الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عدالة السماء تقتص لغزة بالقتال القانونى حول تكساس الأمريكية للسيطرة على الحدود .. صراع بقاء أمريكا القوة الأعظم فى العالم جاء من داخلها لا من عدو خارجى

فى ظل العدوان الأثيم على سكان قطاع غزة، واتهام الرئيس الأمريكى بايدن بالتواطؤ مع نتنياهو فى الإبادة الجماعية بقطاع غزة وتدميرها، يشهد العالم أحداثًا مضطربة بمفاجأة مدوية بالصراع القانونى بين رئيس أمريكا وحاكم ولاية تكساس حول السيطرة على الحدود بالولاية، ذلك الصراع الخطير يتوقف عليه بقاء القوة الأولى فى العالم الولايات المتحدة الأمريكية أو انهيارها، فى قضية الأسلاك الشائكة التى أقامها جريج أبوت حاكم ولاية تكساس الجمهورى وتمتد الأسلاك الشائكة حوالى 30 ميلًا - 48 كيلومترًا مربعًا - على طول نهر ريو غراندى - ويشكل النهر جزءًا من الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة - بالقرب من مدينة إيجل باس الحدودية التى تقع فى تكساس، إنه الصراع الأمريكى الداخلى بشأن إنفاذ قوانين الهجرة ومدى صلابة أبوت إزاء ما يسميه «سياسات بايدن المتهورة بشأن الحدود المفتوحة».



وفى سبيل تنوير الرأى العام المصرى والعربى، أعد المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة خطيرة فى الشأن الدولى بعنوان: «عدالة السماء تقتص لغزة بالقتال القانونى حول تكساس الأمريكية للسيطرة على الحدود». وتتناول الدراسة أصل الصراع القضائى بين الاستئناف والعليا، والقتال القانونى بين الرئيس الأمريكى وحاكم ولاية تكساس وانضمام حكام الولايات وترامب لسيادة تكساس، وأن القتال القانونى بين أبوت حاكم ولاية تكساس والرئيس الأمريكى بايدن ينذر بشر مستطير قد تنهار معه الولايات المتحدة الأمريكية وتتفكك ولاياتها.

أولًا: حكم المحكمة العليا بأمريكا بتحديد من المسئول عن الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك.

يقول الدكتور محمد خفاجى: فى 22 يناير 2024 قامت المحكمة العليا بأمريكا بتحديد من المسئول عن الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، هل تكون السلطة منعقدة للحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية برئاسة بايدن، أم تكون محصورة فى حاكم ولاية تكساس الجمهورى جريج أبوت. ويضيف: أصدرت المحكمة العليا حكمًا - بعد صراع بين أعضاء المحكمة بأغلبية (5) أصوات موافقة مقابل (4) غير موافقة يسمح مؤقتًا للمسئولين الفيدراليين بقطع حواجز الأسلاك الشائكة التى أقامتها حكومة ولاية تكساس التى منعت قوات حرس الحدود الأمريكى من دخول منطقة يعبر فيها المهاجرون أحيانًا إلى الولايات المتحدة، وجاء حكم المحكمة فى واحدة من النزاعات العديدة بين حاكم ولاية تكساس جريج أبوت - وهو سياسى وقاضٍ أمريكى سابق - وحاكم الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس جو بايدن حول سياسة الحدود، علمًا بأن العديد من الولايات التى يقودها الحزب الجمهورى تدعم حاكم ولاية تكساس فى الحفاظ على حدود الولاية من الهجرة إليها وحقها فى الدفاع عن نفسها.

ويذكر أن المحكمة العليا استندت إلى أن الحكومة الفيدرالية - بموجب القانون الأمريكى السارى - مسئولة عن جميع المسائل المتعلقة بسياسات الهجرة. 

وقالت المحكمة العليا فى قضية سابقة تسمى قضية أريزونا ضد الولايات المتحدة عام 2012 إنه «من الضرورى أن تكون الدول الأجنبية المعنية بوضع مواطنيها وسلامتهم وأمنهم فى الولايات المتحدة قادرة على التشاور والتواصل بشأن هذا الأمر، وهو موضوع ذو سيادة وطنية واحدة، وليس للولايات الخمسين بصفة منفصلة»

ثانيًا: حكم المحكمة العليا يخل بتوازن القوى السائد منذ فترة طويلة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وينال من السوابق القضائية العريقة فى أمريكا منذ حكم المحكمة عام 1941 فى قضية هاينز.

ويذكر أن حكم المحكمة العليا يخل بتوازن القوى القائم منذ فترة طويلة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، والذى يعد من السوابق القضائية العريقة فى أمريكا منذ حكم المحكمة عام 1941 فى قضية هاينز ضد دافيدويتز، وقد اشتمل هاينز على قانون ولاية بنسلفانيا الذى يلزم غير المواطنين الذين يبلغون من العمر 18 عامًا أو أكثر بالتسجيل فى الولاية، والحصول على بطاقة هوية للأجانب وحملها فى جميع الأوقات، وتقديم هذه البطاقة عند الطلب إلى ضباط الشرطة وغيرهم من مسئولى الولاية، وفى الوقت ذاته كان القانون الفيدرالى يلزم أيضًا المهاجرين غير المواطنين بالتسجيل لدى الحكومة الفيدرالية، لكن القانون الفيدرالى لم ينص على بطاقات الهوية أو يحدد العديد من المتطلبات التى يفرضها نظام ولاية بنسلفانيا.

