الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يتحدثون العربية ويرتدون ملابس مدنية ويندسون بين الفلسطينيين فى غزة والضفة: «المستعـــــربين» وحدة الاغتيالات الإسرائيلية

آخر عملياتهم اغتيال 3 شباب فلسطينيين فى مستشفى ابن سيناء من خلال 12 جنديًا إسرائيليًا من أفراد قوة خاصة بعد تسللهم إلى الطابق الثالث بمدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، هم وحدة المستعربين الذين تنكر 12 شخصًا منهم فى ملابس مدنية من الأطباء، والممرضين، مستخدمين مسدسات كاتمة للصوت. وذكرت مصادر فى مخيم جنين أن الـ3 هم الشقيقان باسل، ومحمد غزاوى ومحمد جلامنة، مشيرة إلى أن باسل كان مصابًا بجروح خطيرة بسبب اشتباكات سابقة، وأن شقيقه محمد وصديقه جلامنة كانا يرعيانه.فما هى وحدة المستعربين؟



 

على مدار السنوات الماضية خاصة خلال العامين الأخيرين نفذ المستعربون عدة عمليات اغتيال تركزت فى محافظات جنين وطولكرم ونابلس، وغيرها من المحافظات متنكرين بالزى المدنى فى أغلب الأحيان ومستقلين مركبات مدنية وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء والمعلومات الإسرائيلية. مسمى الوحدة مشتق من الكلمة العربية مستعربين، والتى تعنى أولئك الذين يعيشون بين العرب، والمستعربون الإسرائيليون هم قوات خاصة يتخفون بزىَ عربى ويعملون داخل المجتمعات العربية لإنجاز مهامهم. ويعرف المستعربون عادات وآداب المجتمع العربى ويتحدثون اللغة العربية بطلاقة؛ إذ شارك العديد منهم فى مظاهرات عامة، وقد يدعمون الاحتجاجات كما لو كانوا متظاهرين، ويدعمون مطالب المحتجين، لكنهم فى الواقع عملاء إسرائيليون سريون. ويتم اختيار المستعربين لمظهرهم الجسدى المماثل للعرب ويخضعون لعملية تدريب شاملة، كما يكملون دورات حول العادات الاجتماعية والدينية الفلسطينية واللغة والثقافة العربية؛ ويشاركون فى التدريبات الميدانية والعملياتية وفقا لما أورده موقع صندوق القدس للثقافة والتنمية الاجتماعية. وعادة ما تكون مدة التدريب من 12 إلى 15 شهرًا حتى لا يثيروا الشكوك حول شخصياتهم بين الجماعات الفلسطينية المختلفة؛ وذلك بهدف تحقيق هدف أمنى محدد مثل عمليات الاختطاف أو الاغتيال. ويعود الظهور الأول لفكرة الاستعراب إلى ما قبل تأسيس إسرائيل إذ جاءت من البريطانيين الذين اقترحوا على القيادة استغلال الإمكانيات التى يتمتع بها اليهود الشرقيون الذين استوطنوا فلسطين وذلك من خلال انتقاء مجموعة منهم والعمل على تجنيدهم فى إطار استخباراتى؛ ثم زرعهم فى صفوف العرب داخل فلسطين وخارجها. نشأت وحدة فى عام 1952 كان التصور السائد داخل مؤسسة الدفاع الإسرائيلية هو أن الجيوش العربية ستغزو إسرائيل عاجلا أم آجلا، لذلك تقرر إنشاء وحدة المستعربين فى الشاباك (وكالة الأمن الداخلى) إذ يعتقد أنها فى طليعة العمليات السرية التى أنشئت ضد المسلحين الفلسطينيين وفقا لمنصة medium. لكن قبل ذلك، شكلت إسرائيل حركة الهاجاناه والتى انبثقت منها حركة البلماح فى عام 1941، والتى كانت بمثابة وحدات قوات الأمن الخاصة فى ذلك الوقت. وكان من بين البلماح فرق المستعربين السرية التى كانت معروفة فى ذلك الوقت باسم الفصيلة العربية، والتى كانت ترتدى زيا عربيا، وتستخدم لنقل الأسلحة والمعدات سرًا وفقًا لما ذكره موقع jewishvirtuallibrary.

