الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. تجنيد الصغار فى التنظيمات المتشددة اغتيال لبراءتهم  أطفال الحزام الناسف

حقك.. تجنيد الصغار فى التنظيمات المتشددة اغتيال لبراءتهم أطفال الحزام الناسف

احتفلت الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضى باليوم الدولى لمكافحة استغلال الأطفال كجنود، وإطلاق الأمم المتحدة لدعوتها بمناسبة الذكرى الواحدة والعشرين على اعتماد البروتوكول الاختيارى لاتفاقية حقوق الطفل لتجريم اشتراك الأطفال فى المنازعات المسلحة أو المعروف بأوباك (OPAC)، وهى الاتفاقية التى تحدثت بوضوح عن خطر تجنيد الأطفال واعتبرته اغتيالًا لبراءتهم داخل التنظيمات المسلحة سواء أيديولوجية سياسية أو دينية.



 

وأتصور أن تجنيد الأطفال فى تنظيمات إرهابية لديها كيانات دولية عابرة مثل تنظيم الإخوان الإرهابى هو الخطر الكامن والسرطان المنتشر فى جسد الدول العربية والمناطق المنكوبة بوجود ذلك التنظيم، ولا أبالغ إذا قلت إن مستقبل منطقتنا مرهون بقدرتنا على مواجهة أطفال الحزام الناسف المتواجدين بيننا، ولكننا لا نراهم، فهم خطر على الحاضر والمستقبل وربما تحتفظ الذاكرة بمشاهد بشعة لأطفال الجماعة وهم يحملون الأكفان فى اعتصام رابعة المسلح وهو المشهد المؤسف الذى نددت به منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» وقالت فى بيان رسمى: إن الأطفال لا يجب استخدامهم لأغراض سياسية ولا يجب أن يتعرضوا أو يشهدوا أحداث العنف لما لهذه الأفعال من آثار جسمانية ونفسية مدمرة طويلة الأمد على الأطفال.

ماذا ننتظر من طفل يتم تعبئة عقله بكراهية وطنه ومؤسسات دولته وينشأ على عقيدة تنظيم يقدم نفسه للناس على أنه الدين الصحيح وأن المجتمع الذى يعيش فيه هؤلاء الأطفال كافر وأن التنظيم هو الفرقة الناجية الوحيدة وأن انتماءه للتنظيم وتقديسه لقيادته أمر إلهى وأن طاعة أوامرهم أيًا كانت دموية أو تخريبية هى تقرب إلى الله.

للتنظيم تاريخ طويل من العمل على تجنيد الأطفال فى مدارس دينية فى الحضر وإن كان تركيزه الأكبر على تجنيد أطفال القرى عبر كتاتيب تحفيظ القرآن، وملاعب كرة القدم ومؤخرًا صالات الجيم، التنظيم يلتهم براءة الطفولة من أجل صناعة مسوخ لا تستعمل عقلها لتحقق أهداف التنظيم، يتم تربية هؤلاء الأطفال على التضحية من أجل التنظيم واحتقار الحياة الدنيا، والدليل على ذلك ما حملته سطور التحقيقات مع قيادات التنظيم وأمراء الجماعات الإرهابية الخارجين من عباءة التنظيم حول أساليب التجنيد عبر الاستخدام المشوه للدين الإسلامى وإقناع الأطفال بأن التنظيم الإرهابى هو الإسلام واتباع تعليمات المرشد هى بوابة الجنة الوحيدة.

ينشأ الطفل فى معسكرات الجماعة أو لقاءات الأسرة الإخوانية على تلك الأفكار الأحادية، فكل من لا ينتمى إلى التنظيم أو يؤيده كافر، ومن ثم يصبح الآخر الدينى عدوًا، والتعصب منهج حياة، وممارسة الإرهاب ضد المسيحيين وتفجير كنائسهم عملًا مشروعًا، وممارسة الاغتيال والإرهاب وقتل الناس فى الشوارع من أجل أن يحكم التنظيم هى الغاية الأسمى التى يعيش من أجلها.

