الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توترات من الحدود الجنوبية اللبنانية للأراضى السورية والعراقية كيف وصفت «مصر» المشهد الحالى منذ اليوم الأول للعدوان؟

«الندية والالتزام.. والاحترام المتبادل.. وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى» مبادئ أساسية لم تحد عنها السياسة الخارجية المصرية طوال السنوات الماضية، انطلاقًا من إيمانها بدعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى، والتمسك بمبادئ القانون الدولى، واحترام العهود والمواثيق، إلى جانب دعم تسوية المنازعات بالطرق السلمية، ما جعل من الدولة المصرية ملجأ للجهات الدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية العالمية للبحث عن حلول جذرية للأزمات التى تحيط بالمنطقة.



 

منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى على «غزة»، تمسكت «مصر» بتلك المبادئ؛ معربة عن تمسكها بموقفها من القضية الفلسطينية، الذى أعلنته –مرارًا- فى كافة المحافل والمناسبات المختلفة، بأنها تدعو للوقف الفورى للعدوان على «غزة»، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان القطاع، ورفض التهجير القسرى للمواطنين الفلسطينيين، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد منصة تفاهم تسفر عن ضمان حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته الخاصة على أساس حل الدولتين، وفقًا للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وبالتوازى مع الجهود المصرية الحثيثة لدعم الشعب الفلسطينى وتحديدًا سكان قطاع «غزة»، حذرت القيادة السياسية منذ اليوم الأول للعدوان، وطوال الفترة الماضية، من خطورة تواصل وتصعيد حدة الصراع، لما له من تداعيات وخيمة على المنطقة، حيث ظهر ذلك جليًا بداية من البيانات الأولى التى صدرت بعد ساعات قليلة من بدء أحداث 7 أكتوبر الماضى، والتى حذرت فيها الدولة من «المخاطر الوخيمة» لتصاعد العنف؛ داعية الأطراف الدولية الفاعلة إلى التدخل للوصول إلى هدنة؛ وصولًا إلى متابعة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» –خلال اتصال هاتفي من سكرتير عام الأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» منذ أيام- مجمل الأوضاع فى منطقة «الشرق الأوسط»، وخطورة توسع دائرة الصراع الجارى، حيث تقدم «جوتيريش» بالشكر لمصر على دورها الجوهرى فى العمل على التهدئة، إلى جانب تقديم الدعم الإنسانى لأهالى «غزة»؛ مؤكدًا حرصه على استمرار التنسيق، والتشاور، والعمل المشترك مع الرئيس «السيسي» فى سبيل استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة.

جاءت مكالمة «جوتيريش» مع الرئيس «السيسي» لبحث تصاعد التوترات فى المنطقة، بعد تحقق الرؤية المصرية بعيدة المدى، التى أشارت إليها منذ الأيام الأولى للعدوان، أى اتساع دائرة الصراع فى المنطقة، جراء التوترات المتزايدة على الحدود الجنوبية اللبنانية، إلى جانب التوترات فى الأراضى العراقية والسورية، بالإضافة إلى التوترات قرب الحدود الأردنية؛ وذلك على غرار استهداف بعض الفصائل فى تلك الدول للقوات الأمريكية فى المنطقة، بسبب دعم «الولايات المتحدة» -بشكل لا هوادة فيه- للعدوان والاحتلال الإسرائيلى.

 المشهد الذى حذرت منه «مصر»

كان ضمن أحدث عمليات التصعيد فى المنطقة، الهجوم على قاعدة «البرج 22» الأمريكية، التى تقع فى أقصى نقطة شمالية شرقية للأراضى الأردنية، التى تلتقى مع حدود «سوريا، والعراق»، إذ أعلن الرئيس الأمريكى «جو بايدن» يوم الأحد الماضى، مقتل ثلاثة عسكريين أمريكيين، وإصابة آخرين فى هجوم بطائرة مسيرة على قوات أمريكية، قرب حدود «سوريا»؛ وهو الهجوم الذى اعتبر تصعيدًا خطيرًا للوضع الملتهب فى المنطقة، ويفتح الاحتمالات أمام تصعيد أكبر للعمليات العسكرية فى «الشرق الأوسط».

جاء ذلك، فى نفس اليوم، الذى أعلنت فيه فصائل عراقية، استهداف منشأة «زفولون» البحرية الإسرائيلية، إضافة إلى ثلاث قواعد أمريكية فى «سوريا» بواسطة عدد من الطائرات المسيرة؛ موضحة أن القصف جاء ردًا على العدوان الإسرائيلى على قطاع «غزة»، والدعم الذى تقدمه «الولايات المتحدة» لجيش الاحتلال.

