الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أضعف أداء فى فترة 5 سنوات على مدى 30 عامًا اقتصــاد العالــم إلى أين فى 2024؟

مع اقتراب منتصف هذا العقد الذى كان من المقرر أن يشهد آثارا تحولية على صعيد التنمية، قال البنك الدولى فى تقرير عن الآفاق الاقتصادية العالمية إنه يتوقع أن يسجل الاقتصاد العالمى معدلات تدعو للأسف فى نمو إجمالى الناتج المحلى بنهاية عام 2024، هى الأدنى والأبطأ فى فترة 5 سنوات على مدى 30 عاما.



 

وأضاف البنك إن الاقتصاد العالمى من ناحية، يعتبر فى وضع أفضل مما كان عليه قبل عام، فقد تراجعت مخاطر حدوث ركود عالمى، ويرجع ذلك بقدر كبير إلى قوة الاقتصاد الأمريكى، لكن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة يمكن أن تخلق أخطارا جديدة تواجه الاقتصاد العالمى على المدى القريب.

وفى الوقت نفسه، أصبحت الآفاق متوسطة الأجل قاتمة بالنسبة للعديد من الاقتصادات النامية وسط تباطؤ معدلات النمو فى معظم الاقتصادات الكبرى، فضلا عن تباطؤ التجارة العالمية، وأكثر الأوضاع المالية تشديدا منذ عقود من الزمان.

التضخم فى مصر

وعدل البنك الدولى توقعاته لنمو الاقتصاد المصرى فى 2023-2024 إلى 3.5 % مقابل تقديراته السابقة عند %4. قال البنك فى تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية إن نمو الاقتصاد المصرى للعام المالى المقبل سيتباطأ إلى %3.9، مقابل تقديرات سابقة بنحو %4.7.

وأوضح تقرير البنك الدولى أن الصراع فى منطقة الشرق الأوسط سيؤدى على الأرجح إلى أرقام التضخم فى مصر، وهدوء نشاط القطاع الخاص، وزيادة الضغوط على صعيد المعاملات الخارجية بسبب تراجع عائدات السياحة وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج.

فى يونيو 2023، توقع البنك الدولى أن يتصدر الاقتصاد المصرى نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط بنمو %4 خلال السنة المالية الحالية، ليستمر تقدمها على دول المنطقة إلى 2025.

 التجارة العالمية

وحسب توقعات البنك، لن يتجاوز نمو التجارة العالمية فى عام 2024 نصف المتوسط فى السنوات العشر التى سبقت جائحة كورونا؛ وفى الوقت نفسه، من المرجح أن تظل تكاليف الاقتراض بالنسبة للاقتصادات النامية- وخاصة تلك التى تعانى من ضعف التصنيف الائتمانى- مرتفعة مع بقاء أسعار الفائدة العالمية عند أعلى مستوياتها على مدى 40 سنة بعد استبعاد أثر التضخم.

وتوقع البنك الدولى كذلك أن يتباطأ النمو العالمى للعام الثالث على التوالى، من 2.6 بالمئة فى العام الماضى إلى 2.4 بالمئة فى عام 2024، أى أقل بنحو ثلاثة أرباع نقطة مئوية عن المتوسط السائد فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين. وفيما يتعلق بالاقتصادات النامية، توقع البنك أن ينمو اقتصاد هذه الدول بنسبة 3.9 بالمئة فقط، وهو معدل أقل من المتوسط الذى تحقق فى العقد السابق بأكثر قليلا من نقطة مئوية واحدة.

وبعد أداء مخيب للآمال فى العام الماضى، من المتوقع أن تحقق البلدان منخفضة الدخل معدلات بنسبة 5.5 بالمئة حسب تقرير البنك، وهى معدلات أقل من المتوقع فى السابق.

وبنهاية عام 2024، سيظل الناس فى بلد واحد من كل 4 بلدان نامية، ونحو 40 بالمئة من البلدان منخفضة الدخل، أكثر فقرا مما كانوا عليه قبل تفشى جائحة كورونا فى عام 2019.

أما فى الاقتصادات المتقدمة، توقع البنك أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.2 بالمئة هذا العام انخفاضا من 1.5 بالمئة فى 2023. وتعليقًا على ذلك، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولى والنائب الأول للرئيس: «ما لم يحدث تصحيح رئيسى للمسار، ستكون السنوات العشر من 2020 إلى 2030 عقدا من الفرص الضائعة، وسيظل النمو ضعيفا على المدى القريب، وسيؤدى ذلك إلى حدوث ارتباك فى العديد من البلدان النامية، لا سيما الأشد فقرا منها، وستؤدى معدلات الديون العالية إلى غل قدرات هذه البلدان، بل سيكون من الصعب للغاية توفير الغذاء لواحد من كل ثلاثة أشخاص تقريبا.

وسيعرقل ذلك إحراز تقدم فى سبيل الوفاء بالعديد من الأولويات العالمية. لكن لا تزال هناك فرص لتغيير الوضع. ويعرض هذا التقرير طريقا واضحا للمضى قدما، فهو يحدد التحول الذى يمكن تحقيقه إذا تحركت الحكومات الآن لتسريع وتيرة الاستثمارات وتعزيز أطر سياسات المالية العامة».

