الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هجمات الحوثيين تهديد اقتصادى استراتيجى عالمى محاولات غربية لتأمين البحر الأحمر.. هل تنجح؟

أعلنت عدة دول مشاركة فى التحالف الدولى البحرى توجه أساطيلها نحو البحر الأحمر للتصدى لتهديدات الحوثيين المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة بما فى ذلك إيطاليا وبريطانيا، حيث أرسلت هذه الأخيرة المدمرة دايموند.



لكن ورغم تدفق الأساطيل للبحر الأحمر لإرسال رسالة حازمة للحوثيين بقدرة المجتمع الدولى على ردع تهديداتهم، اعتبرت الميليشيات أن الهدف من التحالف الدولى البحرى «حماية إسرائيل» وأن عملياتهم سوف تستمر، فى مؤشر على تحدى إرادة المجتمع الدولى ومواصلة تهديداتها.

ويرى خبراء أن عملية حارس الازدهار لن تتمكن من تأمين البحر الأحمر ما لم تعمل على تحجيم قدرات ميليشيات الحوثى واستهداف مصدر قوتها المتمثلة فى الصواريخ المضادة للسفن وورش الطائرات المسيرة والقوارب المفخخة.

 

وأكد الخبراء أن خطوة المجتمع الدولى لا تكفى لردع الحوثيين وأنه كان الأولى تصنيفهم كمنظمة إرهابية ودعم القوات اليمنية المحلية لاستعادة الأراضى من تحت سيطرة الميليشيات خصوصًا موانئ الحديدة التى تتخذها قاعدة انطلاق لتهديد البحر الأحمر.

توجه جديد

التوجه الجديد للولايات المتحدة يثير مجموعة من التساؤلات بشأن السياق العام الذى تأتى فيه عملية «حارس الازدهار»، وبشأن ما إذا كان إطلاقها كفيلًا بردع التهديدات التى تواجه الملاحة الدولية، وأيضًا لجهة الدلالات التى تكشف عنها هذه الخطوة وما إذا كانت تعكس انقلابًا فى سياسة واشنطن المتبَعة خلال السنوات الماضية والتى تفضل عدم الانغماس المباشر فى الصراعات بالشرق الأوسط؛ من أجل التفرغ من جهة لمنافسة الصين فى فضائها الجيوسياسى المباشر فى المحيطين الهندى والهادئ، ومن جهة أخرى محاولة إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا عبر حشد الدعم الغربى ضدها فى أوكرانيا.  

ويرى خبراء أن عملية حارس الازدهار لن تعيد الأمن للبحر الأحمر، لكنها ممكن أن تحد من حجم التهديدات والمغامرات الحوثية ذات الكلفة العالية على الشعب اليمنى والعالم وخاصة أن ميليشيات الحوثى ما زالت تتحكم فى أوراق ضغط عدة فى جعبتها أبرزها السفينة صافر التى ما زالت قنبلة موقوتة فى البحر الأحمر وتستغلها الميليشيات كورقة ضغط ضد الأمم المتحدة والمجتمع الدولى وذلك رغم تفريغها من النفط الخام إلى سفينة أخرى إلا أن المشكلة ما زالت باقية».

فى المقابل هناك أوراق لواشنطن لضمان أمن البحر الأحمر تتمثل «بدعم خفر السواحل اليمنية والقوات البحرية الشرعية ثم إلغاء اتفاق ستوكهولم المشئوم، لأنه شرعن سيطرة الحوثى على ميناء الحديدة ومنح قدرة تهريب السلاح والمال وقاعدة لانطلاق تهديد الملاحة من هذا الميناء».

كما أن التحالف البحرى لن يكون قوة ردع وأنه سيكون لتخفيف التوتر لتهدئة الأوضاع فى البحر الأحمر نظرًا لما تعرضت له السفن من اعتداءات هددت التجارة العالمية.

أهداف خفية

بالنسبة للأهداف المعلنة للتحالف الدولى البحرى، اللافتة الكبيرة ستكون تأمين البحر الأحمر لكن هناك أهدافًا صغيرة ما زالت خفية وقد استطاع الحوثيون بهجماتهم شرعنة عسكرة البحر الأحمر.

كما أن إعادة تصنيف الميليشيات كمنظمة إرهابية، كانت أول خطوة لأمريكا من أجل وضع نهاية للعبة الحوثيين كونهم مجرد ميليشيات ليس لديها ما تخسره، فالحوثيون ليس لديهم علاقات دولية أو قوى عسكرية أو سياسية وطنية داعمة كما أن عمليتهم البحرية تستهدف الحصول على تأييد شعبى داخلى بعد أن خسرت الميليشيات هذا التأييد طيلة الأعوام الماضية.