ووفقًا للمعهد الفلسطينى للدراسات الإسرائيلية مدار؛ فإن هناك 4 وحدات للمستعربين نشطة حاليًا دون غيرها وهى: 

 دوفدفان

وهى وحدة تابعة للجيش الإسرائيلى وتنشط منذ عام 1986 حتى اليوم وأنشئت بمبادرة من قائد المنطقة العسكرية الوسطى فى الجيش إيهود باراك الذى أصبح لاحقًا رئيسًا للأركان والحكومة. وأساس عمل الوحدة، تنفيذ عمليات اعتقال واغتيالات، وحينما تشكلت ضمت جنودًا من وحدات الكوماندوز البرية، والبحرية، ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية فى نهاية عام 1987، ازداد نشاطها وشاع اسمها.

 «ى. م. س»

وهى وحدة تابعة لقوات حرس الحدود وتنضم قواتها للجيش فى الحروب، وللشرطة فى الأوضاع الهادئة، كما أنها تنشط أكثر فى الضفة الغربية. وتعد هذه الوحدة من وحدات النخبة فى قوات ما يسمى حرس الحدود، وتنشط بعمليات كتلك التى تنشط بها الوحدات الشبيهة فى التشكيلات العسكرية الأخرى ولكن هذه الوحدة بالذات تنشط بالتعاون مع جهاز الأمن العام الشاباك.

 «متسادا»

وهى وحدة تابعة لسلطة السجون، ولكن تستخدم لقمع مظاهرات الضفة؛ إذ أقيمت هذه الوحدة فى بداية الألفية، وتعد واحدة من وحدات النخبة التابعة للجيش الإسرائيلى وبالإضافة إلى المهمات التى تقوم بها باقى وحدات المستعربين، فإن هذه الوحدة متخصصة أيضًا بإنقاذ وتحرير رهائن والسعى إلى إلقاء القبض على الهاربين من السجون. ورغم أن هذه الوحدة تابعة لسلطة السجون، إلا أنه يتم استخدامها لقمع المظاهرات فى الضفة، وخاصة الأسبوعية.

 «جدعونيم»

وهذه الوحدة تتبع الشرطة مباشرة؛ إذ أنشئت فى عام 1990 كوحدة مهمات خاصة ولكن تم تأسيس فرقة مستعربين داخلها تعمل بشكل خاص فى مدينة القدس. 

وأبرز العمليات وفقًا للمركز الفلسطينى للإعلام؛ فى 6 أغسطس 2000 حاولت وحدة دوفدفان اغتيال محمود أبو هنود قائد كتائب عز الدين القسام شمال الضفة، لكن العملية فشلت وأدت إلى سقوط 3 من الجنود الإسرائيليين. وفى 7 أغسطس 2002: اقتحمت وحدة من المستعربين الحى الغربى من مدينة طولكرم بالضفة وقتلت فلسطينيين اثنين على الأقل، وأصابت عددًا آخر بجروح؛ وفى 9 نوفمبر 2004 أطلقت فرقة من المستعربين الرصاص على 4 شباب فلسطينيين، كانوا يستقلون سيارة فى مدينة جنين شمال القطاع؛ وفى عام 2013: كشف سكان بلدة طمون عناصر القوة الإسرائيلية الخاصة عندما تخفوا كتجار خضراوات ورجموهم بالحجارة مما أدى إلى إصابة اثنين منهم، وتدخلت قوة من الجيش واقتحمت البلدة لإنقاذهم؛ وفى 6 نوفمبر 2015 اعتقل مستعربون فلسطينيا واقتادوه إلى مكان مجهول عقب مواجهات عند المدخل الشمالى لبيت لحم؛ وفى 12 نوفمبر 2015 قتلت وحدة دوفدفان الشاب الفلسطينى عبدالله شلالدة 28 عامًا فى مستشفى بمدينة الخليل جنوب الضفة؛ وفى 10 ديسمبر 2015 اعتقلت قوات من المستعربين الفلسطينى باسم النعسان داخل فندق الوحدة وسط مدينة رام الله بالضفة؛ وفى 16 أبريل 2017 أوقفت الشرطة الفلسطينية عنصرين من وحدة دوفدفان فى حى رفيديا بمدينة نابلس وأعادتهما للجيش الإسرائيلى بعد تدخل الإدارة المدنية الإسرائيلية؛ وفى عام 2018 قتل جندى من عناصر دوفدفان فى مخيم الأمعرى برام الله، بعد أن ألقى مقاوم فلسطينى عليه لوحًا من الجرانيت؛ وآخر عمليات المستعربين كانت باغتيال 3 فلسطينيين فى مستشفى ابن سيناء فى جنين نهاية يناير الماضى 2024 وهم متنكرون فى ملابس طبية ونسائية ونفذها 12 من المستعربين بأسلحة كاتمة واستغرقت العملية 10 دقائق وغادروا قبل أن يتم اكتشافهم؛ وقال شهود عيان: إن أفراد القوة الإسرائيلية دخلوا إلى الطابق الثالث من المستشفى بعدما تنكروا بزى أطباء وممرضين ورجال كبار فى السن ونساء فلسطينيات ودخلوا المستشفى على دفعتين وصعدوا إلى الطابق الثالث واقتحموا غرفة تواجد فيها الشباب الثلاثة وهم نشطاء فى المجموعات الفلسطينية المسلحة فى مخيم جنين واغتالوهم باستخدام مسدسات مزودة بكواتم صوت وغادروا قبل اكتشافهم. 

