الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكاية مريم فى تصنيع الملابس والاكسسوارات من الكاوتش «كاوتشو» أول براند مصرى يوفر بيئة أفضل لأطفال الشوارع

«وأنا صغيرة كنت أجمع كل ما أجده أمامى لأصنع منه أشياء مختلفة (جذوع شجر، قطع خشب، بلاستيك، سلك، نحاس، قصاقيص) وكنت أقوم بقص ولزق وتلوين العديد من الأشياء حيث أن أبى وأمى كانا يهتمان جدًا بهذا الجزء فينا».. يقولون إن موهبة الطفل التى ستستمر معه لباقى أيام حياته تظهر معه منذ نعومة أظافره، ثم تقوم ظروف المجتمع بتشكيل مستقبله إما فى سبيل تحقيق موهبته وما سيكون عليه مستقبلًا أو إهمالها والابتعاد عنها.



 

هذا ما قالته مريم الجمّال التى نجحت فى دمج موهبتها بمستقبلها، فاستطاعت عمل مشروع تِجارى ناجح من خلال إعادة تدوير الكاوتش بما يُساهم فى إنقاذ البيئة والمساهمة فى تغيير شكل المجتمع.

استخدمت مريم الكاوتش كمادة مستدامة غير قابلة للتحلل ومضرة بالبيئة وقامت بإعادة تدويرها لتصنع منها منتجات مصاحبة للبيئة.

مريم حكت لنا تفاصيل قصتها خلال عشرة أعوام لتخبرنا أن سلوك الطريق المعاكس قد يكون هو الأصح فى بعض الأوقات وبداية صعود سُلم النجاح. 

 كيف كانت البداية؟

- عندما انتهيت من الثانوية العامة كنت أرغب فى الالتحاق بكلية الفنون الجميلة؛ لكن كان للتنسيق رأى آخر. والتحقت بكلية الحقوق جامعة حلوان. وهنا بدأت قصتى. وجدت بداخل الجامعة مرسمًا للفنون بجوار مبنى الامتحانات، كنت أذهب إليه أثناء الامتحانات لأمارس موهبتى. وفى آخر عام 2011 كان لدينا فى الجامعة معرض للفنون التشكيلية وأخبرتنى المسئولة عن المرسم أنه يمكننى عمل نموذج مختلف للمعرض باستخدام كاوتش العربيات وبدأنا بالفعل فى تقليد فنان أجنبى وصنعت وزة وحصلت على مركز أول نحت باكتساح على مستوى الجامعات. وكنت كل عام أصنع شيئَا مختلفا من الكاوتش سمكة، وسلحفاة، وتابلوه، وكراسى، ومرايا، ونجفة. 

 هل بدأتِ فى صناعة براند الكاوتش خاصتك فى تلك اللحظة؟ 

- بعد أن بنيت رابطًا بينى وبين الكاوتش بدأت أصنع منه كراسى وترابيزات وفازات وأبيعها للكافيهات. وبعد أن تخرجت في الجامعة بدأتُ أعمل فى عدد من الأماكن وتطوعت فى عدد من الجمعيات للأطفال المشردين؛ لكننى كل مرة كنتُ أنتهى من العمل وأعود ثانية للعمل فى الكاوتش.

 كيف تحولت من صناعة الأثاث للكافيهات إلى صناعة الإكسسوارات؟ 

- أحيانًا وأنا أسير فى الشارع كنتُ أسرح فى الكاوتش التى تطلب منى أن أُعيد تدويرها وأصنع منها أشكالا مختلفة، وكنت أرسمها وأصنع منها بالفعل. ولكى أنجح فى السوق كان لا بد أن أكون متفردة «ميبقاش فى زيى كتير» وهى الجملة التى قالها لى صاحب شركة كبيرة. وعندها قررت أن أفعل ما قال لى، الجميع قالوا «مينفعش» وأخبرونى أننى سأفشل، وبدأت فى صناعة إكسسوارات للبنات من كاوتش العربيات. وصنعت «حلقان» وبعتها فى النوادى الرياضية وطلب منى الأشخاص صناعة الشنط وإكسسوار الملابس.

 إذن متى بدأتِ براند كاوتشو؟ 

عندما بدأت أنزل فى النوادى كنت أدخل بصبحة أشخاص مشتركين فى النادى وأبيع بعض القطع فقط حوالى 50 قطعة لأننى لم أكن أتخيل أننى قادرة على صناعة عدد كبير أو أننى سأبيع بكثرة لأن الكاوتش عندها لم يكن مُعالجا بعد؛ ولكن عندما وجدت معجبين بالمنتج قررت عمل بيزنس خاص بى وبحثت عن طريقة لمعالجة الكاوتش لكى يكون آمنا على الجلد ولا يؤذى من يقوم باستعماله. وقد كان وبدأت فى بيع منتجات من الكاوتش مُعالجة. وأصبح معروفًا بين فئة من الناس باسم «كاوتشو».