ويعتقد الخبراء أن ميليشيات الحوثى ستواصل هجماتها فى البحر الأحمر لأنها تريد أن تتعرض لضربة كبرى حتى تكسب تعاطف وتأييد الداخل وأعتقد أن هذه الفرصة لن تتاح لها فى الوقت الحالى.

ويأتى الإعلان عن المبادرة فى ضوء مجموعة من التطورات المتسارعة تشهدها المنطقة ومن أبرزها إعلان الحوثيين توسيع نطاق استهداف السفن ليشمل كل الناقلات المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وهو أمر من شأنه أن يلحق تداعيات كبيرة بالتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب، الذى يمر من خلاله نحو خُمس استهلاك العالم من النفط. وارتباطًا بهذا المتغير أعلنت شركات شحن دولية كبرى أن سفنها لن تمر عبر البحر الأحمر، وستلجأ إلى الإبحار حول إفريقيا وصولًا إلى رأس الرجاء الصالح، وهو طريق طويل من شأنه أن يزيد تكاليف الشحن ويؤدى إلى تأخير فى سلاسل التوريد، الأمر الذى ينذر بأزمة عالمية على غرار ما حصل إبان جائحة كوفيد - 19. 

كما بدأت تلوح فى الأفق تداعيات التوتر فى البحر الأحمر على الاقتصاد العالمى، حيث ارتفعت أسعار التأمين على البضائع المنقولة بحرًا بشكل كبير، الأمر الذى ينعكس بشكل مباشر على الأسواق العالمية. وفى هذا السياق يقول دنكان بوتس، وهو نائب أميرال سابق فى البحرية الملكية البريطانية: «إن هجمات الحوثيين تحمل فى طياتها القدرة على أن تصبح تهديدًا اقتصاديًا استراتيجيًا عالميًا أكثر بكثير من مجرد تهديد جيوسياسى إقليمى، وسيخلق إغلاق البحر الأحمر أمام حركة التجارة الدولية مجموعة تداعيات لا يمكن تحملها، وبالتالى تكون الولايات المتحدة التى هى أكبر قوة على مستوى العالم مطالبة بالتحرك لحماية مصالحها ومصالح حلفائها». 

تكتل وتحالف

وبعد إعلان أمريكا تشكيل تحالف دولى لحماية السفن الإسرائيلية فى البحر الأحمر وانضمام النرويج إلى هذا التحالف، أوقفت الشركة النرويجية للشحن والخدمات اللوجيستية فيلهلمسن Wilhelmsen أنشطتها فى البحر الأحمر.

كما قالت وزارة الدفاع البريطانية إن المدمرة «إتش إم إس دايموند» ستشارك فى قوة العمل الدولية الجديدة لحماية الملاحة بالبحر الأحمر.

وقالت وزارة الدفاع الإيطالية إن البحرية سترسل إحدى فرقاطاتها للمساعدة فى حماية طريق الشحن فى البحر الأحمر من هجمات الحوثيين فى اليمن.

أما الأسطول الأمريكى الخامس فأكد أن هناك تعاونًا مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتأمين الملاحة ، معتبرًا مهمة عملية «الازدهار» هى مكافحة التهريب والقرصنة. وأوضح أنه لن يسمح بالسلوك الخبيث باستهداف السفن التجارية بالبحر الأحمر. وأوضح الأسطول الأمريكى الخامس أنه سيدعم وجوده البحرى والبرى والجوى بالبحر الأحمر، معتبرًا هجمات الحوثيين على السفن التجارية إهانة للمجتمع الدولى.

الحوثى يرد

وقال الحوثيون إنهم «لن يوقفوا» عملياتهم العسكرية فى البحر الأحمر، على الرغم من تشكيل الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا للتصدى لها فى الممر الملاحى الدولى.

وقال المسئول الحوثى محمد البيتى: «حتى لو نجحت أمريكا فى حشد العالم كله، فإن عملياتنا العسكرية لن تتوقف إلا بتوقف جرائم الإبادة الجماعية فى غزة والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات».

وقال المتحدث باسم الحوثيين باليمن: «من يسعى لتوسيع الصراع عليه تحمل عواقب أفعاله... والتحالف المشكّل أمريكيًا هو لحماية إسرائيل وعسكرة البحر».