وتلك العملية الأخيرة كانت بمثابة عودة للوحدات الإسرائيلية الخاصة للعمل والتى يطلق عليها اسم وحدات المستعربين إلى الواجهة مجددًا مع تنفيذها العديد من عمليات القتل والإعدام والاعتقال مؤخرًا فى أنحاء الضفة الغربية المحتلة؛ وتعمد الاحتلال على استخدام هذه الوحدات عقب تصاعد حالة المقاومة وتشكيل مجموعات من المقاومين فى أنحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة؛ ويسعى الاحتلال إلى تفكيك الخلايا والمجموعات العسكرية التى بدأت تنشط فى الضفة الغربية المحتلة مؤخرًا؛ وشنت وحدات المستعربين بالتعاون مع قوات جيش الاحتلال هجومًا مشتركًا على خلايا عسكرية لحماس فى سبتمبر من العام الماضى فى الضفة. كما تعرضت خلايا عسكرية تابعة لكتائب شهداء الأقصى فى مدينة نابلس الشهر الماضى أيضًا لضربة هى الأعنف منذ سنوات من خلال استهداف ثلاثة من قادتها فى كمين نفذته فى حى المخفية جنوب المدينة ما أدى لاستشهاد الثلاثة فى المكان بعد تعرضهم لعشرات الطلقات النارية؛ ونشطت الوحدات الإسرائيلية الخاصة وخاصة وحدات المستعربين خلال الانتفاضة الأولى لاستهداف ملقى الحجارة أولا، وبعدها لاستهداف نشطاء العمل المسلح، حيث عرف عنها تأقلمها مع المحيط المزروعة فيه وإتقانها عادات وتقاليد المكان بالإضافة لإتقانها للكنات المحلية والانخراط السريع فى البيئة المحلية.

ويعود أصل تسمية المستعربين إلى يهود الدول العربية الذين أخفى بعضهم يهوديتهم وتمت تسميتهم بالمستعربين إلى أن تم تشكيل وحدات خاصة بهذا الاسم والتى تحافظ على سرية عمل كبيرة جدًا ومستوى عالٍ من التخفى وابتكار الأساليب الجديدة مع مرور الوقت سعيًا للوصول إلى أهدافها. وفى سبعينيات القرن الماضى نشطت وحدة المستعربين شكيد وهى وحدة خاصة تابعة للجيش الإسرائيلى ونفذت عمليات خاصة كثيرة وبخاصة فى قطاع غزة خلال سبعينيات القرن الماضى؛ فيما بعد تم تشكيل وحدة المستعربين حرميش والتى عملت حتى عام 1994 ونفذت العديد من العمليات الخاصة فى الضفة والقطاع. كما جرى تشكيل وحدة مستعربين جديدة أثناء انتفاضة الحجارة عام 1987 واستمرت فى عملها حتى عام 1996؛ فى حين، عملت بالتوازى معها وحدة ريمون منذ عام 1970 وحتى عام 2005 وكان تركيزها على العمليات الخاصة فى قطاع غزة؛ أما فى الوقت الحاضر فتنشط 7 وحدات خاصة وهى: وحدة هيئة الأركان سييرت متكال التابعة لشعبة الاستخبارات فى جيش الاحتلال وتضم أيضًا فرقًا من المستعربين؛ ونفذت هذه الوحدة عمليات كثيرة كان آخرها عملية خانيونس فى نوفمبر عام 2018 والتى اكتشف أمرها فقتل قائدها وأصيب آخر من أعضائها برصاص مقاومين من كتائب القسام، فيما استشهد عدد من المقاومين بينهم القائد بالقسام نور بركة؛ أما وحدة المستعربين الثانية والتى لا زالت تنشط فى الأراضى الفلسطينى فهى وحدة دوفدفان التى انخرطت فى إطار لواء الكوماندوز منذ عام 2015 ونفذت الوحدة الكثير من العمليات وعلى رأسها الحملة العسكرية على خلايا حماس العسكرية فى الضفة خلال سبتمبر 2021.

