الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مخطط لها منذ 30 ديسمبر 2023 وليس من قبيل المصادفة .. خطة إسرائيل لتركيع «الأونروا» وطردها من غزة وإبادة الفلسطينيين جوعًا

أعلن الكثير من الدول، ومنها دول جديدة، مقاطعة الأونروا، وارتفع العدد إلى 12 دولة، حيث أعلنت وقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بحجة كما زعمت إسرائيل أن 12 موظفا بها شاركوا فى عملية طوفان الأقصى وفق المزاعم الإسرائيلية، فى وقت حذرت فيه الوكالة من توقف خدماتها نهاية الشهر الحالى فبراير 2024؛ وفى نفس الوقت دعا وزير الخارجية الإسرائيلى المفوض العام للوكالة إلى الاستقالة من منصبه؛ كما قررت المفوضية الأوروبية مراجعة التمويل المقدم لوكالة الأونروا وأنه لا تمويل إضافيا للوكالة حتى نهاية فبراير. وانضمت رومانيا والنمسا واليابان إلى قائمة الدول التى تبنت الموقف الإسرائيلى وأعلنت وقف دعهما للوكالة؛ كما دعت الدول الثلاث إلى إجراء تحقيق فى المزاعم الإسرائيلية، وقد ردت الأونروا على الاتهامات الإسرائيلية بطرد الموظفين المتهمين ووعدت بإجراء تحقيق شامل واتخاذ إجراءات قانونية إذا ثبتت مشاركتهم؛ كما حذرت الوكالة من توقيف خدماتها فى غزة مما يعنى الموت السريع للفلسطينيين الذين كانوا يعيشون على الفتات مما كانت توزعه لعدة أيام.



 

سبق ذلك وقف كل من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا تمويلها للوكالة الدولية، ورغم ما طالبت به هذه الدول من إجراء تحقيق فى المزاعم الإسرائيلية، فإنها اتخذت مواقفها قبل إجراء التحقيق وقبل صدور نتائج تثبت صحة المزاعم الإسرائيلية والتى دائما تنتهى بالكذب. ورحبت دول أخرى، مثل أيرلندا والنرويج، بإجراء تحقيق فى المزاعم الإسرائيلية لكنها قالت إنها لن تقطع المساعدات. وجاءت الإعلانات الغربية عقب ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية فى لاهاى رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى الإبادة الجماعية فى قطاع غزة التى رفعتها ضدها جنوب إفريقيا، وحكمت مؤقتا بإلزام تل أبيب باتخاذ إجراءات لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية واعتمدت المحكمة فى اتخاذ موقفها على تقارير الأونروا. وفى سياق متصل، دعا وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس مفوض وكالة الأونروا فيليب لازارينى إلى أن يستخلص الدروس مما حدث ويستقيل فى إشارة منه للمزاعم الإسرائيلية بأن موظفين فى الأونروا شاركوا فى عملية طوفان الأقصى. وتتفق الحكومة والمعارضة فى إسرائيل على ضرورة منع جميع أنشطة الوكالة وضمان ألا تكون الأونروا جزءا من المرحلة التى تلى العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. وقد دفع موقف تلك الدول الأونروا للتحذير من أن وقف التمويل سيؤدى إلى عدم تمكن المنظمة من مواصلة خدماتها فى المنطقة بما فى ذلك غزة بعد نهاية الشهر فبراير الحالى. وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى قد عبر عن أسفه لاتخاذ قرارات تعليق التمويل، فى ظل الأزمة الإنسانية الراهنة التى يعانى منها الفلسطينيون فى غزة، وتداعياتها على انتظام مهام الوكالة خلال الفترة القادمة.

 

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد دعا فى عام 2018 إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت مفوضية شؤون اللاجئين فى الأمم المتحدة وإنهاء وجود الأونروا. وتعليق أى تمويل إضافى لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا وسط تحقيق فى مزاعم باحتمال تورط 12 موظفا بالوكالة فى هجمات السابع من أكتوبر الماضى على جنوب إسرائيل، وذلك بعدما أقدمت الولايات المتحدة على الخطوة نفسها. وقال وزير التنمية الدولية الكندى أحمد حسين على منصة إكس إن أوتاوا تدين بشكل قاطع هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل ويساورنى قلق عميق إزاء الادعاءات المتعلقة ببعض موظفى الأونروا. وتابع حسين: أصدرت تعليماتى إلى وكالة الشئون العالمية الكندية بإيقاف جميع التمويل الإضافى للأونروا فى انتظار نتيجة التحقيق.

