الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الهيئة العامة للاستعلامات ترد على ادعاءات تل أبيب مصر: مزاعم إسرائيل الكاذبة لا تخـــدم معاهــــدة الســــلام

يروج جيش الاحتلال الإسرائيلى لأكاذيب وشائعات تتعلق بالأوضاع داخل قطاع غزة خاصة مدينة رفح الفلسطينية، خاصة مع إعلان وزير الحرب الإسرائيلى يؤآف جالانت الذى تحدث عن عدم استبعاد قيام جنود جيش الاحتلال بعمليات عسكرية فى رفح الفلسطينية.



وقد وجهت مصر رسائل قوية لإسرائيل مفادها بأن مرور اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى سيناء سيعرض اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل للخطر، وأوضحت مصر أنها لن توافق على مرور اللاجئين من سيناء إلى أراضيها. وأوضح مراقبون أن ما يجرى من فوضى فى المؤسسات الإسرائيلية يؤكد ضرورة التزام القيادات فى تل أبيب بالحكمة فى التصريحات وخاصة ما يخص المنطقة الحدودية مع مصر، وعلى الجميع أن يفهم أن الأمن القومى المصرى لا يخضع للمساومة فى أى وقت وتحت أى ظرف.

 رد مصرى حاسم

والحقيقة أن الموقف المصرى واضح وحازم وصريح تجاه أى محاولات لتحرك إسرائيلى باتجاه إعادة احتلال محور فيلادلفيا، وهو ما تجلى فى تصريحات أعلنها الدكتور ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، أكثر من مرة، وحملت رسائل قاطعة، تمثلت فى أن تهجير أهل غزة إلى سيناء قسرًا هو خط أحمر لا يمكن لمصر أن تسمح به، وأن مساعى إسرائيل احتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، فى قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، يخالف الاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر، وأى تحرك إسرائيلى فى هذا الاتجاه، سيؤدى إلى تهديد خطير وجدى للعلاقات المصرية - الإسرائيلية.

وقد أعلن ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن الفترة الأخيرة قد شهدت عدة تصريحات لمسئولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، تحمل مزاعم وادعاءات باطلة حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى قطاع غزة من الأراضى المصرية بعدة طرق، ومنها أنفاق زعمت هذه التصريحات وجودها بين جانبى الحدود.

وأضاف إن ما يوضح ويؤكد كذب هذه المزاعم، عدة أمور منها أن كل دول العالم تعرف جيدًا حجم الجهود التى قامت بها مصر فى آخر 10 سنوات، لتحقيق الأمن والاستقرار فى سيناء وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة، حيث كانت مصر نفسها قد عانت كثيرًا من هذه الأنفاق خلال المواجهة الشرسة مع المجموعات الإرهابية فى سيناء عقب الإطاحة بنظام الإخوان فى يونيو 2013 وحتى 2020، فهى كانت تمثل وسيلة لتهريب المقاتلين والأسلحة إلى سيناء لتنفيذ عمليات إرهابية راح ضحيتها أكثر من 3000 شهيد من الجيش والشرطة والمدنيين وأكثر من 13 ألف مصاب.

وقد دفع هذا الوضع الإدارة المصرية لاتخاذ خطوات أوسع للقضاء على هذه الأنفاق بشكل نهائى، فتم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلو مترات من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتم تدمير أكثر من 1500 نفق، كما قامت مصر بتقوية الجدار الحدودى مع القطاع الممتد لـ 14 كيلو مترًا، عبر تعزيزه بجدار خرسانى طوله 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، فأصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أى عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض. فمصر لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية، سواء مع قطاع غزة أو مع إسرائيل.

من الملفت والمستغرب أن تتحدث إسرائيل بهذه الطريقة غير الموثقة عن ادعاءات تهريب الأسلحة من مصر لغزة، وهى الدولة المسيطرة عسكريًا على القطاع وتملك أحدث وأدق وسائل الاستطلاع والرصد، وقواتها ومستوطناتها وقواتها البحرية تحاصر القطاع صغير المساحة من ثلاثة جوانب، وتكتفى بالاتهامات المرسلة لمصر دون أى دليل عليها.

كما أن أى ادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر الشاحنات التى تحمل المساعدات والبضائع لقطاع غزة من الجانب المصرى لمعبر رفح، هو لغو فارغ ومثير للسخرية، لأن أى شاحنة تدخل قطاع غزة من هذا المعبر، يجب أولًا أن تمر على معبر كرم أبو سالم، التابع للسلطات الإسرائيلية، والتى تقوم بتفتيش جميع الشاحنات التى تدخل إلى القطاع. كذلك، فإن من يتسلم هذه المساعدات هو الهلال الأحمر الفلسطينى والمنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة كالأونروا، وهو ما يضيف دليلًا آخر على كذب المزاعم الإسرائيلية.

ويعد الجوهر الحقيقى لادعاءات إسرائيل، هو تبرير استمرارها فى عملية العقاب الجماعى والقتل والتجويع لأكثر من 2 مليون فلسطينى داخل القطاع، وهو ما مارسته طوال 17 عامًا، بالإضافة إلى ذلك، إمعان إسرائيل فى تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، فى قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر.

وهنا يجبّ التأكيد الصارم على أن أى تحرك إسرائيلى فى هذا الاتجاه، سيؤدى إلى تهديد خطير وجدى للعلاقات المصرية - الإسرائيلية، فمصر فضلًا عن أنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، فهى قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها فى أيدى مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار.