وقد أقامت تكساس حواجز من الأسلاك الشائكة على طول نهر فى إيجل باس، بتكساس، ومنعت قوات حرس الحدود الفيدراليين من دخول المنطقة، للحفاظ على الأمن القومى لتكساس وقد طالبت ولاية تكساس بصلاحية استخدام الأسلاك الشائكة لمنع الضباط الفيدراليين من التعامل مع الأسلاك الشائكة بما يخل بأهداف وغايات وحدة وخصوصية وأمن واستقرار الولاية.

ثالثًا: ثلاث قضايا شائكة تمثل قمة القتال القانونى بين جريج أبوت حاكم ولاية تكساس وجو بايدن رئيس أمريكا. 

ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن ثلاث قضايا شائكة تمثل قمة القتال القانونى بين جريج أبوت حاكم ولاية تكساس وجو بايدن رئيس أمريكا، وقد يبدو للكثيرين أن النزاع حول الأسلاك الشائكة هو الوحيد بين جريج أبوت حاكم ولاية تكساس وبين جو بايدن رئيس أمريكا، والحقيقة التى لا يعلم الكثيرون عنها شيئًا أن هذا النزاع يعد واحدًا من ثلاثة نزاعات قانونية بين تكساس والولايات المتحدة حول من يسيطر على الحدود، حيث رفعت إدارة بايدن أيضًا دعوى قضائية ضد تكساس، فى قضية تُعرف باسم الولايات المتحدة ضد أبوت سعيًا لإزالة حاجز عائم يبلغ ارتفاعه 1000 قدم أقامته تكساس فى ريو غراندى بالقرب من إيجل باس.

 وهناك قضية ثالثة من الولايات المتحدة ضد تكساس، يتحدى فيه رئيس أمريكا قانون ولاية تكساس بقصد غل يد قضاة الولاية فى سلطة إصدار أوامر الترحيل للمهاجرين، وهو ما تراه الولاية عدوانًا على حقها فى الدفاع عن نفسها من أجل استقرارها وازدهارها. 

رابعًا: أبوت حاكم ولاية تكساس يستند إلى الدستور ويتهم بايدن بانتهاك الميثاق بين الولايات والحكومة الفيدرالية. 

ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى أن أبوت حاكم ولاية تكساس يستند إلى الدستور ويتهم بايدن بانتهاك الميثاق بين الولايات والحكومة الفيدرالية، حيث استند جريج أبوت حاكم ولاية تكساس فى قضية الأسلاك الشائكة ضد بايدن إلى الدستور الأمريكى بموجب المادة الأولى، الفقرة 10، البند 3 لاستدعاء السلطة الدستورية لتكساس للدفاع عن نفسها وحمايتها، بركيزة أن الحكومة الفيدرالية قامت بانتهاك الميثاق بين الولايات والحكومة الفيدرالية. 

ويضيف: كما يستند جريج أبوت إلى الدستور الذى بموجبه لا يجوز لأية دولة أن تخوض حربًا، ما لم يتم غزوها فعليًا، أو فى خطر وشيك لا يسمح بالتأخير، ومن ثم يمنع الدول من شن «الحرب» إلا فى ظروف محدودة. فضلًا عن الحجة التى ساقها أبوت بأن اندفاع المهاجرين الذين يحاولون دخول الولايات المتحدة يشكل «غزوًا» مستندًا إلى وثيقة تعود إلى عام 1800، بأن الغزو هو عملية حرب. 

ويؤكد الدكتور خفاجى أن نقطة الصراع القانونى تكمن على الجانب الآخر الذى تمثله الحكومة الفيدرالية التى ترى أن المهاجرين غير الشرعيين من الدول غير المعادية لا يشكلون «غزوًا» ولا يمكن للدولة أن تشن «حربًا» ضدهم، وأن الهجرة لا تعتبر غزوًا مسلحًا، بمقولة أن المحاكم الفيدرالية خاصة إحدى محاكم الاستئناف الفيدرالية انتهت فى رأى عام 1996 بأنه لكى تتمتع الدولة بالحماية التى يوفرها شرط الغزو، يجب أن تتعرض لعداء مسلح من كيان سياسى آخر، مثل دولة أخرى أو دولة أجنبية تعتزم الإطاحة بحكومة الولاية، أما الهجرة، حتى من قبل الأشخاص الذين يقومون بذلك بشكل غير قانونى، لا تشكل «عداءً مسلحًا» من كيان سياسى آخر.

خامسًا: أصل الصراع القضائى بين الاستئناف والعليا، والقتال القانونى بين الرئيس الأمريكى وحاكم ولاية تكساس وانضمام حكام الولايات وترامب لسيادة تكساس. 