غسل أدمغة الأطفال بدأ مع نشأة التنظيم الإرهابى عام 1928، وكان الهدف منه ضمان سيطرة التنظيم على الأجيال الجديدة بخلاف أن التأثير على صغار السن هو الأسهل والأفضل لضمان ولائهم عند الكبر وهو ما يدعم عملية تمكينهم من المجتمع واستمرارها مع العصور المختلفة وضمان لبقاء التنظيم فى ظل الملاحقات الأمنية المستمرة. 

وتتطابق عمليات التجنيد فى التنظيمات الدينية فهى تبدأ بالاقتراب واختيار العناصر ثم تبدأ عمليات غسل الأدمغة داخل المدارس المسيطر عليها من جانب التنظيم أو من خلال المعسكرات، ثم تطور الأمر وأصبح عبر وسائل التواصل الاجتماعى والألعاب الإليكترونية.

الصحافة الفرنسية اقتربت من الموضوع خلال النقاش الدائر حول إحدى المدارس الإخوانية بمدينة ليل شمال فرنسا، وكانت تضمّ 823 طالبًا وطالبة، وتحوم حولها شُبهات تدريس التطرّف.

التحقيقات الرسمية كشفت أنّ مناهج المدرسة الإخوانية مُناهضة تمامًا للجمهورية الفرنسية، وتُروّج لنظريات تركز على تطبيق الشريعة وأفكار تتعارض مع برامج المدارس الفرنسية وأن لدى المسئولين عنها صلات معروفة بجماعة الإخوان المسلمين واتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا.

المدرسة تم افتتاحها عام 2003، باعتبارها مدرسة إسلامية ومن أجل المراوغة وإخفاء نوايا التنظيم على السلطات الفرنسية أطلقت عليها اسم العالم المجدد ابن رشد، وقد ارتفع عدد الطلبة من 15 طالبًا فى البداية، إلى 150 طالبًا فى 2011، ليصل لديها اليوم ما مجموعه أكثر من 800 طالب. 

اعتمدت مناهج المدرسة على كتب مطبوعة لسلفيين وإخوان وتتضمن الدعوة الصريحة للجهاد المسلح، وتطبيق عقوبات القتل، وعدم الالتزام بالحريات الفردية ورفض الديمقراطية، أقدم الإخوان على القيام بذلك فى الغرب فما بالك فى الدول العربية ومصر، فالمراوغة والاحتيال والتقية هى أدوات التنظيم ولذلك أتوقع إصرارهم على تجنيد الأطفال رغم الملاحقات لأنهم قوة ومستقبل التنظيم.

لقد أصبحت فكرة الانتماء لذلك التنظيم جريمة إنسانية واستغلالهم للأطفال وتنميطهم انتهاكًا صارخًا ضد اتفاقيات الطفل الدولية ولا يقل خطورة عن استغلال الأطفال فى النزاعات المسلحة وأعمال العنف، فهى اغتيال لبراءة الأطفال من أجل صناعة أجيال موتورة تكره فكرة الانتماء للوطن والولاء لترابه ولديهم حقد على المجتمع الذى أسقط حكمهم وهى تنشئة توفر تربة خصبة لأى تنظيم إرهابى أو جهاز استخباراتى معاد يسعى لتدمير الدولة من الداخل وهو ما تحقق بالفعل فى تنظيم القاعدة حيث تربت قياداته داخل الإخوان وداعش الذى ضم عناصر إخوانية عديدة.

لقد حان الوقت لاعتبار الانضمام لتنظيم الإخوان الإرهابى جريمة وتصنيفها قانونياً بأنها إحدى جرائم التخابر، فالتنظيم فى مصر والدول العربية امتداد لتنظيم دولى يسعى للتدخل فى شئون الدول، بالإضافة إلى صلاته المعروفة بأجهزة استخبارات تستخدم التنظيم كجماعة وظيفية لتحقيق أهدافها التخريبية، يكفى أن نعيد النظر فى الدول العربية التى تفككت فى وجود ذلك التنظيم.

حماية الدولة العربية الحديثة تحتاج لحسم معركتها مع التخلف الذى يمثله التنظيم والتخلص من أفكاره ومنع تداولها من جيل إلى جيل تحصين واجب للمستقبل.