الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حوار مع «سارة حسن» مؤسسة مكتبة مداد الإمامين أول مكتبة أهلية بمنطقة الإمام الشافعى سارة حسن لـ «روزاليوسف» : المكتبة لجميع الأعمار ونستهدف 4 آلاف طفل

كما  يقال إن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وحلم سارة حسن لتأسيس أول مكتبة أهلية بمنطقة الإمام الشافعى بدأ بإهداء صديقة من محافظة البحيرة بخمسة كتب واتسعت رقعة التبرعات والإهداءات لـ 1000 كتاب حتى كتابة هذه السطور، من أشخاص ومؤسسات ثقافية آمنت بحلم الفتاة الثلاثينية فى رغبتها لوصول الخدمة الثقافية لكل حارة وزقاق فى هذا الحى العريق. 



 

تقول سارة فى حديثها لروزاليوسف «أحزننى كثيرا أن منطقة الإمام الشافعى المليئة بأهم أعلام ومنتجى الثقافة والفكر فى مصر والعالم الإسلامى أن يجلس بجوارهم كثير من الأهالى الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، حلمى كبير بأن تصبح المكتبة أكبر يستهدفها الباحثون والباحثات من كل مكان فى مصر، فكرتى فى تدشين المكتبة لا تنطلق من نظرة فوقية بتقديم الثقافة والفكر لأهالى المنطقة الفقراء، بالعكس أهالى منطقة الإمام الشافعى هم من يعلموننا ويلهموننا بأحلامهم». 

تضيف سارة: «مع كل ما تمتاز به منطقة الإمامين، من تراث ثقافى عريق يتجاوز الألف عام، إلا أن المنطقة تفتقر - إلا فيما ندر- إلى الخدمات الثقافية فى شكلها العصرى، ومن أهم هذه العناصر، مكتبة تتيح الاطلاع والاستعارة لجميع فئات المنطقة، بعد شراكة ثقافية، مع جمعية «العالم بيتى» الخيرية بمنطقة الإمام الشافعى، بتأسيس أول مكتبة أهلية بمنطقة الإمام الشافعى، تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى، سعيًا فى نقل العمل الثقافى بالمنطقة، نقلة جديدة».

نتعرف خلال السطور التالية على سارة حسن هذه الفتاة الطموحة، التى فكرت فى تطبيق ما تعلمته أكاديميا على أرض الواقع، فهى شابة نهمه للعلم والدراسة، تعمل مترجمة وكاتبة سيناريو، وباحثة ماجستير تعكف على رسالتها بالمعهد العالى للسينما.

فى البداية.. من أنتِ وماذا عن دراستك؟

- تخرجت فى كلية الألسن قسم اللغة الصينية، وعملت فى مجال الترجمة لسنوات، ولكنها لم تحتو شغفى وطاقتى مهنيًا بشكل كامل، التحقت بعدها بقسم السيناريو بالمعهد العالى للسينما ثم حصلت على دبلومة الدراسات العليا بالمعهد 2019، وأعكف الآن على الانتهاء من رسالة الماجستير عن السينما الصينية والسينما المصرية. 

وماعلاقة ذلك بمنطقة الإمام الشافعى التى قررت تدشين مكتبة أهلية فيها؟

- أثناء عملى على مشروع التخرج فى معهد السينما، وكان عبارة عن إعداد سينمائى لإحدى روايات نجيب محفوظ التى تدور فى القاهرة التاريخية، تطلب المشروع النزول والتجول فى هذه المنطقة كانت هذه المرة الأولى، ووقعت فى غرام هذه المنطقة البديعة والثرية تاريخيًا وأثناء رحلتى وجولاتى فى منطقة الإمام الشافعى، تعرفت على زملاء / ات مهتمين بالحفاظ على التراث والآثار والعمارة وترميم الآثار، وجمعنا شغف الاهتمام بهذه المنطقة وكيفية الحفاظ عليها ولماذا لا يتم استغلال المناطق الأثرية بعد ترميمها بإقامة أنشطة ثقافية مثًلا، ونصحنى أحد الزملاء آنذاك بالالتحاق بـ  «دبلومة التنمية الثقافية بكلية آداب جامعة القاهرة 2021، وكانت النافذة التى فتحت عينى لكيفية خدمة أهل منطقة الإمام الشافعى بطريقة فعالة ومستدامة. 

كيف أفادتك الدراسة الأكاديمية للتنمية الثقافية فى انطلاق فكرة المكتبة؟

- دراستى لدبلومة التنمية الثقافية عمقت معرفتى بمنطقة الإمام الشافعى، وهذا تلاقى مع رغبتى وطموحى يتجاوز فكرة التوثيق البصرى للمنطقة، ولكن الاهتمام أيضًا بشخص الإمام الشافعى وعلمه وأفكاره وليس المكان فقط، وهو ما دفعنى بالتوازى مع الدراسة الأكاديمية للانضمام للرواق الأزهرى «فقة الشافعى»، ولكن التنمية الثقافية أفادتنى جدًا فى كيفية ربط الثقافة بالتنمية الاقتصادية، أن تؤسسى مشروعًا ثقافيًا أو تراثيًا يعود بالنفع المادى لأهله، فالتراث يجب أن ينفق على ذاته، فمثلا سكان منطقة مجاورة لأثر أو منطقة بتراث ثقافى غير مادى، دورك التفكير فى تدشين مشروعات أو أفكار تحقق عائدًا ماديًا لأصحابها، هذه الأزياء الشعبية مثلا هى حرفة تراثية ولها عائد ربحى وهكذا.