 

ولكن لم ينتبه أحد أن هناك وثيقة سرية منذ 30 ديسمبر الماضى تكشف خطة إسرائيل لطرد أونروا من غزة؛ وكشفت وثيقة سرية لوزارة الخارجية الإسرائيلية عن خطة لدى حكومة إسرائيل لإخراج وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا من قطاع غزة فى أعقاب الحرب وفقا للقناة 12 بالتليفزيون الإسرائيلى. وأوصى تقرير وزارة الخارجية الإسرائيلية، والذى تم تصنيفه بأنه شديد السرية بتنفيذ خطة إخراج الأونروا من غزة على 3 مراحل، الأولى هى الكشف فى تقرير شامل عن تعاون مزعوم بين حركة حماس والأونروا، التى تقدم الرعاية والخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين من حربى 1948 و1967 وأحفادهم.

 

وأشار تقرير القناة الإسرائيلية، الذى نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن المرحلة الثانية قد تشمل تقليص عمليات الأونروا فى القطاع الفلسطينى والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين فى غزة. أما المرحلة الثالثة، فستكون عبارة عن عملية نقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التى ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب. وذكر التقرير أن الخطة ستعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلى فى المستقبل القريب. وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى الأونروا كلاعب إيجابى فى الجهود الإنسانية داخل قطاع غزة وقالت إن على إسرائيل التعامل مع القضية بعناية وبشكل تدريجى أثناء التخطيط لليوم التالى للحرب.

 

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن إسرائيل تتهم الأونروا دائما بإدامة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى من خلال توسيع وضع اللاجئ ليشمل الملايين من أحفاد الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك منازلهم عقب إعلان إنشاء دولة إسرائيل على أراض فلسطينية فى عام 1948 بينما تطالب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بقصر هذا الوضع على اللاجئين الأصليين فقط. وقد حذرت الأونروا من مجاعة؛ ووصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا منطقة شمال قطاع غزة بأنها مدينة أشباح محذرة من أن السكان يقتربون من مجاعة إذا استمرت الأوضاع بهذا التدهور. وقال عدنان أبو حسنة، المستشار الإعلامى للأونروا إن ما حدث كأنه زلزال ضخم ومميت ضرب المدينة. حدث انهيار كامل على جميع المستويات، وحدث تدمير كبير للبنى التحتية، وخطوط الصرف الصحى، وخطوط الاتصالات، وإمدادت المياه، وحتى المبانى.

 

والمخطط الإسرائيلى تم إعداده منذ 30 ديسمبر الماضى وبدأ فى تنفيذه بحجة أن معلومات استخباراتية إسرائيلية تدين 12 موظفا فى وكالة الأمم المتحدة للفلسطينيين: كما أن هناك ضغوطًا من جماعات يهودية؛ وتأتى الخطوة بعدما طالبت جماعات يهودية كندا بأن تحذو حذو الولايات المتحدة فى تعليق تمويل الوكالة، وفقا لما ذكرته صحيفة ناشونال بوست الكندية. وقال مركز إسرائيل والشئون اليهودية CIJA فى بيانه: مثل الولايات المتحدة، يجب على كندا أن توقف على الفور التمويل الإضافى للأونروا، وأن تراجع هذه المزاعم والخطوات التى تتخذها الأمم المتحدة لمعالجتها. وأضاف المركز إن مشاركة موظفى الأونروا فى الهجوم على جنوب إسرائيل فى 7 أكتوبر، ليست سوى أحدث ادعاءات خطيرة تتعلق بتلك الوكالة التابعة للأمم المتحدة. بدورها، قالت جماعة بناى بريث اليهودية الموجودة فى كندا فى بيان: استمرار ظهور مدى تورط موظفى الأونروا فى الهجوم الذى وقع فى 7 أكتوبر واحتجاز الرهائن فى غزة لم يعد من الممكن تجاهله. وأضافت: تعتقد منظمة بناى بريث كندا أنه من الضرورى أن توقف كندا تمويلها للأونروا، وأن تبدأ الأمم المتحدة على الفور المراجعة الشاملة المقترحة للأونروا ودورها فى أحداث السابع من أكتوبر. وكانت كندا علَقت تمويلها للأونروا فى ظل حكومة ستيڤن هاربر السابقة، بسبب مزاعم بأن الوكالة تروج لمعاداة السامية، وترتبط بجماعات إرهابية، مثل حماس لكن رئيس الوزراء الحالى چاستن ترودو أعاد التمويل الذى تبلغ قيمته 25 مليون دولار فى عام 2016.

