الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إسرائيل تقتل 9 أشخاص كل ساعة.. أرقام مرعبة بعد 125 يومًا من طوفان الأقصى: الأزمة الصحية فى غزة أكثر فتكًا من القنابل

فى تقرير تحدثت فيه عن الأوضاع الصحية الصعبة التى يعانى منها قطاع غزة وحذرت من الفسفور الأبيض الذى يستخدمه الاحتلال الإسرائيلى فى عدوانه على الآمنين فى قطاع غزة، نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا قالت فيه إن التربة الملوثة بالأسلحة الفسفورية والمياه الملوثة، وإذا كانت الهجمات الإسرائيلية قد تسببت بالفعل فى مقتل أكثر من 25 ألف شخص فى قطاع غزة فإن عواقبها على البيئة المباشرة للسكان تعرضهم لمخاطر قاتلة بنفس القدر، وإن للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة عواقب وخيمة، لا سيما بسبب التلوث الهائل بالكربون سواء فى الهواء أو الماء أو التربة مما يعرض الفلسطينيين لمجموعة واسعة من المواد السامة كما يوضح الكندى ديڤيد ر. بويد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بحقوق الإنسان والبيئة.



 

تضيف فى أكتوبر 2023 كشفت هيومن رايتس ووتش أن الفوسفور الأبيض وهو مادة سامة قابلة للاشتعال ذات مظهر مصفر ويمكن أن تحترق عند درجات حرارة تصل إلى 800 درجة مئوية قد استخدمته إسرائيل فى غزة وجنوب لبنان.

 

وقد قامت المنظمة غير الحكومية بتحليل سلسلة من الصور، وخلصت إلى أنه تم استخدام قذائف مدفعية فسفور أبيض عيار 155 ملم، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أى شخص يتعامل بشكل مباشر مع الفسفور الأبيض يتعرض لخطر الغثيان والقىء والإسهال وآلام شديدة فى البطن وحرقة، وتضيف وكالة الصحة العامة الفيدرالية الأمريكية: يمكن أن تحدث الوفاة خلال أربع وعشرين إلى ثمانٍ وأربعين ساعة، بسبب انهيار القلب والأوعية الدموية، ويضيف بويد أن استخدام إسرائيل لهذه المادة فى غزة يعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولى. وفى عام 2009، اعترفت إسرائيل بأنها استخدمت ذخائر تحتوى على الفوسفور الأبيض أثناء هجومها العسكرى على قطاع غزة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009، وكان من الممكن إسقاط أكثر من 25 ألف طن من القنابل على قطاع غزة فى الفترة ما بين 7 أكتوبر وبداية نوفمبر 2023، وفقا لتقديرات منظمة «يوروميد للحقوق» غير الحكومية التى تتهم جيش الاحتلال الإسرائيلى باستخدام أسلحة موضعية من الذخيرة. ووفقا لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام فإن هذه الذخائر تقليدية مصممة لنثر أو إطلاق ذخائر صغيرة متفجرة يقل وزن كل منها عن 20 كيلوجراما تم إعلان أن استخدام هذا النوع من المدفعية غير قانونى لأنه مميت بشكل خاص، من قبل 119 دولة موقعة على اتفاقية أوسلو لعام 2008 والتى ليست إسرائيل طرفاً فيها.

 

وبالإضافة إلى ذلك ووفقا للصليب الأحمر الدولى فإن عددا كبيرا من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر كما هو متوقع ووجودها يجعل الزراعة خطيرة ويعوق إعادة الإعمار. وقد استخدمت إسرائيل بالفعل هذا النوع من الأسلحة، خاصة فى لبنان عام 2006 ويمثل تدهور الأراضى بل وحتى تدميرها تحديا آخر. ويقول عمر شاكر مدير مكتب هيومن رايتس ووتش فى فلسطين للصحيفة الفرنسية إن الأقمار الصناعية تظهر أن الأراضى الزراعية يتم تدميرها عمدا، ويشير بشكل خاص إلى منطقة بيت حانون فى الشمال المغطاة بالقنابل، والتى وفقا لجيش الاحتلال الإسرائيلى تصل إلى الأنفاق وأهداف حماس وحيث تقوم الجرافات بتطهير طرق جديدة للمركبات العسكرية. يقول هى يين، الباحث الجغرافى فى جامعة ولاية كينت فى أوهايو الذى ساعد فى تصميم خرائط الأقمار الصناعية لمراقبة تدمير الأراضى فى غزة: «لقد وجدنا أن ما يقرب من 30 % من الأراضى الزراعية قد تضررت. وقد ابتكرت أداة أضرار النزاع التى أنشأها اثنان من الأكاديميين الأمريكيين جامون فان دن هوك من جامعة أوريجون وكورى شير من جامعة نيويورك لتصور الأضرار الناجمة عن الصراع باستخدام صور الأقمار الصناعية أنه اعتبارا من 17 يناير 2024 من المحتمل أن تكون  49.7 % إلى 61.5 % من مبانى غزة قد تضررت أو دمرت. ومع ذلك، عندما تنفجر المبانى أو البنية التحتية أو المساكن، يتم إطلاق كميات هائلة من الغبار والحطام فى البيئة. وفى عام 2021، قدر تقرير للبنك الدولى عن الحملة العسكرية الإسرائيلية فى ذلك العام على غزة أن 30 ألف طن من النفايات الخطرة، بما فى ذلك الإسبستوس والمبيدات الحشرية والأسمدة وأنابيب الإسبستوس والأسمنت قد لوثت المنطقة، وهو السيناريو الذى تضاعف اليوم عشرة أضعاف حجم الهجوم الإسرائيلى، ويقول آدم وهو شاب من جباليا شمال القطاع ولاجئ حاليا فى رفح جنوبا: «نحن نعانى من الهواء الملوث بسبب القنابل المزيد والمزيد من الناس يمرضون». 

