الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد مقترحات إغراق شبكة الأنفاق الضخمة التابعة للمقاومة بمياه البحر .. إسرائيل ضائعة فى غـزة

أكدت عملية طوفان الأقصى أن الفلسطينيين لن يرحلوا بينما تخدع القيادة الإسرائيلية نفسها فى الاعتقاد بأنها قادرة على حل الأمور بالتوحش العسكرى. وفى تقرير نشره موقع كاونتر بانش الأمريكى تحدث عن طريق مسدود يواجهه الاحتلال الإسرائيلى فى حربه فى غزة، معتبرا أن طوفان الأقصى أفشلت اتفاقيات أبراهام، وموضحا أن الـ7 من أكتوبر أكد أن الفلسطينيين لن يرحلوا. ويقول الموقع أنه حتى 7 أكتوبر لم تتصدر أحداث غزة خلال السنوات الماضية عناوين الصحف فى الغرب أو فى تل أبيب كما تفعل اليوم. كانت جولات المواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال قد أصبحت دورية ومتصاعدة دائما لكن حلفاء الاحتلال الإسرائيلى من الولايات المتحدة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم ينتبهوا كثيرا لهذه الأحداث التى تتعب أحوال الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة إلى ما لا نهاية.



 

لقد تحمل الفلسطينيون أكثر من نصف قرن من الاحتلال والقمع فلماذا لا يتحملون نصف قرن آخر؟ هذا ما تفكر فيه وتفعله كل حكومات تل أبيب منذ معاهدة كامب ديڤيد مع مصر عام 1978 إذ تواصل إسرائيل سرقتها التدريجية للأرض الفلسطينية فى الضفة الغربية، وتحويل غزة إلى سجن يضم 2.2 مليون فلسطينى حتى دفن هذه القضية خلف الأسوار لكن بعد ذلك حدث شىء ما. ففى 7 أكتوبر الماضى انفجرت المظالم من تلك القطعة الصغيرة من الأرض التى لم يكن يعتقد أى أحد فى تل أبيب أو فى أى مكان آخر أنها ممكنة. الصدمة فى داخل كيان الاحتلال كانت كبيرة وبحجم الاستخفاف الإسرائيلى بالفلسطينيين بشكل عام. لاحظ صحفى إسرائيلى مؤخرا أن الإسرائيليين بمعظمهم ينظرون إلى الفلسطينيين مثل الأثاث الذى يمكن نقله فى غرف معيشتهم. وقد حطمت طوفان الأقصى أولويات الولايات المتحدة وأوروبا فى المنطقة. أحداث كثيرة خلال السنوات الست أو السبع الماضية طغت على القضية الفلسطينية. ومن الواضح أن الحرب فى أوكرانيا كانت الحدث الأبرز. ولكن، حتى عندما تم إعطاء الشرق الأوسط الاهتمام فإن التركيز كان على أمور أخرى: مثل إيران وتأثيرها فى العراق، والتوترات فى الخليج. 

 

كانت هناك محاولات فى السنوات الأخيرة للالتفاف على مسألة الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية وحصاره قطاع غزة. وتم تتويج ذلك بتباه باتفاقيات أبراهام. هذه الاتفاقيات وهى من أعمال جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب كانت بين ضحايا الـ7 أكتوبر. وقد أصابت عملية طوفان الأقصى بنية المنظومة العسكرية والأمنية للاحتلال الإسرائيلى وضربت سمعة مؤسسة الاستخبارات الإسرائيلية التى لم تدرك ما كانت تحضره المقاومة الفلسطينية على قدم وساق. ولم يأخذ رئيس حكومة تل أبيب بنيامين نتنياهو بالتحذيرات من أن الانقسامات فى الكيان الإسرائيلى الناجمة عن الإصلاحات القضائية يمكن أن تشجع على هجوم من جانب حركة حماس أو حزب الله. لكن، يبدو أن الچنرالات الإسرائيليين ضيقوا الأفق مثل نتنياهو الذى تتمثل أولويته الأولى كنظيره الأمريكى فى البقاء خارج السجن. ويفسر هذا الفشل وحشية الهجوم الإسرائيلى على غزة. لقد حاول نتنياهو والجيش الإسرائيلى إخفاء فشلهم الهائل من خلال عرض هائل للقوة النارية التى لم تلحق ضررا كبيرا بحماس بعد كل شىء. لو كانت لديهم معلومات استخبارية جيدة قبل طوفان الأقصى على الأرجح مع تفوقهم الهائل فى قوة النيران لكانوا قد منعوا ذلك؛ كذلك، تضررت أجهزة المخابرات الإسرائيلية المتبجحة الشين بيت والموساد وغيرها بشكل فادح.

