الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

‏«BBC، وسى إن إن، ونيويورك تايمز».. أكثر المواقع والصحف ازدواجية وتحيزًا فى تغطية الأحداث المؤشر العالمى للفتوى يكشف تحيز الإعلام الغربى فى تغطية القضية الفلسطينية

كشف المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، عن ازدواجية معايير التناول الإعلامى لبعض وسائل الإعلام الغربية عند تغطية القضية الفلسطينية لا سيما بعد أحداث 7 أكتوبر الماضى المعروفة إعلاميًّا بـ«طوفان الأقصى»، مؤكدًا على تصدر هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وشبكة سى إن إن، وصحيفة نيويورك تايمز أكثر المواقع والصحف التى أظهرت ازدواجية وتحيزًا فى تغطية الأحداث المتعلقة بالقضية، وذلك لعدة أسباب، من بينها تحويل عدد من الصحفيين والإعلاميين للتحقيق بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، واستخدام ألفاظ ومفردات متحيزة لإسرائيل



 

ونشر تصريحات عن الجنود الإسرائيليين حول معاناتهم فى 7 أكتوبر مقابل تحجيم آراء الفلسطينيين، والتركيز على دفاع إسرائيل عن نفسها فى الرد على ضربات حماس لها، فضلاً عن الحديث عن قتل حماس للأطفال الإسرائيليين وقطع رءوسهم أمام عائلتهم دون التثبت من صحة الخبر.

وأوضح مؤشر الفتوى، فى تقريره المعنون بـ «ازدواجية معايير الإعلام الغربى فى التعامل مع القضية الفلسطينية» اعتماده على عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية الغربية ،بالإضافة إلى موقعى فيسبوك و(منصة X)- تويتر سابقًا- عند رصد وترجمة وتحليل التناول الإعلامى الغربى للقضية، والتى تم اختيارها نظرًا لارتفاع معدلات وصولها إلى العالم الدولى، وارتفاع حجم تغطيتها للأحداث المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وتنوع المحتوى المنشور بها وتغطيتها لثلاث دول (فرنسا – أمريكا – بريطانيا).

الألفاظ المتحيزة

وبين مؤشر الفتوى من خلال الرصد والترجمة والتحليل، أن أغلب التقارير والأخبار ومقالات الرأى المتداولة فى الوسائل الإعلامية محل الدراسة اعتمدت على لفظ «حركة» عند الحديث عن حماس بنسبة 29 %، و «حركة إسلامية مسلحة» بنسبة 25 %، كما ذكرتها باسم «منظمة إرهابية» بنسبة 20 %، و« إرهابيون» بنسبة 17 %، وذلك فى محاولة لتحجيم القضية الفلسطينية وخلق صورة ذهنية بأن حرب إسرائيل على غزة هدفها مواجهة الإرهاب وتخليص الفلسطينيين من « الحركة الإرهابية»، لخلق دافع قوى للمجازر والانتهاكات التى يرتكبها الاحتلال على الأراضى الفلسطينية، كما اعتمدت الكثير من الوسائل الإعلامية الغربية على استخدام ألفاظ هجوم واعتداء ومذبحة وأعمال عنف بشكل كبير عند الحديث عن أحداث 7 أكتوبر، فيما ذهب عدد قليل منها إلى استخدام ألفاظ « طوفان الأقصى» ، «النصر»، «المقاومة»، حيث جاءت ألفاظ « هجوم واعتداء» كأكثر الألفاظ المستخدمة بنسبة 25 %، و20 % على الترتيب، واستخدم لفظ «مذبحة» بنسبة 18 %، لا سيما عبر هيئة الإذاعة البريطانية bbc، وموقع فرانس 24. 

كما تعمدت الوسائل الغربية عند اختيارها للكلمات استخدام مصطلحات مُتحيزة للغاية؛ فقد أشارت إلى القتلى فى غزة على أنهم «ماتوا»، وإلى أولئك الذين قتلوا فى إسرائيل على أنهم « قتلوا»، واستخدمت ألفاظًا ومصطلحات كالجنود الإسرائيليين، وقتل المدنيين، والدفاع عن النفس عند الحديث عن إسرائيل مقابل ألفاظ (المسلحون الفلسطينيون – الإبادة الجماعية – الوحشية والبربرية) عند الحديث عن الفلسطينيين.