 لماذا اخترتِ الكاوتش تحديدا لإعادة تدويره؟ 

- الكاوتش مادة مستدامة غير قابلة للتحلل من 600 إلى 1000 عام وبالتالى كان يتم التعامل معها بإرساله لمصانع الأسمنت أو محرقة وهو ما يمكن أن يكون مضرًا بالبيئة بدرجة كبيرة. وعندما كنت طالبة فى جامعة حلوان كان لدينا بجانب الجامعة جراج يتم إلقاء الكاوتش فيه لتأخذه مصانع الأسمنت ومنه كانت البداية. 

 

 هل قمت بتصدير منتجات كاوتشو للخارج؟ 

- نعم قمت بالتصدير للأردن والإمارات والجزائر وأُعجب الأشخاص بفكرة صناعة الإكسسوارات المتنوعة من الكاوتش وحصلت على لقب أول سيدة فى الوطن العربى تقوم بعمل إكسسوار وملابس من كاوتش العربيات. وأحلم الآن أن يصبح أكبر براند مشهور للإكسسوارات المُعاد تدويرها فى العالم أجمع وليس الوطن العربى فقط.

هل شاركتِ فى معارض منذ بداية عملك فى الكاوتش حتى إطلاق براند كاوتشو؟

- نعم، كنت محظوظة بالمشاركة فى العديد من المعارض المحلية والدولية على مدار ما يزيد على 10 سنوات، بداية من معرض جامعة حلوان عام 2012، وحصلت على 3 شهادات تقدير مركز أول نحت وشهادة مركز ثانى نحت، وشهادة مركز أول خامات مختلفة.

كما شاركت بمعرض نادى الترسانة السنوى ونادى الجزيرة ومعرض بنادى شباب الجزيرة السنوى وشاركت فى مسابقة ومعسكر كن رائد أعمال مبدع التابعة لوزارة الشباب والرياضة والوكالة الإسبانية 2022 وكنت من الـ8 فرق الفائزة من محافظة الجيزة.

كما شاركت فى مسابقة ومعسكر برنامج القيادات الشابة لتنمية مشروعات الشباب الخضراء بدمياط الجديدة 2023 برعاية وزارة الشباب والرياضة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى. 

وشاركت بمعرض القاهرة الدولى السابع للابتكار 2023 بفكرة كاوتشو. 

ثم شاركت فى معسكر ريادة الأعمال النسائية Wec التابع للمركز الأمريكى والسفارة الأمريكية 2023.  وفزت أيضًا بمسابقة «الجراج» التابع لنهضة المحروسة وفزت بمسابقة يلا أخضر التابعة لسوبر فنى. 

 ماذا عن مبادرة أولاد الناس التى أطلقتِها وما المقصود بها؟

- أولاد الناس المقصود بهم أطفال الشوارع وبدأت قصتى معهم منذ كنت فى المرحلة الثانوية كلما كنتُ ألتقى بطفل منهم كنت أجلس معه وأعرض عليه أن أعلمه الرسم. وعندما التحقت بالجامعة وبعد أن حصلت على مركز فى النحت التقيت بـ«سعيد»، وكان طفلا ترك بيته بعد أن افترق والداه. وكان يأتى للجامعة لجمع عُلب الكانز الفارغة لكى يبيعها ويكسب منها. وتحدثت معه وتعلقت به وساعدته فى جمع المال لإكمال تعليمه وتوفير مستوى معيشى أفضل وكان يقوم بادخار نقوده معى حتى استطاع أن يشترى تروسيكل واستطاع أن يغير من وضعه المادى والمعيشى.

أخذت من سعيد فكرة العمل مع أطفال الشوارع الذين غيرت اسمهم لأولاد الناس، وبدأت فى تعليمهم العلوم المختلفة «عربى، رياضة، إنجليزى، كمبيوتر» لكى أجعلهم يصلون لمكانة أفضل ويكون لهم دور إيجابى فى المجتمع.. ثم أبحث لهم عن مكان عمل جيد ليتربحوا منه. 