 

فى إسرائيل، حاولت تل أبيب مقارنة عملية طوفان الأقصى بهجوم 11/9 على الولايات المتحدة مع الفرق الصارخ بين الحدثين. وعلى الرغم من أن تدخل الولايات المتحدة وتخبطها فى الشرق الأوسط أسس تنظيم القاعدة يبدو أن أحدا لم يظن أبدا أن چورج دبليو بوش هو من صنع تنظيم القاعدة بشكل مباشر لكن الأمر ليس كذلك مع نتنياهو، الذى راهن بحماقة على تقسيم الفلسطينيين فى تمرير أموال الدعم لغزة، من أجل تعميق الفرقة مع الضفة الغربية، وهذا يمكن الليكود والأحزاب الإسرائيلية اليمينية الأخرى المعارضة لأى دولة فلسطينية من الادعاء بأنه ليس لديهم جهة للتفاوض معها، بينما تتوسع المستوطنات الإسرائيلية وتنتشر فى جميع أنحاء الضفة الغربية. الرئيس الأمريكى چو بايدن يستمر بدعمه الأعمى لنتنياهو، بينما تتهم الصحافة الإسرائيلية الأخير باستخدام الحرب كصورة فوتوغرافية لحملته الانتخابية المقبلة. ولا يزال العديد من عائلات الأسرى يعبّرون عن غضبهم منه، واستغرق الأمر منه 3 أسابيع من التحضيرات لمقابلتهم. ومن الواضح أنه أعطى الأولوية للهجوم الشامل على التفاوض على إطلاق سراح الأسرى مع حركة حماس، لأن الهدفين غير متوافقين. تحويل غزة إلى أنقاض لن يحررهم.

 

لقد أصبحت الولايات المتحدة قلقة حول عدد الشهداء المدنيين فى غزة والذى تجاوز  25 ألف فلسطينى معظمهم من الأطفال. لكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تحدد بعد العدد المقبول للضحايا المدنيين بعد أن ظهر أن أكثر من ٪40 من القنابل التى أسقطتها إسرائيل على الأبرياء هى مما يسمى بالقنابل الغبية. ويبدو أن حركة حماس مدركة، ولديها فكرة أفضل عما تفعله من إسرائيل أو الولايات المتحدة، وتتقن استراتيچية حرب العصابات المتمثلة فى تجنب المعارك الضارية ووضع كمائن صغيرة ومتحركة ضمن شبكة نظام أنفاق مرن، يمكن رجال المقاومة فى النهار والليل من استغلال الأنقاض كتحصينات للتسلل والحماية مع معرفتهم بالمكان، على عكس جيش الاحتلال الذى يتخبط بالتكاليف العالية فى أزقة غزة.

حتى الآن، قتل الهجوم الإسرائيلى الوحشى على غزة ما يتجاوز 100 صحفى بينهم 46 فلسطينيا و3 لبنانيين، و4 إسرائيليين.

 

فالهجوم على الأبرياء فى غزة هو أيضا اعتداء على المراسلين لأنهم يوثقون الهجوم على المدنيين.