بينما منيت الوحدة بضربة قاتلة عام 2000 عندما حاولت اعتقال القائد العام لكتائب القسام فى الضفة الغربية المحتلة آنذاك محمود أبوهنود فى بلدة عصيرة الشمالية شمالى مدينة نابلس، حيث اشتبكت الوحدة مع بعضها عن طريق الخطأ فقتل ثلاثة من أفرادها وأصيب 9 آخرون ووصف الحادث بالكارثة ونجا الشهيد أبو هنود من الكمين بإصابات متوسطة؛ كما تنشط أيضًا فى الضفة الغربية والداخل والقدس وحدة المستعربين التابعة لقوات ما تسمى بحرس الحدود المنبثق عن الشرطة الإسرائيلية يماس وهى ذات الوحدة التى قتلت قبل أيام ثلاثة فلسطينيين فى مخيم بلاطة بنابلس ومخيم قلنديا ومدينة راهط. كما شارك عناصرها فى عملية خاصة وسط جنين شمال الضفة الغربية المحتلة واعتقلوا مطلوبًا بعد تخفيهم بمركبات مدنية. وقد ظهرت خلال السنوات الأخيرة الوحدة الخاصة رقم (1) فى الأراضى المحتلة والتى أنيطت بها أعقد العمليات الخاصة وسميت وحدة مكافحة الإرهاب يمام التابعة لحرس الحدود المنبثق عن شرطة الاحتلال ونفذت عشرات العمليات الخاصة خلال الأشهر الأخيرة والتى أبرزها استهداف ثلاثة من نشطاء كتائب الأقصى فى نابلس الشهر الماضى بعد دخولهم المدينة بمركبة عمومية وأخرى خاصة واعتراضهم طريق مركبة المطلوبين وإمطارها بوابل من الرصاص؛ كما تم تكليف الوحدة بمهمة اعتقال الأسرى الهاربين من النفق فى سجن جلبوع فى سبتمبر 2021.

أما وحدة تشغيل العملاء فما زال جيش الاحتلال يحتفظ بها وهى وحدة خاصة تضم فرقة مستعربين وتسمى الوحدة «504»؛ وهى وحدة لتشغيل العملاء خارج الحدود وتنشط فى دول الطوق، وكذلك بشكل محدود فى الضفة الغربية وعلى الحدود مع قطاع غزة. وعلى صعيد جهاز الشاباك «المخابرات الإسرائيلية» فيحتفظ الجهاز بوحدة عمليات خاصة تشترك فى الكثير من العمليات برفقة جيش الاحتلال ومهمتها القيام بعمليات سرية خاصة فى عمق الأراضى الفلسطينية. وتعرف عن وحدات المستعربين أنها سريعة التكيف على بيئة الهدف والتطور السريع، فى ظل التقدم التكنولوجى العالمى حيث تنتهج وحدات المستعربين أساليب عمل متجددة وغير كلاسيكية؛ كما لا تعتمد على وحدة عملياتية واحدة فى الميدان، بل تتعمد تلك الوحدات العمل بعدة خلايا حول الهدف بحيث تشترك جميعًا فى الوصول إلى الهدف، وفى حال فشل إحداها تكمل الأخرى.