن تُكمل عملها على غرار ذلك.. «كنت أوقات بقول Stop مش قادرة أكمل من المشاهد التى رأيتها فى حلب، وبعدها أتذكر أن هؤلاء الأطفال ممكن أن يفيدهم عملى، ويقدم لهم مساعدة ولو بسيطة، فتتحول مشاعرى إلى دافع قوى لأواصل كى أساعدهم.. وفى النهاية كنت أُصبر نفسى وأتحدث إليها بأننى سأعود إلى بيتى وبلدى، لكنهم هذه حياتهم ولا بد أن يخرجهم أحد، ويضعهم على طريق الحياة الصحيحة»، ومن بعدها عشت تحديًا أصعب منه بكثير حين ذهبت إلى أفغانستان، وتأقلمت مع أوضاعًا سيئة.. «أنا دائمًا وأبدًا فخورة بعملى على ملف سوريا وملف أفغانستان رغم كل التعب النفسى».

من واقع خبرتك، ما هى أهم مُقومات الصحفى الناجح؟

- أهم شىء فى الدنيا بالنسبة للصحفى، إنه لا يعمل حسابًا لأى شىء، ولا يبالى بالعواقب.. «ميعملش حساب غير لضميره فقط»، فضميره هو الشىء الوحيد الذى يتحكم فيه ويسير وراءه، وثانى شىء هو أن يحافظ على مصداقيته ومهنيته وإنسانيته.. «الإنسانية هى أهم الضروريات فى تلك المهنة، وتكون نابعة من الضمير»، ولا بد أن يحافظ على الحياد، وألا يكون مُوجهًا مثلما كنا نتحدث منذ قليل عن الإعلام الغربى، وأن يكون صادقًا.. «الأهم من سرعة الخبر هو دقة الخبر»، وتلك الدقة ستأتى من التمعن فى البحث، وتوسيع دائرة العلاقات، لأخذ المعلومة من مصادرها الصحيحة وبدقة.

وما أكثر المقالات والحوارات الصحفية التى تعتزين بها؟

- سيظل مقالى عن «القدس» هو أحب المقالات إلى قلبى، والذى كتبته عقب قرار الأمم المتحدة بأن القدس هى عاصمة فلسطين، وجاء ذلك إثر قرار الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب» بضرورة نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس، ليعلن بشكل واضح وصريح أن القدس هى عاصمة إسرائيل، من جانبه اعترضت الأمم المتحدة على ذلك فى جلسة للتاريخ، وكتبت مقالًا أعتز به كثيرًا بخصوص ذلك.

وتضيف، أن لديها مقالًا آخر عن «الصداقة»، تحبه وتعتبره خفيفًا وبسيطًا على المُتلقى، وبه أشياء نعيشها يوميًّا. أما بالنسبة للحوار الأقرب إلى قلبها، فسيظل حوارها إلى «أطفال سوريا» بعد عام ونصف من تركهم سوريا ووصولهم إلى روما، وتفتخر به «نفس الأطفال الذين رأيتهم وحكيت عنهم من قبل، أجريت حوارًا مع جزء كبير منهم»، وشعرت بالسعادة بعد أن رأت الأطفال بعد أن كانوا لا يحصلون على أبسط وسائل المعيشة، أصبحوا يعيشون بشكل آدمى فى بلد جيد، ومن ثم تجدد أملهم فى الحياة «كلام هؤلاء الأطفال الرائعين ما زال يعطينى أملًا فى الحياة، وعمرى ما أنساه رغم مرور حوالى ست سنوات على هذا الحوار، وسأظل أتذكره لآخر يوم فى عمرى».

 بخصوص الحالة الصحية لكِ، هل من الممكن أن تُطمئنى كافة قرائك ومحبيك؟

- حالتى الصحية الآن أفضل بكثير الحمد لله، وتعافيت من الـ cancer أو مرض السرطان.. وبما أننا نتحدث عن الحالة الصحية، فأدعو الناس من خلالكم، وخصوصًا السيدات، بعمل فحص شامل ليطمئنوا على صحتهم باستمرار.. «بخُص الستات بكلامى لإنهم دائمًا بييجوا على نفسهم ومضغوطين بشكل كبير، وبقول لكل امرأة انتى الأهم، وصحتك لازم تكون رقم واحد فى أولوياتك».

وتستطرد: أتمنى إذا ظهر على أحد بوادر للمرض، ألا يقول حالة طارئة وستنتهى بمرور الوقت، لأنها يمكن أن تصبح أقوى بكثير فيما بعد، والآن العلم تطور بشكلٍ ملحوظ، ومصر من أفضل بلاد العالم فى علاج مرض السرطان، فعلى المصريين ألا يخافوا من ذلك..«المرض عن تجربة يُخرج أقوى ما فينا، فكنت فى بداية مرضى أشعر بالتوهان وفقدان القدرة على فعل أى شىء واستكمال الحياة، ولكن بعد خوض هذه التجربة خرجت أقوى وأشجع وأكثر حبًا للحياة، وأدركت أن الحياة تستحق الحرب من أجلها، وأصبحت أكثر تعاطفًا وإنسانيةً من ذى قبل». 

ما أقرب التكريمات إليك؟

- أجمل وأفضل تكريم لى هو تكريمى بالقاهرة من خلال مؤتمر «مصر تستطيع بالتاء المربوطة».. كان تكريمًا غاليًا جدًا، وفرحت بترشيح ميرفت السنباطى، ‏والتى كانت مدير عام الاتصال بأبناء الوطن بالخارج بالهيئة العامة للاستعلامات، والسيدة نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة المصرية سابقًا، ومها سالم، مستشارة وزيرة الهجرة للإعلام حينها، فثلاثتهم أسعدونى كثيرًا، بالإضافة إلى المجلس القومى للمرأة.

وكنت وقت التكريم السالف ذكره «فى وقت تعبانة فيه جدًا، ولم أكن أتوقعه، ولكننى فوجئت به كبقية الناس.. وحسيت إن مصر بتقولى شكرًا، وإحنا معاكى»، أما عن التكريم الثانى الذى أحببته فهو تكريمى من الأمم المتحدة، لأنه أشعرنى بنتيجة تعبى ومجهودى 

وما طموحاتك المستقبلية؟

- أتمنى ألا يصيبنى أى أمراض مجددًا، سواء السرطان أو غيره من المعوقات التى تمنعنى من مزاولة عملى الذى أحبه. وأتمنى أن أصبح دائمًا فى مكان أستطيع من خلاله مساعدة الناس والتخفيف من معاناتهم وآلامهم، وألا أنتهى من عملى فى ليلة إلا وأنا مُرتاحة الضمير.. «أنا لست من الناس الذين لديهم القدرة ليقولوا نحن نريد أن نكون ونفعل كذا وكذا.. فكل ما يهمنى أن أظل قريبة من الناس، وأُرضى ضميرى، وأنا من الشخصيات التى ترضى بأى شىء ومكان يضعها الله فيه، لأنه دائمًا هو الأفضل.. والمستقبل بالنسبة لى أن أعيش فى سلام وهدوء.