 

وعادة ما ينظر فى الغرب إلى عدد القتلى المدنيين من الفلسطينيين، على أنه نتيجة ثانوية لتجاهل الجيش الإسرائيلى القاسى للمدنيين فى تصميمه على تدمير المقاومة كقوة عسكرية. لكن هذا ليس هو الحال ففى الواقع أن المدنيين هم أيضا من أهداف الاحتلال. وفى 30 نوفمبر الماضى نشر موقع 972 بلس مقالا للصحفى الإسرائيلى يوڤال أبراهام تحت عنوان مصنع للاغتيالات الجماعية عن القصف الهمجى على غزة. واعتمد أبراهام على مصادر مجهولة، أبلغوه عن مخالفات الجيش الإسرائيلى بناء على معلومات المخابرات الإسرائيلية، التى تقدم المبانى السكنية والمدارس والجامعات والأسواق والبنوك كلها كأهداف عسكرية. فالفكرة هى أن قتل المدنيين والتدمير الشامل سيقود كما يقول أحد المصادر إلى الضغط على حركة حماس. هذه الفكرة المشكوك فيها تظهر فقط غباء نتنياهو وحلفائه من المستوطنين كما يقول مصدر آخر مجهول فى مقال أبراهام: عندما تقتل فتاة تبلغ من العمر ثلاث سنوات فى منزل فى غزة، فذلك لأنه لم يكن من المهم أن تقتل، بل لأن هناك ثمنا يستحق دفعه لضرب هدف آخر.

 

سبب آخر للأعداد المروعة من الضحايا هو استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلى لأنظمة الذكاء الاصطناعى لتحديد الأهداف وتجاهل عدد المدنيين المحيطين به فيما يسميه ضابط مخابرات متقاعد مصنع الاغتيالات الجماعية.

 

وفى 10 من ديسمبر الماضى، قال متحدث باسم جيش الاحتلال أنه لا بد من التركيز على الضرر فى القصف وليس على الدقة. وفى اليوم نفسه أعلن وزير الدفاع يوآف جالانت: لقد خفضت كل القيود، سنقتل كل من نقاتل ضده. سنستخدم كل الوسائل، لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شىء مغلق. نحن نحارب الحيوانات البشرية، ونتصرف وفقا لذلك. لا يجب أن تؤخذ الإشارة إلى الحيوانات البشرية على أنها تشير فقط إلى المقاومين. فكل من يعرف القادة الإسرائيليين يدرك أن هذا ليس بالأمر الجديد. مناحم بيجن الذى فاز بجائزة نوبل للسلام أشار إلى الفلسطينيين على أنهم على قدمين لكنهم ليسوا بشرا. كذلك وصفت جولدا مائير التى تنتمى إلى حزب العمل، الشعب الفلسطينى بأنهم صراصير.

 

الآن، تملأ الأمطار الغزيرة شوارع غزة، وتشعر منظمة الصحة العالمية والأونروا والعديد من الوكالات الأخرى التى تكافح لمساعدة الفلسطينيين فى غزة بالقلق تجاه تفشى الكوليرا وغيرها من الأمراض. ولكن من وجهة نظر الچنرال الإسرائيلى المتقاعد جيورا آيلاند الذى ترأس سابقا مجلس الأمن القومى أن هذا سيساعد إسرائيل على تحقيق النصر. وفى مقال له بعنوان دعونا لا نخف من العالم كتب، «يحذرنا المجتمع الدولى من كارثة إنسانية خطيرة وأوبئة شديدة. يجب ألا نخجل من هذا. بعد كل شىء، الأوبئة الشديدة فى جنوب غزة ستجعل النصر أقرب».

 

وفى ظل كل ذلك الجنون والضياع، تبرز خلافات بين واشنطن وتل أبيب بشكل متزايد، مع استمرار الحرب بقرار حكومة نتنياهو التى ليس لديها خطة لما بعد انتهاء الحرب، وهذا خطأ فادح بنظر إدارة بايدن، إضافة إلى وضع نتنياهو وتحالفه الحكومى خطة حربية فى غزة مشكلتها الوحيدة أنها غير معقولة التحقق. ومع ذلك، توصى وزارة الاستخبارات الإسرائيلية بالترحيل القسرى والدائم لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وفقا لوثيقة رسمية تم الكشف عنها بالكامل لأول مرة من قبل موقع لوكال كول. وأوصت الوزارة فى تقريرها بالحصول على مساعدة دولية لتنفيذ عملية النقل هذه. تم ذكر مصر حوالى 6 مرات فى الوثيقة أهمها: «يجب إنشاء منطقة بعدة كيلومترات فى مصر، مصر ملزمة بموجب القانون الدولى بالسماح بمرور السكان».

