الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الجميع يدفع الثمن .. اضطرابات الملاحة فاتورتها الاقتصادية باهظة

تتعرض قناة السويس حاليًا إلى مخاطر حيث يطلق المتمردون الحوثيون صواريخ على السفن التى تمر عبر البحر الأحمر المجاور، ويبطئون التجارة عبر مضيق البوسفور التركى الذى يأخذ حركة المرور من البحر الأسود حيث تعمل أوكرانيا على صد الغزو الروسى.



وقد أدت الهجمات التى تشنها جماعة الحوثيين على السفن التى تشتبه فى ارتباطها بإسرائيل إلى صعود تكاليف الشحن البحرى، وأوقفت 8 من أكبر 10 شركات شحن فى العالم مرور سفنها عبر البحر الأحمر، رغم أن سلوك مسار رأس الرجاء الصالح أعلى تكلفة وأطول وقتًا، مما سيرفع أسعار السلع والبضائع على المستهلكين حال استمرار الرحلات الأطول.

كما هبطت عائدات قناة السويس المصرية بنحو 40 % خلال أول 11 يومًا من يناير الجارى بسبب التوترات فى البحر الأحمر، بحسب تصريحات تليفزيونية لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع حيث قال: «يوجد 40 % تراجعًا فى عائدات قناة السويس منذ بداية 2024، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، نسبة عبور السفن تراجعت 30 %، بواقع 544 سفينة مقارنة بـ777 سفينة العام الماضى، كما انخفضت الحمولات بنسبة 41 %».

وتُعتبر قناة السويس أقصر طرق الشحن البحرى بين أوروبا وآسيا، تشكّل إيراداتها أحد مصادر مصر الرئيسية للعملات الأجنبية التى تشتد إليها الحاجة فى هذه الفترة.

 تكاليف باهظة

ويتعين على مالكى السفن والمستأجرين المستعدين للمخاطرة بالإبحار عبر البحر الأحمر أن يدرسوا ما إذا كان من الأرخص دفع تكاليف التأمين الإضافية المتزايدة بالإضافة إلى رسوم عبور قناة السويس، أو بدلاً من ذلك اتخاذ المسار الطويل حول رأس الرجاء الصالح والذى يرفع كلفة الوقود الإضافية.

وقال محللو شركة «كلاركسونز سيكيوريتيز» (Clarksons Securities)، بمن فيهم فرودى موركيدال، فى تقرير: «ارتفعت أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب بالنسبة إلى السفن بشكل كبير. ربما يجد أصحاب السفن والمستأجرون أن إعادة التوجيه حول أفريقيا أكثر فعالية من حيث التكلفة، بدلاً من تكبد التكاليف المجمعة لرسوم عبور قناة السويس وأقساط التأمين».

تكلفة التأمين ضد الحرب البالغة 1 % لسفينة جديدة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار يعنى الاضطرار إلى دفع مليون دولار للإبحار عبر الأجزاء الأكثر خطورة فى البحر الأحمر وخليج عدن. تتحدد التكلفة التأمينية عمومًا على أساس نسبة مئوية من قيمة السفينة خلال فترة زمنية معينة.

بالإضافة إلى ذلك، أصدرت وزارة النقل الأمريكية تحذيرًا جديدًا توجّه فيه سفنها التجارية بتجنب جنوب البحر الأحمر حتى إشعار آخر. 

قال مونرو أندرسون، رئيس العمليات فى شركة «فيسيل بروتكت» (Vessel Protect) المتخصصة فى مخاطر الحرب البحرية والتأمين: «معدلات التأمين تتزايد، ما يعكس التعرض الكبير والمريب للمخاطر داخل البحر الأحمر. الصعوبة الرئيسية التى ينطوى عليها الوضع الحالى هى معدل التغير فى ملف المخاطر الذى يؤدى إلى تسعير أكثر ديناميكية بكثير مما هو عليه الحال عادة».

 أضرار الاضطرابات

وألحقت الاضطرابات التى استمرت أسابيع فى قناة السويس أضرارًا بالشركات بالفعل، بعد أن أدت هجمات الحوثيين فى اليمن على سفن إلى تحويل مسار إبحارها بعيدًا عن هذا الممر الذى يمر حوالى 12 بالمئة من التجارة العالمية.