وحول أبرز القضايا والموضوعات التى تناولتها تلك التغطيات الإعلامية، أكد مؤشر الفتوى على تركيزها على عدد من الموضوعات منها (توصيف الأحداث بأنها حرب بين إسرائيل وحماس- التأكيد على أن حماس جماعة إرهابية لا تمثل جميع الفصائل الفلسطينية – وكثرة الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن)، فقد حاولت تلك الوسائل تصوير الأحداث الراهنة على أنها حرب بين حماس وإسرائيل، بل تصويرها على أنها حرب بين دولة وكيان مستقل مع منظمة إرهابية، والبعد عن مسألة الاحتلال أو القضية الفلسطينية، فقد استحوذ وصفا «حرب إسرائيل وحماس» و«الصراع بين إسرائيل وحماس» على الأكثر استخدامًا عند تغطية الأحداث وجاءا بنسبتى 45 %، و30 % بالترتيب، وذكرا بشكل واضح فى كـل من CNBC news، France 24، وbbc، فيما جاء وصف«الحرب بين إسرائيل وغزة» بنسبة 35 %، كما تعمدت الصحف الغربية فى أغلب تغطياتها على إظهار حماس على أنها جماعة إرهابية تسعى إلى تدمير وخراب فلسطين من جهة، ودولة إسرائيل من جهة أخرى، كمحاولة لإقناع الرأى العام بأهمية الضربات التى وجهتها إسرائيل للفلسطينيين وكأنها حرب على الإرهاب مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية مع تنظيم القاعدة فى العراق.

أدوات تأثير الإعلام الغربى 

وبين مؤشر الفتوى فى تقريره اعتماد الإعلام الغربى على عدد من وسائل الجذب للتأكيد على حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، ومن أبرزها (رسوم الكاريكاتير – استطلاعات الرأى – الهاشتاجات – الصور والفيديوهات)، فقد اعتمدت أغلب الرسوم الكاريكاتيرية على إظهار حماس على أنها «منظمة إرهابية» تعتدى على المواطنين الإسرائيليين والمدنيين فى غزة ولم تمثل الفصائل الفلسطينية، وتناول ما حدث فى 7 أكتوبر على أنه هجوم إرهابى تسبب فى انهيار غزة وإسرائيل معًا، ومن أبرز النماذج على ذلك الكاريكاتير المنشور فى صحيفة Dallas Morning News يوم 12 أكتوبر والذى كان تحت عنوان «رهائن حماس» وإظهارها لحماس «كمنظمة إرهابية» تقتل الإسرائيليين والمدنيين فى غزة، والكاريكاتير المنشور فى موقع صحيفة West Central Tribune يوم 12 أكتوبر 2023، حيث أظهرت الصحيفة استخدام حماس للأطفال كدروع بشرية فى غزة. والكاريكاتير المنشور فى موقع صحيفة the-journal يوم 11 أكتوبر 2023، حيث أظهر حماس بالبركان الذى قضى على إسرائيل وغزة معًا. 

كما أجرت شبكة CNN استطلاع رأى فى 15 أكتوبر ونشرت نتائجه تحت عنوان « الأمريكيون متعاطفون بشدة مع الإسرائيليين ويرون أن ردهم العسكرى على هجمات حماس له ما يبرره»، وأظهرت أن نصف الأمريكيين (50 %) يقتنعون أن الرد العسكرى للحكومة الإسرائيلية على هجمات حماس مبرر تمامًا، ويقول 20 % آخرون إنه مبرر جزئيًّا، ويقول 8 % فقط إنه غير مبرر على الإطلاق، و21 % غير متأكدين. 

وسيطر هاشتاج «Hamas» على إجمالى الهاشتاجات المنشورة حول أحداث غزة، ووصل حجم التفاعل خلاله إلى ما يقرب من 12 مليونًا، وقد تداول من خلاله رسائل مزيفة ومعلومات مضللة حول ما مارسته حماس من إرهاب بحق الشعب الإسرائيلى، وروايات من الأسرى الإسرائيليين لتشكيل الرأى العام العالمى تجاه حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. 