 

هكذا يتبرع الإسرائيليون بهذه الوثيقة بسخاء بالأراضى المصرية لمخططهم المنافى للعقل ويمضون قدما فى النفاق المذهل للحديث عن التزام مصر بموجب القانون الدولى الذى انتهكته إسرائيل كل يوم منذ إنشائها فى عام 1948. والخطة بسيطة وفقا لجيورا إيلاند، وهى تتلخص فى تهيئة الظروف التى تصبح فيها الحياة فى غزة غير مستدامة ستصبح غزة مكانا لا يمكن أن يوجد فيه أى إنسان؛ كذلك، إن مخططا مماثلا طرحه معهد مسجاف اليمينى الذى يرأسه أحد المقربين من نتنياهو من حزب الليكود الذى قال: الحل الذى نقترحه لنقل الفلسطينيين إلى مصر هو حل منطقى وضرورى. وبما أن هذه الخطط لغزة تتوافق بشكل جيد مع خطة سموتريتش لإخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين، يمكن الافتراض أنه وأولئك وبصرف النظر عن الإجرام المتغطرس لهذه الخطط، يظهر مدى انفصالهم جميعا عن الواقع. إن احتمال أن توقع الولايات المتحدة على مثل هذه المقترحات، وبالأحرى أى بلد آخر فى العالم، يظهر مدى جنون وخبل اليمين الإسرائيلى. يقول نتنياهو، الهجوم سيتعمق ويتكثف على غزة. وفى الوقت نفسه، يتعرض بايدن لضغوط من موظفى وزارة الخارجية وكذلك الديمقراطيين فى لجان الاستخبارات أو القوات المسلحة أو الشؤون الخارجية فى مجلس النواب للحد من الهجوم الإسرائيلى، مما يوجب على بايدن أن يزن ما إذا كان دعمه الطويل غير المشروط لإسرائيل سيكلفه إعادة انتخابه. ويجب أن يعرف أيضا أن هدفى نتنياهو، سحق المقاومة الفلسطينية واستعادة الرهائن لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال وقف إطلاق النار والتفاوض.

 

ومن المرجح أن يؤدى الهجوم والقصف المكثفان إلى قتل الأسرى الإسرائيليين. وما مقترحات إغراق شبكة الأنفاق الضخمة التابعة للمقاومة بمياه البحر، إلا دليل آخر على غرق كيان الاحتلال وتخبطه فى الأوهام.

 

ولطالما كان بايدن خلال حياته المهنية يميل إلى التنازل عن مبادئه لكن الوقت قد يأتى قريبا كى يفعل ذلك، خاصة عندما تتباعد السياسة الواقعية لمصالح الولايات المتحدة مع غوغائية الأهداف الإسرائيلية البعيدة جدا عن منطق التسويات الأمريكى المعروف. ربما يأمل نتنياهو فى فوز ترامب فى عام 2024، على الرغم من أن ذلك قد يأتى بنتائج عكسية أيضا، فترامب ليس لديه ولاء لأى شخص سوى نفسه. وبعد تصويت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فورى لإطلاق النار، وهو ما عارضته الولايات المتحدة وإسرائيل قال بايدن بوقاحة: «إن إسرائيل تدعمها معظم دول العالم» مع أن التصويت ضد الولايات المتحدة وإسرائيل كان بأغلبية 153 صوتا مقابل 10 فقط . فالعالم وفقا لبايدن يتألف من النمسا والتشيك وجواتيمالا وليبيريا وميكرونيزيا وناورو وبابوا غينيا الجديدة وباراجواى. امتنع الحلفاء الأوروبيون الرئيسيون للولايات المتحدة عن التصويت بسبب الإحراج لا أكثر. الآن، يظهر يأس نظام نتنياهو فى ادعاء وزير الدفاع يوآف جالانت الذى قال فى اجتماع للجنة الشؤون الخارجية والدفاع فى الكنيست إن «إسرائيل» تواجه حربا متعددة الساحات من 7 جبهات مختلفة بما فى ذلك غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق واليمن وإيران. وأضاف أن إسرائيل ردت وتصرفت بالفعل على 6 من هذه الجبهات. وفى الواقع، يريد نظام نتنياهو وجالانت مثل هذه الحرب التى من شأنها فى حساباتهما أن تجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى فى الشرق الأوسط.