 

يوضح خبير نزع السلاح فيم زويننبرج مؤلف تقرير لمنظمة «باكس من أجل السلام» الهولندية غير الحكومية حول المخاطر البيئية والصحية للحرب فى قطاع غزة أن المواد الموجودة فى هذا النوع من الحطام قد تم تحليلها فى صراعات سابقة، أو أثناء الكوارث الطبيعية مثل زلزال فبراير 2023 الذى ضرب جنوب تركيا ويمكن أن يسبب أمراضا خطيرة، وبالإضافة إلى صعوبة استنشاق الهواء، أصبح الحصول على مياه الشرب نادرا للغاية، وهذه الصعوبة ليست جديدة. وفى وقت مبكر من عام 2012، قدر تقرير للأمم المتحدة أن 90 % من الحجم المتاح غير صالح للاستهلاك. وبعد عشرة أيام من بدء الهجوم الإسرائيلى فى أكتوبر 2023، انخفضت قدرات ضخ المياه الجوفية إلى 5 % من مستواها المعتاد، وفقًا لليونيسيف.

 

ووفقًا لصحيفة وول ستريت چورنال بدأت إسرائيل فى إغراق أنفاق غزة بمياه البحر فى بداية ديسمبر 2023 من أجل طرد حماس وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلى أنه قام بإغراق بعض الأنفاق وتزعم تقارير غير مؤكدة وجود نفط ومواد أخرى فى هذه الأنفاق إذا كان هذا هو الحال فإنها يمكن أن تؤثر على التربة وتتسلل إلى طبقة المياه الجوفية كما يؤكد فيم زوينينبورج والذى يضيف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن الهجمات دمرت حوالى عشرين بنية تحتية مرتبطة بالمياه والصرف الصحى والنظافة. يقول عمر شاكر من منظمة هيومن رايتس ووتش: يقضى الناس معظم يومهم فى محاولة العثور على الماء للشرب وتتدفق مياه الصرف الصحى إلى أماكن المعيشة. ففى 4 يناير 2024 أظهر مقطع ڤيديو نشر على تطبيق واتساب واطلعت عليه صحيفة لوموند وجدت صحفيا فلسطينيا يصور نفسه وهو يسير وسط فيضان مياه الصرف الصحى فى المدرسة التى كانت بمثابة مخيم للاجئين فى جباليا. ويمكن أيضا إلقاء هذه النفايات السائلة فى البحر مما يشكل خطرا على صحة الإنسان والتنوع البيولوچى. وزعم تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2020 أنه وجد أدلة قوية على التغير البيئى وتدهور الأراضى الفلسطينية، ومن بين محطات معالجة المياه الخمسة والستين فى غزة معظمها خارج الخدمة حاليا وفقا لمنظمة أوكسفام غير الحكومية، كما أن وجود بعض البكتيريا فى الماء يزيد من مقاومة المضادات الحيوية كما ذكرت دراسة نشرت فى مجلة «The Lancet».