المعلومات الخاطئة 

وحول أبرز المظاهر التى رصدها المؤشر وعكست ازدواجية التناول الإعلامى الغربى للأحداث، التغطية الإعلامية المتحيزة والتى عمدت إلى تصوير إسرائيل بشكل إيجابى وتبرير سلوكها وإظهارها فى موضع الضحية، والتركيز على العنف الفلسطينى وتجاهل سياق الاحتلال والانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان وحربها الوحشية التى تخوضها ضد سكان غزة منذ عقود، فضلًا عن التحيز فى استخدام الألفاظ والمصطلحات، كما قامت تلك الوسائل بنزع السياق بمعنى التركيز على هجوم حركة «حماس» وتصويره بالعمل غير الإنسانى والإرهابى وفصله عن السياق التاريخى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى وانتهاكات الاحتلال على مدار الأعوام السابقة، هذا بالإضافة إلى التضييق على الصحفيين والإعلاميين الداعمين للقضية الفلسطينية والذى ظهر فى إقالة صحيفة الجارديان البريطانية - رغم كونها الأقل انحيازًا بين وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية- لرسام الكاريكاتير الشهير ستيف بيل، بعد 40 عامًا، وفتح هيئة الإذاعة البريطانية تحقيقًا مع عدد من الصحفيين والإعلاميين المنتسبين لها، بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، وإشادة بعضهم بالهجمات على إسرائيل عبر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعى.

كما تعمدت تلك الوسائل نشر معلومات خاطئة تثير التعاطف مع إسرائيل، ومنها صحيفة ذا تايمز العالمية التى نشرت تقريرًا موسعًا حول الأطفال الإسرائيليين المشوهين، مع نشر صورة لأطفال فلسطينيين غارقين فى دمائهم، وكتابة تعليق بخط صغير جدًّا أسفل الصورة بأنها خاصة بالأطفال فى فلسطين، فى محاولة منها لإثبات أنها تطرح الرأى والرأى الآخر وتلتزم المهنية وتبعد عن التضليل الإعلامى. 

أما صحيفة «ديلى ميل»، فنشرت تقريرًا عنوانه «إرهابيو حماس» قطعوا رءوس الأطفال خلال مذبحة الكيبوتس حيث قُتل 40 طفلاً صغيراً.. جنود الجيش الإسرائيلى يكشفون عن مقتل عائلات فى غرف نومهم - وزعم عدم مسئولية الجيش الإسرائيلى عن قصف مستشفى المعمدانى.

ارتفاع معدلات الكراهية تجاه الداعمين

وفى نهاية تقريره، أكد المؤشر العالمى للفتوى على أن تحيز الإعلام الغربى لصالح إسرائيل ومحاولة خلق صورة متعاطفة معها كان له تأثير بالغ على الشعوب العربية والأوروبية على حد سواء، فعلى الجانب الدولى ساهم فى ارتفاع معدلات الكراهية فى الغرب ضد المسلمين الداعمين للقضية لا سيما فى ألمانيا وأمريكا، ووقع عدد من الحوادث منها صفع معلم لتلميذ عقب رفعه لعلم فلسطين بألمانيا، وحظر ألمانيا الكوفية الفلسطينية فى مدارس برلين.

على جانب آخر، أثر بشكل إيجابى فى محاولات الشعوب العربية الوقوف بجانب أهل غزة ودعمهم بأى طريقة ووسيلة فظهرت حملات مقاطعة منتجات الدول الداعمة لإسرائيل وانتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل فى مختلف النطاقات الجغرافية، كما تداول بعض الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى العديد من المنشورات حول إدراج مصطلح 

«he israeled my home» على جوجل ترجمة لتترجم بمعنى «لقد استولى على منزلى»، مطالبين الجميع بتجربة المصطلح وتثبيته وتقييم الترجمة حتى يتم اعتمادها لربط كلمة «إسرائيل» فى المعاجم بالاستيلاء والانتهاك والوحشية.