وينضم هذا الخط المصرى الأحمر إلى سابقه والذى أعلنته مصر مرارًا، وهو الرفض القاطع لتهجير أشقائنا الفلسطينيين قسرًا أو طوعًا إلى سيناء، وهو ما لن تسمح لإسرائيل بتخطيه. وقد كانت مصر هى المبادرة وقامت بالاتفاق مع إسرائيل عامى 2005 و2021، على زيادة حجم قوات وإمكانيات حرس الحدود فى هذه المنطقة الحدودية من أجل تأمين الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى، واحترامًا لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحتى لا تتخذ الأخيرة من جانبها أى خطوة انفرادية.

وشددت مصر على ضرورة أن تتحرى الحكومة الإسرائيلية تحقيقات جادة بداخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين فى تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من بينهم بهدف التربح. فالعديد من الأسلحة الموجودة داخل القطاع حاليًا هى نتيجة التهريب من داخل اسرائيل مثال بنادق M16 ونوعيات من ال RPG، فضلًا عن المواد ثنائية الاستخدام فى التصنيع العسكرى للأجنحة العسكرية بالقطاع، وهنا تكفى مراجعة ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات التى تجرى مع أفراد من الجيش الإسرائيلى، على خلفية اختفاء أسلحة أو بيعها بالضفة الغربية ومنها ترسل إلى قطاع غزة.

وعلى ذكر الضفة الغربية، فهل يمكن للمسئولين الإسرائيليين مروجى الأكاذيب ضد مصر، أن يفسروا مصدر الكميات الكبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات المنتشرة فى مختلف مناطق الضفة حسب بياناتهم الرسمية، فى ظل السيطرة الكاملة لجيش الاحتلال عليها، وأنه ليس لها أى نوع من الحدود مع مصر، ولن يجدوا حينها سوى نفس المتورطين من جيشهم وأجهزة دولتهم وقطاعات مجتمعهم، فى تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.

وتوضح المعلومات أن معظم عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة لقطاع غزة، تتم عبر البحر المتوسط، حيث تسيطر على شواطئه مع غزة بصورة تامة القوات الإسرائيلية البحرية والجوية، مما يشير إلى نفس النوعية من المتورطين فى إسرائيل من جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، فى تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.

كما تجدر الإشارة إلى ما تتجاهله التصريحات الإسرائيلية، وهو ما كشفت عنه بيانات الجيش الإسرائيلى خلال الحرب الجارية، خاصة المصورة منها، عن ضبط العديد من ورش تصنيع الأسلحة والصواريخ والمتفجرات داخل الأنفاق بغزة، مما يعنى أن هناك احتمالًا كبيرًا لأن يكون جزء كبير من تسليح حماس والفصائل الفلسطينية تصنيعًا محليًا وليس عبر التهريب.

إن هذه الادعاءات والأكاذيب هى استمرار لسياسة الهروب للأمام التى تتبعها الحكومة الإسرائيلية بسبب إخفاقاتها المتوالية فى تحقيق أهدافها المعلنة للحرب على غزة، فهى تبحث عن مسئول خارجها لهذه الإخفاقات، كما فعلت أيضًا نفس الشيء مؤخرًا باتهام مصر فى محكمة العدل الدولية بأنها هى التى تمنع وتعوق دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على الرغم من علمها التام بأن مصر لم تغلق معبر رفح من جانبها ولو للحظة واحدة.

ولقد أدت سياسات الحكومات الإسرائيلية التعسفية المتعاقبة، بالقضاء على أى آفاق للحل السلمى للقضية الفلسطينية، وتشجيع انفصال قطاع غزة تحت قيادة حركة حماس عن السلطة الفلسطينية، بما فى هذا غض الطرف عما يصلها من تمويل، والحصار الخانق للقطاع، أدت إلى الأوضاع الحالية التى تزعم إسرائيل من وقت لآخر أن مصر هى المسئولة عنها. إن هذه السياسات لأكثر من عقد ونصف العقد، هى جزء من استراتيجية نتانياهو لتعميق الانقسام الفلسطينى ولضمان فصل غزة عن الضفة الغربية لإضعاف السلطة الفلسطينية، وليكون لديه المبرر لرفض الدخول فى أى مفاوضات حول حل الدولتين.

دعم وتضامن الشعب المصرى الكامل مع القضية الفلسطينية، أمر مؤكد وواقعى دون أدنى شك، ويتماشى مع الموقف الرسمى لمصر من دعم حقوق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الـ 4 من يونيو 1967. لكن هذا التضامن والدعم الشعبى والرسمى للقضية الفلسطينية، لا يتعارض مع تأمين حدودنا ومنع التهريب منها وإليها، وأن دعم القضية الفلسطينية له الكثير من الطرق السياسية التى تأتى بثمارها وصولاً لحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة، والتى تقوم بها مصر بشكل علنى منذ بدء الأزمة الأخيرة، وقبلها طوال الوقت دعمًا للشعب الفلسطينى الشقيق. ولاشك أن مثل هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم الجهود المصرية الإيجابية المبذولة لحل الأزمة فى غزة، والتى أثرت على كل المنطقة وجعلتها مهيأة لتوسيع دائرة الصراع، الأمر الذى حذر منه الرئيس عبدالفتاح السيسى وسعى إليه مرارًا وتكرارًا.

الخلاصة هى أن هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم معاهدة السلام التى تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلى بأن يظهر احترامه لها ويتوقف عن إطلاق التصريحات التى من شأنها توتير العلاقات الثنائية فى ظل الأوضاع الحالية الملتهبة. وتطالب مصر كل من يتحدث عن عدم قيامها بحماية حدودها أن يتوقف عن هذه الادعاءات، فى ظل حقيقة أن لها جيشًا قويًا قادرًا على حماية حدودها بكل الكفاءة والانضباط. وستظل مصر تواصل دورها الإيجابى الطبيعى من أجل حل كافة مشكلات المنطقة، ولن تنجح هذه الادعاءات الكاذبة فى إثناء مصر عن القيام بمسئولياتها الداخلية والإقليمية والدولية.