كما جاء الهجوم على قاعدة «البرج 22» الأمريكية –أيضًا- قبل يوم من إعلان «حزب الله» اللبنانى استهداف تجمع ‏لجنود الاحتلال الإسرائيلى خلف موقع «جل العلام»، وتحقيق إصابات مباشرة؛ وذلك بالتزامن مع ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة جنديين، جراء سقوط عدة صواريخ من «لبنان» على ثكنة عسكرية؛ وهو ما رد عليه جيش الاحتلال بقصف مواقع على الحدود اللبنانية ردًا على إطلاق الصواريخ اللبنانية.

يذكر، أن حدة المناوشات على الحدود اللبنانية لم تهدأ يومًا، منذ الأيام الولى لبدء العدوان الإسرايلى على «غزة»؛ بينما دخلت فصائل من دولتى «العراق، وسوريا» على خط المواجهة مع القوات الأمريكية فى المقابل. 

واستهدفت الفصائل فى «سوريا، والعراق» بالمسيرات والصواريخ القوات الأمريكية منذ شهر أكتوبر الماضى المتواجدة فى كل من: قاعدة «عين الأسد» فى محافظة «الأبنار»، وقاعدة «حرير» فى محافظة «أربيل» فى «العراق»؛ وقواعد «حقل غاز كونيكو، والتنف، وحقل العم، والشدادى، ومطار أبو حجر، وخراب الجير» فى «سوريا».

المثير للقلق، لا يكمن فى خطورة تزايد العمليات العسكرية واسعة النطاق فى المنطقة فحسب، بل التداعيات التى ستؤثر على الدول القابعة فى هذا المحيط الإقليمى، وعلى أمنها ومصالحها، خاصة بعد أن تعالت الأصوات داخل الإدارة الامريكية، من أجل الرد بشكل حاسم وسريع على الهجمات الأخيرة التى تتعرض لها القوات الأمريكية؛ ومنها تعهدات الرئيس الأمريكى «بايدن» بمحاسبة المسئولين عن هجوم قاعدة «البرج 22» الأمريكية فى الوقت المناسب، وبالطريقة التى يختارها؛ وهى تصريحات لا تختلف عن تلك التى أدلى بها وزير الدفاع الأمريكى «لويد أوستن»، وغيره من كبار المسئولين الأمريكيين، ردًا على الهجمات التى تنفذ ضد القوات الأمريكية فى بقاع مختلفة من المنطقة.

رؤية مصرية بعيدة المدى

إن اتساع رقعة الصراع، والتصعيد المتزايد فى المنطقة، أكد رؤية «مصر»، التى أعلنت عنها جهرًا، بأن الحلقة المفرغة من العنف لن تؤدى إلا لمزيد من العنف فى المنطقة بأسرها. 

كما نوهت لغة الخطاب المصرى إلى خطورة العمليات الجارية –حاليًا- فى الأراضى الفلسطينية، وتواصل الحصار الإسرائيلى، الذى يمنع عن سكان قطاع «غزة» المقومات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، من ماء وغذاء، وإمداد طبى ودواء، ووقود وكهرباء، بما يخالف كافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، وهو ما ظهر -بوضوح- خلال خطابات الرئيس «عبدالفتاح السيسي» فى القمم المتنوعة التى كانت تهدف لإيجاد حل للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وأيضًا من خلال لقاءات الرئيس الثنائية، واتصالاته مع الرؤساء والقادة العرب والدوليين، والمسئولين الأممين؛ وهى رسالة نقلتها عنه كافة الجهات المعنية فى الدولة المصرية، بهدف احتواء الصراع. 

وعليه، شددت «مصر» -مرارًا- على ضرورة أن تنضب كل الجهود الممكنة، من أجل وقف العمليات العسكرية، ومواجهة الوضع الإنسانى الكارثى للفلسطينيين فى قطاع «غزة»؛ داعية إلى ضرورة العمل بكد، من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على «غزة» فورًا. 

كما أوضحت أن تواصل العدوان الإسرائيلى، وإطالة أمد تلك الحرب، لن يكون فى صالح أى من الأطراف الإقليمية أو الدولية، وهو ما يؤكد أن تحذيرات الدولة المصرية من خطر تصاعد الأزمة الفلسطينية - الإسرائيلية على المنطقة بأسرها، لم تكن سوى تعبير واضح عن إدراك القيادة السياسية لأبعاد الموقف الذى قد ينفلت.

إن ما وصلت إليه الأمور - فى الوقت الحالي- داخل منطقة «الشرق الأوسط»، يوضح – أيضًا - الدعوات المصرية التى نادت - طوال الفترة الماضية - بضرورة ضبط النفس، وإجراء حسابات دقيقة قبل اتخاذ أى إجراء عسكرى، قد يفتح الباب أمام دوامة من عدم الاستقرار فى المنطقة، حيث أنه لا يوجد مفر سوى الضغط على الاحتلال الإسرائيلى من جانب كل الأطراف، من أجل وقف هذا العدوان الوحشى الغاشم، والمخالف لكل الأعراف الدولية على الشعب الأعزل داخل قطاع «غزة».