ويذكر: نشأ النزاع النزاع القضائى بين بايدن وجريج أبوت بسبب أن ولاية تكساس قامت بتركيب سياج من الأسلاك الشائكة على طول أجزاء من نهر ريو غراندى، على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وقد اعتمدت إدارة تكساس على سبب قومى لها يقوم على تحقيق هدف ردع تدفق الأشخاص الذين يعبرون الحدود، وكثير منهم يطلبون اللجوء. 

ويستند أبوت حاكم ولاية تكساس إلى نص الدستور فى المادة الأولى القسم 10 بأنه لا يجوز لأية ولاية «الانخراط فى الحرب، ما لم يتم غزوها فعليًا»، وكان الهدف والمغزى من هذا النص السماح للولايات بالرد على قوات العدو فى وقت قد تكون فيه الحكومة الفيدرالية بطيئة فى الرد بسبب انشغالها وتعقيد طبيعة اتخاذ القرار والاتصالات، ولا يوجد فى هذا البند الدستورى ما يشير إلى أن الولايات قد تنتهك القانون الفيدرالى أو تعرقل الحكومة الفيدرالية. وقد انضم العديد من الحكام الجمهوريين علنًا لموقف أبوت حفاظًا من ناحيتهم على الدفاع عن مصالح ولاياتهم هى الأخرى فى النزاعات النظيرة.

ويحدد الدكتور خفاجى أن أصل الصراع القضائى يبدأ بأن أصدرت محكمة الاستئناف الأمريكية بالدائرة الخامسة حكمًا بمنع الحكومة الفيدرالية من إزالة الأسلاك الشائكة إلا فى حالات الطوارئ الطبية فقط، وبناء عليه قام الحرس الوطنى فى تكساس وجنود الولاية فى وضع الأسلاك الشائكة ومنع العملاء الفيدراليين من الوصول إلى جزء من الحدود. وقد اعتمد حاكم الولاية أبوت أن ولاية تكساس تتعرض «لغزو»، وأن حق الولاية فى الدفاع عن نفسها هو القانون الأعلى للبلاد ويحل محل أية قوانين اتحادية تتعارض مع هذا الأمر. وأمر رجال الحرس الوطنى بالولاية بعدم المساس بالأسلاك الشائكة من طرف الفيدراليين.

ثم طعن الحاكم الجمهورى فى حكم الاسئناف أمام المحكمة العليا، التى أصدرت حكمًا - بأغلبية 5 أسوات مقابل 4 دون إبداء رأى - بالموافقة على طلب المدعى العام الأمريكى بالسماح لعناصر الحدود بإزالة الأسلاك الشائكة، ومن هنا نشأ الصراع الحاد بين قضاء الولاية والقضاء الفيدرالى نتيجة الصراع بين بايدن وجريج أبوت مما ينذر بخطر شديد على هيبة أمريكا ووجودها. 

ومما زاد من سخونة القتال القانونى بين رئيس أمريكا وحاكم ولاية تكساس أن دخل على الخط الساخن حكام الولايات الذين قاموا بتدعيم أبوت فى استخدام كل أداة واستراتيجية، بما فى ذلك الأسوار الشائكة، لتأمين الحدود. كما دافع الرئيس السابق ترامب عن أبوت ودعا الولايات الأخرى إلى إرسال حرسها الوطنى لدعم تكساس.

سادسًا: القتال القانونى بين أبوت حاكم ولاية تكساس والرئيس الأمريكى بايدن ينذر بشر مستطير قد تنهار معه الولايات المتحدة الأمريكية وتتتفكك ولاياتها.

ويختتم الدكتور محمد خفاجى: الرأى عندى أن هذا القتال القانونى بين أبوت حاكم ولاية تكساس والرئيس بايدن ينذر بشر مستطير قد تنهار معه الولايات المتحدة الأمريكية وتتتفكك ولاياتها بالاستقلال عنها طالما شعر سكانها بتغول الرئيس الأمريكى على مصالح مواطنيهم والأمن القومى لولايتهم والحيلولة دون الدفاع عن نفسها فى أمان وازدهار، خاصة وأن أبوت يناصره حكام الولايات الأخرى الذين يهدفون لحماية ولاياتهم من تغول الرئيس الأمريكى ويدعمه ترامب كذلك.

 ومما زاد الصراع انقسام القضاء الأمريكى ذاته، فالأول يرى منح قضاة الولاية بالحق فى الدفاع عن مصالح ولايتهم والثانى يهمش سلطة حاكم الولاية معليًا شأن الرئيس الأمريكى ولو على حساب دفاع الولاية عن نفسها من الغزو، تطبيقًا جامدًا لا مرونة فيه للمادة السادسة من الدستور بأن الحكومة الفيدرالية هى العليا عندما تتصرف ضمن سلطتها، مؤيدة من المحكمة العليا التى منحت الحكومة الفيدرالية سلطات مطلقة واسعة فيما يتعلق بالهجرة والحدود.