السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. انتخابات رئاسية ضد المقدّسين والمخلًدين..  أنا الشعب.. تصويت على سياسات قبل القيادات!

مصر أولا.. انتخابات رئاسية ضد المقدّسين والمخلًدين.. أنا الشعب.. تصويت على سياسات قبل القيادات!

ما يجب استثماره من الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى مع بداية المرحلة الرئاسية الجديدة هو اقتناص فرصة استمرار الحوار الوطنى فى الحرص على المطالبة بتجديد الفكر السياسى بقبول الاختلاف والتعددية، وترجمة ذلك فى الحياة السياسية حتى تتطابق الرؤية والفكر السياسى مع التنظيم والتخطيط الضخم وغير المسبوق الذى حدث ويحدث على مستوى البنية التحتية للدولة المصرية. وهو ما يؤكد أن السياسات لم تستغرق وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا لتصبح نتائج ملموسة فى المجتمع بسبب امتلاك النظام السياسى المصرى بعد ثورة 30 يونيو لإرادة سياسية قوية فى مواجهة المشكلات وحلها وليس الهروب منها من خلال دراسة السلبيات قبل الإيجابيات، وقبل ذلك القدرة على صناعة القرارات واتخاذها بما يتوافق مع الصالح العام.



 

قراءة فى الأرقام

الملاحظة الأولية أن انتخابات الرئاسة 2024 هى الانتخابات الأنجح منذ جميع الاستحقاقات الدستورية التى ترتبت على أحداث 25 يناير. ودلالة ما سبق، تظهر من خلال التوثيق الرقمى التالى: 

- إجمالى عدد الناخبين المقيدين بقاعدة الانتخابات: 67 مليونًا و32438 ناخبًا وناخبة.

- عدد المصوتين: 44 مليونًا و777668 صوتًا انتخابيًا أى بنسبة %66.8.

- عدد الأصوات الصحيحة: 44 مليونًا و288361 صوتًا انتخابيًا بنسبة %98.9.

- عدد الأصوات الباطلة: 489307 صوتًا انتخابيًا بنسبة %1.1.

- المرشح عبدالفتاح السيسى: 39 مليونًا و702451 صوتًا انتخابيًا بنسبة %89.6.

- المرشح الرئاسى حازم عمر: 1 مليون و986352 صوتًا انتخابيًا بنسبة 4.5 %.

- المرشح الرئاسى فريد زهرن: 1 مليون 776952 صوتًا انتخابيًا بنسبة 4 %.

- المرشح الرئاسى عبدالسند يمامة 822606 صوتًا انتخابيًا بنسبة 1.9 %.

وهو ما يعنى أن التصويت الانتخابى شهد مشاركة وإقبالًا متميزًا، وبمشاركة العديد من الأحزاب، وفى ظل انضباط لكافة مراحل العملية الانتخابية باحترافية شديدة من الهيئة الوطنية للانتخابات لدرجة عدم وجود طعون لأى مخالفات أو انتهاكات. وما يعنى ذلك من ثقة المواطن المصرى فى نزاهة القضاء.

الشعب هو البطل

قبل أحداث 25 يناير2011 وبعدها حدث نوع من التشويه الضخم للعديد من القيم للتشكيك فى ولاء المواطنين المصريين، وحدث نوع من الانحراف ببعض المفاهيم والمصطلحات الأخرى ذات الصلة بمحاولة صياغتها بشكل موجه، وهو ما حدث مع مفاهيم: الانتماء والوطنية والمعارضة والأحزاب والمجتمع المدنى. وبالتزامن مع كل الأحداث المتسارعة التى حدثت بعد أحداث 25 يناير وإلى ثورة 30 يونيو، أدرك المواطنون المصريون أهمية صوتهم الانتخابى فى اختيار من يمثلهم، وبمعنى أدق اختيار شكل الدولة بعد التجربة السوداء لوصول الفاشية الدينية المتمثلة فى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية إلى السلطة. 

بدأت مرحلة جديدة من تفعيل الحياة السياسية المصرية، والتى ترتب عليها فتح الباب لتأسيس ما يزيد عن 100 حزب. والآن بعد مرور 10 سنوات على بداية دولة 30 يونيو، يحتاج الأمر إلى إعادة تقييم التجربة الحزبية المصرية بالشكل الذى وصلت إليه الآن، وهو الشكل الذى رسخ لشرعية وجود نمط جديد من أحزاب المعارضة على أرض الواقع بشكل مغاير عن الشكل التقليدى فى وجود كل من: حزب الوفد وحزب التجمع وحزب العمل والحزب الوطنى (الحاكم حينذاك).

وفى ظل كل ما سبق، كان المواطن المصرى سواء الناخب غير الحزبى أو الناخب الحزبى هو البطل الحقيقى فى جميع الاستحقاقات الدستورية، وآخرها الانتخابات الرئاسية 2024. 