 كيف؟

انطلقت مما سبق فى مشروع تخرجى بالدبلومة ذى طابع تعليمى وثقافى وإنتاجى، وهو تعليم الأطفال بالمنطقة الخط العربى، نعمل على محو الأمية ولكن بطريقة غير تقليدية، ويقوم سيدات المنطقة باستخدام هذه الخطوط التى يرسمها الأبناء على الأقمشة، ويتم تفصيل حقائب يد مرسوم عليها بالخط العربى. 

لم أكن أتوقع النجاح لمشروع التخرج، والذى لم يظهر للنور دون تعاون أربعة من زميلات الدبلومة كل منهن كان لها دور مؤثر للغاية فى نجاح المشروع بما أضفنه من خبراتهن؛ وهن الدكتورة بثينة خبيرة فى أصول التربية وتعمل بوزارة الثقافة، «ياسمين مجدى» موظفة بقطاع قصور الثقافة وهى من أفادتنى بالتعاون مع الجمعيات الأهلية.

«مداد الإمامين» عنوان المكتبة.. واستراتيچيتك ورؤيتك للمكتبة؟

- «مداد الإمامين» نسبة إلى أعلام منطقة الإمامين؛ الإمام الشافعى والإمام الليث، و«مداد» من الحبر والخط، وفى تأويل آخر نطمح ونأمل فيه أن تكون المكتبة أو هذه المبادرة الثقافية امتدادًا لهؤلاء الأعلام الأجلاء وعلمهم الواسع، وبصراحة فكرة المبادرة تقوم على مفارقة أن منطقة ثرية وغنية كالإمام الشافعى فيها أهم منتجى الثقافة والفكر فى مصر وعلى مستوى العالم الإسلامى، وكل شارع بها مدفون فيه علم واسم كبير كالإمام الشافعى، توفيق الحكيم، طه حسين، وأن يجلس سكان الحى بجوار هذه الأعلام ولكن كثير منهم لا يعرف القراءة والكتابة؟! بيفكوا الخط بالعافية كما نقول بالعامية، هذه مفارقة محزنة جدا وتأثرت بها، لذا كان حلمى تأسيس هذه المكتبة لتكون نواة فى المنطقة ليس على الطريقة التقليدية محو أمية قراءة وكتابة ولكن أن نصنع فكرًا جديدًا، من خلال جلسات قراءة حرة تفتح الباب للأهالى للنقاش والتفكير النقدى واختيار المعرفة الحرة من كتب فى موضوعات مختلفة.

كم عدد الأطفال الذين تخدمهم المكتبة وكيف تتحصلين على الكتب؟

- فى الحقيقة هناك شىء ملهم حدث مع المكتبة، بمجرد الحديث حول فكرتها مع صديقة ورغبتى فى إدخار مبلغ مالى من أجل شراء الكتب لتزويد المكتبة بها، فوجئت أن صديقة من البحيرة أعجبت جدا بالفكرة وتبرعت بخمسة كتب، ثم توالت التبرعات من عدة مؤسسات ثقافية، فمثلا بيت الحكمة مكان مهم وكبير وله اسم أن يتبرع لمكتبة «مداد الإمامين» بـ 600 كتاب، ووصلنا حتى الآن تقريبا لـ1000 كتاب من تبرعات صديقات وأصدقاء مؤمنين بأهمية نشر الثقافة ووصول الخدمات الثقافية لكل المناطق بمصر. 

أخيرًا.. ما أحلامك لمشروع الوليد مكتبة «مداد الإمامين» مستقبًلا ؟

- أولا التأكيد أن تأسيس هذه المكتبة لم يكن من منطلق نظرة فوقية، وهى مساعدة أهل منطقة شعبية فقيرة فى الخدمات الثقافية، هذا غير حقيقى، منطقة الإمام الشافعى هى من تساعدنا وتمدنا بكل شىء ملهم، وحلمى أن تكون مكتبة كبيرة مفتوحة لكل الباحثين القادمين لها من مختلف أحياء القاهرة، ويجدون فيها كتبًا ومطبوعات نادرة ليست موجودة فى مكان آخر، وأن هذه الغرفة الصغيرة التى لا تتجاوز أمتارًا قليلة جدا تكون مركزًا ثقافيًا كبيرًا فى قلب منطقة الإمام الشافعى، مركزًا مُفعمًا بالأنشطة الثقافية المتنوعة، وأزعم أن صبرى طويل وحلمى كبير لهذه المكتبة الوليدة.