 متى أطلقت مبادرة أولاد الناس؟

منذ فترة قريبة بدأنا فى التعاون مع وزارة التضامن لإطلاق مبادرة أولاد الناس بهدف تأهيل ودعم أطفال الشارع لحياة أفضل، وتعليمهم الأخلاق والقراءة والكتابة والرياضيات، وحرفة يمكنهم العمل بها وتدر عليهم دخلا يمكنهم العيش منه. المبادرة سيكون مقرها فى العجوزة وسنحاول التعاون مع مثل الإصلاحيات والملاجئ بهدف تعليم وإرشاد الأطفال بحرف يدوية.

 هل تعرضت لمشكلات بسبب العمل مع أولاد الناس؟ 

- نعم تعرضت للكثير من المشاكل، فعندما بدأت بالعمل معهم فى الجامعة كان ينتقدنى الكثيرون من الأشخاص ممن يجلسون معهم ويسرحونهم حيث كانوا يقولون لى لماذا تجلسى معهم، بماذا سينفعهم الرسم ويخبروننى أننى سأتسبب فى أن يترك الأولاد باب الرزق خاصتهم «بيع المناديل» ويتسربون للعب وكنت أخبرهم أننى أعلمهم ما يفيدهم. وبعد الجامعة كان الأطفال يأتون إلى وكنت أعلمهم القراءة.

 من أين جاء اسم أولاد الناس؟

- عندما كان يأتينى الأولاد ويقولون لى لماذا تبذلين معنا جهدا فنحن أولاد شوارع كنت أخبرهم أنهم الأطفال الضائعون من أسرهم.. فهم أولاد الناس الكويسين الذين ضلوا الطريق للبيت، وعليهم ألا يسمحوا لأى كان أن يخبرهم أنهم أطفال شوارع أو أطفال مشردين. وكنت أدافع عنهم فى أى مكان وأسأل الناس ألا يقسوا عليهم فهم أولاد الناس الذين لا نعرفهم. وعند دخولى لأى مسابقة أو أى مكان باسم المؤسسة كنت أؤكد على دعم أولاد الناس. وبدأت ألقى على مسامع الناس فى أكثر من مكان أنهم أولاد الناس. 

كيف استطعتِ الدخول فى عالم العمل الحر، رغم صعوبته؟

- جدى كان لديه ورشة حدادة ورثها عنه والدى، وكان أعمامى أيضًا يعملون فى هذه الورشة. فكان والدى فى صغره يتعلم الحرفة بمفرده دون أن يطلب من أحد. فيذهب لإحضار الحديد ويقف لمشاهدة ما يفعلون ويقوم بالتدريب حتى يتقن المهنة. وكان دائمًا يقول لى لكى تعملى فى شيء اذهبى للناس واعرضى عليهم. وكنت دائمًا أعمل بهذا المبدأ منذ كنتُ صغيرة. أقوم بعمل الرسومات وأذهب للمحلات لأعرض عليهم عملى وأخبرهم باسمى فقط. وعندما كبرت وذهبت للعمل فى مراكز الشباب كنتُ أذهب وأعرض أعمالى بمقابل زهيد أو بدون مقابل لأجل انتشار اسمى. 

وكنت أستمد القوة من كلمات والدى فكنت أذهب للأشخاص فى أى مكان وأعرفّهم بنفسى وأخبرهم أننى أقوم بعمل كذا وكذا. وأعرض عليهم أعمالى. مثلما كنت أفعل وأنا طالبة فى المدرسة وفى الجامعة بعرض أعمالى على الطلبة وتشجيعهم على زيارة المعرض الفنى الذى أعرض فيه أعمالى.

ولولا تشجيع والدى ودفعى لخوض التجربة. حتى إنه كان يخبرنى أننى سأكون الخاسرة الوحيدة حال تكاسلى. وربما أنجح بالتجربة. 

ما خططك للفترة المقبلة؟

- نعمل حاليًا على مشروع فى السويس، يقوم على جمع المخلفات من الأماكن المكتظة بها، وخاصّة مخلفات المنازل والمخلفات الزراعية، ونحاول صناعة سماد عضوى منها لزراعة الأرض فى السويس، وخاصّة أنَّ السويس غير صالحة للزراعة.

كما نعمل حاليًا على مشروع بعنوان «فابريكسكرابس» وهو جمع مخلفات هوادر القماش، فالمعتاد عليه هو جمع تلك الهوادر لاستخدامها فى الوسائد أو الدباديب أو غيرها، لكننا نعمل على جمعها للتعامل معها كمخلفات البلاستيك، لكن لا نزال ندرس المشروع وسنعلن عنه الفترة المقبلة.