وقال معهد آي.إف.دبليو الألمانى للاقتصاد، إن التجارة العالمية تراجعت بنسبة 1.3 بالمئة فى الفترة من نوفمبر إلى ديسمبر 2023 لأن هجمات المسلحين تسببت فى انخفاض كمية البضائع المنقولة فى منطقة البحر الأحمر، وفقًا لرويترز.

وأرسلت شركات شحن عملاقة مثل «ميرسك» و«هاباج لويد»، سفنها فى رحلات أطول وأكثر تكلفة عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا. ونصحت مجموعة «دي.إتش.إل» الألمانية العملاقة للخدمات اللوجيستية العملاء بإدارة المخزونات بشكل مختلف.

ويؤثر الارتفاع فى تكاليف الوقود والشحن بشكل مباشرة على نحو أكبر فى توقعات السوق بشأن ارتفاع سوق الأسهم، التى تقوم على آراء بأن الاقتصاد الأمريكى سيتجنب الركود وأن مجلس الاحتياطى الاتحادى (البنك المركزى الأمريكي) والبنك المركزى الأوروبى وبنوكًا عالمية أخرى ستخفض أسعار الفائدة هذا العام. وقال موقع «أكسيوس» الأمريكى فى تقرير، إن «الاضطرابات فى البحر الأحمر تأخذ منعطفًا نحو الأسوأ»، منوهًا بأنها يمكن أن «تؤدى إلى اختناقات جديدة فى سلسلة التوريد العالمية المتوترة بالفعل».

وأدت التوترات إلى ارتفاع أسعار النفط، وتعقيد الشحن لعدد من الشركات الكبرى، بما فى ذلك «تسلا»، التى علقت الإنتاج فى ألمانيا لمواجهة مشاكل سلاسل التوريد.

وقالت شركتا «تسلا» و«فولفو» لصناعة السيارات، إن خطوط التجميع الخاصة بهما فى أوروبا ستعلق خلال الأسابيع المقبلة، بسبب الهجمات فى البحر الأحمر التى أجبرت سفن الشحن على اتخاذ مسارات أطول، مما عطل سلاسل التوريد.

وقالت تسلا فى بيان: «إن الصراعات المسلحة فى البحر الأحمر والتحولات المرتبطة بها فى طرق النقل بين أوروبا وآسيا عبر رأس الرجاء الصالح، لها أيضًا تأثير على الإنتاج فى غرونهايد» فى إشارة لمصنعها بالعاصمة الألمانية برلين.

من جانبها، قالت شركة فولفو، التى تملك حصة أغلبية فى شركة صناعة السيارات الصينية «جيلي»، إنه سيتم تعليق الإنتاج فى مصنعها فى بلجيكا، لمدة 3 أيام الأسبوع المقبل؛ لأن «الطرق البحرية المعدلة» أخرت تسليم علب التروس.

والأسبوع الماضى، ذكر تقرير لموقع «أكسيوس» الأمريكى، أن هذه الاضطرابات تشعل النار تحت الأسعار التى بدأت للتو فى العودة إلى طبيعتها، بعد مشاكل عصر فيروس كورونا.

وكتبت شركة «كابيتال إيكونوميكس» فى تحليل حديث: «تسعى الشركات إلى زيادة مرونة سلسلة التوريد، من خلال نقل الإنتاج بالقرب من المستهلك النهائى والدول (الصديقة)».

ومن المتوقع بحسب مختصين بصناعة الشحن البحرى استمرار ارتفاع الأسعار الفورية لشحن الحاويات بين الشرق والغرب فى الأسابيع المقبلة، بسبب أزمة البحر الأحمر حيث ارتفع مؤشر شحن الحاويات العالمى المركب الصادر عن مؤسسة «دروري» المختصة فى أبحاث النقل البحرى والشحن والذى يرصد أسعار شحن الحاويات عبر البحر بنسبة ٪15 إلى 3072 دولارًا لكل حاوية 40 قدمًا الأسبوع الماضى وزاد بنسبة ٪44 بالمقارنة مع نفس الأسبوع من العام الماضي.