 

أكاذيب نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلى تصدح باليأس. ففى 12 ديسمبر الماضى، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى عن تأمينه الجزء الشمالى من قطاع غزة إلى أن فضحته المقاومة الفلسطينية التى نصبت كمينا لوحدة عسكرية مما أسفر عن مقتل 10جنود إسرائيليين. والأهم من ذلك، كانت هناك كذبة مفادها أن حركة حماس لديها مقر تحت مستشفى الشفاء فى مدينة غزة. لم يتم تقديم أى دليل على ذلك، ولم يجد مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست فى 21 ديسمبر أى دليل مادى يدعم حجج إسرائيل ومزاعمها، وما عرضه المتحدث العسكرى الإسرائيلى يشبه عملا لطفل فى الثامنة من عمره. ويبدو الآن أن عملية طوفان الأقصى لم تغير إسرائيل فقط، بل غيرت حسابات أقاليم المنطقة كلها. وإسرائيل اليوم أكثر عزلة من أى وقت مضى.

 

وردها الوحشى على طوفان الأقصى يزيد من عزلتها، بل يجعل المزيد من الناس فى بلد يعد أقوى حليف لها الولايات المتحدة يشككون فى علاقة بلادهم معها. لقد أوضحت عملية طوفان الأقصى شيئا واحدا هو أن الفلسطينيين لن يرحلوا. وقادة الاحتلال الإسرائيلى يخدعون أنفسهم فى الاعتقاد بأن بإمكانهم حل الأمور بالتوحش العسكرى.

إن الفكرة القائلة بأن الدول العربية المحيطة ستستقبل ملايين الفلسطينيين بعيدة كل البعد عن الواقع، بحيث يتعين على المرء أن يتساءل عن العالم الافتراضى الذى يعيش فيه وزراء نتنياهو وسكان المستوطنات بشكل عام. فمن المغرب إلى العراق، عاش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبا إلى جنب فى سلام لعدة قرون. ولكن من المغرب إلى العراق أيضا، تعد إسرائيل كيانا صهيونيا للفصل العنصرى زرعته قوة استعمارية فى العالم العربى. ولقد كشف صعود اليمين المتطرف إلى السلطة فى إسرائيل ما كان دائما جوهر المشروع الصهيونى؛ يقول الناس من بروكلين فى مدينة نيويورك، للفلسطينيين إنه ليس لهم الحق فى الأرض التى عاش فيها أجدادهم منذ آلاف السنين. وقال عاما أيالون الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى شين بيت أن إسرائيل بعد 7 أكتوبر ستكون إسرائيل مختلفة يجب أن تختفى القيادة الحالية من حياتنا لقد قادتنا بعيون مفتوحة إلى أفظع أزمة. هذه حقيقة بسيطة وصعبة حاول السياسيون الأمريكيون والإسرائيليون تجاهلها لعقود. لا يوجد باب خلفى أو باب جانبى يؤدى إلى سلام بين العالم العربى وإسرائيل إلا وبوابته فلسطين. لقد كان حل الدولتين لفترة طويلة حلما بعيد المنال. الضفة الغربية الآن مقطعة بالمستوطنات والجدران الإسرائيلية لدرجة أن الدولة الفلسطينية هناك ستبدو وكأنها حجة. والمخطط الإسرائيلى لغزة جعلها غير صالحة للسكن وسيزيد من عنفوان الفلسطينيين وصمودهم فى أرضهم، بينما الحل الأكثر واقعية والممكن الآن هو أن يعيش الشعبان معا، فى دولة واحدة حرة من النهر إلى البحر.