المعارضة كسبت الرهان

بدأت المعارضة المصرية مرحلة جديدة فى مسيرتها من خلال دفع ثلاثة أحزاب بمرشحيها: حازم عمر (حزب الشعب الجمهورى)، وفريد زهران (الحزب المصرى الديمقراطى)، وعبدالسند يمامة (حزب الوفد) لخوض الانتخابات الرئاسية. وقدمت شكلًا مختلفًا عن الأشكال التقليدية السابقة للمشاركة السياسية. وهو ما يؤكد ما كتبته فى مقال بعنوان «مصر أولًا.. ليس بأحزاب الموالاة وحدها.. يقوم نظام سياسى فعال ومؤثر.. مبادئ وقيم ثورة 30 يونيو.. دستور مصر الحقيقى!» بمجلة روزاليوسف فى 15 أكتوبر 2022. والذى ذكرت فيه أن الإصلاح السياسى لن يتحقق بإرادة الدولة المنفردة، ولكن بالتكامل بين الأحزاب الموالية والمعارضة المعترف بها قانونًا، وإسهامات الكتاب والمفكرين والساسة. ولكى نتجنب سلبيات عهود مضت.. لأن الذى يبدأ بنـفى الأطراف السياسية المختلفة عنه يصـل بالضـرورة إلى حالة من تجميد الذات مع مرور الوقت. وحيـنما يتـم إحـلال آلـية قبول الاختلاف والتعددية بآلية الاستبعاد، فيكون إما النفى أو التكفير، وإما الوطنى أو المعارضة.. أى تدمير الذات عبر فشلنا وإخفاقنا فى فهم بعضنا البعض. ومشاركتنا فى منظومة سياسية واحدة.

الحياة السياسية الفعالة هى التى تسمح لكل مواطن مصرى أو حزب سياسى بالحق الكامل فى التأييد أو المعارضة. التأييد بأقصى درجاته، والمعارضة بكامل طاقتها فى النقد وتقديم البديل العملى القابل للتنفيذ بعيدًا عن التنظير السفسطائى.. البعيد كل البعد عن تقديم أى حلول واقعية لما نعانى منه، وبعيدًا عن خطاب التشكيك الحنجورى الرنان الذى يضر أكثر مما ينفع بسبب ما يترتب عليه من صخب كرتونى افتراضى وهمى. 

المعارضة الوطنية

المعارضة السياسية الوطنية حق المواطن المصرى على الدولة المصرية، وهى من الثوابت السياسية، لنا الحق فى الاعتراض دون أن نخرب الدولة ونسقطها، ولكن من خلال تقديم بدائل وحلول أفضل. وهو ما يعنى أن الاختلاف والاعتراض على سياسات الدولة ونقدها ليس من المحظورات والمحرمات حسبما يحاول البعض أن يروج لتلك الفكرة الفاسدة.. لمحاولة تصدير الأمر باعتباره رفضًا للرأى المعارض. ورغم أن حقيقة الأمر تؤكد أن المرفوض هو الفوضى السياسية والحوارات الجدلية التى تثير الانقسام دون أى فائدة سياسية حقيقية. وما يحدث من متغيرات.. يؤكد أننا قد دخلنا مرحلة جديدة فى ترسيخ الجمهورية الجديدة، وهى مرحلة تتسم بالحراك السياسى بإيقاع سريع على عكس حالة الثبات والجمود التى عانينا منها لسنوات طويلة.

نحتاج إلى إعادة ضبط التعريف المقدر لمفهوم المعارضة الوطنية.. بعيدًا عن موقف الاعتراض لمجرد إثبات حالة دون تقديم بديل عملى قابل للتنفيذ على ما يتم الاعتراض عليه. وهو ما يستدعى أيضًا تحرير الأحزاب من جميع أشكال السيطرة عليها من أشخاص أو رؤوس أموال أو غيرها لكى تستطيع القيام بدورها المرتبط بتفاعلات الحياة اليومية للمواطن المصرى. وترتبط بذلك إعادة النظر فى آلية الانضمام إلى تلك الأحزاب حتى لا تتحول عضويتها إلى مجرد أرقام وبيانات ورقية.. دون مشاركة أو إسهام فعال للأعضاء. وحتى لا يتحول بعضها إلى مجرد مقر وموقع إلكترونى وصفحة على السوشيال ميديا.

المخلدون والمقدسون

 بدأت حركة التغيير والإصلاح فى المجتمع، وانتهى عصر «المخلدون»، أو «المقدسون» حسب تعبير صديقى الراحل عبدالله كمال. ولكن يتبقى بناء جسور الثقة مع المواطن العادى.. وعدم استغلال المناصب الحزبية فى المجتمع، وعدم اعتماد بعض قيادات الحزبية على الأجهزة التنفيذية والإدارة المحلية فى تحقيق أهدافهم. والتأكيد على أن عضوية الأحزاب هى عمل سياسى وطنى، وليست شبكة مصالح شخصية. وما حدث من بوادر المشاركة الحزبية فى الانتخابات الرئاسية 2024 هو تأكيد على ثقة المواطن المصرى فى العملية الانتخابية التى تعتبر الأحزاب السياسية شريكًا رئيسيًا فيها بغض النظر عن ما حققه كل منهم من حصد الأصوات الانتخابية، فالنجاح والإنجاز هو المشاركة والوجود وبوادر التأثير فى اتجاهات الشارع المصرى. وما يجب استغلاله فى الفترة القادمة.

نقطة ومن أول السطر

هل حقًا «التاريخ يكتبه المنتصرون» و«التاريخ يكتبه الأقوياء» و«التاريخ يصنعه العظماء» مثلما يكتب البعض؟!

فى اعتقادى، أنه مهما حاول هذا أو ذاك صياغة الأحداث التاريخية المهمة بشكل موجه لغرض محدد سواء بالتشويه أو الحذف أو التعديل والإضافة، فإن الحقيقة ستتضح وتظهر ولو بعد حين، لأنه ببساطة لا يمكن إخفاء الحقائق التاريخية والأحداث سوى لبعض الوقت وليس طيلة الوقت. ويظل الشعب المصرى بكافة مواطنيه هو الذاكرة الجمعية الوطنية التى لا يمكن طمسها أو تشويهها.