ويأتى تحرك كندا بعد أن أعلنت واشنطن وقف أى تمويل للأونروا إلى حين الانتهاء من فحص المزاعم الخاصة بموظفى الوكالة. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: علقت وزارة الخارجية مؤقتا تمويلات إضافية لأونروا لحين انتهائها من فحص هذه المزاعم والخطوات التى تتخذها الأمم المتحدة للتعامل معها. وأشار إلى أن واشنطن منزعجة للغاية تجاه تلك المزاعم وأنها ترحب بتحقيق الأمم المتحدة وتعهد أمينها العام أنطونيو جوتيريش بالرد إذا ثبتت صحة المزاعم.

وبدورها، أعلنت الأونروا طرد عدد من الموظفين للاشتباه بضلوعهم فى هجمات 7 أكتوبر الماضى. وقالت الوكالة الأممية إنها فتحت تحقيقا فى مزاعم ضلوع عدد من موظفيها فى الهجمات، مضيفة أنها قطعت العلاقات مع هؤلاء الموظفين. من جهته قال المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى إن السلطات الإسرائيلية زوَدت الأونروا بمعلومات حول الضلوع المزعوم لعدد من موظفى الوكالة فى الهجمات على إسرائيل فى السابع من أكتوبر. وتابع لازارينى: لحماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدة الإنسانية، اتخذت قرارا بإنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وبدء تحقيق من أجل التوصل إلى الحقيقة دون تأخير. وفى السياق ذاته، قال الاتحاد الأوروبى إنه سيبحث ما يمكن أن يتخذه من خطوات مناسبة بناء على نتيجة التحقيق الشامل فى المزاعم المتعلقة بموظفى الأونروا. وأضاف الاتحاد فى بيان: نحن على اتصال مع الأونروا، ونتوقع منها الشفافية الكاملة بشأن هذه المزاعم واتخاذ إجراءات فورية ضد الموظفين المتورطين إذا كانوا متورطين فعلا، مشيرا إلى أن الأونروا شريك مهم لأوروبا وللمجتمع الدولى ولعبت دورا حيويا على مدى سنوات فى دعم اللاجئين الفلسطينيين.

وعلى جانب آخر؛ قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه يشعر بالفزع من تلك الادعاءات الخطيرة. وأشار بيان للمتحدث باسم جوتيريش إلى أن الأمين العام اطلع على هذه الادعاءات الخطيرة من المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى؛ وطلب جوتيريش من المفوض العام التحقيق فى هذه القضية على وجه السرعة، والتأكد من فصل أى موظف فى الأونروا يظهر أنه شارك أو حرض على ما حدث فى السابع من أكتوبر، أو فى أى نشاط إجرامى آخر على الفور وإحالته إلى مقاضاة جنائية.

وشنت إسرائيل العديد من الهجمات على مركز تدريب تابع للأونروا يؤوى نازحين فى خان يونس، وقال مدير الوكالة فى غزة إن 9 فلسطينيين سقطوا وأصيب 75 آخرون، عندما أصابت قذيفتا دبابة مبنى يؤوى حوالى 8000 فرد فى جنوب قطاع غزة. وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إن الولايات المتحدة قلقة من هذا الهجوم، مكررا دعوة واشنطن لحماية المدنيين وموظفى الإغاثة والمنشآت التابعة للمنظمات الإنسانية. وأضاف باتيل: نأسف على هجوم وقع على مركز التدريب التابع للأمم المتحدة فى خان يونس واصفا إياه بأنه مثير للقلق بشكل لا يصدق.

وكانت قد قدمت إسرائيل معلومات استخباراتية تدين 12 موظفا فى وكالة الأمم المتحدة للفلسطينيين كما تزعم أنها كشفت أيضا عن استخدام مركبات ومرافق تابعة للمنظمة أثناء الهجوم؛ وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنهاء عقود عدة موظفين لديها تتهمهم السلطات الإسرائيلية بالضلوع فى الهجوم غير المسبوق الذى شنته حركة حماس فى 7 من أكتوبر على البلدات الجنوبية. كما دفع هذا الاتهام الولايات المتحدة إلى تعليق التمويل الحيوى للمنظمة. وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى فى بيان إن القرار اتخذ من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية. وتابع كل موظف تورط فى أعمال إرهابية يجب أن يحاسب بما فى ذلك من خلال ملاحقات قضائية؛ وقال إن السلطات الإسرائيلية قدمت معلومات حول تورط الموظفين المزعومين. وقال مسؤول إسرائيلى كبير لموقع أكسيوس الإخبارى إن الشاباك والجيش الإسرائيلى قدما معلومات تشير إلى تورط موظفى الأونروا إلى جانب استخدام مركبات الوكالة ومرافقها فى الهجوم فى 7 أكتوبر. وقال المسئول كانت هذه معلومات استخباراتية قوية ومؤكدة؛ والكثير من المعلومات الاستخبارية جاءت نتيجة استجواب المسلحين الذين تم القبض عليهم خلال هجوم 7 أكتوبر.