وللتصدى لتغير المناخ وتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية الرئيسية الأخرى بحلول عام 2030، قال البنك الدولى إنه على البلدان النامية تحقيق زيادة هائلة فى الاستثمارات بنحو 2.4 تريليون دولار سنويا؛ وبدون حزمة شاملة من السياسات، لن تكون الآفاق واعدة لتحقيق هذه الزيادة.

وتوقع البنك أن يبلغ متوسط نصيب الفرد من نمو الاستثمارات فى الاقتصادات النامية بين عامى 2023 و2024 نحو 3.7 بالمئة فقط، وهو ما يزيد قليلا عن نصف المعدل السائد فى العقدين السابقين.

 تحليل عالمى

وأضاف البنك الدولى إن هذا التقرير قدم أول تحليل عالمى لما يتطلبه تحقيق طفرة استثمارية مستدامة، بناءً على تجارب 35 اقتصادا متقدما و69 اقتصادا ناميا على مدى السبعين عاما الماضية.

ويخلص التقرير إلى أن الاقتصادات النامية غالبا ما تجنى مكاسب اقتصادية غير متوقعة عندما تعمل على تسريع وتيرة نمو نصيب الفرد من الاستثمارات إلى 4 بالمئة على الأقل وتحافظ على هذا المعدل لمدة 6 سنوات أو أكثر، وهنا تتسارع وتيرة التقارب مع مستويات الدخل فى الاقتصادات المتقدمة، ويتراجع معدل الفقر بسرعة أكبر، ويتضاعف نمو الإنتاجية بواقع 4 أمثال.

وتظهر منافع أخرى أيضا خلال هذه الفترات، على سبيل المثال، تتراجع معدلات التضخم، ويتحسن المركزان المالى والخارجى، وتتوفر خدمات الإنترنت للناس بوتيرة سريعة.

وفى هذا السياق، قال أيهان كوسى نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولى: «يمكن أن تحقق طفرات الاستثمار تحولا فى الاقتصادات النامية وتساعد على تسريع وتيرة التحول فى استخدام الطاقة، فضلا عن تحقيق مجموعة متنوعة وواسعة من الأهداف الإنمائية. ولتحقيق هذه الطفرات، على الاقتصادات النامية تنفيذ حزم شاملة من السياسات لتحسين أطر سياسات المالية العامة والسياسات النقدية، وزيادة معدلات التجارة والتدفقات المالية العابرة للحدود، وتحسين مناخ الاستثمار، وتدعيم جودة المؤسسات. وهذا عمل شاق، لكن العديد من الاقتصادات النامية تمكنت من القيام به من قبل. وسيساعد القيام بذلك مرة أخرى على التخفيف من التباطؤ المتوقع فى النمو المحتمل فى المدة المتبقية من هذا العقد من الزمان».

حلول ممكنة

ويحدد أحدث إصدار من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أيضا ما يمكن أن يفعله ثلثا البلدان النامية - خاصة البلدان المصدرة للسلع الأولية - لتجنب دورات الانتعاش والكساد.

ويخلص التقرير إلى أن الحكومات فى هذه البلدان غالبا ما تعتمد سياسات مالية عامة تزيد من حدة نوبات الانتعاش والكساد.

ويضيف البنك إنه عندما تؤدى الزيادة فى أسعار السلع الأولية إلى زيادة معدلات النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة، على سبيل المثال، تقوم الحكومات بزيادة الإنفاق بطرق تعزز معدلات النمو بمقدار 0.2 نقطة مئوية إضافية.

وبوجه عام، فى أوقات اليسر، يرى البنك أن السياسة المالية العامة تتجه إلى زيادة النشاط الاقتصادى بأكثر من اللازم؛ وفى أوقات الشدة، تعمل على زيادة حالة الركود؛ وهذه «المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية» أشدة قوة بنسبة 30 بالمئة فى الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى؛ وجرت العادة أن تكون سياسات المالية العامة أكثر تقلبا فى هذه الاقتصادات بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى.

وأخيرا قال البنك الدولى إن عدم الاستقرار المرتبط بزيادة معدل المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية وتقلبات سياسات المالية العامة، يؤدى إلى معوقات مزمنة فى آفاق النمو فى الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية؛ ومن الممكن الحد من هذه المعوقات بتطبيق إطار مالية عامة يساعد على ضبط الإنفاق الحكومى، واعتماد أنظمة مرنة لسعر الصرف، وتجنب القيود على حركة رأس المال الدولى.

وفى المتوسط، يمكن لهذه التدابير على صعيد السياسات أن تساعد البلدان النامية المصدرة للسلع الأولية على زيادة نمو نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة كل 4 أو 5 سنوات.

ويمكن أن تستفيد البلدان من إنشاء صناديق الثروات السيادية وغيرها من احتياطيات الأيام العصيبة التى يمكن تعميمها بوتيرة سريعة فى حالات الطوارئ.