وجاء فى التقرير: بدون تحرك سريع فإن هذه الحرب تهدد بإعادة تعريف وبائيات مقاومة مضادات الميكروبات فى غزة وخارجها، ووفقا لتقرير للأمم المتحدة بتاريخ 2 يناير 2024، سجلت فى غزة 179,000 حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسى الحادة و136,400 حالة إسهال لدى الأطفال أقل سن 5 سنوات و55,400 حالة جرب وقمل و4,600 حالة يرقن. وحذرت مارجريت هاريس المتحدثة بأسم منظمة الصحة العالمية فى چنيڤ فى 28 نوفمبر 2023 قائلة: سنرى عددا أكبر من الأشخاص يموتون بسبب الأمراض أكثر مما نراه بسبب القصف إذا لم نتمكن من إعادة النظام الصحى إلى مكانه الصحيح، يمكن بالفعل اعتبارها غير صالحة للسكن، لن يتمكن الناس من العودة إلى تلك الأماكن» وتختتم كلامها قائلة: لا يوجد ما نأمله فى إعادة بناء المجتمع البشرى.

وعلى جانب آخر، ففى تقرير لليونيسيف ذكرت فيه أن إسرائيل تقتل 9 أشخاص كل ساعة، وأن الأرقام أصبحت مرعبة بعد 120 يوما من حرب غزة وأن 17 ألف طفل يعيشون فى غزة بدون ذويهم، ويقول التقرير أن جيش الاحتلال الإسرائيلى يقتل فى الحرب التى يشنها على قطاع غزة من 7 أكتوبر حوالى 9 فلسطينيين على الأقل كل ساعة إذ أودى بحياة 27 ألفا و238 ضحية خلال 120 يوما حوالى 75 % منهم أطفال ونساء.

 

وتستند أعداد الضحايا فى الإحصائيات الفلسطينية إلى الجثامين التى وصلت إلى المستشفيات فقط، إذ أشار المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة إلى حوالى 7 آلاف مفقود أغلبهم تحت أنقاض المبانى السكنية التى دمرها الجيش الإسرائيلى. ويبدو أن أرقام الضحايا مرشحة للزيادة بسبب وجود 66 ألفًا و452 مصابا بينهم 11 ألف مصاب بجروح خطيرة تستدعى السفر إلى الخارج لتلقى العلاج من أجل إنقاذ حياتهم وفقا للبيان الصادرعن المكتب. وذكر البيان أن الجيش الإسرائيلى ارتكب ألفين و325 مجزرة فى إشارة إلى قصف تجمعات لمئات الفلسطينيين بشكل عشوائى.

وخلال 120 يوما حدثت 2325 مجزرة وأودت بحياة 27 ألفا و238 ضحية، 12 ألفًا من الأطفال و8190 ضحية من النساءو339 ضحية من الطواقم الطبية و46 ضحية من الدفاع المدنى و122 ضحية من الصحفيين، وقدر البيان أعداد النازحين بحوالى 2 مليون نازح، موضحًا أن الجيش الإسرائيلى دمر حوالى 70 ألف وحدة سكنية بشكل كلى و290 ألف وحدة أخرى جزئيا. وأشار المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة إلى إصابة نحو 700 ألف شخص بأمراض معدية نتيجة موجات النزوح، وأشار إلى تعرض حوالى 350 ألف مريض مزمن للخطر، بسبب عدم إدخال الأدوية. ونبه إلى وجود حوالى 10 آلاف مريض سرطان فى قطاع غزة يواجهون خطر الموت، فضلا عن حوالى 8 آلاف حالة عدوى التهاب كبد وبائى ڤيروسى. وذكر البيان أن حوالى 60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر بعدم توافر الرعاية الصحية منوها إلى أن الجيش الإسرائيلى أخرج 30 مستشفى و53 مركزا صحيا و150 مؤسسة صحية عن الخدمة، أما بالنسبة لخسائر البنية التحتية فى غزة، أشار البيان إلى أن الجيش الإسرائيلى دمر 140 مقرا حكوميا، و100 مدرسة وجامعة بشكل كلى إلى جانب تدمير 295 مدرسة وجامعة تعرضت لتدمير جزئى. وأشار البيان إلى تعرض 200 موقع أثرى وتراثى فى غزة للتدمير.

أما الدمار الذى طال البنية التحتية فى غزة وفقا للتقرير فهو 140 مقرًا حكوميًا مدمر، و100 مدرسة وجامعة مدمرة بشكل كلى و295 مدرسة وجامعة مدمرة بشكل جزئى و183 مسجدًا مدمرًا بشكل كلى264 مسجداً مدمرًا بشكل جزئى و3 كنائس مدمرة و70 ألف وحدة سكنية مدمرة كليًا و290 ألف وحدة سكنية مدمرة جزئيا و30 مستشفى خارج الخدمة و53 مركزًا صحيًا خارج الخدمة و150 مؤسسة صحية تم استهدافها و122 سيارة إسعاف تم تدميرها و200 موقع أثرى وتراثى تم تدميره.